هذه المقالة تشكل القسم الثاني من سيرة سعاده والحزب، القسم الأول يغطي مرحلة طفولة سعاده حتى قبيل تأسيسه لحزبه، داعين من يرغب، الدخول الى قسم "من تاريخنا" على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info.
إذ نعرض للقسم الثاني استناداً إلى ما توفر في أدبيات الحزب، نشير إلى أننا نقدم عرضاً موجزاً لا تأريخاً كاملاً، آملين من الرفقاء والأصدقاء أن يقدموا ما لديهم من ملاحظات واقتراحات .
* * *
العـودة
- عاد سعاده إلى الوطن في تموز 1930 فوجد أن الحالة فيه لم تكن أفضل مما عاناه مع المهاجرين في البرازيل، " فجميع أراخنة السياسة والاجتماع كانوا مجتمعين على أنه لا فائدة من فعل شيء وأنه لا تقوم للأمة السورية قائمة في ذلك الوقت" .
كانت تميّزت هذه الفترة بسيطرة جيش الانتداب الفرنسي في لبنان والشام، واستخباراته منتشرة في كل مكان. كما أن القانون الصادر عن الفرنسيين (115-LR) كان يحظر أي نشاط حزبي أو سياسي(1)
- في هذا الجو قرر سعاده أن يبدأ العمل في دمشق، ذلك أنها كانت تستقطب العمل السياسي، وقد وصفها سعاده " أنها كعبة الحركة الوطنية السورية " (مقالته سورية تجاه بلفور) .
إلا أن تجربته مع رجال الكتلة الوطنية، وكان سعاده قد انتقل من التدريس في "الجامعة العلمية" إلى جريدة "اليوم" التي كانت تصدرها الكتلة الوطنية، تجربته هذه أعطته صورة واضحة عن "صبيان السياسة" في بلادنا كما يصفهم سعاده في مقالات نشرها في جريدة "النهضة" في بيروت، وفي إحداها يقول: " لقد تغنى الكتلويون كثيراً بجهادهم، والحقيقة أنهم لم يكونوا غير مستغلين لجهاد الأمة ومحولينه إلى النتائج التي أرادوها لأنفسهم " .
بعد أن أمضى سعاده سنة كاملة في دمشق كانت كافية كي يكتشف أن الأرض فيها لم تكن صالحة للزرع، قرر العودة إلى بيروت بعد أن كان أنشأ بعض الصداقات والعلاقات مع مواطنين. (جميعهم انتموا إلى الحزب فيما بعد باستثناء عادل الصلح. وهم: يعقوب جبور، أديب بربر، معروف صعب، محمد روح غندور، محمد روحي خياط، ورياض حماده .
في لبنـان
الاتصالات الأولى أقامها سعاده في كل من ضهور الشوير، وفي المثلث الثقافي (المؤلف من بلدات برمانا - رومية - بيت مري) ومن هذا المثلث انتمى رفقاء في بدايات سنوات التأسيس، والبعض منهم كان له شأنه في النضال القومي الاجتماعي. تلك الاتصالات ساهمت في تأسيس الحزب، إلا أن النواة الأولى للتأسيس أوجدها سعاده في الجامعة الأميركية في بيروت التي كان انتقل إليها مدرساً اللغة الألمانية للراغبين من الطلبة.
النواة الأولى تألفت من خمسة رفقاء: 4 منهم كانوا طلبة في الجامعة الأميركية (جورج عبد المسيح، جميل عبدو صوايا، زهاء الدين حمود ووديع تلحوق) أما الخامس: فؤاد حداد فهو ابن جريس حداد صاحب المطعم تجاه الجامعة الأميركية الذي كان يرتاده سعاده. وبعد أن تعرف إلى فؤاد انتقل إلى منزل العائلة في شارع "جان دارك" إذ كانت تؤجر غرفاً فيه للطلبة .
المعروف أنه تبين بسرعة زيف اثنين من الخمسة (وديع تلحوق وزهاء الدين حمود) عنهما يقول سعاده: "تظاهرت بأني اقتنعت بصحة قبولهما في حين أن شكوكاً كثيرة خامرتني في صددهما، ولكني رأيت أن أستعين بهذا العدد غير المتجانس على القيام بالاختبار الأول لتأسيس الحزب" (من خطاب أول آذار 1938) .
ولأنه لم يكن قد وضع دستوراً للحزب فقد رأى سعاده أن يكون الطرد بصورة حل للحزب ، فدعا الأعضاء الخمسة إلى اجتماع وأبدى لهم رغبته في تأجيل العمل الحزبي "إلى أن أكون قد وجدت استعداداً وتفاهماً تامين بين الذين يرغبون في السير معي . وإن عملنا قد انتهى وإن كل واحد حر" (خطاب أول آذار 1938) .
ما يجدر ذكره أن الصعوبات التي رافقت تأسيس الحزب كانت جديرة بأن تثني سعاده عن الاستمرار والعودة مجدداً إلى البرازيل، كما رغب إليه الرفيق جورج عبد المسيح عندما تعرّف على أفكار سعاده: "خير لك، يا أستاذ، أن تعود إلى مهجرك، أنت مغشوش بهذا الشعب فالفساد قد غيّر قلبه، ولا يمكن أن تجد خمسة يمكن أن يجرأوا على عمل كهذا في ظل الانتداب" .
