ضروري جداً الاستماع والاستمتاع بما يقوله السيد حسن نصرالله. إنه قائد نادر لامتلاكه ميزة نادرة بين قادة العالم المعاصرين: الصدق. يشهد له بذلك أعداؤه الإسرائيليون. يقولون إنهم يثقون بما يقول هو أكثر مما يقول لهم زعماؤهم. الثقة هنا تتعلق بالحقائق والمعلومات التي يكشفها.
في حديثه الأخير 12/7/2019 لمناسبة مرور 13 سنة على حرب «إسرائيل» الوحشية على لبنان والمقاومة، كشف الأمين العام لحزب الله عدداً من الحقائق والمعلومات والمواقف اللافتة:
ـ «المقاومة في لبنان أقوى حالياً من أيّ وقت مضى»، وهي قادرة بصواريخها على الوصول الى ايّ موقع في «إسرائيل»، من الناقورة في الشمال على البحر الأبيض المتوسط الى ايلات في الجنوب على البحر الأحمر.
ـ «إسرائيل» عاجزة عن اللجوء إلى الحرب على لبنان لأنّ لدى المقاومة قدرة صاروخية بعشرات الآلاف تطاول كلّ مناطقها لا سيما «الشريط الساحلي من نتانيا إلى أشدود حيث قلب الكيان الصهيوني والجزء الأكبر من المستوطنين وكلّ مراكز الدولة الأساسية»، فهل يستطيع العدو اليوم تحمّل ذلك؟ هذا سيعيده الى العصر الحجري.
ـ إنّ «ما يمنع الولايات المتحدة الأميركية من الذهاب الى الحرب ضدّ إيران هو أنّ مصالحها في المنطقة كلها معرّضة للخطر».
ـ رغم الحصار والعقوبات التي تتعرّض لها، «لن تتراجع إيران ولن تفاوض أميركا مباشرةً، ولن تفاوضها تحت ضغط العقوبات».
ـ «يجب ان يعرف الجميع انّ الحرب إذا وقعت ستكون حرباً مدمّرة للمنطقة كلها. كلّ دولة شريكة في الحرب على إيران او تقدّم أرضها للإعتداء عليها ستدفع الثمن. عندما تُفتح الحرب على إيران فهذا يعني انّ الحرب فُتحت في المنطقة كلها». لذلك «فإنّ مسؤوليتنا جميعاً العمل لمنع حصول الحرب الأميركية على إيران».
ـ «صفقة القرن» لا تمتلك عناصر نجاحها لأنّ فيها مجموعة عوامل لتفجيرها من الداخل: «ما يقف حائلاً دونها وحدةُ الموقف الفلسطيني، صمود إيران الداعمة اللوجستية شبه الوحيدة للمقاومة الفلسطينية، فشل المشروع المعادي لوحدة سورية، قوة محور المقاومة، عدم وجود رافعة عربية للصفقة، الانتصار على الإرهاب في العراق وعلى التحالف السعودي – الأميركي في اليمن».
ـ «صحيح أنّ الأعمار بيد الله، لكن منطقياً… أنا سأصلي في القدس».
ـ إدارة ترامب تسعى الى فتح قنوات اتصال مع حزب الله من خلال وسطاء كي تحاول فرض نفسها وسيطاً في ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان والعدو الصهيوني.
ـ ثروة لبنان النفطية في إقليمه البحري ستكون بحماية المقاومة، والعدو لن يجرؤ على الدخول اليه.
ـ إذا لم تقبل الشركات التزام أعمال التنقيب عن النفط والغاز، «فأتعهّد بأن أؤمّن شركة تقبل الالتزام والعمل في المنطقة اللبنانية، وليس شرطاً أن تكون شركة إيرانية».
اذا كان ثمة مَن لا يريد، لسبب او لآخر، ان يصدّق ما قاله ويقوله السيد حسن نصرالله، سيتوقّف بالتأكيد عند ما يقوله العدو. فلمناسبة مرور 13 سنة على حرب 2006 وفشل «إسرائيل» في تحقيق أغراضها العدوانية، برزت عدة تقارير في مختلف وسائل الإعلام العبري، أعادت استذكار أبرز وقوعات الحرب الفاشلة، كما استشرفت ما أدّت إليه من تغيير في موازين القوى بين الطرفين المتحاربين. لعلّ أهمّ هذه التقارير واحدٌ ظهر في قناة «كان» التلفزيونية العبرية لمناسبة استضافة عدد من الخبراء والجنرالات المتقاعدين الذين كانوا في سدة المسؤولية خلال الحرب. أبرز ما تجلّى في هذا التقرير حقائق ثلاث:
أولها، إنه «حتى سنة 2000، كانت الفرضية السائدة في العالم العربي بلا استثناء انّ من يريد استعادة ارضه، عليه ان يبرم اتفاق سلامٍ مع «إسرائيل». انتهت هذه الفرضية سنة 2000 بعدما أثبت حزب الله إمكان استعادة الارض بالقوة … من دون ايّ إشارة الى السلام، وحصراً من خلال القوة».
ثانياً، انّ حزب الله فرض على الحكومة الإسرائيلية «ان تجثو على ركبتيها والتراجع عن أهدافها المعلنة من خوض الحرب، وهي التغلّب على حزب الله وتفكيكه. فالجمهور في «إسرائيل» علم انّ الجيش الإسرائيلي خرج بكلّ قوّته الى الحرب من أجل تجريد حزب الله من سلاحه، وهذا ما قالته لنا قيادتنا السياسية والعسكرية. لكن بدلاً من ذلك، اضطرت «إسرائيل» الى القبول بوقف إطلاق النار».
ثالثاً، برزت في التقرير حقيقة بازغة هي تعاظم قدرات حزب الله بالخبرة القتالية بعد مرور 13 سنة على حرب 2006، تقوم في أساسها على المناورة البرية والتوغلات والمواجهات المباشرة، وهي تراكمت لديه نتيجةَ مشاركته العسكرية الواسعة في الحرب السورية. وبحسب قائد فرقة الجليل في حرب 2006 الجنرال غال هيرش «بات لدى حزب الله القدرة على خوض القتال المدمج بقوات كبيرة. إنه جيش كبير مع خبرة ميدانية».
الخلاصة: من مجمل ما قاله السيد حسن نصرالله وما كشفته وسائل الإعلام العبري وجنرالات العدو يتبيّن ان العدو الصهيوأميركي ما زال جاداً في استهداف إيران وحلفائها في محور المقاومة، وانّ حظوظه في القتال وتحقيق أهدافه المعلنة تقلّصت كثيراً، وانّ قوى المقاومة اكتسبت بجهدها الميداني في ساحات لبنان وفلسطين وسورية خبرة قتالية واسعة، وانّ ذلك كله حقّق توازناً فاعلاً في الردع مع «إسرائيل» جعل ويجعل هذه الأخيرة عاجزة عن اللجوء الى الحرب نظراً لكلفتها الباهظة واستحالة تحقيق الأهداف المرتجاة منها.
|