سقطت الشيوعية الماركسية و تم تفكيك " الاتحاد السوفيتي " , بنفس الأزرع الكلاسيكية التي تعمل لمصلحة المنظومة الدولية الحاكمة و عملائها , رجالات الليبرالية كانوا ينتظرون بفارغ الصبر أكبر وليمة تشليح بالتاريخ البشري لما بناه السوفييت في أكثر من مئة عام لأن الشيوعين أنفسهم أيضا فعلوا نفس الشيىء مع البرجوازيين و القياصرة الروس في الثورة البلشفية , كان لعابهم يتقاطر على كعكة المنشأت الصناعية و الأملاك و تم بيع و تخصيص أغلب المنشأت " أحد أكبر و أهم معامل الفولاذ بالعالم تم بيعه ب 50 ألف دولار و قيمته الحقيقة تتجاوز المليارات " بدأ النظام العالمي الجديد بحكومتة العالمية بالظهور و الخروج لغزو العالم ونهب ثرواته وبسط الهيمنة عليه بشكل واضح ومباشر من جهة لضبط القوى الاقتصادية الأخرى الصاعدة في أوروبا، الصين، اليابان و كوريا الجنوبية و تثبيت بقائها تحت عباءة الحكومة العالمية ، ومن جهة ثانية للقضاء على أية مشاريع مناقضة يمكن أن تظهر , لذلك كانت فكرة تكييف المعايير في المنظومة القديمة قبل سقوط السوفيت بما يتناسب مع المنظومة الحديثة و القطب الأوحد و مصالح أصحاب الشركات العابرة للحدود و أصبح ظاهر للعيان أنه لم يعد لأوروبا و لا اليابان و لا كوريا و لا أي دولة أن تتخذ قرار مستقل حتى في شؤونها الداخليه و أيضا هنا سقطت مصلحة الأمة ذاتها و شعبها و بذلك تكون الليبرالية الجديدة تجاوزت حدود وظيفتها الاقتصادية إلى وظيفة أكبر و أهم و هي السيطرة على العالم بحكومة واحدة ليكون رؤوساء و حكومات كل دول العالم موظفين لديهم يعملون على زيادة ثرواتهم لأن الفكرة الحقيقية و العقدة أو القطبة المخفية التي لا يجب أن يراها أحد تكون في اعتبار أن كل الكره الأرضية مزارع خاصة ملك لهم و هذه هي النظرية اليهودية التي تقول باليهود شعب الله المختار و الأمم الأخرى فقط " جوييم " أي الهمج و العبيد الذين يجب عليهم أن يكونوا خدم و عملاء من أجل رفعتهم و زيادة أرباحهم و مدخولاتهم و هذا هو الحال اليوم " هذا ليس وهم أيها السوريون هذه هي الحقيقة الصافية و تستطيعون العودة إلى التلمود و فكره و ستجدون أن ما نكتب هو من الحقيقة ذاتها , لذلك عندما نقول لحضراتكم أن الصراع في عمقة الحقيقي ليس بين كتلتين بل هو منظومة واحدة و جسد واحد له زراعين و هذا الجسد يوهمكم بأن كل زراع هو كتلة لكنه هو من يحرك الزراعين هي الحقيقة بعينها .
