يسير النمو من العام إلى الخاص , من المجمل إلى المفصل ، من أعلى إلى أسفل , من الرأس إلى القدم . النمو وحدة تكامليه تتابعيه بمعنى أن كل مرحلة من مراحل النمو تتأثر بما قبلها من مراحل وتمهد لما بعدها من مراحل أخرى النمو وحدة مستمرة ومتصلة كتيار الماء لا يتوقف جريانه من المنبع إلى المصب , يتجه النمو الجسدي من المركز إلى المحيط أي من الجذع إلى الأطراف ؛ فالطفل يستطيع استخدام العضلات العليا من ذراعيه أو جذعه قبل أن يتمكن من السيطرة على عضلات أصابعه والتقاط الأشياء بأصابعه , لكن النمو الفكري يحدث بالعكس من المحيط إلى المركز أي من المجتمع إلى الطفل . يرى عالم النفس الدنماركي إريك إريكسون أن كل إنسان يمر منذ ولادته وحتى وفاته بثماني مراحل لكن اهمها هي المراحل الثلاث الأولى أي 21 سنه , تكلم كذلك عالم آخر يدعى "بريجيه" عن البناء المعرفي للطفل ، وعن تدرج نموه عقليا، معرفيا وفكريا، و كيف يتشرب الطفل من محيطه , عشرات من علماء النفس تحدثوا بهذا الصدد، من سبيرمان وثرستون وغيرهم فى محاولة الكشف عن العوامل الأولية التى يتكون منها نشؤ الطفل و جميعهم اثبتوا أن الطفل يحاول تقليد الأب أو العائله بطرق مختلفة , التقليد عند الطفل هو فطرة إنسانيه تولد معه و تشكل فيما بعد مع تقدمه في العمر وجدانه الأنساني . نحن لا نتكلم هنا عن إبن الطبيب الذي يريد أن يصبح كما والده طبيبا بل نتكلم عن ما هو أعمق و هو الوجدان و الروح التي تهيئ الحاله النفسيه للطفل ماذا سيكون في المستقبل فمثلا أن يكون الأب أو الأم طائفي أو متدين أو علماني يعني أن هذا الطفل و بنسبة 90 % سيكون كذلك إلا في حال حدوث صدمة تغير من مفهومه العميق الذي تشربه .
طرحنا على أساتذه علم النفس و علم الأجتماع سؤال حرفي و هو التالي " لماذا كل أمم الأرض تعلم أبناءها في المدارس أمجاد أجدادهم و تركز كثيرا عليه " الجواب كان واحد تقريبا مع اختلافات بسيطه نابعة من المدرسه الفكريه التي تأثروا بها , الجواب كان أن الطفل يتشرب ما تعطيه له المدرسه و عندما تقول للطفل أن جدك هو فلان و هو أهدى الأنسانيه كذا و كذا فهو يرتقي في ذاته ليكون مثل جده ذلك العظيم لأن وجدانه يدفعه كي يرى ذاته في جده فيصبح مثله الأعلى و التجمع لهذه المثل العليا هي التي تطبع و تطغى نفسيته المستقبليه فيكون إنسان متحضر .
لماذا أرادوا منا أن نكون عرب , عندما تقول للطفل السوري أنك عربي فهذا يعني أنه سينظر إلى نفسه على أنه عربي و سيبحث عن مجد أجداده العرب الأفتراضيين و يقرأ تاريخهم كي يقلدهم و ليس اجداده السوريين العظماء الذين بنوا الحضارة الأنسانيه , بل سيقرأ عن الغزوات و السبي و الغنائم و تقطيع الرؤوس و الوقوف على الأطلال و الأخذ بالثأر و كل هذه الأمور , يصبح وجدانه النفسي من ذلك الوجدان المنحط و تصبح غالبيه النفوس في المجتمع كذلك , و في اللحظه التي يستطيع بها تقليد أجداده الأفتراضيين سيفعل و يصبح مثلهم , الصهيونيه العالميه ليست غبية , لا يوجد إلا ضحيه أسمه سوري ضحكوا عليه و قالوا له أنك عربي فكان , لكن لماذا أراد الصهاينه أن نكون عرب و لماذا أخرجوا لنا ميشيل عفلق و شلة العروبه من حظيرته و وضعها لنا !! فلنقرأ سوية ما كتب مؤرخيهم عن العرب و ستعرفون لماذا نحن في الحضيض .