بدوره الدكتور أنيس فريحة، وكان سعاده قد كاشفه برغبته في تأسيس حزب يكفل للأمة وحدتها ورقيها، يجيبه:
" اسمك أنطون وتأمل أن يكون وراءك قاسم وعلي وعبد الساتر؟ بدعسك على رقبتي إن نجحت في مسعاك" .
في رسالته الخامسة إلى غسان تويني في 9 تموز 1946 يتحدث سعاده عن ضعف النبتة الحزبية سنة 1933 ويشير: " إلى أن الرفقاء الأول للزعيم ومعاونيه متفاوتون في المعرفة والإدراك والمؤهلات، فبعضهم تفوتهم تفاصيل هامة لا يدركون قيمتها التاريخية، وبعضهم يميلون إلى الناحية الشعرية من الأمور، وبعضهم لم يتسن لهم عرفان أمور سابقة لعهد دخولهم وغير ذلك " .
مع ذلك فالخمسة الذين تحولوا إلى ثلاثة، أصبحوا 15، فثلاثين في حزيران 1934، فستين ونيف مع آخر العام، حتى إذا عقد اجتماع الأول من حزيران 1935 وفيه تلا سعاده خطابه المنهاجي الأول كان عدد أعضاء الحزب يتجاوز الثلاثمائة .
في فترات السنوات الثلاث من العمل السري ورغم الواقع الذي كانت تفرضه سلطات الانتداب الفرنسي، تمكن الحزب من الانتشار في لبنان والشام وأجزاء من فلسطين، ونظم فروعه في منفذيات، ووضع دستوره فضلاً عن مبادئه، وقام سعاده بزيارات حزبية إلى مناطق طرابلس، الكورة، جزين، برمانا، بيت مري، جل الديب والشوف. وفي تلك الفترة أيضاً عين سعاده عمداً وشكل منهم مجلس عمد، اختار شكلاً لشعار الحزب من بين أكثر من اقتراح تقدم به رفقاء مهندسون، أصدر أربعة أعداد من مجلة "المجلة" (تلك التي كان أصدرها والده في الأرجنتين، ثم في البرازيل) ودعا الأعضاء إلى اجتماع حزبي عام في دارة نعمة ثابت وفيه تلا عميد الدعاية والنشر الأمين عبدالله قبرصي تقريراً عن أعمال العمدات وألقى سعاده الخطاب التاريخي الذي يعتبر من وثائق الحزب الهامة والأساسية، (أول حزيران 1935) .
بدوره أنشأ عميد الدعاية (تسمية عميد الإذاعة في تلك الآونة) أول لجنة إذاعية مركزية.
تمّ أيضاً اعتماد بطاقة عضوية، وأخرى مالية بحيث يتسلم العضو عند انتمائه وثيقة العضوية (عليها رسمه، توقيعه، وبصمة الإبهام بالإضافة إلى معلومات أساسية عنه) وبطاقته المالية التي تنظم تسديده لاشتراكاته الشهرية.
على صعيد وضع الدستور نبرز النقاط التالية:
1. القسم الذي كان يؤديه الرفقاء الأوائل لم يكن في نصه أية إشارة إلى القوانين أو الأنظمة ولا إلى صفة القيادة وصلاحياتها.
2. كل من الأعضاء الأوائل (يقول الأمين جبران جريج أن عددهم 12، إنما في الشروحات التي ترد في الجزء الأول من "من الجعبة" يتبين أن العدد 15) كان يحمل لقب مؤسس وتشكل منهم مجلس سمي "مجلس المؤسسين" .
3. كان الأعضاء الأوائل يتوجهون إلى سعاده تارة بـ "الأستاذ" وطوراً بـ "الرئيس" وأحياناً بـ"الزعيم" إلى أن تمّ الاتفاق على اصطلاح تسمية "القائد العام" .
4. وضع "القائد العام" التشريع الأساسي للحزب مواد متلاحقة بلغ عددها أربعين أو خمسين مادة إن لم يكن أكثر (كما يقول الأمين جبران جريج). وفي الثلث الأول من العام 1934 دعا "القائد العام" مجلس المؤسسين إلى اجتماع يعقد للتداول بمسودة "التشريع الأساسي" التي وضعها .
5. عقد مجلس المؤسسين جلسات عديدة لمناقشة المواد، واحدة واحدة، وإقرارها. بعد مشادات وخلافات في وجهات النظر، وكان سعاده لا يتدخل في النقاش إلا قليلاً، لإيضاح إبهام أو شرح إحدى النقاط، توصل "مجلس المؤسسين" إلى حسم موضوع الصلاحيات المطلقة للقائد العام، واعتماد تسمية "الزعيم" وتمت إضافة النصوص التي تشير إلى القوانين والأنظمة في القسم الحزبي .
