في ظهور إعلامي نادر، خرج القائد العسكري لكتائب عز الدين القسام بخطاب حول الأوضاع الميدانية والسياسية في قطاع غزة، ركز فيه على صمود المقاومة، وعلى رفض أية تسويات تتم على حساب هذا الصمود، في إشارة ضمنية إلى الضغوط التي تقوم بها مصر من ناحية وتركيا وقطر من ناحية أخرى على المكتب السياسي لحركة حماس للموافقة على تسوية توقف إطلاق النار في غزة من دون شروط مسبقة، على أن يتم التفاوض على رفع الحصار بتعهّد تركي قطري على شروط عام 2012.
ويبدو أن خطاب محمد الضيف أو رسالته الإعلامية، كانت موجهة إلى المكتب السياسي لحركة حماس، الذي أرسل أكثر من مبعوث إلى القاهرة وأعرب عن موافقته على وقف إطلاق النار، قبل أن يتراجع بعد ظهور اعتراضات داخل كتائب القسام والتي أدت إلى خطاب محمد الضيف.
وكانت المعطيات أول من أمس تشير إلى قرب الاتفاق على الورقة المصرية في القاهرة، بعد ضغوط مارستها كل من قطر وتركيا على خالد مشعل وإسماعيل هنية، غير أن الخلاف مع العسكر في القسام ومع الفصائل المقاومة الباقية كالجهاد الإسلامي وكتائب أبو علي مصطفى وغيرها، ألغى الاتفاق أو أجله حتى إشعار آخر ريثما تنضج تسوية تعتمد على تعب الفصائل المقاومة على الأرض من الحرب وتململ الناس حولها.
في هذا الوضع تلعب إيران وحزب الله دوراً كبيراً في دعم كتائب القسام، بعيداً عن الإعلام وبعيداً عن العلاقة غير الجيدة مع المكتب السياسي، وهذه العلاقة لم تتحسن خلال الحرب على رغم الاتصالات التي أجريت بين الطرفين، وبقي دعم ايران وحزب الله للقسام غير متأثر بالطرف السياسي في حركة حماس.
وتشير مصادر واسعة الاضطلاع على الموضوع أن الجانب الإيراني والجانب اللبناني متمثلاً بحزب الله، يفرقون بين خالد مشعل والمكتب السياسي في حركة حماس وبين كتائب القسام، وتؤكد المصادر أن التنسيق مع القسام لم يتوقف أبداً، وأن غالبية القادة العسكريين في القسام لا يستمعون كثيراً للمكتب السياسي في الحركة، خصوصاً للأطراف المقيمة في الدوحة.
ولا تبدو إيران وسورية في حالة انزعاج من الحرب الحالية التي وإن اندلعت بتوقيت لم يحدداه، لكن مجريات المعركة ذاهبة باتجاه إضعاف دور خالد مشعل ومجموعته في المكتب السياسي لمصلحة القادة الميدانيين، في نفس الوقت الذي ظهر به العجز التركي عن تقديم أي نوع من الدعم والمساعدة للقطاع من الدولة الإخوانية الأطلسية باستثناء التصريحات الاعلامية والبكاء أمام شاشات التلفزة، بينما الكلام عن دور قطري لا يستحق الوقوف عنده خصوصاً في ساحات الحروب ومناطق الاقتتال هذه.
حال المكتب السياسي لحماس هذا، جعل بعض أعضائه يسعون لإحراج الإيراني واللبناني الداعمين لكتائب القسام، وذلك عبر تصريحين طالبا حزب الله وسورية بفتح جبهات الجنوب والجولان، التصريح الأول أتى من علي بركة ممثل حماس في لبنان، والتصريح الثاني أتى من مصر على لسان موسى أبو مرزوق، ويشير تزامن التصريحين من مكانين مختلفين إلى أن الأمر يتخطى تصريح صحافي ليصل إلى قرار في المكتب السياسي وربما في الدولتين الداعمتين له قطر وتركيا لإحراج إيران وحزب الله وربما زج الأخير في حرب في الجنوب اللبناني مع انخراطه في الحرب السورية، ويبدو أن المكتب السياسي للحركة ومن يقف خلفه نسي أن المعارضة السورية لديها جيش جرار على الحدود السورية الفلسطينية، وهي تتجاور مع جنود العدو «الإسرائيلي»، والإحراج هنا مردود.
لماذا لا تأمر قطر وتركيا الفصائل المسلحة التي تموّلها في الجنوب السوري، بفتح جبهة مع «إسرائيل» للتخفيف عن حماس في غزة؟
|