ننشر سلسلة من أربع مقالات تحت عنوان أساسي في مواجهة العاصفة تتحدث عن الحراك الذي يشهده لبنان وبعض دول المنطقة حالياً.
الزمان 14 تشرين أول الماضي، المكان الحدود الإيرانية العراقية، المخابرات الإيرانية تعتقل المعارض روح الله زم في عملية امنية خارجية معقدة، مر الخبر سريعاً في وسائل الإعلام العالمية ولم تعره اهتماماً إلا بعض وسائل الإعلام المقرّبة من السعودية التي أوردت الخبر بشكل مقتضب، لكن الرجل هو كنز من المعلومات وأدّى اعتقاله مع معلومات وردت من دبي الى أخذ العلم بما تحضره أبو ظبي من خطط لتحركات شعبية في لبنان والعراق وإيران بإدارة وتمويل إماراتي هذه المرة، فالسعودية مشغولة بمشاكلها الداخلية وغارقة في رمال اليمن المتحركة.
سبق هذا الاعتقال بعدة أيام تحديداً يوم 6 تشرين الأول الماضي زيارة قام بها رئيس الوزراء اللبناني سعد الدين الحريري الى دولة الإمارات العربية المتحدة وكان هدف الزيارة المعلن الحصول على منحة إماراتية للبنك المركزي في لبنان، لكن حقيقة الأمر كانت استدعاء اميركياً للحريري لإبلاغه أنّ الملف اللبناني انتقل من يد السعودية الى يد الإمارات، وتمّ إبلاغه بخطة العمل الإماراتية في لبنان ودوره بها، وتمّ إبلاغه أنّ الإمارات ستبلغ حليفي الحريري في خطة العمل هذه، وهما وليد جنبلاط وسمير جعجع، على ان يتمّ إبلاغ الجميع لاحقاً بساعة الصفر لبدء العمل، لم يكن إبلاغ جنبلاط أمراً صعباً فالوزير وائل أبو فاعور كان في عداد الوفد الوزاري المرافق للحريري في زيارته تلك، فيما تمّ إبلاغ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بالخطة أثناء وجوده في كندا بالتزامن مع زيارة الحريري لأبو ظبي.
كانت الخطة تقضي باستقالة وزراء القوات اللبنانية واللقاء الديمقراطي ونزول الناس الى الساحات في بيروت والمناطق إحتجاجاً وغضباً وحصول إشكالات في بيروت مع مناصري حزب الله وحركة أمل وقطع الضاحية عن الجنوب وقطعها عن البقاع، وبالتالي إطباق الحصار على العاصمة بيروت وتستكمل هذه التحركات باستقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة تزامناً مع نزول أنصاره الى الشوارع وافتعال إشكالات واشتباكات مع حركة امل وحزب الله أينما أمكن، وشنّ حملة شعبية وإعلامية لإسقاط العهد في مرحلة أولى ومن استكمال الخطة لإخراج حزب الله من التركيبة الحكومية وبدء العمل على تشكيل حكومة يكون الحزب خارجها تتبنّى استراتيجية رفع غطاء الدولة عن سلاح حزب الله، يتزامن كلّ هذا مع ضغوط اقتصادية وإعلامية أميركية وغربية تدفع الجيش اللبناني الى صدام مع المقاومة، وما ينتج عن هكذا صدام من آثار سلبية وكارثية على المقاومة وصورتها وعلى تأييد الناس لها تمهيداً لإسقاطها.
كانت الخطة بدائية وتقليدية من ناحية العمل على إسقاط حزب الله بالشارع متناسية خصوصية لبنان والبيئة الحاضنة للمقاومة ولكنها تأمل وتعمل على نزول الكثير من أبناء هذه البيئة الى الشارع تحت ضغوط الأزمة الاقتصادية، كلّ ذلك كان مخططاً له ان يكون متلازماً مع تحركات شعبية كبيرة في العراق وفي إيران واليمن تربك حزب الله في لبنان وتبعد عنه حلفاءه الداخليين خصوصاً المسيحيين، كان المخطط يحتاج لنجاحه أن تنزل الناس معاً الى الشوارع في بيروت وبغداد وطهران وصنعاء انظر مقالتي في «البناء» بتاريخ 4/11/2019 بعنوان «السعودية تتشدّد في مفاوضات اليمن» ، لكن إلقاء المخابرات الإيرانية القبض على روح الله زم أجهض الخطة في شقها الإيراني سنتحدث عن التفاصيل في الجزء الثالث من هذه السلسلة تزامن اعتقال روح الله زم مع معلومات حصلت عليها إيران من دبي حول زيارة الحريري لأبو ظبي وماذا طلب منه في لبنان فضلاً عن معلومات عن خطط للتحرك في العراق كانت تجمعها الأجهزة الأمنية في كلّ من طهران وبيروت وبغداد وحسب مصادرنا كان كلام قيس الخزعلي يوم 3 تشرين الأول الماضي الذي تنبّأ فيه بمظاهرات تحضّر في العراق بناء على معلومات قدّمها حزب الله للحشد الشعبي في العراق…
غداً الجزء الثاني… كواليس استقالة الحريري وزيارة الصدر لطهران
|