" إن دولة يتواجد على أراضيها قوى عسكرية متعددة ، منها بناء على طلبها ، وآخرون بطريقة غير مشروعة ، وربما بسبب تعاون بعض أبنائها هي دولة محتلة ، فاقدة لسيادتها " هذا ما قاله بعض العارفين بالسياسة والعلاقات الدولية ، فهل سورية كذلك .؟.
يقول التقرير العسكري الروسي أن داعش باتت تسيطر على 5% فقط من أراضي الجمهورية ، فهل تسيطر الدولة حقا على 95% من أراضيها ، أم أن السيطرة الفعلية لا تتجاوز 60% وتتقاسم تركيا وأمريكا عن طريق أدواتهما السيطرة على باقي الأرض بما تحتويه من ثروات مائية وأراض زراعية ، وثروة نفطية وغازية .؟.
أمريكا التي تسيطر وتوجه حركة داعش ، تقوم باستبدال ثوبها وتلحق أغلب قواها بمن وظفتهم تحت يافطة أخرى هي قسد ، وهكذا نرى سرعة انتقال قوات قسد وتجاوزها عشرات الكيلومترات بوقت قليل لتقوم بعملية وضع اليد على ما كانت تسيطر عليه داعش في عملية تسليم واستلام تحت حماية طيران التحالف في الوقت الذي توجه فيه ما تبقى من قوات داعش من المحليين لإعاقة تقدم الجيش السوري وعرقلة سيطرته على الحقول والمحطات كما حصل في كونيكو والتيم وحقل العمر ...!.
التحالف يقوم بالإغارة على مواقع داعش في الرقة ودير الزور والميادين وكل النقاط الأخرى حيث كان داعش ، لكنه مصاب بعمى الألوان ، أو يستند إلى معلومات واحداثيات سابقة ولهذا إما يصيب وحدات الجيش السوري ، أو مناطق خالية من أي وجود عسكري وهي آمنه كما في بعض أحياء الرقة ومؤخرا حي القصور في دير الزور والضحايا مدنيون .
التحالف الذي قصف ودمر كافة الجسور التي تربط غرب وجنوب الفرات بشرقه وشماله ، أو ما يسمى منطقة الجزيرة كان عملا مبرمجا ومقصودا ، ليس لإعاقة حركة داعش ، بل هو كان يؤسس لحدود دولة تضمنتها مخططاته وقد باشر بإقامة قواعد عسكرية له على أطرافها ، ومن شمال العراق أدخل معداته وألياته العسكرية وذخائره وكل ما يلزم بدعوى تسليح ما يسمى قوات سورية الديمقراطية ، فمن يصدق أن قوات تؤسسها وتدعمها الاستخبارات المركزية الأمريكية هي وطنية أو ديمقراطية .!. هي في الواقع قوات عميلة .
لا يمكن لعاقل أن يتجاهل عمليات التنسيق والتناغم التركي الأمريكي ، فتركيا طالبت بمنع تمدد الأكراد غرب الفرات ، وما كان دخول هؤلاء إلى غرب الفرات إلا لإعطاء تركيا ذريعة الدخول إلى الأراضي السورية ، وما جرى كان خطة متفق عليها بين الأمريكي والتركي ، وهكذا انسحب الكرد إلى الحدود المتفق عليها ودخلت قوات درع الفرات لتجتاح غرب الفرات ، هي لم تقاتل داعش ولا الكرد بل ضربت وقمعت بعض القوى الوطنية الرافضة التعامل معها ، وإذ توقفت العملية فلأن الجيش السوري قام على عجل بتحرير حلب وريفها الشمالي واتجه شرقا لقطع الطريق على مرتزقة العثماني الجديد ، وهكذا .
ما الذي جرى في آستانة 6 وما هي المقررات وعلى ماذا استند الأتراك لإدخال هذه القوة العسكرية الضخمة بعد الاتفاق على منطقة خفض التوتر في ادلب وهل تحتاج المراقبة إلى أكثر من قوة من الشرطة العسكرية الروسية - التركية ، وهل تجاوزت تركيا الاتفاقات وغدرت بالأطراف الآخرين من جماعة الحوار ، ولماذا الصمت الروسي والايراني .؟.
الاجتياح التركي ... احتلال مكشوف ..!.
مصادرنا في ادلب تفيد بانتشار واسع للقوة العسكرية التركية ، وهي أكثر بكثير من القوى العسكرية السورية التي كانت هناك قبلا ، مطارين كبيرين ، ومعسكرات في المسطومة ووادي الضيف ومركز بحوث زراعية ( الايكاردا ) على المدخل الجنوبي لمدينة حلب ، ومواقع أخرى ، مئات السيارات الضخمة قامت بالنقل على مدى أيام " باعتراف الرئيس التركي " وهناك حشد عسكري ما زال ينتظر على الحدود ، هل تتوقع تركيا صداما عسكريا مع سورية التي ترفض هذا الوجود وتعتبره احتلالا .؟.
