استكمالاً لما عممناه تعريفاً عن مدارس كان الحزب قد أسسها في مناطق مختلفة من الكيان الشامي ، نعمم أدناه النبذة عن ثانوية النهضة في "مرمريتا" بما توفر لدينا من معلومات، آملين أن نحظى من الرفقاء الذين درَسوا أو درّسوا في ثانوية النهضة، أو من رفقاء في مرميتا لديهم الإطلاع الكافي على الثانوية المذكورة، فيكتبوا ملاحظاتهم أو يغنون هذه النبذة بما يملكون من معلومات مفيدة عنها(1) .
يورد الاستاذ عيسى طنوس في الصفحة 397 من مؤلفه "من ذاكرة مرمريتا" ما يلي:
"جاء تأسيس ثانوية النهضة عندما تداعى عدد من الطلاب الذين ينتسبون للحزب السوري القومي الاجتماعي في مرمريتا والمفصولين من الثانوية الغسانية(2) بسبب نشاطهم الذي لا يتلاءم مع الاتجاه الفكري لإدارة المدرسة الغسانية. وكانت الأرضية مناسبة لقيام ثانوية النهضة بفضل الدكتور نقولا رفيق الخوري الذي كان منفذاً للحزب السوري القومي الاجتماعي في مرمريتا وصاحب صيدلية فيها. قرر الدكتور نقولا وبدعم من رفاقه التقدم بطلب ترخيص رسمي باسمه كونه يتمتع بالشروط اللازمة، ودون انتظار الموافقة أعلن عام 1950 عن افتتاح ثانوية النهضة. تألفت من عدد من الغرف ومعظمها بالإيجار، من منزل الياس بربر يازجي، والى جانبه غرفتين من الياس ديوب وبدأت الدراسة بجميع الصفوف: الاعدادي والثانوي.
تشكلت الادارة والهيئة التدريسية ومعظمهم من أفراد الحزب السوري القومي الاجتماعي:
- عبدالله شحادة يازجي مديراً
- رجاء عبدو انيس يازجي(3) مدرّساً ومعاوناً للمدير
- خليل جرجس يعقوب مدرّساً
- حيدر اسماعيل عيسى(4) مدرّساً
- عادل عواد مدرّساً
- عفبف نعمة مدرّساً
بعض هؤلاء المدرّسين ومنهم حيدر اسماعيل عيسى وعادل عواد كانوا يدرّسون في مدرسة الحزب في ثانوية حزور في مشتى الحلو.
افتتحت المدرسة داخلية ومختلطة. جاء أثاثها بفضل الدكتور نقولا رفيق الخوري الذي اشتراه من حسابه الخاص وكان في بدايته بسيطاً، ثم تطور الى الأفضل مع مرور الزمن.
ومن عام 1951-1952 وبسب تكليف الدكتور نقولا بمهام منفذية الحزب في بانياس، غادر ثانوية النهضة واستقر في بانياس منذ عام 1952 وافتتح صيدلية هناك.
انتقلت رخصة المدرسة باسم خالد رضا مدرّس العلوم في الثانوية الأهلية بدمشق التي يملكها سليم عبدالله يازجي لكن المدير الفعلي هو رجا عبدو أنيس يازجي والمدرّسون هم:
رجا عبدو أنيس يازجي، حيدر عيسى اسماعيل، زهير صلاح، يوسف البنا، طلال جرجس، نجيب كحالة مدرّساً للغة الفرنسية وناظراً عاماً للمدرسة.
كانت نتائج الامتحانات العامة الاعدادية والثانوية جيدة جداً بلغت 85% من المتقدمين للإعدادية والثانوية (مقابلة مع الاستاذ نجيب كحالة 5/6/2012) ومعظم طلابها من محافظتي الحسكة ودير الزور، إضافة الى طلاب منطقة وادي النصارى، وبعد حصول ميشيل أديب على الاجازة في الأداب استلم إدارة المدرسة ونقل الترخيص باسمه عام 1952، بينما غادر رجا عبدو يازجي الى دمشق لمتابعة دراسته لأنه كان في السنة الأخيرة من كلية الأداب والعلوم الانسانية (قسم الفلسفة) بجامعة دمشق، وأصبح ميشيل أديب المدير الفعلي وصاحب الترخيص.