6. الأمين عبدالله قبرصي لا يتحدث عن ذلك في مذكراته إنما يفيد أنه بعد انتمائه وتعيينه عميداً للدعاية والنشر: " كان علينا في بادئ عهدنا بالنشاط أن نضع دستوراً للحزب شاملاً لأن دستورنا كان نواة لا بناءً شاملاً، وقد كلفت بوضع مشروع للدستور وبالفعل وضعته، وتبنى سعاده اكثر ما ورد فيه". ويضيف: "وما إن أطل علينا الدكتور جورج حكيم حتى كلف بوضع النظام المالي وهو جزء هام من دستورنا. ولا يزال نظامنا المالي الحالي هو نفسه الذي وضعه الدكتور حكيم وناقشناه في مجلس العمد وأصدره سعاده بمرسوم تشريعي" .
ويضيف أيضاً:
" أما المشروع الذي قدمته فظل عرضة للتعديل حتى أبرم في 21/11/1934 ثم صنف في 20 كانون الثاني 1937. وقد عيدنا أول مرة في سجن الرمل عيد دستورنا في 21/11/1935. (من الجعبة الجزء الثاني ص 275/276) .
برأينا أن الأمرين تلازما إلى أن وضع دستور للحزب. خصوصاً أن الأمين جبران يستند في شرحه عن مجلس المؤسسين إلى إفادات رفقاء عايشوا تلك المرحلة: جورج عبد المسيح، فؤاد حداد، فكتور أسعد، جميل عبده صوايا، ورفيق مروش.
الاعتقالات الثلاث التي تعرض لها سعاده
تلك كانت البدايات. أما أهم مفاصل تاريخ الحزب حتى سفر سعاده إلى المغتربات عام 1938 فنوردها في السياق التالي:
• الاعتقال الأول: تمّ إثر انكشاف أمر الحزب في 16/11/1935، وقد شكل بداية التحدي بين الحزب والانتداب الفرنسي. وإذا كان الفرنسيون رغبوا أن يحاكموا سعاده على أمل أن يجهضوا تصميمه على بناء حزب – النهضة، إلا أن سعاده حوّل محاكمته إلى منبر يطرح فيه أفكار الحزب، وإلى محكمة يدين فيها الارادات الأجنبية التي تريد العبث بمصير الأمة:
" إني متهم بخرق وحدة البلاد الجغرافية وانتهاك حرمة الأرض. فأراني مضطراً للقول أن خرق وحدة وطننا الجغرافية وانتهاك حرمة أرضنا قد تمّا بالفعل في "سان ريمو" و"سيفر" و"لوزان" والمسؤولون عن ذلك هم غير الحزب السوري القومي" .
الرفيق فكتور أسعد وكان بين الذين اعتقلوا إثر انكشاف أمر الحزب يقول: " ما أشد ما كان اعتزازنا نحن في تلك اللحظة وما أعظمه في وقفة العز تلك. كنا نكاد نرقص في قفص الاتهام إعجاباً وتحية واعتزازاً. يقال أن سعاده ترك لحزبه قضية ونظاماً. لقد ترك سعاده للأمة كلها تاريخاً مجيداً حافلاً بمواقف العز " .
وعن ذلك يقول الأمين الياس جرجي في إحدى مقالاته: " بزغ فجر النهضة في السادس عشر من تشرين الثاني سنة 1935 بعد مرور ثلاث سنوات على تأسيسها السري فتلقى الناس عموماً النبأ المفاجئ بمشاعر ومواقف متقاربة ومتناقضة وراحوا جميعاً يتسقطون أخبار التحقيق والمحاكمة أمام القضاء الأجنبي الفرنسي، وخصوصاً ما تكشفت عنه شخصية الزعيم العبقري ودفاعه، من جرأة وصلابة وشجاعة لم يعهد مثيلها الانتداب طيلة وجوده " .
أما على صعيد الحزب فيقول سعاده في رسالته الرابعة إلى غسان تويني بتاريخ 26 أيار 1946: " لم يكن بين أيدي القوميين الاجتماعيين غير المبادئ والدستور الأول، خطاب الزعيم في أول حزيران 1935 ونص كتاب خصوصي موجه مني إلى سائل عن رأيي في العالم العربي. دافع الأعضاء بهذه الوسائل وما اكتسبوه من المحادثات مع الزعيم وما نقل عنه، وبديهي أن هذه الوسائل كانت ناقصة ولا تفي بحاجة عقيدة خطيرة كعقيدة الحزب السوري القومي الاجتماعي ولكن الدعوة القضائية والمحاكمة في المحكمة المختلطة أنقذتا الموقف وأحدث دفاع الزعيم في المحكمة ذلك التيار من القوة المعنوية الذي رفع منزلة الحزب في أعين الشعب وأعين الفرنسيين.
في فترة اعتقال سعاده شارك الحزب عبر نائب الزعيم صلاح لبكي، وكل من نعمة ثابت ومأمون أياس في مؤتمر الساحل الثاني، الذي جرى بتاريخ 10 آذار 1936 في منزل السيد سليم علي سلام في بيروت. من الذين حضروا المحامي فوزي بردويل الذي تأثر بموقف الحزب وانتمى إليه (تولى مسؤولية محافظة البقاع لاحقاً).
ومن المعروف أن مؤتمر الساحل نادى بالوحدة السورية وكان له موقف واضح تجاه الانتداب الفرنسي وتجاه وحدة الأراضي السورية.
