دخل الصراع السعودي الإماراتي مرحلة كسر العظم في عدن بعدما استقدمت السعودية مقاتلين تابعين لتنظيم القاعدة في شبوة وأبين الى عدن لاستعادتها من مسلحي الحزام الأمني التابع للإمارات العربية المتحدة بعد سيطرتهم على المدينة في العاشر من شهر آب الحالي، وتقدّم مسلحو القاعدة وحزب الإصلاح الجناح اليمني لجماعة الإخوان المسلمين لوقت قصير بعد وصولهم الى مشارف مطار عدن الدولي عند نقطة العلم، لكنهم لم يستطيعوا التوغل أكثر في المدينة وسيطروا على ثلاث مديريات من أصل ثماني تشكل كامل مدينة عدن.
وكان مسلحو الإصلاح مدعومين بمئات المسلحين التابعين لتنظيم القاعدة قد سيطروا خلال الأسبوع الماضي على محافظتي شبوة وأبين طاردين منها قوات الإنتقالي الجنوبي الموالي للإمارات ومعهم مسلحو الأحزمة الأمنية التي أقامتها أبو ظبي في المحافظتين المذكورتين، وتكمن أهمية هذا الإنجاز للسعودية انه يؤمّن ظهر عدن وتصبح القوات المهاجمة للمدينة محمية من الخلف وتتمتع بمجال حيوي كبير للدعم.
في هذا الوقت يستمرّ الطرفان بحشد قواتهما الواحد في مواجهة الآخر حيث يحشد السعوديون من حضرموت وشبوة وأبين وسنجار بينما بدأ مئات المقاتلين الجنوبيين المتواجدين على الحدود الجنوبية للسعودية مع اليمن بالعودة الى عدن.
في ظلّ هذه الأوضاع الحالية الغير واضحة المعالم يطرح سؤال واحد وبسيط وهو: هل سينجح محمد بن سلمان ومحمد بن زايد في تجنّب الفراق الكبير بسبب اليمن، وفي إعادة نوع من الإستقرار للوضع في الجنوب وإبقاء زخم الحرب على أنصار الله الحوثيين في الشمال؟
العارفون بأوضاع اليمن يقولون إنّ ما جرى سيؤدّي إلى مزيد من تعقيد الأوضاع، وخلط الأوراق، وسحب البساط من تحت ابن سلمان وابن زايد، وخصوصاً انّ دخول القاعدة والإصلاح مباشرة على خط النار ضدّ الحراك الجنوبي سوف يجعل لهما اليد العليا في المناطق التي يخوضون المعارك فيها ويدخلونها خصوصاً انّ لتنظيم القاعدة استراتيجية لما بعد الإنسحاب الأميركي من أفغانستان تقوم على اعتبار اليمن وبلاد الشام أرض تمكين وعمل واستقرار لعشر سنوات مقبلة، وهذا ما سوف نكتب عنه قريباً، وقد أصدر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بياناً هو الأطول في تاريخ بيانات تنظيم القاعدة على الإطلاق بعد سيطرة الحراك الجنوبي على عدن هدّد فيه بالحرب على الإنفصاليين في الجنوب، بينما يعتبر دخول الإصلاح في الحرب ضدّ الحراك الجنوبي بمثابة عودة لقطر ودخول تركيا الى الساحة اليمنية، وهذا ما يعقد المشهد للسعودية والإمارات على حدّ سواء، فعندما تقوم الأخيرة بتحرك عسكري ضدّ حلفاء شريكها الأساس في التحالف العسكري ضدّ أنصار الله في اليمن وتستعين الأخرى بعدوّها اللدود جماعة الإخوان المسلمين لصدّ هجوم الإمارات، فضلاً عن استعانتها بمقاتلي القاعدة وإعطائهم الغطاء السعودي يصبح طرفا التحالف العسكري في اليمن بمثابة أعداء بالميدان وفي السياسة بانتظار إعلان الطلاق التامّ بسبب اليمن…
هذا الأمر لن يتأخر وفق المعطيات اليمنية الحالية، فالمعركة في عدن لم تبدأ بعد وهي سوف تأكل الأخضر واليابس في حال اندلاعها، وهذا في المحصلة سوف تكون له تأثيراته الحاسمة على نهاية التحالف السعودي في اليمن وسقوط أدواته من جماعة هادي والحراك الجنوبي، بينما يبقى أنصار الله القوة الوحيدة في اليمن القادرة على الإمساك بالوضع الأمني ومنع التقسيم وإدارة البلاد لسنوات طويلة آتية…
|