إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مناوارت «الرسول الأعظم 7»... والدلالات القطعية الحاسمة

العميد د. أمين محمد حطيط - البناء

نسخة للطباعة 2012-07-06

إقرأ ايضاً


في سياق الحرب التي تشن على محور المقاومة والممانعة التي تتخذ اليوم سورية مسرحاً مباشراً لعملياتها العسكرية المتمثلة بالارهاب والتلويح بالتدخل العسكري، نلاحظ كيف ان الغرب وإعمالاً لاستراتيجية «ادارة الازمات» التي يعتمدها، وبعد ان زج في الحرب كل ما يمكن استعماله قبل اللجوء الى الجيوش التقليدية وخوض المعارك مباشرة، لجأ الى سياسة المناورات العسكرية من اجل الضغط والتهويل، فكانت الاولى منها في الاردن قبل اسابيع حيث نفذت تحت اسم «الاسد المتأهب» في دلالة واضحة ارتباطها بسورية، ثم استكملت المناورات تلك باخرى في تركيا تحت اسم «النسر المحلق»، مناورة توخت منها اميركا ومنظومتها العدوانية إرسال «رسالة قوية» (تعبير يطرب الساسة الاميركيون باستعماله) الى سورية وكامل محور المقاومة بان هجومها العدواني مستمر حتى تحقيق اهدافه التي لا تقل عن نقل سورية بعيدا عن ايران وفكفكة محور المقاومة.

مناورات ترافقت مع تصاعد في عمليات تسليح الارهابين في سورية، بشكل يمكنهم من تصعيد عملياتهم التدميرية والاجرامية في الداخل السوري. ثم ومن اجل احكام حلقة الضغط، عادت بعض الاصوات الغربية وبدفع من «اسرائيل» للتلويح بورقة الخيار العسكري ضد الملف النووي الايراني السلمي، في حال لم تؤد المفاوضات التي انطلقت في اسطنبول ثم بغداد ثم موسكو، في حال لم تؤد هذه المفاوضات، الى تنازل ايران عن حقوقها بما يرضي الغرب ويريح «اسرائيل» ويسكتها.

واضافة الى ما ذكرنا، كان العمل الحثيث ايضاً في لبنان لاستفزاز المقاومة بدءا من خطف الزوار اللبنانيين الـ 11 برعاية تركية مباشرة، ثم بضغوطات سياسية وميدانية قد لا يكون آخرها حركة «قطاع الطرق» التي اقفلت المدخل الشمالي لمدينة صيدا مطالبة بنزع سلاح المقاومة، وهو طلب يثير السخرية، طبعاً اذا اجرينا القياس بين حجم الطلب وحجم المُطالِب، وهو على اي حال طلب يعرف من يطلقه ومن دفع اليه بانه مستحيل التنفيذ،

ولكنه اطلقه من اجل اهداف أخرى ليس اقلها انتاج بيئة فتنة ليستدرج اليها حزب الله، فضلاً عن السعي لاحداث قنابل صوتية ودخانية للالهاء والاشغال عما يحدث في الشمال اللبناني حيث تتراجع الدولة في عملية الامساك بالامور وتتحول المنطقة رويدا رويدا الى منطقة يسيطر عليها المسلحون الذين ينطلقون منها لممارسة الارهاب في سورية.

في ظل هذا المشهد وبعد الردود العسكرية الناجحة التي قامت بها سورية وروسيا، بدءا من الابحار العسكري الروسي باتجاه مرفأ طرطوس، الى الصاروخ البالستي الروسي فوق المنطقة، الى اسقاط الدفاع الجوي السوري لطائرة تركية انتهكت مجال سورية الاقليمي، تأتي المناورات الايرانية الدورية في عنوان ومضمون لافتين، حيث ان مناروات «الرسول الاعظم7» التي نفذتها القوات المسلحة الايرانية بمناسبة النصف من شعبان – ولادة الامام المهدي – جاءت بليغة في المضمون والرسائل التي حملتها.

أ‌. فمن حيث المضمون، نتوقف باهتمام وجدية امام القدرات التي أظهرتها ايران خلال هذه المناورات، والتي جاءت لتتكامل مع العنصر الآخر من عناصر العمل العسكري الميداني - عنصر الحركة (مشاة، ومدرعات ووحدات خاصة ) - وهو العنصر الذي اختبر عميقا في السنتين الاخيرتين وسجل ناجحا باهرا على صعيد القدرات القتالية الايرانية، خاصة في المواجهة والدفاع والحركة المستدامة في الميدان، بما اكد القدرة على منع اي نوع من انواع الاحتلال او التقدم البري المعادي في الارض الايرانية او الاستقرار العدواني في اي جزء قد يتم الخرق فيه. اما مناورات اليوم فقد جاءت لتكمل الصورة من خلال التأكيد على تمدد واتساع الفضاء الحيوي الدفاعي لايران بشكل يوحي للمسؤولين فيها بالطمأنينة، خاصة بعد ان اكدت تلك المناورات على القدرات التالية :

1) القدرة على اطلاق 700 صاروخ في الدقائق الـ 10 الاولى لانطلاق الحرب الدفاعية، ثم امكانية ضبط نمط الاطلاق اليومي عند سقف لا ينخفض عن 400 صاروخ يوميا.