ان عملية تحويل ادلب وجوارها من محافظة سورية إلى ولاية تركية تجري بسرعة وعلى قدم وساق ، والبداية من منع العلم الوطني الذي أسقطه العملاء ، إلى علم الانتداب الذي رفعوه ومنعه التركي ، وحده العلم التركي المسموح أن يرتفع على المؤسسات والدوائر والمراكز الصحية والخدمية وغيرها وليس على المعسكرات فقط ، تلا ذلك إقامة شبكات الربط الخليوي والاتصالات مع الشبكة التركية لتبدأ الجباية وربما يطبق ذلك على الكهرباء والمياه بعد أن تضع السلطة التركية يدها عليها ، وأخيرا منع التداول بالعملة السورية وفرض التعامل بالعملة التركية وحدها بعد توقف سيلان الدولار من الصناديق الخليجية .!
البارحة تواردت أخبار انعقاد اجتماع موسع على الحدود الشمالية ضم ممثلين عن السلطة التركية وما يسمى المجلس الوطني ومندوبين عن الفصائل المسلحة تم خلاله الاتفاق على توحيد هذه الفصائل برعاية واشراف تركي ومعلوم أن الفصيل المسيطر هو جبهة النصرة التي يتولى أفرادها عمليات الاستطلاع وحماية القوة التركية وتوفير ممرات آمنة لها إلى حيث كان مخططا أن تصل وتتمركز ، فمن الذي قال أن تركيا دخلت لفصل جبهة النصرة واستبعادها من باقي الفصائل ، وإلى أين .؟. لقد قلنا منذ البداية أن النصرة وكل مسميات الاخونج والجيش الحر هم من منبع واحد ولهدف واحد وغاية واحدة ، النوايا التركية أسوأ مما نتوقع وكتبنا قبلا مذكرين بما فعله الأتراك احتيالا لسلخ لواء الاسكندرون ، فهل من الضرورة العودة للتذكير بيوميات نشرناها قبلا من تاريخ 1935 وحتى 1939 .؟.
هل أحسنا التعامل مع التدخل التركي الوقح أم أن هناك ما يكبل أيدينا ، وقبل ذلك كان التدخل الأمريكي الذي يتستر بغطاء تحالف دولي يعمل عكس ما يرفع من شعارات ، الأمريكي هذا لا يمثل دولة كبقية دول العالم العادية ، بل هي أكبر شركة لصوصية في العالم ، تحمي سرقاتها بالقوة الغاشمة ، مع أن التصدي لها وضربها بعنف وقسوة يدفع بهذا العملاق إلى التراجع والابتعاد عن مراكز الرفض لتواجده ، وخاصة من يتحداه كما في الدولة الصغيرة الفقيرة كوريا الشمالية ... وهي التي داست كبرياء وغطرسة القوة التي تلوح بالنووي ، لكنها تخشى من رد نووي أيضا لا تستطيع احتماله مهما كان صغيرا .
الكل في خدمة الصهيوني :
الاندفاعة التركية داخل الأرض السورية بذريعة الدفاع عن النفس والخوف من قيام دولة كردية على حدود الأراضي التي تحتلها منذ قرن ، ذريعة فيها الكثير من الوقاحة والعهر السياسي ، بل هي تؤكد أنها لغاية استعمارية طمعا بضم أجزاء جديدة من الأرض مستغلة الأوضاع غير الطبيعية التي تمر بها سورية والتي ساهم بظهورها جملة من أوباش العالم ، دولا وتنظيمات تخطط لهم مراكز الأبحاث في الاستخبارات المركزية وفروعها في دول أوروبا وبعض دول العالم العربي ومعهم تركيا التي شكلت المقر والممر لكل مرتزقة العالم وصندوق بريد التمويل لهؤلاء المرتزقة ومنهم من السوريين مدفوعين بعوامل التحريض الديني والمذهبي تحت قيادة يهودية مكشوفة للعيان ، وما خجلوا بها حتى بعد أن عرفوها وعلموا أنها من يوجه ويراقب ... ويسخر في سره كما صرح وكتب . ( وأقصد برنارد هنري ليفي )
ليس أمام سورية بعد الانتهاء من داعش سوى الالتفات إلى داعش الجديد ، التنظيم الأمريكي الجديد قسد ، بعد إنذاره بالخروج من كل المناطق التي يفرض سيطرته عليها على أن يخرج قبله الأمريكي بقواه ومعداته وإلا فالصدام وهو دفاع مشروع ، كذلك يكون علاج الوجود التركي وإزالة آثار وجوده ، وبالتأكيد سوف يبر القادة الأسود والنمور بوعدهم أنهم سيحررون كل حبر تراب سورية ويطردون كل دخيل .
أن يعترض الروسي على الصدام مع أحد الطرفين تحاشيا للتورط ، فهذا شأنه ، لينسحب وسنتكفل باستمرارية الصراع حتى تحرير بلادنا ، وإلا فإننا لن نكون أحرارا من أمة حرة ، وستكون حريات العالم عار علينا .... وهذا ما لا نقبله .
|