فيما سعاده في السجن، أصدرت الحكومة اللبنانية المؤتمرة بأوامر السلطات الفرنسية قرارها بحل الجمعية المسماة الحزب القومي السوري (المرسوم الجمهوري رقم E-218 تاريخ 17 آذار 1936). رغم ذلك كانت القيادة الحزبية خارج الأسر، ومعها العديد من الرفقاء، تستقبل سعاده عند خروجه من سجن الرمل وتواكبه إلى المنزل الذي استؤجر له مقابل الجامعة الأميركية. أما قوميو بيروت فقد أشعلوا سماء العاصمة مساء بإطلاق صواريخ الابتهاج والأسهم النارية.
في منزل سعاده، وبعد أن قدم نائب الزعيم صلاح لبكي المسؤولين فرداً فرداً مع تسمية المناطق، وفي أول تصريح له، قال سعاده: "علمت وأنا في السجن أن الحكومة اللبنانية حلت الجمعية المسماة الحزب القومي السوري، أما أنا فأقول أن الحكومة اللبنانية لا تستطيع حل الحزب السوري القومي لأن الحزب السوري القومي أكبر من الحكومة اللبنانية، ولأن الحزب السوري القومي يمثل عقيدة تجري في العروق مع الدم فلا يحل بقرار ".
• الاعتقال الثاني: بعد خروج سعاده من أسره الأول في أواسط أيار 1936 تعرّض في أواخر حزيران 1936 لاعتقال ثان.
في الفترة الفاصلة بين الاعتقالين، الأول والثاني، جرت الأحداث التالية:
- إصدار سعاده في 15 حزيران لبلاغ عالج فيه الوضع السياسي الشامل لسورية كلها، عرف بالبلاغ الأزرق.
- قيام الرفقاء بتأديب الصحافي عارف الغريب بعد تناوله الحزب والزعيم بالكلمات البذيئة .
- اجتماع سعاده مع رئيس الغرفة السياسية في المفوضية الفرنسية العليا السيد كيفر Keifer، رافقه فيها الأمين عبدالله قبرصي. في المقابلة التاريخية تمنى كيفر أن ينهج الحزب سبل التبشير كإصدار مجلات فكرية في القدس ودمشق وبيروت وتأليف كتب، وأن يتخلى عن كونه حزباً شبه عسكري، إلا أن جواب سعاده الصريح الواضح هو أنه يريد لأفكاره التحقيق العملي الفعلي في الشعب، ولا يريدها كتباً توضع على رفوف المكتبات.
يقول سعاده في رسالته من الأرجنتين إلى القوميين الاجتماعيين المنشورة في الجزء السادس من الآثار الكاملة (ص63) ما يلي: " كانت المقابلة ودية أظهرت فيها كل التساهل الذي تسمح به قضيتنا القومية، وأفهمت السيد كيفر أن مصالح سورية وفرنسا المتبادلة توجب على المفوضين الفرنسيين الاعتراف بحركتنا والتفاهم معنا. ولكن رئيس الغرفة الفرنسية كان يطمع، على ما يظهر، بالحصول على أكثر من هذه النتيجة مني" .
- إصدار مرسوم الطوارئ في 20/6/1936 الذي ينظم الإجراءات التي يجب اعتمادها في حال اعتقال الزعيم وهيئة الإدارة العليا. هذا المرسوم عثرت عليه السلطات مع الرفيق فؤاد شاوي. لذا تعدى التحقيق مع سعاده حين اعتقاله مسألة تأديب الصحافي عارف الغريب، إلى توجيه تهمة مباشرة إلى سعاده وهي إعادة تشكيل الحزب السياسي الذي كان صدر مرسوم جمهوري بحله.
*
في 8 تموز 1936، أي بعد اعتقال سعاده بأيام، جرت تظاهرات حزبية أمام سجن الرمل والعديد من السرايات المحلية في المناطق، كانت قررتها القيادة الحزبية دعماً لموقف سعاده ورفقائه في السجن .
وفي 27 تموز جرى تأديب ثان للصحافي الغريب (تمّ في ضهور الشوير عندما التقى به الرفقاء وعرفوه فأشبعوه ضرباً) .
في أوائل تشرين الثاني 1936 خرج سعاده من الأسر (أي بعد نيف وأربعة أشهر). في 16 منه وجه نداء إلى القوميين الاجتماعيين يقول فيه: " إني أخرج من السجن بكفالة مالية قدرها خمسماية ليرة لبنانية سورية عائداً إلى وسطكم لنتابع معاً عملنا القومي الصحيح وخططنا السياسية بدون أي تغيير أو تبديل فيها ". ثم يضيف: " إن موقفنا السياسي فيما يختص بالسياسة الجارية والأوضاع الحالية لن يكون على غير ما أعلناه في البلاغ الأزرق الصادر بتاريخ 15 حزيران 1936 وعالجنا فيه القضايا السياسية المحلية، ولن يكون على غير ما هو واضح في شرح غاية الحركة السورية القومية وخططها. إن خصوم الحركة القومية لا يعدمون أن يجدوا في كل خطة سياسية فنية من خطط الحركة موقعاً للتأويل. فمنعاً لأي التباس، نصرّح بأن مبادئنا ستظل هي هي، وبأن كل برنامج سياسي فرعي سيكون مؤسساً على هذه المبادئ ومستمداً منها " .
