لم يكن رئيس حكومة الأعمال سعد الحريري في أفضل أحواله وصادقاً في موقفه عندما أصدر البيان الذي أعلن فيه عدم رغبته في تولي منصب رئيس الحكومة المقبلة.
في المعلومات أن الحريري اتصل برئيس الجمهورية وأعرب عن استعداده لترؤس الحكومة المقبلة شرط أن لا يكون جبران باسيل ضمنها، فأجابه عون ومين قال لك بدي اياك رئيس حكومة؟ .
أخصائيو علم النفس وبالشكل يصفون الحالة النفسية لصاحب هذا البيان بالمصاب بالصدمة، ويقولون إنه بالشكل لا يمكن أن يُصاغ بيان اعتكاف عن تشكيل حكومة مطوّلاً بهذا الشكل ولا يتحدّث بشكل مسهَب، وبالشكل أيضاً لو كان صاحب هذا البيان بحالة نفسية عادية ومريحة وصادقاً في كلامه لكان اكتفى بالقول أنا اتخذت قراري أن لا اكون رئيساً للحكومة المقبلة، وهذا مثلاً ما فعله أسامة سعد بالشكل عندما قال انا لم يطرح معي الموضوع، وبالتالي لست بوارد هذا الامر. هذا بالشكل عندما تصيغ بياناً مؤلفاً من خمسين سطراً فهذا بيان سياسي يأتي إثر صدمة. وبالتالي فيه مراوغة وغير صادق.
في المضمون يشرح علماء النفس هذه الحالة أن صاحب البيان يركب موجة الحراك بطريقة يظن فيها البعض أنها ذكية. وقد يظن هو أيضاً أنها طريقة ذكية، لكن النرجسية وقلة الإدراك تظهر من قراءة بعض الجمل في بيان اعتكاف الحريري الطويل. فعندما تكون أنت سليل نهج امتد لعقود، وانت تحديدا ورثت هذا النهج وترأست الحكومة لسنوات طويلة، وكنت انت والوزراء التابعين لك فاسدين بشكل فاقع حتى ولو لم يكن الحريري الوحيد المنخرط بالفساد، لكن كان فساده وفساد وزرائه ظاهراً وفاقعاً وفيه الكثير من الكثير من الاستهتار بالناس وبعقول المواطنين، وتنفيذ فيه الكثير من الغباء كما حصل في موضوع شركة أم تي سي أو في موضوع ضريبة الواتس آب.
أيضاً في المضمون كان واضحاً في البيان ان الحريري حاول تبرئة سياساته، لكن في النهاية كان هو رئيس الحكومة. ومن الأمثلة التي تدل على الحالة النفسية المتوترة نتيجة الصدمة القول في البيان أخطر أزمة يمر بها لبنان والمعالجة الجدية.. . هنا تظهر حالة اضطراب خطيرة ما هو عكس الجدية لشخص كان في قمة السلطة. هذا يعني أن الحكم لم يكن يدار بشكل جدي وباعتراف رأس السلطة التنفيذية، أيضاً يقف الأخصائيون النفسيون عند كلمة إنكار مزمن التي وردت في البيان، كلمتا إنكار مزمن، تعبير يعبر عن الصدمة، وفي حالات مفصلية كهذه الإناء بما فيه ينضح. وفي حالات نفسية كهذه، الشخص ذاته لديه إنكار نتيجة توقعه امراً مختلفاً. وحالة الإنكار تجعل مَن يسمعه يظن أنه مواطن لبناني عادي فقير لم يكن في السلطة ويتحدث عن السياسات الخاطئة عن النهج الغلط عن عدم الجدية وهو في موقع رئيس حكومة. وفي آخر البيان يمكن ملاحظة كيف ان صاحب البيان يجمّل صورته المستقبلية ويقدّم نفسه المتفاني، كما حاول تبييض صورته بالكلام عن دور المرأة. وفي علم النفس من يصيغ بياناً مطولاً لتبييض صورته يعني أن صورته ليست نقية. وبتفسير ثانٍ انه يرى صورته سلبية بالشكل وبالمضمون، وبالتالي يمكن أن تصل هذه الحالة الى مرحلة خطرة، وقد رأينا عينة من هذا الأمر في لعبة عرقلة التمويل لاستيراد القمح وافتعال ازمة في البلد بهذه السلعة الحيوية واليومية للناس في وقت كانت فيه البواخر المحملة بالقمح في عرض البحر وكان يتم شراء القمح عبر تأمين المطاحن نسبة عشرين بالمئة من ثمن القمح حتى وصوله الى لبنان..
|