لم أنتظر حتى تتكشف الحقائق عن الخوذ البيضاء فقد كنت أعرف الكثير عن أصولها ووظيفتها منذ اللحظة التي وضعوا فيها الطفل على كرسي عربة الاسعاف وهو يتطلع حوله مندهشا مما يجري رغم تعفيره بالأتربة ورش بعض الدماء عليه ، كانت تلك اللحظة عملا مسرحيا فاشلا بكل المعايير ، لكن الكثير من البشر العاديين كانوا يقولون هؤلاء الخوذ البيضاء من المؤسسات الانسانية وهم من الدفاع الوطني . !!!.
هم من قتلوا عناصر الدفاع الوطني السوريين وأخذوا مهامهم ، وبسبب متابعتي للمواقع الأجنبية وما نشرته عن ممارساتهم والشكوك التي أبدتها تلك المواقع وخاصة السويدية منها ، وظهورهم أغلب الأوقات في المواقع التي يثار حولها الاتهام باستخدام الكيماوي وارتكابهم الأخطاء القاتلة التي فضحتهم ، ومنها عدم اتخاذهم الحيطة وعدم استخدام الكمامات والألبسة الواقية وطرق معالجتهم للإصابات الكاذبة واجبارهم الصغار أو كبار السن على اجراء المعالجة واغراقهم بطوفان مياه الصهاريج ، وأخيرا جاء اثبات المنظمة السويدية أنهم قتلوا أطفال سورية بما يوضح الصورة "الانسانية" لهذا التنظيم والجهات التي أوجدته ورعته ، والتي كشفت عن نفسها عندما بادرت لإنقاذه وتهريب عناصره حتى لا يقعوا بيد المخابرات السورية وتكون الفضيحة .
مئات العناصر من الدول الغربية .. فهل هم من المستعربين العاملين في المخابرات الغربية والصهيونية .؟. وآلاف من عناصر الاستخبارات العربية ، سعوديون ، أردنيون ومن باقي دول الخليج ، في تعبير فاضح عن نوعية التضامن اللا إنساني بطبيعة الحال حسب المهمة ، سواء عمليات قتل وتصفية العناصر العسكرية أو الأطفال واستخدامهم ذرائع للتدخل العسكري الغربي واستهداف الجيش السوري بالذرائع الكاذبة اياها .
وأما بعد انكشاف الحقائق حول الخوذ البيضاء ومعرفة من هم أصحاب الرؤوس والقلوب السوداء المشبعة حقدا على الدولة السورية أرضا وشعبا ونظاما ، نسأل أين هو الموقف العالمي من هذه الفضيحة بكل أبعادها ، وهل هناك من إدانة واضحة والاشارة إلى الدول الكاذبة وانظمتها المتسترة بالإنسانية المزيفة ، أم أن هذه الدول حصلت على شهادة كاملة بأنها كاذبة وأنها فوق القانون ..؟.
إذا كان العدد الذي تم اجلاءه من الجنوب فقط بالمئات ، فكم من وحدات في مناطق الشمال ، وهل تبادر تركيا في القريب لإجلائهم على وجه السرعة خصوصا وأن لها بينهم الحصة الأكبر .؟. ربما كان على جيشنا استهداف هؤلاء وعرباتهم قبل استهداف مواقع المسلحين ولست أدري إن كنا فعلنا أم لا .؟.
لقد كان مجمل العمليات التخريبية في الدول العربية خدمة للكيان الصهيوني ، وكان قادة الكيان يشاركون فعلا في التخطيط وغرف العمليات وربما لم يخسروا الكثير فقد كان هناك ما يكفي ويزيد من العرب والأجانب في خدمتهم ، مجندون بطرق احتيالية عديدة ، إغراء بالمال ، وبعضهم عن قناعة ايمانية خادعة .. وتوجيه وإعداد ديني وتحريض مذهبي .
ما يبعث على التساؤل هو الزيارة المفاجئة لوزير الخارجية الروسي والتي لا أعتبرها لمجرد التنسيق ونقل وجهة النظر الروسية حول عمليات الجيش السوري ، بل هي أبعد من ذلك بكثير وقد أجرؤ على القول أنها للحصول على موافقة لبعض الخطط الاجرائية الروسية ونقل تطمينات أمنية أوجزها الناطق الصهيوني بالقول أن روسيا تضمن ابعاد الخطر لمسافة مائة كيلو متر عن الحدود الشمالية ..!. ما الذي نفهمه من ذلك .؟.
