كنتُ سمعت من الأمين رشيد سابا(1) عن الدور الذي قام به الرفقاء في الارجنتين للإفراج عن الأمينة الأولى التي كان حُكم عليها بعد اغتيال العقيد عدنان المالكي ، الذي لم يكن لها ولا للحزب فيه ناقة ولا جمل .إلا أن ما كتبه منفذ عام الارجنتين الأمين أنطون كسبو يشرح هذا الدور الذي يصحّ نشره، إذ هو يلقي الضوء على جانب من تاريخ منفذية الحزب في الارجنتين.
*
" بتاريخ 31/12/1961 عيّنت الدولة الشامية، وكانت برئاسة الدكتور ناظم القدسي، الضابط أمين الحافظ ملحقاً عسكرياً في السفارة الشامية في بوينس أيريس.
" كان الضابط أمين الحافظ يتمتع بالحيوية والنشاط والإنفتاح على القوى الفاعلة في الجالية، ومنها الحزب السوري القومي الإجتماعي الذي يتمتع بحضور قوي، وقد جمعته الصداقة بعدد من أعضاء الحزب، وبخاصة مع الرفيق مصطفى يحيى(2)، فكانا يسهران معاً ويقضيان أوقاتاً كثيرة في الحديث عن مختلف شؤون الوطن. في هذه اللقاءات كان الرفيق مصطفى يتحدث مع الملحق العسكري الشامي في موضوع الحكم الجائر الصادر بحق الأمينة الأولى، وواقع معاناتها في الأسر منذ نيسان 1955، وما يرتّب ذلك على طفلاتها الثلاث.
الرفيق مصطفى يحيى يلقي كلمة في احد الاحتفالات الحزبية والى يمينه الامينة الاولى،
والى يساره الامين اسماعيل مرعي وبجانبه الرفيق خالد قصاب.
" أية إنسانية، كان يقول الرفيق مصطفى، هي التي تسمح بأسر امرأة دون أي ذنب اقترفته سوى أنها زوجة زعيم تفانى في سبيل القضية التي آمن بها وعمل لها إلى حدّ الإستشهاد!
" ذات يوم، وقد بلغ التأثر لدى الضابط الحافظ مداه قال للرفيق يحيى:
" بشرفي العسكري يا مصطفى، إذا رحت لسوريا، وصار عندي الإمكانية، لسعيت إلى الإفراج عنها ".
" مضت الأيام، ويُعيّن أمين الحافظ وزيراً للداخلية بعد انقلاب عسكري ناجح. قبل مغادرته بوينس أيريس أقامت له منفذية الارجنتين حفل عشاء. في كلمته أشاد أمين الحافظ بالحزب السوري القومي الإجتماعي متحدثاً كيف أن نظرته إلى الحزب قد تبدّلت جرّاء احتكاكه بالقوميين الإجتماعيين " فهم ليسوا عملاء ل"إسرائيل" كما يشيع البعض، إنما هم من صفوة المواطنين، والأكثر عداءً ل"إسرائيل" "، وفي كلمته هذه كرر أمين الحافظ وعده بالعفو عن الأمينة الأولى.
" إلا أن أشهراً مرّت دون أن يتحقق الوعد، فقررت منفذية الارجنتين انتداب الرفيق مصطفى يحيى للتوجه إلى دمشق، وكان أمين الحافظ قد أصبح رئيساً للجمهورية إثر انقلاب عسكري ثانٍ، لمطالبته بتنفيذ الوعد الذي قطعه عندما كان ملحقاً عسكرياً في بوينس أيريس.
" في اليوم التالي لوصوله إلى دمشق، توجّه الرفيق يحيى إلى القصر الجمهوري، وطلب مقابلة رئيس الجمهورية.
- الرئيس مشغول بمواعيد هامة.
- قلْ له إن مصطفى يحيى جاء من الارجنتين، وهو هنا.
حالاً أمر الرئيس الحافظ بدخول الرفيق مصطفى. وكان عناقٌ فلقاءٌ استعادا فيه أيامهما في الارجنتين، تبعه غداء في القصر الجمهوري.
خلال الغداء تطرّق الرفيق مصطفى يحيى إلى الوعد الذي كان الرئيس أمين الحافظ قطعه في لقاءاتهما، ثم في الحفلة الوداعية التي أقامتها منفذية الارجنتين. فما كان من الرئيس أمين الحافظ إلا ضرب كفه على رأسه قائلاً: "والله نسيت مع كل هذه المشاكل التي تواجهني. حقكم علي أنتم القوميين. وحالاً طلب من رئيس ديوانه أن يعد مرسوماً بالعفو عن الأمينة الأولى".
" بعد ثلاثة أيام، وفي اليوم المحدد لخروج الأمينة الأولى من سجن القلعة، كان عضو هيئة منفذية الارجنتين الرفيق حسن عابدين ينتظرها عند باب السجن (وهذا ما اوردته الامينة الاولى في مذكراتها) مصطحباً إياها إلى يبرود(3) التي منها الرفيقان حسن عابدين ومصطفى يحيى، ومنها إلى دير سيدة صيدنايا لقضاء فترة من الراحة قبل أن تغادر في جولة إلى المهاجر السورية.
" نتيجة هذا العمل قررت منفذية الارجنتين المشاركة في المؤتمر الإغترابي الأول(4) الذي نظمته الدولة الشامية في دمشق فلاقى الوفد القومي الإجتماعي أحسن استقبال من قبل الرئيس أمين الحافظ. في عهده تمّ الإنفتاح على الحزب، وسمح لبعض المطبوعات التي يملكها قوميون اجتماعيون، ومنها مجلة "المواسم"(5) بالدخول إلى الأسواق الشامية.
هوامش
(1) من بلدة صيدنايا. تولى مسؤوليات عديدة في الارجنتين منها مسؤولية منفذ عام. لمن يريد الاطلاع على النبذة المعممة عنه سابقاً، الدخول الى ارشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
(2) من يبرود. نشط حزبياً متولياً مسؤوليات حزبية في هيئة منفذية الارجنتين، منها مسؤولية منفذ عام.
(3) للاطلاع على النبذة المعدة عن يبرود في الحزب، الدخول الى ارشيف تاريخ الحزب على الموقع المذكور آنفاً.
(4) اذكر ان المؤتمر المذكور انتخب الامين البرتو شكور رئيساً له، على اعتبار انه يرأس وفد البرازيل التي تضم اكبر عدد من المغتربين السوريين، ويرأس ايضاً نادي حمص الذي يعتبر من اكبر نوادي الجالية ويقع في اهم شوارع سان باولو- جادة باوليستا.
(5) أصدرها الرفيق الشاعر ايليا أبو شديد في أواسط الستينات، وكانت تفتح صفحاتها لأقلام قومية اجتماعية منها للامين أسد الأشقر (باسم سبع بولس حميدان) وللشاعر الامين محمد يوسف حمود، وغيرهما.
|