*
من الأحداث التي جرت بعد خروج سعاده من الأسر الثاني نورد ما يلي :
• في أواسط شهر تشرين الثاني 1936 حصلت الفتنة الطائفية في بيروت، فعالجها سعاده بأن أصدر نداء إلى القوميين الاجتماعيين، وطلب إلى منفذية بيروت أن تنظم فرقاً من الرفقاء تتوجه إلى مناطق البسطة والجميزة والأشرفية لمنع الصدامات ولتوزيع نداء سعاده. كذلك عمد إلى نشر مقال في مجلة "الجمهور" بعنوان "دم الغوغاء".
جدير بالذكر أن تشكيلات حزبية بدأت تظهر، رغم أن قانون قمع الجرائم يمنع قيامها. فسياسة فرنسا أن تقسو وتلاحق الحزب السوري القومي الاجتماعي من جهة، أما من جهة أخرى فأن تشجع على إنشاء أحزاب من نوع آخر تخدم مصالحها، والتشكيلات هي التالية:
- حزب "الوحدة اللبنانية" برئاسة توفيق عواد إلا أنه سرعان ما انهار وانتهى .
- حزب "الجبهة القومية اللبنانية" برئاسة المحامي يوسف السودا .
- حزب اشتراكي النزعة برئاسة الصحافي فؤاد الشمالي (كان يصدر جريدة باسم "المريخ") .
- حزب "الكتائب اللبنانية" .
- "النجادة"، ومن مؤسسيها وأول رئيس لها قائد الكشاف المسلم، الصحافي والنائب محي الدين النصولي. (تسلّم الرئاسة فيما بعد عدنان الحكيم) .
إلى جانب تلك التشكيلات، وبالإضافة إلى الحملات المنظمة التي كانت تستهدف الحزب السوري القومي، وتقودها صحف مأجورة، فقد صدر في أواسط الثلاثينات مؤلفان ضد الحزب، أحدهما من منطلق شيوعي بعنوان "أصابع الاستعمار والفاشيستية في بلادنا – الحزب السوري القومي" لفايز يارد، والثاني من منطلق كنائسي للخور أسقف لويس خليل (وكان برتبة مرسل بطريركي ماروني) بعنوان "الحزب السوري مؤامرة على الدين والوطن". وقد أشار سعاده في المحاضرة الأولى من "المحاضرات العشر" إلى الخور أسقف المذكور .
• في هذه الأثناء كان الغليان يعم فلسطين نتيجة السياسة البريطانية المشجعة للهجرة اليهودية، فكان قرار الزعيم المشاركة في التصدي المسلح للاستعمار البريطاني على أرض فلسطين وفي رد الغزوة اليهودية المتصاعدة. وقد سقط للحزب في ثورة العام 1936 الرفيق حسين البنا (من شارون) والقائد الرفيق محمد سعيد العاص .
للرفيق سعيد العاص سجل حافل بالنضال، فقد كان قائداً للجبهة الشمالية في الثورة السورية عام 1925 قبل أن ينضم إلى الثورة التي اندلعت في فلسطين عام 1936 حيث التقى هناك بفرقة من المتطوعين للقتال "أفرادها من مناطق متعددة ومن طوائف دينية مختلفة. فكان فيها ابن الشوف وابن المتن وابن بيروت وابن صيدا من لبنان وابن حيفا والناصرة ويافا وما جاورها من فلسطين. وكان فيها المحمدي والمسيحي والدرزي. هي الفرقة الوحيدة التي اجتمع أفرادها على تعداد مناطقهم وتباعدها، اجتماعاً مقصوداً ظهروا فيه بوحدة روحية وفكرية متينة ميّزتهم عن جميع المجاهدين الآخرين. وكان تصرفهم النظامي في غاية الدقة والحماس.
" استلفتت هذه الفرقة نظر القائد سعيد العاص فأعجب بروحيتها ونظامها إعجاباً كبيراً وحمله إعجابه على البحث عن سر روحيتها ونظامها فسأل أفرادها فأخبروه بأمرهم وعرفوه حقيقة العقيدة السورية القومية الاجتماعية التي يدينون بها. (الجزء الأول من سيرة شهداء الحزب – الخالدون) .
نعود إلى سعاده وهو يدير الصراع من بيروت فننقل هنا مقطعاً ورد في خطبة ألقاها عام 1933 في النادي الفلسطيني في بيروت ففيه يتوضح كيف كان سعاده يستشرف أوضاع أمته، يقول: " إني أخشى أن تكون سوريانا آخذة في الانزلاق من أيدينا المتفرقة، ففي الجنوب تتراجع الخطوط السورية أمام الحدود اليهودية وفي الشمال تتقلص الحدود السورية أمام الحدود التركية ".