بالمحصلة ، روسيا من الدول الضامنة لبقاء واستمرارية الكيان الصهيوني ، وهي موافقة ضمنا على استمرار احتلال الجولان واستخدامه ورقة ضاغطة لمفاوضات تؤدي إلى تسوية سياسية تضمن بقاء الكيان الصهيوني وليس إزالته أو إنهاء احتلاله ، وإلا ما تبنت العودة إلى اتفاق 1974 – فك الاشتباك - من هنا يمكن السؤال هل تردد روسيا بتزويد الجيش السوري بنظام اس300 للدفاع الجوي مرده الاعتراض الصهيوني في الوقت الذي توفر لتركيا الأحدث اس400 وهي عضو في الناتو وهناك امكانية لاكتشاف أسرار النظام للحلف .!.
العدو الصهيوني يعربد في أجوائنا ويضرب المواقع التي يحلو له ضربها ، وإذا كانت الذريعة في الوقت الحاضر هو الوجود الايراني أولَم يمارس عمليات العدوان قبل ذلك ومتى التزم هذا العدو بحدود فض الاشتباك وهو من قصف حتى ضواحي دير الزور .؟. وإذا كان الروسي يضمن أمن الكيان الصهيوني وهو محتل لأراض الغير ، فهل يضمن أمننا وقواعدنا من عدوان هذا العدو حاضرا ومستقبلا .. وهل هو قادر على لجمه .؟.
هل يستجيب الروسي للضغوط الصهيونية ، فيمنع نشر الصواريخ السورية البالستية في المواقع التي يحددها العدو ، أم يستطيع الروسي تحديد قدرات الجيش السوري الدفاعية وليست الهجومية ، وبطبيعة الحال فإن الدفاعية لا تحقق شروط التوازن مع العدو بالمطلق .
النووي السوري ، أو الايراني ، أو العربي بشكل عام يشكل خطرا على أمن الكيان الصهيوني ، أفلا يشكل المخزون النووي الصهيوني ، وما يتوفر له من دعم أمريكي خطرا ماحقا على الأمن في المنطقة المشرقية بشكل عام ، أم أن ما يحق لدافيد لا يحق لجوليات .؟.
المراقب العارف بالقوانين الدولية يفهم أن التطبيق يعتمد على موازين القوى ، وأن الفصل السابع من عقوبات مجلس الأمن لا يطبق على الدول الكبرى أو من يستظل أجنحتها ، بمعنى أن كل قوانين العالم تقف عند حدود الكيان الصهيوني حائرة ثم تفقد طريقها لتتجه إلى السودان أو العراق أو حتى سوريا فتضرب حتى قبل صدور القرار بالإدانة .!.
من حق الروسي وغيره إعطاء الوعد بأنه لن يعترض عربدة الكيان الصهيوني ، ومن حق سورية وجيشها أن ترفض التعهد فهي صاحبة حق وأرضها محتلة ، وقرارات مجلس الأمن تنام في الأدراج وتمنع الولايات المتحدة تنفيذها إلا بعد استسلام كامل للمنطقة ورفع الأعلام البيضاء .
لا يمكن لأمريكا ولا لروسيا ولا لدولة في العالم أن تمنع دولة ما ، وبالتحديد دولتنا أن لا تشيد المصانع لكل أنواع الأسلحة ، والذخائر ، ولو أمكننا - وقد نصل يوما ما – إلى صناعة أحدث الطائرات وأفضل أنواع الصواريخ وأكثرها دقة ، ومن غباء القيادة الصهيونية مطالبة الروسي بمنع السوريين من صناعة الصواريخ والدقيقة منها بوجه خاص بعد أن اكتشفت أن السوريين لا يتقنون صناعتها فقط بل وتطوير القديم منها ليتكفل بتدمير أفضل ما تفخر به من طيران .
الخوذ البيضاء بما فعلته ، وما ستفعله ، ليست إلا جانبا معبرا عن القلوب والرؤوس السوداء المتخمة كراهية وحقدا على هذه الأرض المقدسة ، قلب العالم ، وجوهرته ، وجذره الذي فاض على البشرية خيرا وفلاحا وإنسانية , لا تنسوا أننا بلد الشمس التي لا تنطفئ . ســـــــــورية .
|