صفوف المدرسة مختلطة ذكور وإناث داخلي وخارجي. المركز الداخلي في بناء حبيب عبدالله رحمة الطابق الثاني فوق كراج مار يوحنا ومكان البناء سابقاً مركزاً للبريد والبرق والهاتف. ثم انتقلت الى منزل اسبر جميل يازجي ومن ثم منزل طنوس ابراهيم معطي قرب مار بطرس (منزل عبدو معطي حالياً) بلغ عدد طلاب القسم الداخلي 60طالباً وتألفت الهيئة التدريسية من :
- ميشيل أديب مديراً ومدرّساً
- بطرس حنين مدرّساً / من فلسطين
- محمد الأعرج مدرّساً / من حماة
- شوكت صفتلي مدرّساً
- عيسى بندقي مدرّساً
- وليد مدفعي(5) مدرّساً
من هؤلاء المدرّسين اثنان دائمان هما: نجيب كحالة وحيدر عيسى اسماعيل أما الباقون فيتوزعون للتدريس في مدارس الحزب وهي: مدرسة الحرية في صافيتا، النظام الجديد في السودا- طرطوس، ثانوية حزور مشتى الحلو.
يتقاضى هؤلاء المدرّسين راتباً شكلياً لمصروفهم العادي وكان على النحو التالي:
- ميشيل أديب 425 ل.س وهو أعلى راتب في ذلك الوقت
- حيدر عيسى اسماعيل 125 ل.س لأنه متزوج وصاحب عائلة
- نجيب كحالة 50 ل.س
- باقي المدرّسين 50 ل.س لكل مدرّس شهرياً.
وأحياناً لا يستلم المدرّسون رواتبهم وانما يتقاضون أجور سفر الى المدارس التي يدرّسون فيها لكنهم يتناولون طعامهم مع القسم الداخلي.
أما أقساط المدرسة: بعضها مجاني بسبب ضعف الحالة المادية للطلاب. الطالب الداخلي يدفع 50 ل. عيين المساعد المتقاعد حبيب أسعد يازجي محاسباً للثانوية وتلاه فؤاد مسوح. وكانت المساعدات والتبرعات من مختلف مناطق سورية وخاصة المواد التموينية من قمح وطحين وعدس وزيت وزيتون وبكميات كبيرة جداً. بين عامي 1953-1954 انتقل القسم الداخلي الى منزل الدكتور ميشيل يازجي ويوسف كامل يازجي بسبب ازدياد عدد الطلاب الداخليين. أما غرف التدريس فقد توزعت في منازل مستأجرة من الياس بربر وميشيل أديب. وفي عام 1952 زودت المدرسة بمقاعد جديدة وحديثة وخزانة ومكتبة. وفي مطلع 1955 انتقلت صفوف دراسة القسم الاعدادي الى منزل الياس الحافظ يازجي مكان الغسانية وانتقلت الصفوف الثانوية الى منزل الدكتور ميشيل يازجي بعد بناء طابق جديد.
وفي نيسان 1955 وبسبب اغتيال المالكي واتهام الجهاز الحزبي السوري القومي بكامله في الاغتيال وملاحقة جميع أعضائه ، أقفلت المدرسة وتم التحفظ على أثاثها ومحتوياتها لصالح الدولة. كما أقفلت جميع المدارس التابعة للحزب السوري القومي . بعد اقفال ثانوية النهضة توزع طلابها على مدارس المنطقة في اعدادية اليقظة العربية والمزينة ومدرسة القديس بطرس. أما أثاث المدرسة فقد ظل رهين المصادرة لعام 1965، ولم يفلح ميشيل أديب فب اعادة فتحها رغم توسطه لدى كبار المسؤولين في الدولة ومنهم أكرم الحوراني (كما يقول في كتابه) وبعد إعادة الأثاث لصاحب الترخيص تكون مدرسة النهضة قد انتهى وجودها وبيع أثاثها بكامله ومن ضمنه سيارة جيب. ولم يبقى من الأثاث سوى خزانة واحدة ما زالت في منزل ميشيل أديب.
*
من جهته يفيد الامين حيدر الحاج اسماعيل في الصفحة 48 من مؤلفه الاوتوستراد التاريخي والثقافي (الجزء الاول) بما يلي:
" بعد انتمائي الى الحزب طلب مني الأمين الياس جرجي وكان عميداً للداخلية أن أذهب الى بلدة مرمريتا (في وادي النضارة الذي كان يعرف بوادي النصارى) لكي أدرّس هناك، بعد أن عرف عن تفوقي في اللغة الإنكليزية (عندما كنت في مدارس فلسطين التي كانت تهتم بهذه اللغة أثتاء الانتداب البريطاني) وتفوقي في الرياضيات. الحقيقة أني كنت أحب أن أتابع دراستي بالتسجيل في جامعة دمشق لكن الأمين الياس أمر وأنا نفذت.