كتب جون لويس بوركهارت عام 1812 ميلادية يقول " إن القبائل الأعرابيه في حالة حرب دائمة تقريبا فيما بينها ، ونادرا ما يحدث أن تتمتع قبيلة ما بلحظة من السلام المشترك مع سائر جيرانها . إلا أن الحرب بين قبيلتين نادرا ما تستمر طويلا . وإن أسلوب خوض الحرب هو أسلوب الأنصار، فالمعارك الشاملة نادرة . والهدف الرئيسي لكلا الطرفين المتحاربين هو مباغتة الآخر بهجوم غير متوقع ونهب مخيمة و أملاكه , و يتابع الأعراب كسولين لايعملون غزواتهم هي مجرد غزوات صغيرة جدا وسريعة وهدفها الوحيد هو السرقة واذا ما واجهو قوة عسكرية حتى لو كانت صغيرة فانهم يهربون مباشرة , ثم تحدث عن أن الأعراب كانوا ينقضون العهود ويقطعون الطرق على الحجاج القادمين من العراق والشام ومصر اذا كانوا متفرقين اما اذا كانوا جماعة فانهم لا يقتربون منها و يصفهم بالوضاعة والوساخة وقلة الذوق لكن غدرهم وخيانتهم لا مثيل لها وانتقالهم بين الجيوش فاذا انتصر بن سعود حاربوا معه واذا انتصر الشريف حاربوا معه واذا انتصر الاتراك حاربوا معهم .
الرحاله الروسي فاسيليف يصف حياة الأعرب في الجزيرة العربية قائلا : كان البدو، في ظل انعدام السلطة المركزية القوية، يقومون بالغزوات دوما. وكانت الماشية عرضة للنهب في الغالب، ويشمل النهب أدوات بيوت الشعر والأسلحة والألبسة والعبيد. وكانت سلع التجار تسلب منهم، كما تسلب من الحضر مختلف المحاصيل والأدوات الزراعية. الغزو يعتبر عملا نبيلا جدا، وكانت الرغبة في النهب تثير دوما حماس الأعرب . وكانت المشاركة في الغزوات طوعية، ولكن المحاربين في الواقع و خصوصا الشبان ، ما كان بوسعهم رفضها . فالامتناع عنها ينطوي على خطر الإتهام بالجبن وتضييع الاحترام لدى الأقارب وأبناء القبيلة , بنتيجة الغزوات يستطيع العربي الفقير بعد غارة موفقة واحدة أن يصلح أحواله المالية بل ويمكن أن يغدو موسرا. وكانت الغزوات مصدرا لإثراء وجهاء القبائل. فإليهم يرد أكبر وأفضل جزء من الغنائم. ويتزعم الغزوات.الشيوخ أو العقداء. وتفرد للشيخ حصة حتى إذا لم يشارك في الغزوات. وليس من قبيل الصدفة إن غنائم الغزوات تعتبر من أهم مداخيل وجهاء البدو . فالبدوي نهاب بطبعه، يدفعه فقره وحاجته إلى السطو المباغت على العدو " القبيلة المجاورة "، وإذا ما نجحت مهمته رجع غنيا موسرا بعدما كان يتلظى بنار الفقر، كما أن هذا الغزو يضع الأعرابي في مقام الحماسة والشجاعة فيسجل له بعض الافتخار والانتصارات الشخصية. وقد كان لهذه القيم سوق رائجة في عالم البداوة والترحال . أما المآسي والمظالم التي كانت تنجم عن هذا الغز والغزو المضاد فإنها كانت تغذي وتعمق الأحقاد والكراهية بين أبناء القبائل التي سيفرض عليها آخر المطاف أن تخوض حروبا دائمة مع جيرانها، فإما النصر والتفوق وبسط الهيمنة وإما إخلاء الساحة نهائيا بأن تتعرض القبيلة إلى هجوم مباغت يأتي على الأخضر واليابس فيها فيقتل جل رجالها ويتشرد الباقي بين القبائل الأخرى. ونحن إذا رجعنا وتتبعنا غزوات الجيش الوهابي سنجدها لا تختلف كثيرا .
