في ندوة عقدت في بغداد قال الشيخ قيس الخزعلي أمين عام عصائب اهل الحق، القوة الأكبر في الحشد الشعبي، “سوف أتكلم عن معلومات هناك تخطيط مخابراتي، تخطيط من جهات متعددة تريد أن تستثمر هذه الأحداث لنشر الفوضى في بغداد. وكان التركيز في بداية الأحداث بشهر عشرة على بغداد وليس على المحافظات، لأنهم يعلمون ان ما دامت بغداد مستقرة فإن احداث المناطق لن تؤدي إلى إسقاط البلد”. وأضاف: المعلومات تشير إلى تخطيط لنشر الفوضى في بغداد وزعزعة الوضع الأمني فيها يوم 10 من الشهر الحالي، يُراد منه إيقاع اكبر عدد ممكن من القتلى وحرق مؤسسات الدولة، وسرقة المصرف المركزي، ممكن أن يكون هناك شباب اندفعوا مع الموجة دون معرفة المخطط، وكما حذّرناهم من احداث شهر 10 نحذرهم الآن من هذا الحدث الخبيث الذي يراد فيه إحداث فوضى عارمة في بغداد. ولماذا هذا اليوم بالتحديد لانه يصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان”، يختم قيس الخزعلي كلامه.
يعلم المتابعون للشأن العراقي أن التيار الصدري يشكل مجموعة من الأطراف المتباعدة سياسياً والمتصارعة عقائدياً وفكرياً جمعتها المصلحة في التغطي بعباءة مقتدى الصدر. ومن هؤلاء انصار النظام السابق وشيوعيون دخلوا في الفلك الأميركي وبعض الجهات التي سوف نذكرها في هذه المقالة.
في هذا الخليط يتواجد الصدريون القدامى وأولادهم الذين يعتبرون أنفسهم جزءاً من المتظاهرين على الرغم من مشاركة التيار الصدري في كل الحكومات العراقية المتعاقبة منذ العام 2003 حتى الآن، في حكومة عادل عبد المهدي التي يمسك فيها بوزارات عدة، فضلاً عن وجود عشرات النواب للتيار في مجلس الشعب ولدى التيار حوالي 200 مدير عام لديهم صلاحيات كاملة في التوظيفات والتعيينات.
في هذه التركيبة الهجينة من المتظاهرين المتنوّعي المشارب والأهداف يتواجد التيار الصدري وينسق مع الجميع عبر ما يطلق عليه لجان التنسيق المشتركة. وهي شكل من أشكال التنسيق المشترك بين كل الجهات المتواجدة في ساحات بغداد والتي لكل منها اهدافه ومصادر تمويله وإدارته ومصالحه. وكل من هذه الجهات يحمل للاطراف الاخرى معه في الساحة الكراهية لكن كل منهم يعتبر التنسيق مع الآخر في هذه المرحلة مصلحة لإسقاط النظام والدولة برمتها. ومن بعده لكل حادث حديث.
ومن مفارقات تجمعات ساحات بغداد ان التيار الصدري متهم من باقي الأطراف بالدخيل على هذه التظاهرات الذي يريد اختراقها ومن ثم العمل على إفشالها، ورغم هذه الاتهامات العلنية لأتباع التيار الصدري، فإن التنسيق معه في التظاهرات يجري بشكل فعال.
من أشكال الاختراق الكبير للتيار الصدري المسؤول الثقافي السابق المنشق عن التيار غيث التميمي الذي يلعب دوراً كبيراً في التحرّكات الجارية والذي ظهر مؤخراً مع فتاة إسرائيلية في العاصمة البريطانية لندن. وقد نشرت الفتاة هذه الصورة على صفحتها فيسبوك، وتشير المعلومات إلى وصول التميمي قبل أيام عدة إلى اربيل في كردستان العراق، حيث تم استقباله من قبل مخابرات الإقليم في مطار اربيل والتقى بعدد من البعثيين القدامى وزار منول عبد الرزاق الشمري الضابط السابق في الجيش العراقي والذي عيّنته الولايات المتحدة رئيس حكومة ظل بانتظار انهيار الحكم في بغداد، في حال نجاح التظاهرات والفوضى التي تحدّث عنها قيس الخزعلي بعد فشل الانقلاب العسكري الذي تحدثنا عنه في الجزء الثاني من هذه السلسلة.
