لو عدنا قليلا إلى الوراء إلى ما قبل و بدايات تكون الأمم سنجد أن الهوية استمرت في رؤيتها الإنسانية كرؤية عرقية سلالية حيث كانت المجتمعات تعيش حالة القبيله أو العشيرة و التنقل من مكان إلى آخر بحثا عن الطعام , لكن عندما وصلت هذه الشعوب إلى حالة من الأستقرار و التمدن كما في كل المجتمعات الحديثة سقط مفهوم العرق النقي بسبب تدخل احتياجات الأنسان ذاته إلى المجتمعات الأخرى , تابعت الشعوب في بحثها عن مصدر رزقها و كانت هناك دائما هجرات إلى المناطق حيث يوجد التمدن و الأستقرار و متطلبات الحياة , هذا ما حدث في كل زوايا الأرض , الشعوب التي كانت تعيش حالة العشائر و القبائل و رحلت عن موطنها الأصلي إلى موطن جديد نجدها و بعد فترة زمنية قصيرة تتأقلم و تندمج في النسيج المجتمعي الجديد الذي هاجرت إلية فتصبح العشيرة و القبيله في جيلها الثاني أو الثالث مكون من مكونات النسيج المجتمعي و جزء منه يغذية و تتغذى منه , لكن العروبة و بذكائها المتوغل في قحط الرمال و جفافها قلبت المفاهيم الطبيعية للحياة و للكون و العلوم البشرية الأجتماعية و الفكرية فأصبحنا نحن السوريين جزء من العشيرة و القبيلة بدل من أن تصبح العشيرة جزء من المجتمع السوري و بقيت العشيرة و القبيلة على حالتها النفسية الثقافية الرعويه التي أتت منها لأن العروبه تحتاج في استمراريتها إلى إبقاء العشائر على حالتها الرعوية البدوية الأعرابية ليس كقوة سياسية تقود المجتمع إلى الوراء بل كفكر ينقل الفرد في المجتمع السوري من حالة التمدن الفكري المجتمعي في عقلة المركب إلى حالة المجتمع القبلي في حالة عقلة المسطح أي بما معناه بدل من دمج أبناء العشائر في القالب و القلب السوري لتصبح القبائل من مكونات الشعوب السورية أصبحنا نحن السوريين قبليين بعقول مسطحة طائفية مذهبيه عرقية و بقيت معهم الثقافة القبلية لطويل العمر " قصيري النظر " هي السائده فالولاء يكون لطويل العمر و ليس للوطن و طويل العمر هذا يباع و يشرى في الأسواق الدوليه و تتبعه عشيرته أو قبيلته أي بما معناه الولاء ليس للأرض و لا للوطن ولا للمجتمع الجديد و للهوية الجديدة أي لا يوجد معنى لمفهوم الأمة و لا وجود للهوية و هذا معناه أيضا إبقاء المجتمع في حالة من التفكك المجتمعي المبطن ضف على ذلك ربط الفكر العروبي بالدين ربط مباشر و كما ذكرنا سابقا أن الأديان أممية لا تعترف بوطن و لا بأرض بل تعترف فقط بأشخاص استمدوا سلطتهم من الله ذاته فهولاء الأشخاص هم ذاتهم الله على الأرض فيقيمون و يشرعون و يحللون و يحرمون و يحكمون و هؤلاء هم الحاكمين الفعليين في مجتمعنا الذي بناه أشاوس العروبة و كل هذا له معنى واحد وهو سقوط مفهوم الوطن و المواطنة و الأرض و الدولة فالدوله لا تعني لهم شيئا و لا الأرض أيضا تعني شيئ كي يدافع عنها و في مجتمع فقير ثقافيا من الطبيعي أن تصل الأمة لهذا الحال و مازالت العروبة تدور في دائرتها المغلقة العقيمة و مازالت الدماء تسيل .
هناك مئات الآلاف من أبناء العشائر العربية و الغير عربيه يعيشون في كل نواحي الأرض و بقاعها و كل هؤلاء الأبناء أصبحوا مواطنين في دولهم الجديده و يقدمون لمجتمعهم الجديد أفضل ما عندهم إلا في أرصنا السورية لماذا !!! عندما نقول أن التعريب في سوريا الطبيعة ضرورة أمم متصهينه فهذا ليس في سبيل الشهرة و التشهير و المشكلة ليست بالأسماء و الأشخاص بل بالفكر العروبي ذاته كفكر , لأن العروبيين أنفسهم في كيانات الأمة لا يعرفوا الحقيقة و لا علم لهم بها و لا يعرفون بالأساس أن التعريب في حقيقته ضرورة لأخفاء حقائق تاريخية سورية تستطيع إسقاط المنظومة الصهيونية الحاكمة , هذا الأمر يسبب لنا ألم كبير و نحن لسنا فرحين بكتابة هذه الأمور بل على العكس هو مؤلم لكننا نراهم يسيرون خلف شعارات كاذبة مدمرة لا يعرفون إلى أين تحملنا , هذه الأمة وصلت إلى مرحلة أننا أن لم نتكلم نحن السوريين القوميين عن هذه اللعبة الأممية الحقيرة التي عمرها 25 قرن فلن يتكلم أحد و هذه يعني الدمار الكلي الحقيقي لهذه الأمة و الصمت جريمة سيحاسبنا عليها أجيالنا و نحن في العقيده السورية القومية الأجتماعية لا يمكن أن نكون مجرمين بحق هذه الأمة لذلك كشف النقاب عن كل هذا الخداع و الكذب و النفاق لهذه المنظومة العالمية الحقيرة التي تحكم العالم بأذرع مدمرة حتى ولو كانت هذه الأذرع تجهل ماهيتها هو ضرورة أخلاقية ,.