الرحاله تومسون يكتب في عام 1835 هاجم البدو السهول في الجليل وغور الأردن والساحل ينهبون المحاصيل الزراعية ويحصلون على الخاوة في أوقات الحصاد ويسرقون المواشي وبذلك كانوا يجردون الفلاح من محاصيله ومواشيه ويتركونه نهبا للمجاعة وعرضه للعجز عن مواصلة الإنتاج بعد سرقة البذار والقطعان تلك الغزوات على الرعاة والفلاحين ابرز المظالم البشعة التي كانت تقع على الرعاة والفلاحين خاصة لذلك الراعي الذي يقاتل العربي حتى خر صريعا بين الغنم التي ناضل من اجلها باعتبارها مصدر قوته ولم يسترح الفلاحون الفلسطينيون من غارات البدو الا في فترات قصيرة وهي استتباب الامن خلال الحقبة الأولى من حكم إبراهيم باشا في هذه الفترة تمكن الفلاحون من تحسين أوضاع قراهم ومزارعهم في السهول وبعد خروج إبراهيم باشا اشتعلت الحروب القيسية اليمنية وعاد الخراب بسبب غارات البدو و شاهدت قريتي العفولة والغولة في مرج بن عامر مزدهرتين لكن وفي عام 1859 كانتا خربتين كما شاهدت في حالة خراب كامل قرية المقيبلة وكما في منطقة جنين إلى البرية في الأردن أو داخل البلاد، وبسبب غارات البدو لجأ أهالي السهول الفلسطينية إلى الجبال، على اعتبار أنه من الممكن التحصن في المرتفعات ضد غارات البدو وقد تجمع الفلاحون في قرى محيطة بالمدن من مثل القدس ونابلس والخليل وكانت الاتصالات صعبة بسبب عدم وجود الطرق السهلة ووعورتها ومن الأمثلة على خراب السهل هو ضآلة عدد القرى بين يافا وغزة وبين يافا وحيفا وهناك شهادات حول هذه الندرة في وجود القرى وتضاؤل العدد السكاني في كتابات زوار الأراضي المقدسة. إن الفلاحين الذين بقوا في السهول توجب عليهم دفع الخاوة للبدو وتحمل غطرستهم وعدم القدرة على مجرد تحذيرهم للعبث بالمزروعات حتى عام 1879 كانت طبرية تدفع خاوة لاحد شيوخ بني صخر كما كانت الجاعونة تدفع الخاوة لشيخ عرب الزنغرية .
وكتب المستشرق فولني عن غزوات البدو يقول: " لما كان الأعرابي نهابا أكثر مما هو محارب فهو يهاجم فقط من أجل النهب والسلب .
هذه هي العرب و من أجل هذا أرادونا عرب , هي عقليه المنحط الذي لا وطن له و لا أنتماء إلا شيخ العشيره , الذي يجري في كل كيانات سوريا الطبيعيه هو هذه العقليه التي أرادوها لنا كي نكون أمه حقيره يستطيعون تدميرها متى و عندما يشاؤون , أليس الذي نسمعة كل يوم في الأخبار هي نفسها تلك العقليه التي وصفها هؤلاء المؤرخين قبل 150 عام هنا يجب علينا أن نسأل أنفسنا و بصدق و بضمير ضحايا هذه الحرب , لو كنا خلال الخمسين السنه الماضيه زرعنا في نفس هؤلاء الخونه الذين يذبحون بنا اليوم الروح السوريه بدل العروبيه هل كنا اليوم نعيش هذه المأساة !!! أنا سأجيبكم لا و ألف لا . لكن ما هو مؤلم أكثر أنه و بعد كل هذه الدماء يخرج علينا وزير ثقافة المراحيض ليتكلم عن العرب و أمجاد العرب , لم يشبعوا بعد من دمائنا , لم يشبعوا بعد , أنهم بلا ضمير , هذا فقط أحد أهداف لماذا أرادوا أن نكون عرب , لأن هناك ما هو أهم و أعمق و حتما سناتي عليه .
|