وأيضاً نقرأ مقطعاً من رسالة وجهها سعاده إلى الرفيق عبدالله نعواس في فلسطين، بتاريخ 25 حزيران 1936 يقول فيها: " إن مركز الحزب اليوم في حالة لا يتمكن البعيد من تقديرها، فنحن في معركة شديدة وإن تكن صامته مع قوى الحكومة والقوى الرجعية التي ترى في حركة الحزب السوري القومي خطراً على كيانها وهذا الضغط في مركز العمل يجعل اشتراك المركز في حوادث سورية غير ممكن من الوجهة العملية، لذلك اعتمدنا على مجهودات أعضائنا في تلك المناطق للقيام بواجبهم في هذه الظروف"، ثم يضيف: " إن وصيتي اليوم إليكم وإلى جميع السوريين القوميين في الجنوب هي أن يقوم كل فرد بما يدعوه إليه الواجب القومي في الظروف العصيبة الحاضرة وأن لا يسمح أحدكم باليأس يتسرب إلى قلبه عند مشاهدته الفوضى في العمل وما يؤدي إليه من نتائج، بل أن يظل كلكم يؤمن بأمته التي لن تموت وبحزبه الذي يسير دائماً إلى أمام ".
الاهتمام بالحدود الشمالية السورية
• في شهر كانون أول 1936 قام سعاده بجولته التاريخية إلى مناطق محافظة اللاذقية (منها صافيتا، مرمريتا، تلكلخ التي كانت تابعة لمحافظة اللاذقية) وقد اعتبرت من أيام الحزب، من حيث الاستقبالات الحاشدة التي أقيمت لسعاده، كما لخطبه في البلدات والقرى التي شملتها الزيارة، وأبرزها خطابه في صافيتا الذي نبه فيه إلى موضوع الاسكندرون قائلاً: " ومن الشمال يستفحل الخطر التركي على الحدود ويحاول أن يخترقها ويستولي على بقعة أخرى من البقاع السورية الخصبة الضرورية لحياتنا وتقدمنا " ثم يضيف: " إني أعلن أن الاسكندرونة أرض سورية ضرورية لحياتنا وتقدم مصالحنا وإننا مستعدون للاحتفاظ بها مهما كلف الأمر ".
• في تلك الفترة وسعاده يواجه الانتداب الفرنسي ويتعرض للسجن وأعضاء الحزب للملاحقات، وفيما الثورة قائمة في فلسطين، والغزوة اليهودية تشتد بحماية ودعم من الانتداب البريطاني، كان على سعاده أيضاً أن يواجه الخطر التركي في الشمال المتمثل في المؤامرة على لواء الاسكندرون التي لم تكن فرنسا بعيدة عنها، ولا بريئة منها. فالمذكرة التي وجهها سعاده إلى عصبة الأمم في 14 كانون أول 1936 كانت أول صوت يرتفع بهذا الشأن، وقد كرس سعاده هذا التاريخ باسم "ذكرى الحدود الشمالية". لم يكتف سعاده بذلك إنما انتدب وفداً حزبياً لزيارة اللواء، وتقصي الحقائق (تألف من جورج عبد المسيح، صلاح شيشكلي، خالد أديب، جورج حداد، وإميل دباس) ثم راح بخطبه وبتحركه ومذكراته ومقالاته، خاصة في جريدة "النهضة"، يعطي موضوع الاسكندرون أقصى ما يستطيعه من اهتمام.
وهنا بعض الأمثلة :
• في 14 كانون أول 1936 وجه سعاده مذكرة إلى عصبة الأمم جاء فيها: " إن الحزب السوري القومي يعد كل عمل يقصد منه بتر لواء الاسكندرون عن جسم سورية أو وضع حدود لسيادة الأمة السورية على هذا اللواء، خرقاً لحرمة سيادة الأمة السورية وللمادة الثانية والعشرين من عهد الجمعية الأممية ولكمال الأرض الوطنية السورية".
• في 8 كانون الثاني 1937 وجّه سعاده مذكرة إلى المفوض السامي في لبنان والشام يعلن فيها استعداد الحزب لوضع العدد اللازم من المتطوعين القوميين للمساعدة على الاحتفاظ بالسنجق السوري.
• في 29 كانون الثاني 1937 نشر مقالة في جريدة "الشرق" جاء فيها: " إن فقد السيطرة السورية على لواء الاسكندرون خسارة لا تنحصر في دولة الشام بل تشمل لبنان وفلسطين وشرق الأردن والعراق، لأنها بقعة خصبة وموقع هام للتجارة والأعمال الحربية، وتهديد لا يقتصر على كيان الشام بل يتناول سورية الجغرافية كلها ". وفي مكان آخر يقول: "إن الأمة السورية لا تريد أن تختنق بين الضغط التركي والضغط الصهيوني" .
• وفي شهر كانون الثاني أيضاً وجه سعاده مذكرة إلى الحكومة الشامية لفت فيها إلى أن إزالة السيادة السورية عن لواء الاسكندرون ووضعه تحت تقلبات السياسة والحزبية الأجنبية، يكون خسارة كبيرة للأمة السورية وإجحافاً بحقوقها وخطراً على كيانها وحياتها.
• أعقبت المذكرة التي قدمها الحزب إلى الحكومة الشامية دعوة القوميين الاجتماعيين في دمشق إلى تنظيم مظاهرة اصطدمت ببعض العناصر الحزبية المناوئة "إلا أن جريدتين أو ثلاث من الرفقاء كلفت للسيطرة على الموقف والاقتصاص من المعتدي"، كما يقول سعاده في رسالته في أول تموز 1939 إلى القوميين الاجتماعيين مذكراً إياهم بأيام الحزب ومنها يوم دمشق .
