إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

القيادة العامة المؤقتة في الأردن بقلم الأمين عبدالله قبرصي

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2019-11-21

إقرأ ايضاً


في أكثر من نبذة تحدثنا عن الإدارة العامة المؤقتة التي شكلها عمد وأعضاء مجلس أعلى وأُمناء تمكّنوا من الوصول إلى الأُردن بعد الثورة الانقلابية، ومنهم عبدالله قبرصي، رجا ورامز اليازجي، يوسف الأشقر، إميل رعد، عيسى سلامة، جورج صليبي، علي غندور، نصري أبو سليمان، يوسف المعلم، عمر أبو زلام، وانضمَّ إليهم الأمين زهدي صباح، مع الأسف لم يصلنا أن أحدًا من هؤلاء القادة سطَّرَ مُذكّراتهِ، أو دوّنَ معلوماتهِ عن مرحلة الإدارة العامة المؤقتة، رُبما وحدهُ الأمين عبدالله قبرصي، تحدّثَ في الجزء الخامس من عبدلله قبرصي يتذكر.. عن مرحلة التواجد في الأُردن، نرى مُفيدًا أن ننقل ذلك كما وردَ في الصفحات 107-114:

ل. ن.

*

منذُ وصولهم بل فورَ وصولهم إلى الأُردن، سارعَ الرفقاء القياديون، إلى إعلان أنفُسهم قيادة قومية مؤقتة، وكانَ ذلكَ طبيعيًا:

فكل القياديين ما عدا الرفيق نزار المحايري كانوا في أعلى مراتب المسؤولية قبل المحاولة الانقلابية: أميل رعد ناموس المجلس الأعلى، عمر أبو زلام عضو المجلس وعميد للعمل، نصري أبو سليمان رئيس المكتب السياسي، يوسف المعلم عميد المالية، علي غندور( مدير شركة طيران العالية) عميدًا دون مصلحة ويحضر جلسات المكتب السياسي، وجورج صليبي من المكتب السياسي ومن أعضاء المجلس سابقًا، ورجا يازجي عميد داخلية سابق، ورامز يازجي عميد الداخلية السابق.

يذكر القارئ أني أعلنت نفسي 13/1/1962 قيادة مؤقتة للحزب ووضعت ملاحظة في ذيل رسائلي إلى عبر الحدود بأنَّ هذه الصادرة تعتبر ملغاة إذا تلقى الرفقاء أيّة صادرها سواها من قيادة تعمل خارج لبنان!... حسنًا فعلت؛ لأنَّ القيادة المؤقتة قد أعلنت عن نفسها من عَمّان.

وتداولَ القياديون واتفقوا أن يسندوا إليَّ رئاسة القيادة المؤقتة لأنّي رئيس سابق للمجلس الأعلى، ولأنّي أكبرهُم سنًا.

وترأست الجلسة الأولى، وكانت مُنتجة.

كان علينا أن نرسل بيانًا بمناسبة: الثامن من تموز: إلى كل الفروع عبر الحدود، وإلى الفروع العاملة على أرض الوطن.

ووضع البيان وطُبع ووزّعَ وكان يتضمن لمحة عن الثامن من تموز، وعرضًا لأسباب الانقلاب وأهدافهِ واستحثاثًا للقوميين على البُذل والعطاء والتلاحم في الفترة العصيبة التي يجتازها الحزب!..

وأنشأتُ لجنة تنفيذية مؤلفة من الرفقاء أميل رعد(1) ونصري أبو سليمان(2) ونذير العظمة(3)، مُهمتها الاتصال بالدولة وبالسياسيين وبإدارةِ الحزب، على أن تكون القيادة مُجتمعة حائزةً على صلاحيات المجلس الأعلى في التخطيط والتشريع وعلى أن تكون اللجنة التنفيذية حائزة على صلاحيات رئاسةِ الحزب ومجلس العمد.

ونشبت منذ البدء مسألة واقعية، فالدستور، لا يَنُص في حالات الطوارئ الاستثنائية على أي قاعدة تُعتمد لقيام قيادة شرعية (لم يكن قد وضِعَ بعد قانون الطوارئ).

