جففوا الآبار , مزقوا العقول , دمروا الأحرار , قضموا في الفصول
و أسماء تتدلى حزينه كخصلة عنب من كرم...ة سوريه
أفتوا بالدمار , كبروا للخمول , أطفأوا النهار كالتتر كالمغول
وسماء تبكي طهارتها , زرقاء هجرتها نضارتها
زرقاء بعقول مسبيه
غرباء من أرض غبراء , وغريب يبحث عن جده
غرباء في الأرض الخضراء , جراد في العقم ما عنده
و حقد بغيض بالدم يفيض
نزل في أمتي من أمة عاقرة أمة منذ نعومتها بالإرهاب تبيض
و أسماء تتدلى حزينة كخصلة عنب من كرمة سوريه .
بابينيان الحمصي
لا يوجد في التاريخ جملة عمرها أكثر من 1800 سنه ترددها الألسنه حتى يومنا هذا ,و في كل أصقاع الأرض , هي جملة بابينيان الحمصي "إن ارتكاب جريمة قتل أهون من تسويغ هذا القتل " , حتى يومنا هذا و أمام " قصر العدل " في مدينة روما العاصمة الأيطاليه ستجد تمثالا ينبض بالإباء و العزه هو سيد العدالة و القانون , و في كل مرة كنا نزور روما كنا ننحني أمام جدنا العظيم يابينيان , أيضاً نجد لوحة جداريه بإسمه موجودة أمام مبنى الكونغرس الأمريكي تكريماً لدوره القانوني الكبير وقد كتب عليها " مؤلف لأكثر من ستة وخمسين مؤلفا في الحقوق كانت أساس التشريعات الحقوقية العالمية " .
هذا السوري العظيم الذي ولد في حمص عام 140 ميلادي درس الحقوق في بيروت التي كانت تعتبر في حينها أكبر تجمع لمدارس الحقوق وقد بقيت فيها حتى منتصف القرن السادس أشهر مدارس الحقوق التابعة للإمبراطورية الرومانية , تلك المدارس أعطت للعالم القوانين التشريعية المتوسطة و التي هي الأساس للقوانين المعتمده حتى يومنا هذا , ألف بابينيان أكثر من ستّة وخمسين مرجعا في الحقوق تركها للإنسانيه جمعاء تتالف من 2462 فقرة قانونية تُعد المصدر الرئيسي الّذي استمدت منه المحاكم الأوربية الحديثة قوانينها كايطاليا و فرنسا و اسبانيا و ألمانيا . و عندما يجد قضاة إيطاليا أنفسهم أمام حادثة غير مذكوره في قانونهم التشريعي المعتمد يعودون إلى مؤلفاته كمرجع قانوني التي عمرها 1800 عام . شغل عدة مناصب هامه في عصر القيصر سبتيموس زوج السوريه الحمصيه جوليا دومنا و التي حكمت روما بعد وفاة زوجها سبتيموس
أهمية التشريعات التي كتبها بابينان مع زملائه السوريين الأربعة أنها غيرت من المفهوم القضائي السائد في روما تلك الأيام و حولته من قانون متحجر بدائي إلى قانون إنساني و هذه الأنسانيه التي طغت على القوانين مستمده من مدرسة زينون الرواقي التي كانت مبنيه على الخلاق و الحكمة و ليس على مبدأ الأنتقام و هذه هي نقطة التحول القانونيه في التاريخ الأنساني أي البت في الجريمه من ليس منطلق الأنتقام بل من منطلق العدالة و الأصلاح أي نشأ المدعي و المحامي و الحق العام .
يقول لنا بول كولينيت , في بيروت كان يتم إعداد الحقوق الرومانية الجديدة وإلى جماعة من الفنيقيين السوريين هم عائلة سفيروس ومستشاروه، لا تزال الحقوق الرومانية الجديدة مدينة ببلوغها أوج الكمال , ففي فترة حكم السلالة السورية لعرش روما (193 ـــ 235 م) يبدو أنه تم تطوير الشرع الروماني ونقله من الطور الابتدائي إلى مرحلة متقدمة عبر مؤلفات الفقهاء السوريين الخمسة والذي أحاط بعضهم بالامبراطور سبتيموس سفيروس كمستشارين له مثل بابنيان وألبيان . إضافة إلى هذين المشرعين كان هناك غايوس وبولس وموديستنوس والجدير ذكره هنا هو أنهم كتبوا مؤلفاتهم الحقوقية باللغة اللاتينية وهذا ما جعل المؤرخين يطلق عليهم اسم آباء الفقه الروماني ، وهذا امتد على كل التشريعات التي وضعوها فأطلقوا عليها اسم التشريعات الرومانيه و تظهر الأبحاث أن ما قدمه هؤلاء الآباء السوريين للتشريع الروماني يتجاوز نسبة 80 % ، وهذا ما دفع الباحثين في القرن الثالث الميلادي لقولهم لقد كانت سورية تعكس على العالم تقاليدها الحقوقية التي تعد مصدر الحقوق الرومانية وأصلها .
وفاة بابينيان جاءت بعد صراع الأخوين كراكلا و غيتا أبناء القيصر سبتيموس و جوليا دومنا . كراكلا قتل أخوه غيتا فذهب الأول إلى بابنيان طالباً منه كتابة رسالة يلتمس فيها المبررات لجريمته التي ارتكبها كي يجد فيها مخرجا قانونيا أمام مجلس شيوخ روما ، رفض بابنيان طلب كراكلا قائلاً جملته الشهيرة الّتي ترن في أروقة المحاكم حتى يومنا هذا " إن ارتكاب جريمة قتل أهون من تسويغ هذا القتل" فما كان من كركلا إلّا أن أمر بقتل بابينيان بالبلطة , فأنبه لاستعمال البلطة في حكمه هذا بدلا من السيف فكان له ما طلب و أعدم دفاعاً عن العدالة و لم يتراجع عن رفضه لطلب الإلتماس .
تاثر الكثيرين بمقتل بابينيان واعتبرها المؤرخ جيبون انها كارثة عامه حين قال " لقد كان إعدام بابنيان محزناً بوصفه كارثة عامة " .
|