وفي مرمريتا بقيت خمس سنوات كاملة مع آخرين من المدرسين نعلّم في مدرسة النهضة التي صارت مشهورة. في المدرسة وجد قسم داخلي ضم الطلاب الذين كانوا يأتون من مناطق بعيدة مثل شمال الشام، وكنت مع بقية المدرّسين نتناول الطعام في ذلك القسم. في البداية أعني قبل إنشاء ذلك القسم كانت بعض العائلات القومية تساعدنا. أما الرواتب فلم تكن موجودة في البداية للمعلمين القوميين الاجتماعيين مثلي ومثل الرفيق نجيب خياط (كحّالة) لعدم وجود أموال، فمدخول المدرسة كان قليلاً إذ كانت الأقساط المدرسية زهيدة، بالإضافة الى أن المدرسة كانت تساعد بعض الطلاب من ذوي العائلات الفقيرة ولهدف إذاعي خدم انتشار الحزب في تلك المنطقة (الأرثوذكسية).
وكنت أدرّس الرياضيات والعلوم لتلاميذ صف البكالوريا الموحّدة والصف الذي دونه. أما الرفيق نجيب فقد درّس اللغة الفرنسية التي كان يجيدها.
وخلال السنوات الخمس التي قضيتها في التعليم هناك كنت أرافق طلاب وطالبات البكالوريا الى حمص حيث كانوا يشاركون في امتحانات الدولة الرسمية.
وبالإضافة الى التدريس عملت في تلك المنطقة ناظراً للإذاعة في منفذية الحصن (نسبة لقلعة الحصن) التي كان منفذها الرفيق يوسف معماري، وتجدر الإشارة الى أن الرفيق رجا اليازجي (هو وعائلته) كان من مؤسسي تلك المدرسة الرئيسيين، وبذل جهداً عظيماً لإنجاحها، كما أنه عمل ناموساً للمنفذية في مرحلة من المراحل.
وعندما كنت ناظراً للإذاعة زارت الأمينة الأولى جولييت المير سعاده (زوجة الزعيم) مرمريتا ,ولا أنسى أن الرفيق ميشال أديب عمل مديراً للمدرسة ودرّس فيها الأدب العربي، وكذلك الرفيق عبدالله يازجي الذي عمل ناظراً لها.
وقد تمكنت المدرسة بفضل جهازها التعليمي وإدارتها ومساعدتها للطلاب أن تخرّج أجيالاً من الطالبات والطلاب الذين نجحوا في امتحانات البكالوريا وتسلّموا مناصب ذات قيمة بعد تخرجهم من جامعة دمشق، في الدولة وفي الحياة المدنية. أذكر منهم على سبيل المثال مما تسمح به ذاكرتي: عزيز حديد، ابراهيم جديد (الذي صار وزيراً للنفط في الجمهورية العربية السورية وزار لبنان من سنوات ليست بعيدة) وشقيقه الياس حديد وعبدالله كوزاك(6) الذي صار من أنجح رجال الأعمال في البرازيل، وعدنان يازجي وعبدو معطي وعيسى معطي وآخرين من آل نادر، ونجوى نجار (زوجة رفيقنا المدرّس والضابط السابق في الجيش الشامي مهيب خوري) وشقيقها ابراهيم نجار، وبشارة ندروس ومن آل أحوش من بلدة حبنمرة(7)، وغيرهم مما يعد بالمئات. وتجدر الإشارة الى أني زرت مرمريتا، بناءً على دعوة من المنفذ العام للمنطقة الرفيقة بشرى مسّوح لكي ألقي محاضرة بمناسبة الأول من آذار منذ ثلاثة أعوام. ذهبت لأجد المئات من طلابي الذين صاروا رجالاً وسيدات مثاليين في الساحة التي خصصت لإلقاء المحاضرة، وانهارت الدموع مني ومنهم، دموع الفرح والذكريات. وفي تلك المحاضرة حدثتهم عن: التكنولوجيا الروحية في الحزب السوري القومي الاجتماعي.
