تمكن الباحثون بعد سنين من الدراسة فك الخط المكتوب على الألواح باللغة السومرية , الكم الهائل من الألواح الطينيه السومرية ساعد الباحثون على فهم أقدم حضارة في تاريخ البشرية و التي ظلت تستخدم في الفترة التالية أي ما قبل الألف الثالث قبل الميلاد وما بعده .. ويؤكد العلماء أن اللغة السومرية هي أقدم اللغات القديمة من حيث تاريخ التدوين ليس فقط في سوريا الطبيعية ، بل أنها أقدم اللغات البشرية المعروفة حتى الأن , و لم يتم العثور على أي لغة موازية لها من حيث القدم وهذا يعني أن اللغة السومرية هي أم لغات العالم حتى يتم إثبات عكس ذلك . تكون الحضارة و اللغة لا يكمن أن يأتي بعصا سحرية بل يحتاج عشرات القرون و من يتكلم عن اللغة الأكادية كلغة " أم " إما هو مقعد فكريا أو أخلاقيا لكن حتما الثانيه لأنه لو كان للأكادية تاريخ لكان تم العثور عليه لكن صفر تاريخ و صفر حقيقة . مؤسس الدولة السورية الأول جدنا سرجون العظيم هو ابن حضارة عمرها آلاف السنين و هو أمتداد طبيعي لأجدادنا السومريين لكن الفارق بينه و بين من سبقه أنه استطاع فهم و ادراك المعنى الحقيقي للدولة أي لم يكن يريد أن يكون ملك لمدينه بل أراد أن يجمع كل المدن و الممالك في دولة تقوم على أساس فيدرالي أو حكم ذاتي للأقاليم تحت لواء دولة تستطيع حماية نفسها من الغزوات الخارجية و إليكم كيف تأسست الأمة السورية .
سرجون العظيم لم يكن من سلالة ملكية بل كان انسان عادي محارب في جيش " أور زبابا " ملك كيش , بنى سمعته و قوته في ذلك الجيش حتى وصل للبلاط الملكي ليكون قائد فرقة في الجيش نفسه في زمن كانت الممالك السومرية تتوزع في مدن على الرافدين , ضعف شعبية الملك " أور زبابا " و سوء إدارته للملكة و الجيش ساعد جدنا سرجون في جمع مسؤولي بلاط أور زبابا حوله و إقصاء الملك عن الحكم و تسلم حكم مملكة كيش و منها إنطلق الى أوروك و قضى على ملكها لوكال زاكيزي و بعد ذلك توجه الى أور و من أور إلى لارسا و نفر و لجش و تساقطت الممالك السومرية واحدة تلوى الأخرى و أحكم سيطرته على أرض الأرض الدافئة " سومر " و من ثم تابع غربا نحو مملكة ماري و توتولي و هيت وصولا إلى ايبلا ثم من ايبلا أي كل الشمال السوري و من ثم توجه جنوبا نحو لبنان و منها الى قبرص ثم عاد شرقا الى عيلام ليصل إلى الحدود الطبيعية . في 15 شباط من عام 1948 كتب أنطون سعاده مايلي " أي اجتياح حربي للخطوط الاستراتيجية الجنوبية أو الشمالية جعل سورية الطبيعية كلها تحت خطر السقوط في قبضة الجيش المجتاح لأنه لا تعود توجد فواصل داخلية بين أجزاء البلاد إلا في المنطقة اللبنانية التي يمكن تجنبها إذا كانت المقاومة فيها شديدة. فعند أي خطر على أية نقطة استراتيجية في الشمال أو في الجنوب أو الشرق يجب أن تواجه الأمة السورية كلها الخطر، لأنه خطر عليها كلها. فلا يمكن حفظ سلامة الوطن السوري إلا باعتباره وحدة حربية في وحدة استراتيجية . أي جيش يحتل أية منطقة صغيرة ضمن نطاق الوحدة الاستراتيجية يمكن اعتباره محتلاُ البلاد كلها احتلالاً استراتيجياً ! فيمكننا القول إن الجيش التركي الذي يرابط في كيليكية والاسكندرونة يمثل احتلالاً استراتيجياً لسورية " .