*
في خضم ذلك تميزت الفترات القصيرة التي كان فيها سعاده خارج الاعتقال بمواقف العز وبالمواجهة العلنية مع الانتداب وأجهزته، منها أيام الحزب في كل من شارون، عماطور، وبكفيا، وهنا نضيء بسرعة على كل منها:
يوم شارون
يوم شارون هو الاحتفال الشعبي الرائع الذي أقيم في بلدة شارون (منطقة عالية) تكريماً للرفيق حسين البنا الذي سقط شهيداً في فلسطين، والزعيم في الأسر. بعد خروج سعاده من أسره الثاني، (أوائل تشرين الثاني 1936) بادر فوراً إلى إقامة مهرجان لتكريم الرفيق الشهيد. يقول الأمين عجاج المهتار الذي شارك في الاحتفال الشعبي: " إن التجمع كان في صوفر، وفي الموعد المحدد زحفت المواكب والعدد بالألوف يتقدمها الزعيم سيراً على الأقدام إلى شارون (طريق السيارات لم تكن قد وصلت) كان المهرجان رائعاً وخطاب الزعيم أكثر عظمة وروعة ".
يوم عماطور
كما كان لزيارة سعاده إلى محافظة اللاذقية في أواسط كانون أول 1936 أثرها الجيد، سياسياً وإذاعياً، وساعدت على نمو الحزب وانتشاره، فقد كانت الزيارة التي قام بها الزعيم إلى الشوف، وخاصة عماطور، تأكيداً على قوة الحركة السورية القومية الاجتماعية.
قبل زيارته عماطور كان سعاده قد زار بعقلين حيث كانت منفذية الشوف قد دعت المسؤولين المحليين للاجتماع بالزعيم الذي شرح مضمون التعاليم السورية القومية الاجتماعية بعد أن مر باستعراض الحالات المرضية السيئة التي وصلت إليها البلاد .
مديريات الشوف الأعلى، دعت سعاده إلى زيارتها فوراً وعقد اجتماع في عماطور التي كانت شهدت المصالحة بين العائلتين الكبيرتين عبد الصمد وأبو شقرا، بفضل العقيدة القومية الاجتماعية التي صهرت أبناء العائلتين المتخاصمتين تاريخياً في وحدة الإيمان والصراع .
المنفذ العام (الأمين كامل أبو كامل) كان يرى أنه بعد أن عقد الزعيم اجتماعاً ناجحاً في بعقلين فلم يعد من ضرورة لعقد اجتماع آخر في عماطور قد يعرّض الحزب لملاحقات جديدة، إلا أنه انصاع لقرار الزعيم، بينما تشبث نائب الزعيم صلاح لبكي برأيه بحجة أن الشوف منطقة معادية للحزب بسبب موقف السيدة نظيرة جنبلاط التي يساندها الانتداب ويعتبرها ركيزة ودعامة كبيرتين له في هذه المنطقة، خصوصاً أن المتوجهين إلى عماطور سيمرون حكماً في المختارة. إلا أن سعاده قرر أن يتحدى السلطة في عقر دارها.
في 19 كانون الثاني 1937 " تلاقت الوفود الحزبية من جميع أنحاء الشوف تتقدمها أعلامها الحزبية وتسير بخطى موزونة كأنها قطع جبارة من جيش مدرب عظيم، كما يقول الأمين جبران جريج.
كذلك حضرت القوة الحكومية المستنفرة وحضر معها قائمقام الشوف ناظم عكاري وقائد الدرك في بيت الدين نسيب دحروج. وأمام دار البلدية وساحتها كان التحدي واضحاً: قوة هائلة مستعدة لكل طارئ، وقوات حكومية تطوق الساحة، فيما قوة قومية اجتماعية أخرى خفية تطوق هذه القوات من على السطوح ومن جوانب المدخل باتجاه الساحة.
وصل الزعيم، فأبلغه القائمقام عكاري وقائد الدرك الأسباب الموجبة لإلغاء المهرجان. فأحالهما سعاده إلى المنفذ العام للتفاوض والمشورة .
في هذه الأثناء، بدأ الزعيم خطابه، في حين بدأ الرفقاء المسلحون فوق السطوح وعند المداخل يظهرون تباعاً، مما جعل السلطة المحلية ترى أن الاصطدام لن يكون لصالحها، كما أنه لم يعد بإمكانها إلغاء المهرجان، والزعيم كان قد بدأ الكلام.
يوم بكفيا
كانت الصحف قد راحت تتحدث بعد يوم عماطور عن الفشل الذي منيت به السلطة التي عجزت عن أن تحول دون عقد المهرجان. لذلك رغبت السلطة أن تعطل اجتماع بكفيا (21 شباط 1937) بعد أن كانت سمحت به، لتظهر بمظهر القوة وتستعيد معنوياتها، فسيرت قوة من الدرك مع أوامر صارمة بمنع إقامة المهرجان. مرة جديدة تفشل الدولة، وأسفر الاصطدام عن جرحى من الطرفين وعن عدد كبير من البنادق المحطمة.
