في تواصل خلال شهر آب الماضي مع أحد الضباط العاملين مع المسلحين في جبال القلمون بحكم عملي الصحافي قال لي الضابط المنتمي لعائلة كبيرة من مدينة القصير إن الشهر العاشر سوف يشهد تغييرات ميدانية كبيرة، ومعركة كبرى، وأعاد الضابط التواصل معي يوم الاثنين الماضي أثناء معركة عين الساعة في جرود بريتال: كيف شايفين الشهر العاشر على الوعد مو؟
وبالفعل تشهد جبال القلمون السورية اللبنانية معارك طاحنة منذ يوم الاثنين الماضي في تكتيك جديد يستعمله المسلحون مستفيدين من المناطق الجبلية الوعرة ومن امتداد مواقع ومراصد الجيش السوري وحلفائه على مساحة واسعة جغرافياً، وبعضها متقدم في عمق الجبال وبعيد عن مواقع ومراصد أخرى قد تقدم له الإسناد الذي يحتاجه عند تعرضه لهجوم عسكري، ما سهل على المسلحين إتباع تكتيك يناسب الوضع الجديد في المنطقة.
ويأتي إصرار المجموعات المسلحة على تكثيف الهجمات خلال الشهر الجاري استباقاً لموسم الثلوج في تلك الجبال الذي يبدأ الشهر المقبل ويصل ارتفاع الثلوج في أعماق جبال القلمون خلال شهر كانون الثاني إلى خمسة أمتار، وهذا ما سوف يحد من قدرة المسلحين على التحرك ويجعلهم عرضة للاستهداف السهل بسبب عدم قدرتهم على التحرك المستمر.
ويأتي خوف المسلحين من فصل الشتاء بسبب عدم امتلاكهم لآليات يمكن لها التحرك فوق الثلوج، ويزيد من تخوفهم عدد الجرحى لديهم والذي يسبب مشكلة مزمنة لهم على رغم افتتاح أربع مستشفيات ميدانية في عرسال.
هذا التكتيك العسكري الذي تتبعه المجموعات المسلحة في القلمون، يحتاج إلى تغير في أسلوب التعامل مع الوضع الميداني المستجد، وأول التغييرات اللازمة يتمثل في قرار حاسم بدخول عرسال والعمل وفق خطة منهجية واضحة في موضوع كمية المواد الغذائية والوقود التي تدخل يومياً إلى عرسال والتي تزيد على حاجات أهالي عرسال عدة مرات ويعرف جميع المهربين في البقاع الشمالي أن هذه الشحنات المتجهة يومياً إلى عرسال تذهب بغالبيتها إلى المسلحين في جبال القلمون.
ويردد الشارع في البقاع الشمالي أسماء تجار يؤمنون هذه المواد لإرسالها إلى عرسال بأسعار مرتفعة جداً، بهدف تحقيق الربح مع علمهم المسبق بأنها مواد تموينية ووقود يذهب إلى المسلحين في جرود القلمون.
في عرسال أيضاً هناك 800 مسلح من البلدة يقاتلون في صفوف الجماعات المسلحة وهؤلاء بقيادة أبو طاقية، وهؤلاء معروفة أسماؤهم للأجهزة الأمنية اللبنانية ولهم مصالح خارج عرسال، والكثير منهم يخدم في جبهات القتال ليلاً ويعود في النهار إلى منزله وعمله ويتنقل من عرسال إلى الداخل اللبناني إلى العاصمة بيروت، وبعضهم يعمل بريداً مع بعض الخلايا النائمة والتي تخضع لمراقبة من الأجهزة المختصة.
في الميدان العسكري تشير العمليات العسكرية للجماعات المسلحة خلال الفترة الماضية أن هجماتهم العسكرية تستهدف مراصد متقدمة لا يزيد عديد المدافعين عنها على عدد أصابع اليد الواحدة وهذا أمر بدأ يعيه القيمون على العمل العسكري في تلك المنطقة.
في بعض جوانب المواجهة الدائرة في القلمون يبرز العامل البشري المنتمي لمدينة القصير وريفها، الجسم الأكثري والحاسم في البنية الديموغرافية للمسلحين في القلمون ويعرف كل من يتواصل مع أهالي القصير أن الأخيرين ليسوا جسماً واحداً، وأن فتح كوة تواصل سياسي مع بعض وجوههم المعروفة سوف يشق صفوف المسلحين.
|