سرجون العظيم فهم أن الحدود الطبيعية هي جزء من سلامة الأمة و قوتها , الحدود الطبيعية للدولة السورية الأولى هي ذاتها التي وضعها حضرة الزعيم من جبال طوروس شمالا وزاغروس شرقا الى البحر المتوسط غربا و من الخليج للصحراء جنوبا حتى سيناء و بهذا يكون جدنا سرجون العظيم و لأول مرة في التاريخ البشري قام ببناء أمة على أساس وحدة أرض جغرافية بحدود طبيعية لكن كيف استطاع إدارة هذه الأمة في ذلك الزمن ؟؟ . أول ما فعله سرجون العظيم هو تعين حكام على الولايات من الممالك ذاتها أي أن يكون حاكم الولاية من أهل الولاية حتى يتم نزع فكرة الأحتلال خاصة و أن الأمة السورية و منذ القدم كانت عبارة عن مجموعة سلالات و هذه السلالات كانت متشابكة مع بعضها لأن ضرورة الحياة هي التي فرضت على هذه السلالات التشابك كي تستفيد من بعضها و تأخذ و تعطي و تتبادل و يكون التفاعل و الأنصهار , لكن جدنا المؤسس ذهب إلى أبعد من هذا فكان قمة في الأبداع الفكري لمفهوم الدولة لأنه جعل القضاء مستقل عن حكام الولايات فكان يقوم هو نفسه بتعيين القضاة , و القاضي لا يتبع لحاكم الولاية بل يتبع مباشرتا لرأس سلطة الدولة أي له شخصيا و بهذا يكون قد حرر القضاء من نفوذ السلطة المحلية و جعلة في مرتبة عليا لا يستطيع أحد ممارسة الضغوط عليها و بذلك ضمن العدالة في المجتمع . " هذا أيها السوريون كان قبل 4000 عام هل تستطيعون أن تتخيلوا معنى ذلك !! " . أيضا لم يقف عند هذا الحد بل ذهب إلى أبعد من ذلك حيث منع فكرة توريث المناصب في الولايات حتى يمحي فكرة جعل السلطة أسيرة لعائلة و الأنطلاق من مبدأ الرجل الأقدر على إدارة الولاية أي الرجل المناسب في المكان المناسب و ليس مشايخ و مزابل و عصابات . لكن يبقى أعظم و أرقى ما فعله جدنا سرجون هو فصل الدين عن الدولة , كيف ذلك !! . مؤسس الدولة كان يعلم جيدا أن هذه الأمة لها خصوصيتها في الأعتقادات و الأيمان بالألهة لكل مدينة و من أجل الحفاظ على وحدة الدولة و عدم طغيان إله على آخر كان عندما يصدر قرار لا ينسبه إلى الإله الذي يعبده مع أن ابنته " إينخيدوانا " كانت كاهنة للإله السومري نانا في معبد أور السومري " هذا يلغي كل الكلام الفارغ عن مايسمى بالقومية الأكادية " بل كان ينسبه إلى ذاته و إلى ارادته و قوته كملك و ليس مطلب من الآلهة كما كان يفعل أسلافة و الأمر ذاته ينطبق على إنتصارته فلم يكن ينسبها للآلهة بل للدولة التي هو قائدها لذلك استطاع عزل الحساسيات الروحية التي كان من الممكن أن تسببها نسب نصر معين أو أمر معين لإله دون غيره لذلك أصبحت الدولة لا تتكلم بالآلهة بل بقدرة الدولة ذاتها و ملك الدولة و ذهب إلى أبعد من ذلك في عملية توحيد الدولة كمفهوم لمجتمع واحد حيث قام بوضع تقويم للأمة لأن التقويم كان يختلف من ولاية إلى أخرى بحسب المعتقدات فأصبح للدولة تقويم واحد و أسماء شهور واحدة مع الحفاظ على خصوصية أعياد كل ولاية . هذه هي الدولة الحقيقية أيها السوريون أبناء هلال النور الخصيب , لكن لماذا أطلقوا على جدنا سمة الأكادي ؟؟؟ و من هم هؤلاء المقعدين فكريا و ثقافيا و أخلاقيا الذين تبنوا هذه المقولة ؟؟؟ .
يسرنا نحن في أكاديمية الفكر السوري القومي الأجتماعي و لأول مرة في التاريخ أن نكشف لكم حقيقة التزوير و التزييف و سنضع في المقال القادم و أمام عيون متابعينا المعني الحقيقي لكلمة آكاد و كيف تم تحريفها .
و لتحي سورية
|