عندما يفقد أي شعب حسه في رؤية واقعه المأزوم و يتغاضى عن مسؤوليته بطريقة خبيثة أوجدتها له قنوات الحكومة العالمية الجديدة من خلال برامج تستولي على عقله لتبعده عن الحقيقة تبدأ مرحلة انهيار الأمة , هذه القنوات التي في ظاهرها للتسلية هدفها هو نفس هدف قنوات الدعاية الدينية و لكن كل له الفئة الشعبية التي انشئ من أجل التحكم بها " , هكذا تصبح الساحة الشعبيه أقل خطرا في غليانها و ثورتها لعدم رؤيتها للأخطاء التي يرتكبها السياسي الحاكم أو التغاضي عنها , لكن نفس هذا السلاح عندما تريد الحكومة العالمية يتحول أيضا من أداة تخدير إلى قناة تحريضية .
عندما يجتمع مواطنان في مكان ما فالحديث لا يكون في المشاكل أو الأمراض أو الأزمات التي تعيشها الأمة بل في هذه البرامج العالمية التي تنتجها لهم و التي غيرت من مفاهيمهم . في سبعينيات القرن الماضي و في أوج النهضة الأقتصادية لبعض الدول الأوروبيه عندما كانت تلك حكومات تريد فرض قانون على الشعب لا يريده كانت تخرج مظاهرات بالملايين و كانت الحكومة مضطرة الى التراجع و إعادة النظر في ذلك القانون , اليوم و بالرغم من وصول هذه الدول إلى حافة الهاوية نجد صمت نفس هذه الشعوب عن قرارات حكوماتها الخاطئه بالرغم من دعوة النقابات المختصة إلى المظاهرات , مالذي حدث إذا !! هي نفسية المواطن و اهتماماته فالحالة الروحية الأنسانية المسؤولة لم يعد يهمها تصحيح سياسة البلد و لا استقرار البلد و لا مصلحة الأمة لأن الأهتمامات الأساسية لوجودها أصبحت أخرى و كأن الأمر لا يعنيهم لذلك يسير السياسي في تدمير الوطن مطمئن البال لأن سياسته الخاطئة يتم التغطية عليها إعلاميا و زهنيا فالوسائل الأعلامية أصبحت أداة تدمير و حقن أدمغة الشعب بمورفينات الترهات و الأكاذيب تمام كما تفعل الوسائل الأعلامية في أمتنا السورية و لو كانت هذه الوسائل بالفعل وسائل إعلام وطنية حقيقية لما وصلت تلك الأمم لحافة الأنهيار الأقتصادي و أيضا لما انهارت كيانات الأمة بهذا الشكل المرعب لكن وظيفتها التي أسست من أجلها هي هذه لا أكثر و لا أقل لذلك استشرى السرطان و حدث الأنهيار لكن ما هو مؤلم حقا أنه و بعد كل هذا الأنهيار الحاصل لم نجد إعلامي وطني جرئ يخرج و يقول لك الحقيقة و حتى إن وجد لن يسمحوا له بالظهور حتى لا يفهم الناس ما الذي يحصل , مثال حي نعيشه نحن فالبرغم من وجود امبراطورية من القنوات التلفزيونية و مئات المواقع الأخبارية و آلاف الصفحات الشخصية التي تكذب و تكذب و تكذب , عندما نقوم بنشر مقال من صلب الحقيقة و الواقع و العلم و الحقائق التاريخية المثبتة بالدليل القاطع نجد التكالب على أكادميتنا و يبدءون بالنباح فقط و فقط وفقط لأننا نتكلم بالحقيقة و نفند أكاذيبهم و ضلالهم لأنهم بالأساس يستمدون وجودهم من الأكاذيب و فضح هذه الأكاذيب يعني انهيار أسوارهم الرملية . سيطرة الحكومة العالمية على وسائل الأعلام يعني موت و فناء مفهوم المصلحه العليا للأمة , يعني أيضا سقوط المعنى الفعلي الحقيقي للديموقراطية لأن الديموقراطية التي هي في الأساس سيادة الشعب أو سلطة الشعب و حكم نفسه بنفسه من أجل مصلحته و مصلحة الأمة لم يعد له معنى حتى من خلال الأنتخاب لأن انتخاب أي اسم أو أي حزب لن يستطيع العمل على تحسين الأوضاع فهو بالأساس لا يملك القدرة على إتخاذ قرار فاعل , بل عليه فقط السير بما تمليه عليه رجالات الحكومة العالمية الواحدة لأنها هي صاحبة السلطة الفعليه فتغيير رئيس بلد ما أو رئيس حكومة لا يعني مطلقا أن تتغير سياسة الدولة و كما تشاهدون بأم أعينكم يذهب فلان من أمة فلان على أمل أن يأتي علتان فيغير سياسة هذه الأمة لكن علتان ليس إلا فلان و لن يغير شيىء لكن العقول المسطحة مازالت تحقن عقولنا بأن رحيل فلان يعني أن الأمور ستتغير فيعيش السوريين على أمل رحيل فلان من الأمم و يرحل فلان و يأتي علتان و الأمور هي هي و يبدأ من جديد بالحقن .