كان المنطق الذي أَفتيت به سندًا للقيادة الواقعية قائمًا على عمودين متوازنين:

العمود الأول: السابقات التاريخية، وليس أقلُّها أهمية سابقة كنت أنا محورها، يومَ قَبضَ الفرنسيون على كل القياديين، ولم ينجُ إلاي في حرب 1939-1943، وإذ أقمت نفسي مسؤولًا أوّلًا عن الحزب، وكان رضى القوميين ورفوفهم قاعدتي الأولى.

والسابقة الثانية: يوم قُبضَ على الزعيم وعلى العُمد سنة 1935، فأقام رفعت زنتوت وزكريا لبابيدي وعادل عيتاني قيادة مؤقتة أشاعوا أنها أُلّفت بمرسوم من الزعيم السجين، وقَبُلَ بها القوميين ورجعوا إليها في ذلك الظرف العصيب، فحفُظت الصفوف من البلبلة، وأمّنت الاتصال بالسجن وكانت صلة الوصل بينهُ وبينَ الخارج.

والعمود الثاني: الإرادة القومية العامة، التي "أُبلغت عن قيام القيادة"، فرضيتُ بها تلقائيًا كمرجع أعلى لتصريف الشؤون الحزبية.

وكانت قاعدتي هذهِ مُستمدة من هذه الحقيقة: الظروف الاستثنائية تستدعي تدابير استثنائية، والقبول بالقيادة يضفي عليها صفة الشرعية أو شبه الشرعية وتكون مهمتها الأساسية إعداد الحزب لينتخب في أول فرصة ممكنة قيادة شرعية.

إلّا أن الأمين عيسى سلامة(4)، وهو من قادة الحركة وحقوقييها- وكان يحمل إلى المُغتربات رسالة من الرئيس عبدالله سعادة، يُعينهُ فيها مندوبًا مركزيًا، ناهضَ هذهِ الفكرة ورفضها.

إنّهُ اعترضَ واحتجَّ ورفضَ الاعتراف بالقيادة مُقترحًا عدة اقتراحات غير عملية منها تأليف وحدات إدارية equipe de travail في مناطق عبر الحدود ومناطق الوطن، تشرف على تصويب الشؤون الحزبية وتنتظِرُ عودة الحركة إلى الحرية.

رفضت القيادة بدورها رأي الأمين عيسى ونشبُت بينها وبينهُ مُشادات انتقلت إلى مُشادات بينهُ وبين الرفقاء القوميين الذين اعترفوا بالقيادة المؤقتة.

ومن مآثر عيسى سلامة، موقفهُ الصلب في المغتربات لدى سماعهِ أخبار التعذيب في لبنان فهو الذي هدّدَ السُفراء اللبنانيين عبر الحدود باختطافهم وإلقاء جُثثهم في البحار.

وهو الذي حَفِظَ معنويات القوميين بمواقفه الصلبة.

إلّا أنَّ عيسى سلامة هذا، تنخِرُ كُل فضائله سوسة قاتلة، إنّهُ يعيش بخيالهِ ويسكر بشعور العظمة.

كنت في تلك الفترة كما سواها أحاول وأنا في مركز الرئاسة أن أوّفقَ بين الاتجاهات المُختلفة، فأرعى القيادة بروح التجرد والموضوعية، وكان بيننا عمر أبو زلام الذي كان يُنادي بالحرية والوحدة والاشتراكية، شعارات عبد الناصر والبعث الحاكم في الشام، وكانت هذه الاتجاهات المُتنافرة تؤدي بنا أحيانًا إلى خلافات حادة تبلغ حدود التقاطع والجفاء.

1) أمّنا لكل رفقائِنا المُطاردين(5)، المسكن والمأكل والمشرب والملبس والمعيشة اللائقة.

2) أمّنا صلات حَسنة بالقصر والحكومة.

3) أمّنا اتصالات مُستمرة بفروع الحزب في الخارج وفي الداخل وخاصة في الشام ولبنان والكويت.

4) اتخذنا قرارًا- بعدَ مُشادات عنيفة- بعقد مؤتمر في مكان ما من أوروبا يتداولُ القوميون الاجتماعيون فيه، بواسطة مندوبين عنهم، في شؤونِ حاضرهم ومستقبلهم.