2) القدرة على مسح وكنس الاهداف وتدميرها في منطقة التأثير المتدرجة من حدود ايران، الى مسافة تصل الى 2000 كلم، ما يعني ان ايران قادرة بهذا «الكنس الناري « على تدمير الاهداف الاستراتيجية الكبرى والاساسية في «اسرائيل» كلها، وفي 13 قاعدة عسكرية اميركية وغربية في الخليج، و10 قواعد عسكرية في افغانستان، والمراكز الاساسية في محيط مضيق باب المندب ومضيق هرمز وقناة السويس، اي باختصار قادرة على تنفيذ عملية شل عسكري مترافقة مع وقف تدفق النفط.

3) القدرة على اصابة قواعد الرادار العدوة ما يؤدي الى شل او تعطيل قدرات منظومة الدفاع ضد الصواريخ سواء في ذلك ما بنته «اسرائيل» من «مقلاع داوود» او القبة الفولاذية» او «منظومة السهم» فضلا عن التأثير على مشروع الدرع الصاروخية الغربية الذي بادرت تركيا لاحتضانه للدفاع عن الغرب و»اسرائيل».

ب‌. اما من حيث الرسائل والمفاعيل، فاننا نستطيع ان نقرأ من هذه المناورات الصاروخية ومن خلال ما اظهرته من قدرات ايرانية هامة، الرسائل التالية :

1) ان ايران جاهزة لاي ظرف تواجهه في معركتها الدفاعية عن نفسها وعن حقوقها، كما وعن محور المقاومة، وبالتالي كان التركيز على القدرات الملائمة لمعالجة اهداف اساسية على كامل مساحة فلسطين التي تغتصبها «اسرائيل».

2) ان اي حرب تستهدف ايران او ايا من مكونات محور المقاومة لن تبقى محصورة في النطاق الذي تختاره الجهة المعتدية، بل انها ستكون شاملة لكل المناطق والمواقع في كل منطقة الشرق الاوسط حيث يكون للجهة المعتدية مركز او مصلحة من اي طبيعة كانت.

3) ان التهويل والحرب النفسية اللذين تشنهما المنظومة الغربية والقيادة الاميركية هما حرب لن تنتجا ما يتوخى منهما، ولن يكون لهما اثر على القرار الذي يسير محور المقاومة بموجبه، وهو قرار دفاع مطلق لا تراجع فيه، واذا كان لهذا التهويل من اثر، فان اثره الوحيد سيكون دفع المعنيين بالتهديد الى العمل اكثر من اجل امتلاك قدرات دفاعية اعلى لجبه مخاطر التهديد عنهم.

4) ان ايران القوية لا تشكل تهديدا للعرب بل جسر انقاذ لهم يمكنهم من الخروج من دائرة التبعية والارتهان لاميركا، وهي تشكل بذلك عامل دفاع غير مباشر يُمكّن مسؤولي تلك الدول من التذرع بخطر الرد الدفاعي الايراني حتى تتخلص من القواعد الاجنبية او تمنع اميركا من استعمالها ضد ايران. وفي الحالين تكون مصلحة لتلك الدول تحفظ سيادتها.

ج. وعلى ضوء ذلك، فاننا نرى ان مناورات «الرسول الاعظم 7»، معطوفة على ما سبقها من عمليات ميدانية تمت في سورية على يد القوات العسكرية السورية في مواجهة العدوان المسلح عليها، وعلى المواقف السياسية التي ارتسمت خلال الاسبوعين الماضيين، ان كل ذلك بات يؤكد وبشكل واضح ما يلي :

1) ان فكرة الخيار العسكري الغربي ضد سورية او ايران او ضد محور المقاومة بشكل عام، هي وهم غير قابل للتطبيق، وان لجأ اليه شخص في لحظة غير عقلانية فانه غير قابل لتحقيق الاهداف المتوخاة منه، ولذلك سيكون الحديث عن هذا الخيار بمثابة مضيعة للوقت، ولا يغير في الحال ما نسب الى السفير السعودي في بيروت من قول بان الحرب على سورية من قبل الاطلسي ومن غير قرار من مجلس الامن، باتت مؤكدة في كانون الاول المقبل. هذا القول لا نرى فيه اكثر من تمنيات من اجل رفع معنويات الارهابيين المتهالكين تحت ضربات قوات حفظ الامن والنظام في سورية.

2) ان فكرة التفاوض او الحل السلمي الذي يؤدي الى تحقيق آمال الغرب في احتواء محور المقاومة او تغيير المواقع السياسية لبعض دوله ومكوناته، هي فكرة عقيمة حيث ان العناصر الاساسية في كل من لبنان وسورية وايران فضلاً عن بعض ممن في فلسطين، ثابتة على مواقفها دون اي تراجع، وانها واثقة بان المستقبل لها رغم الثمن الباهظ الذي تدفعه في المواجهة، وهي ترى انه رغم ارتفاع سقفه، فانه يبقى اقل بكثير من ثمن يدفع في حال نجاح الغرب في عدوانه.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024