دخلت الليبرالية الجديدة في عهد جورج بوش الأبن مرحلة جديدة بعد أن أصبحت قادرة على اكتساح العقل و الفهم البشري بما تريده هي فتم غزوا و تدمير أكبر مصنع لمبدعي الأمة " الكيان العراقي " و ظهر عنوانها الحقيقي " صراع الحضارات أو تصادم الحضارات " و هذا الكلام الغبي هو ما تريد تعميمة المنظومة الليبراليه الجديدة لأن هذا المفهوم لمن يتعمق بالأحداث الجارية و بالأحداث منذ سبعينيات القرن الماضي يستطيع الوصول أن الكتلتين المتحاربتين على الأرض هما شيىء واحد و كيان واحد فالأول هو الذي أسس و بنى الآخر و الآخر هو الركيزة الأساسية التي يستطيع بها الأول ترهيب الأنسان و تدميره و من ثم يعود الأول و يجني الأرباح . من هذا الترهيب خرج مفهوم صراع الحضارت الذي بلورته المنظومة الليبرالية الجديدة لكن كان يحتاج مبرر أخلاقي اعلامي على أوسع نطاق فكانت أحداث 11 إيلول عام 2001 و هذا الحادث المفتعل من قبل أذرع الليبرالية الجديدة ذاتها لإقناع شعوب الدول الرأسمالية الغربية تحديدا بان هناك خطرا ماحقا يتهددهم ، وأنه لا بد من الخروج لسحق هذا التهديد وفي مكانه قبل انتقاله إليهم ، وان هذا الخطر لا يطال جزئيات متفرقة بل هو شامل لكل مكونات الحياة كما يحلوا تعريفها " خطر على الحضارة نفسها " لذلك فالمعركة معه معركة حياة أو موت . هكذا يتم إعادة إنتاج العدو السوفيتي الشرير بشكل جديد ، لكن هذه المرة أكثر تجريدا وأكثر صعوبة في التحديد . إنه العدو المثالي للنيولبرالية وهمي شبحي ، ولا يمكن إمساكه، وقابل للتشكيل وإعادة التشكيل كل مرة يصلون إليه , لكن من أين نشأ هذا العدو الجديد !! هذا العدو الجديد هو نفسه في الأنظمة التي وضعتها هي بعد مؤتمر يالطا بمنظومة الأمم المتحدة الحاليه فالأنظمة الديموقراطية في الخليج العربي من آل سعود و خليفة و صباح ... و من العروبة ذاتها في الكيانين الشامي و العراقي و ما تلا ذلك من تغيرات سياسية في دول الجوار السوري , هي المنتج الفكري لذلك العدو الوهمي و كفيل بأنتاج أي عدو وهمي من أجل خلق صراعات و حروب و هذا أيضا سبب اختيارها لهم و إعدام الأخرين .
يتبع
|