المجتمع السوري في سوريا الطبيعية تفكك من خلال التحولات الاجتماعية التي فرضتها المنظومة العالمية و هذه التحولات فرضت رؤية إنحطاطية يقوم من خلالها افراده بالتأمر على أمتهم و وطنهم و أرضهم لذلك تبلور مفهوم جديد عن الهوية أو بناء جديد دخيل على ذلك السوري من خلال مفاهيم تعتمد نظرة فكرية " ايديولوجية " في فصلها بين ذاته والآخر في نفس مجتمعه , فتلك الرؤية الدخيلة واصلت تقدمها مع من نطلق عليهم النخب الثقافية التي تبعيتها الفكريه و السياسية و الاجتماعية لأمم أخرى من خلال إعادة التدوين الكاذب للتاريخ السوري و تزينه بالغيبيات و الأوهام و الجنان و تثبيت ما نثره المحتلون لهذه الأمة عبر قرون , لم يستطع ضميرهذه النخب أن يرى أن ما يقومون به من فعل حقير سيرتد على الأمة ذاتها و على الدولة و المجتمع و الأرض و ها هم أمامكم ما زالوا يكذبون و كأن شيىء لم يكن و ما زالوا يتكلمون عن مؤمرات لكن هؤلاء المخنثين الفكرين لا يستطيعوا أن يقولوا لكم أن المؤامرة تحتاج أذرع داخلية و هذه الأذرع الداخلية هم صناعها و هي تربيتهم و هم ذاتهم الذين أرضعوها حليب وضاعتهم و غبائهم لأن القيم في المجتمع عبارة عن تجسيد سلوكي لإنسانية الفرد , و البناء الفكري للفرد إن لم يكن منطلقه رؤية مجتمعية واحده مشتركة في المجتمع الذي يعيش به فحتما هو معرض للسقوط في أي لحظة وسيسقط و سقط و سيستنجد بالأجنبي لأنقاذ ذاته التي يراها هو على أنها صحيحة و ليس مجتمع الأمة الذي يعيش به , رؤيته القاصره على أن دولته غير قادرة على إنتاج العدالة الأجتماعية و الحرية و المساواة و كرامة الفرد تجعله يعيش وهم أن الغريب أو الدين يستطيع أن يقدم له مايحلم به لذلك يبدأ بحصر هويته داخل إطار قيمي سلوكي منفصم و منفصل عن المجتمع فلا يرى في مجتمعه إلا كل سوء , هذا هو حال الخونة الذين يسيمهم البعض بالمعارضة لأن هؤلاء بالأساس لا يعرفوا المعنى الحقيقي للمعارضة فكيف تريدون منهم معرفة معنى الدولة و معنى الوطن ,هؤلاء الذين نراهم على الشاشات يتكلمون و كأنهم مثقفين معارضين ليسوا إلا أحذية تنتعلها الأمم لكن هذه الأحذية هي صناعة عروبيه بأمتياز فهي التي أفقدتهم هويتهم السورية الحقيقة و جعلت منهم غرباء و هي التي صنعت لهم البيئة الحاضنة و للجميع بدون استثناء للأخونجي و الوهابي و المتطرف و العرقي لأن العروبه تخشى على غليظها من عودة الفكر السوري القومي الأجتماعي و بدل من توفير القليل القليل من الدعم لهذا الفكر الذي ذبح على مدى ستين عام قامت بتوفير البيئة الحاضنة للغيبيات و الأوهام و صرفت كم هائل من المال من أجل إرضاء من يتكلم باسم الله و هذا النهج الغبي المدمر ما زال حتى هذه اللحظة .
محاولة تثبيت واقع إجتماعي مزيف عند مرحلة تاريخية معينه و فرضه و تجسيده على مستوى المجتمع الحقيقي سواء ديني أو سياسي أو اجتماعي له آثاره الرجعية و هو فقدان الذات لوعيها المجتمعي لأن الذات هي القيم التي تلبي الحاجة الاجتماعية للفرد ولكن هذا فقط يكون من خلال رؤية واقعية حقيقية تقوم على التاريخ الحقيقي و ليس المقتطع و المزور و لطالما لم تدرك العروبه هذا الأمر سيبقى مجمعنا يسير من هلاك إلى آخر .
ـ يتبع ـ
|