ولا أنسى ولا يمكن أن أنسى أن أحد طلابي من بين الأحياء أيضاً، كان الأمين فاخر كيالي (من ادلب) زوج الأمينة جاكلين ايليو من القامشلي، وهما صارا جارين لي عندما كنت أقيم في زقاق الصخر في المزة، ولاحقاً من أعزّ العائلات القومية الاجتماعية الصديقة.
*
ننقل ايضاً المعلومات التي كان قدمها في فترات سابقة كل من الامين فايز شهرستان والرفيق فؤاد مسوح (والد الامينة بشرى مسوح).
من الامين فايز شهرستان:
مديرها الرفيق عبدالله يازجي ودرّس فيها الرفقاء: رجا اليازجي، نجيب خياط (كحالة)، خليل سلوم (والد الأمين نزار سلوم)، يوسف مروة (من النبطية وحالياً في كندا)، يوسف نبا (من راس المتن)، الأمين حيدر الحاج اسماعيل، ومخايل معطي.
من الرفيق فؤاد مسوح :
" عملت بين عامي 1952، 1955 بوظيفة محاسب ومدرّس في مدرسة النهضة، حيث درّس فيها حوالي 800 طالب اعدادي وثانوي خلال سنوات افتتاحها 49-55 وكان فيها أكثر من 100 طالب داخلي سنوياً من جميع انحاء سوريا. ومن أسماء الطلاب والمدرّسين الذين يذكرهم: الياس مسوح، الياس الفاضل، حيدر حاج اسماعيل، جورج حليسو (الامين لاحقاً، من حلب)، رجا يازجي، نجيب كحالة، كلال العارف، جورج عجمو، وليد مدفعي، زكريا السيد، عبدالله الكنج، شراخب دندشي (عقيلته)، عبدالمسيح بنيامين (نرّجح انه الأمين عبدالمسيح طرزي وقد كان طالباً في القسم الداخلي)، محمد زهير صلاح (اردني).
*
هوامش
(1) مراراً وتكراراً كتبتُ الى رفقاء معنيين فلم يصلنا أي جواب . موضوع تاريخ الحزب يجب ان يعني كل الحزب، فجميعنا مطالبون بانقاذ الأقصى تلافياً لمزيد من الخسارة .
(2) يروي الاستاذ عيسى طنوس في الصفحة395 من مؤلفه "من ذاكرة مرمريتا" أن المدرسة الغسانية تأسست عام 1949 وشملت المرحلتين الإعدادية والثانوية. كان الدافع لتأسيسها هو أن عدداً من الطلاب تداعوا للدكتور عيسى جبرا يازجي بضرورة افتتاح مدرسة، وهذه المجموعة الطلابية تنتمي الى الحزب السوري القومي، ظناً منهم أن الدكتور عيسى يشاطرهم أفكارهم. وقد أسند ادارة المدرسة الى أخيه ابراهيم جبرا يازجي الذي بذل جهوداً كبيرة في ادارتها والمحافظة على خطها التربوي والوطني. فانتسب اليها عدد كبير من الطلاب ذوي الميول اليسارية، الأمر الذي دفع بالطلاب الأوائل من السوريين القوميين الى الانفصال عن المدرسة ومطالبة مجموعتهم بالخارج بافتتاح مدرسة وكان لهم ذلك في ثانوية النهضة التي استقطبت فيما بعد أعداداً كبيرة من مدرسة الغسانية.
(3) رجا يازجي: تولى مسؤوليات عديدة منها عمدة الثقافة.
(4) حيدر اسماعيل عيسى: هو الامين حيدر الحاج اسماعيل.
(5) وليد مدفعي، مراجعة النبذة عنه على الموقع المذكور آنفاً.
(6) عبدالله كوزاك: من "نبع كركر". غادر الى البرازيل وأسس أعمالاً ناجحة في العاصمة برازيليا. نشط حزبياً في القطاع العسكري في لبنان قبل مغادرته الى البرازيل متولياً فيها مسؤوليات حزبية. بقي ملتزماً وناشطاً حتى آخر أيامه. للاطلاع على ما كتبت عنه الدخول الى أرشيف تاريخ الحزب على الموقع التالي: www.ssnp.info،
(7) منها: الأمين بديع أحوش، الرفيق حليم داود والرفيق متّى أسعد الذي صدر له بعد رحيله كتاب مذكرات بعنوان "الماضي المجهول وايام لا تنسى"
(8) للاطلاع على النبذة المعممة عنها الدخول الى أرشيف تاريخ الحزب على الموقع المذكور أنفاً.
|