في تظاهرات بغداد يمكن ملاحظة وجود جماعات شبابية موالية لأميركا وتؤيد العلاقات معها، وتتبنى مبادئ الغرب وقيمه وتدعو الى دولة علمانية خالية من الأحزاب الإسلامية والأحزاب القومية العربية. وقد دأب الإعلام على تسميتهم بالجوكر وهم الأكثر تنظيماً وتدريباً. وهذه الجماعة تؤيد العلاقات مع “إسرائيل”.
وعلى غرار لبنان يشارك الشيوعيون بكثافة في تظاهرات العراق، ونقاط مشاركتهم في وسط ساحة التحرير داخل خيمة جواد سليم. وهي تضم الشيوعيين ونقاباتهم من المعلمين والفنانين والأدباء والجمعيات النسوية (نسخة طبق الأصل عن خيم بيروت). كما تمت إقامة خيمة للشيوعيين في حديقة الأمة بجوار نصب الحرية ويشتركون في هذه الساحة مع البعثيين وجماعة الجوكر.
البعثيون الذين يدعون لإعادة السلطة إلى حزب البعث ويعملون لتحقيق هذا الأمر. وغالبيتهم من عناصر اجهزة مخابرات صدام حسين وضباط في الجيش العراقي السابق وينتشرون قرب المطعم التركي، الجسر الجمهوري، جزء من ساحة التحرير، كراج السنك مشترك بينهم وبين أتباع التيار الصدري، شارع الكيلاني خاص بالبعثيين، كراج السنك مشترك بين البعثيين والجوكر، ساحة الخلاني مشتركة بين البعثيين والجوكر، كما تتركز القيادات البعثية جنب مقام الخلاني في جسر الأحرار وساحة الوثبة.
الجوكر بالإضافة الى الأماكن التي ذكرنا والتي يشتركون بها مع البعثيين يتركزون في مبنى شاكر بيبو حيث أقاموا إذاعة سميت إذاعة شهداء التحرير. وتقول مصادر الحشد الشعبي إن القادة الفعليين للتظاهرات يتمركزون فيها ويتلقون الأوامر من السفارة الأميركية في بغداد ومن أربيل، كما هم في المدرسة المجاورة للكنيسة. وهذه المدرسة يتم الدخول اليها بكلمة سر وغالبية مرتاديها يتكلمون الإنكليزية بطلاقة وتركز القنوات الفضائية العالمية ووكالات الأنباء على إظهارهم..
على غرار تظاهرات بيروت هناك في بغداد فئة تسمى المتطوّعين والتجار والجهات الإنسانية وناشطون يقدّمون الدعم للمتظاهرين بالطعام والشراب والتجهيزات الطبية والخيم والمعدات الصوتية والإضاءة وتركيب المراحيض المتنقلة وتنظيفها وتنظيم السهرات الجماعية وحفلات الموسيقى.
في كل هذه المعمعة إضافة الى الأماكن التي ذكرنا يلتقي أنصار التيار الصدري فيها مع البعثيين والشيوعيين والجوكر وينفرد الصدريون بالسيطرة على يمين ساحة التحرير. وهم الأكثر فعالية ونشاطاً في المنطقة، متأهبون لكل طارئ ويتلقون الأوامر للتحرك منفردين ويتهمهم الآخرون بافتعال المشاكل والتجسس عليهم.
* غداً الجزء الرابع والأخير أساليب المواجهة..
|