وجوب تفريغ الأحزاب العقائدية من محتواها أو محيها يتطلب بدائل لسد الثغرة و البديل جاهز دائما و أبدا و بدأت الأنشقاقات في تلك الأحزاب و ظهرت الأحزاب الشخصية , ماذا تعني الأحزاب الشخصية !! . الأحزاب الشخصية هو حق تكفله جميع دساتير العالم في أغلب دولها و حتى في الدساتير المعدله لكيانات الأمة " اذا كان يصح أن نطلق عليها دساتير " . يخرج علينا فلان ابن علتان و يقرر تشكيل حزب و يقول لنا سوف أفعل كذا و كذا و سوف أقوم بكذا و سوف و لعل و حيثما و ربما و قد و سا و ممكن و ..... بالطبع هو حقه الطبيعي الذي يكفله له الدستور لكن أين يكمن الفخ !! الفخ يكمن في أن الأمة تحتاج أدمغة تسطيع النهوض بها و هذه الأدمغة تملك حلول حقيقية لمختلف نواحي الحياة لأن الأمة لا تبنى على استيراد الأفكار و القوانيين و النهج المتبع في أمم أخرى أو ما تفرضه عليه , بل في إبداع هذه الأدمغة لفكر يضع حلول لكافة نواحي الحياة اجتماعية إقتصادية قضائية ثقافية فكريه فلسفية تعليمية توجيهية و إعلامية و هذا لا يمكن لشخص قرر أن يؤسس حزب أن يقدمة للأمة و سنأخذ قليلا من التجربة الأوروبيه , في الأمة الأيطاليه قبل بضعة سنوات قرر ممثل كوميدي مشهور اسمه جوزيبي غريللو أن ينشأ حزب و سمى حزبه خمس نجوم , نجح هذا الممثل باستقطاب ما يعادل 30% من أصوات الناخبين الأيطالين , ماذا حدث !! قام بتعطيل عمل الدوله و مازال يفعل حتى الأن و خسرت الدوله الأيطاليه عدة سنوات في إعادة هيكلة بنيتها الأقتصادية و ما زال الوضع كذلك حتى الأن لأن رئيس الحكومة الأيطالي الحالي وجد نفسه مضطرا مرة أخرى و هو يساري أن يتحالف مع يمينين منشقين و هذا يعني حكومة متناقضة فكريا و عملا و تطبيقا . هذه هي النيويبرالية قادرة على التأثير على طبقة واسعة من الرأي العام و لولا ذلك لما استطاع ممثل كوميدي أن يحصد 30 % من أصوات الناخيبين في دولة أوروبيه " هذا مثل بسيط عن ماهية الأحزاب الشخصية " الأمم أيها السوريون لا تبنيها أسماء بل فكر و عقيدة تتناول مختلف نواحي الحياة في الأمة و المنظومة الصهيونية العالمية نفسها تخشى من الفكر العقائدي القادر على النهوض بالأمة لأن فيه التحرر الحقيقي من براثن الهيمنه و سنعطيكم مثال آخر و من واقع الكيان الشامي أو اللبناني أو العراقي , انظروا للأحزاب المسطحة ماذا فعلت , مافيات تنهش في جسد كل كيانات الأمة و بدون أي رادع هي بالأساس لا تملك ما تقدمة غير استيراد الأفكار فكيف تريدون لهذه الأمة النهوض !! الأحزاب الشخصية هي في أغلب الحالات حصان طروادة للأمم و هي ليست حالة تعميم و ليست حالة تخوين بل نضع " أغلب " و نرى أن من واجبنا شرح بعض الأمور كي لا نقع في نفس أخطاء الآخرين و السقوط في هاوية أخرى لأن هذه الأمة تعبت من السقوط . نتذكر قول حضرة الزعيم كي تستيقظ النفوس " إنّ كرامة الأمّة وسلامة الوطن قد أصبحتا في خطر ليسا لهما ضمان سوى موقفكم وعملكم ، فعليكم أن تعملوا بما عُرفتم به من عقيدة راسخة وتجرّد صادق ووطنية لا غبار ولا شبهة عليها، فاعملوا لتغلّب الوطنية على الطائفية ولانتصار النهضة القومية على الحركات الرجعية . إنّكم قد سمعتم بعض الجماعات الراغبة في جرّكم إلى الفوضى تهتف في حملاتها الفوضوية باسمكم وباسم زعيمكم فأوصيكم أن تكونوا عند عهدي بكم من النظام وأن لا تُؤخذوا بهوس المهوسين الّذين يريدون أن يستغلّوا قضيّتكم و قوّتكم " من نداء إلى القوميين الاجتماعيين في 16 تشرين الثاني 1936 . و قد حذرنا أيضا و قال " وقد أنبأت الأمة السورية بأضرار تلك العقلية العروبية الوهمية والاتكالية وشرحت في كتاباتي واقع العالم العربي الذي هو واقع أمم ومجتمعات متقاربة يسهل تعاونها وتشكيل جبهة تعاونية منها، لا واقع أمة واحدة ومجتمع واحد. وناديت الأمة السورية إلى النهوض بنفسها لتتمكن من الاشتغال في قضايا العالم العربي ولتكون قوة في تكوين الجبهة العربية، وحذرتها من عاقبة الاستسلام لوهم " الوحدة العربية " ..."
( من "العروبة أفلست" في جريدة كل شئ ، العدد 95 في 21 كانون الثاني عام 1949 ) .
|