5) حفظنا القوّة السياسية التي كانت لنا في الأردن فاعلة وناشطة.

6) استطعنا أن نرسل معونات مالية متواضعة إلى عائلات السجناء.

7) عقدنا صلاد وِد مع رؤساء العشائر وقادة الجيش والمُبعدين من الشام مثل الأمير حسن الأطرش وسواه.

8) بَرُزَ منا الشهيدان كمال خير بك وفؤاد الشمالي كطاقتين أديبتين ممتازتين، وفتحت لهما أبواب الإذاعة الهاشمية لإلقاء أفضل قصائِدِهُما كما فُتحت أبواب الندوات الأدبية والفكرية.

9) عقدنا ندوات إذاعية في مأدبا والزرقاء كُنتَ أنا شخصيًا أُبشّرُ فيها بالحزب العقائديين.

10) تسلمنا تحرير جريدة الرأي العام- وأُشرفَ عليها أحدنا: الأمين نصري أبو سليمان.

11) استطعنا أن ننفذ من براثن الطغاة يوسف الأشقر وفيليب مسلّم وفؤاد الشمالي.

هل كانَ بإمكاننا أن نفعل أكثر!.

لو كنا نعمَلُ أحرارًا، لا لاجئين سياسيين، لكان بإمكاننا أن نجعل من الأردن قاعدة قومية إجتماعية، فقد كانَ منا الطبيب الدكتور جورج صليبي، وكان فينا أربعةُ محامين ناجحين: عيسى سلامة ونصري أبو سليمان وأنا ونزار المحايري، وكان بيننا أربعةُ أُدباء، وشُعراء من الطراز الأوّل: نذير العظمة وكمال خير بك وفؤاد الشمالي وفيليب مسلّم، كان بيننا كبار رجال الإدارة الحزبيين: كرامز يازجي ويوسف المعلم ورجا يازجي بالإضافةِ إلى الرفقاء الأُردنيين زهدي حاج(6) وعدنان الصباح وأنيس ربيع وسليمان أرشيد(2) وغيرهم!.

*

كُنتُ أشرتُ في نبذة سابقة إلى أن حضرة الأمين علي غندور كانَ عضوًا في القيادة المؤقتة، ورئيسًا لها لِمُدة أربعة سنوات، كما كان أفادني شخصيًا لذا ندعو حضرة الأمين إلى أن يُسجّل معلوماتهِ وأن يُضيف ما هو مُفيد لتاريخنا على ما ورد آنّنا، كذلك ندعوا كل رفيق يملك معلومات عن مرحلة الإدارة العامة المؤقتة في الأُردن، أن يكتُبَ إلى لجنة تاريخ الحزب.

الهوامش:

(1) اميل رعد: مراجعة النبذة عنه على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

(2) نصري ابو سليمان: كما آنفاً

(3) نذير العظمة: من الشعراء المعروفين. منح رتبة الامانة. تولى في الحزب مسؤوليات قيادية منها عميد للثقافة، نائب رئيس الحزب في الكيان الشامي، وانتخب عضواً فرئيساً للمجلس الاعلى.

(4) عيسى سلامة: مراجعة الموقع المذكور آنفاً.

(5) من المؤسف أنَّ لا أحد من الرفقاء القياديين الذين تواجدوا في الأردن سجّلَ مذكراته أو دوّنَ المعلومات التي يُمكن أن تفيد تاريخنا، ومنها أسماء الرفقاء الذينَ شاركوا في الثورة الانقلابية وأمكنهم الوصول إلى الأُردن، والاقامة في " ثكنة الأشرفية " حسبما يروي الأمين عبدالله قبرصي، في أكثر من مكان في الجزء الخامس من مذكراته.

(6) لا نملك معلومات عن كل من زهدي الحاج (إنما عن الأمين زهدي صباح)، وقد عَممنا نبذة عنهُ، وأتينا على ذكر شقيقه، الرفيق الاعلامي عدنان صباح، أنيس، ربيع وسليمان أرشيد.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024