اعتقل رفقاء، ولوحق غيرهم، كما تمّت ملاحقة سعاده إلى أن اعتقل في بلدة المريجات عند حاجز للدرك، وكان متوجهاً إلى الشام في سيارة الرفيقة وداد ناصيف، ومعه جورج عبد المسيح. ما يلفت النظر هو البيان العنيف الذي أصدره سعاده في الأول من آذار 1937 بعد مهرجان بكفيا، ومنه نقتطع التالي:
" إننا نعلن أن كياناً من هذا النوع هو كيان فاسد من أساسه. فإذا كان للبنان كيان فهو كيان الشعب اللبناني كله. إذا كانت الطبقة الحاكمة في لبنان تعتبر أنها هي لبنان وأن الشعب ليس سوى الجماعة المحكومة فلنا الشرف أن نعلن أن من أهم أهداف الحزب السوري القومي الاجتماعي إزالة هذه الصورة السيئة لحياتنا القومية – صورة الحاكم والمحكوم – والقضاء على الامتيازات المدنية في الدولة " .
" إن الدولة هي جمعية الشعب الكبرى، وكل فرد من أفراد الشعب مشترك في حياة الدولة، هو عضو في الدولة وما السوريون القوميون الاجتماعيون في لبنان سوى أعضاء في الدولة اللبنانية. وكل حكومة تحاول أن تربط مصير الشعب بمصيرها هي تكون حكومة خائنة مصلحة الدولة. والحكومة التي تمنع أعضاء الدولة من التفكير في مصير دولتهم ومن استعمال حقوقهم المدنية والسياسية في تقرير هذا المصير حكومة قد تجاوزت حدودها وخرقت حرمة المبادئ التي تقوم هي نفسها عليها وعصت إرادة الشعب الذي له وحده حق تقرير مصيرها ومصيره. إن حكومة من هذا النوع يجب إعلانها حكومة عاصية. وإني أعلنها حكومة عاصية..
انتخاب أول مجلس أعلى
في الفترة بين يوم عماطور ويوم بكفيا، وبعد أن صنف دستور الحزب في 20/1/1937 ــــ وقد أضيف إليه مرسوم رتبة الأمانة ـــــ دعي الأمناء الذين كان سعاده منحهم الرتبة إلى اجتماع في منزل نعمة ثابت، وبحضور الزعيم، تمّ انتخاب أول مجلس أعلى للحزب، ففاز بالعضوية الأمناء فخري معلوف. نعمة ثابت، مأمون أياس، جورج عبد المسيح، كامل أبو كامل، عبدالله قبرصي، معروف صعب.
وجرى الاقتراع على الرئاسة ففاز فخري معلوف برئاسة المجلس (إنما استقال لاحقاً بسبب سفره فانتخب نعمة ثابت رئيساً) .
الاعتقال الثالث
الاعتقال الثالث وهو الأخير قبل مغادرة سعاده الوطن، تمّ في 9 آذار 1937 كما أن حملة الاعتقالات شملت المناطق اللبنانية كلها حتى أن عدد المعتقلين في سجن بعبدا وحده بلغ مئة وخمسة وثلاثين رفيقاً. والتهمة التي شملت الجميع هي تهمة العمل في حزب منحل .
خارج السجن تولى القيادة الحزبية الأمين أنيس فاخوري بعد أن كان سعاده أصدر، وهو في السجن، مرسوماً بتعيينه نائباً للزعيم له كل الصلاحيات الإدارية التنفيذية، إلا السياسية منها، وساعده في القيادة هيئة تنفيذية من مفوضين (جبران جريج للمالية، قاسم حاطوم للداخلية، إميل خوري حرب للإذاعة، وفريد مبارك الذي كان عميداً قبل الاعتقال) .
لم تطل إقامة الزعيم في السجن، ذلك أن الدولة كانت مقدمة على خوض الانتخابات النيابية، وتحتاج إلى قوة الحزب، والحزب بدوره كان بحاجة إلى فترة من الراحة ليعيد تنظيم فروعه وأوضاعه.
لذلك فإن الاتصالات السياسية أسفرت عن هدنة بين الدولة والحزب، يوضحها سعاده في رسالته إلى غسان تويني بتاريخ 26 أيار 1946 إذ يقول: " وما إن خرجت من السجن في أيار سنة 1936 حتى عدت إليه في حزيران سنة 1936 وفي السجن وضعت "شرح المبادئ" الذي بلور العقيدة وصفاها من التآويل غير المسؤولة ومن المخالطات الغريبة. وبعد خروجي من السجن الثاني ببضعة أشهر جرت اصطدامات بكفيا المشهورة وحصل السجن الثالث. فيكون غياب الزعيم، موجد العقيدة وصاحب الدعوة، عن الحزب وعمله الإداري السياسي مدة سنتين تتخلّلها فترتان قصيرتان جدا. وكانت الحرب على العقيدة تشتد وكان يجب إرساخ العقيدة في الحزب وصيانته من الميعان المبادئي والأخلاقي المتفشي في شعبنا وإكسابه الصلابة والمناعة اللتين هما، مع رسوخ العقيدة، كل رأسماله المعنوي الذي يكسبه هذه المنزلة الممتازة في الأمة ويؤهله لبدء المرحلة الجديدة – مرحلة دخول ميدان السياسة العملية. والحقيقة أن هذه المرحلة كانت قد ابتدأت في زمن السجن الثالث حين شعرت الحكومة اللبنانية بمناعة الحزب وصلابته وحاجتها إلى التفاهم معه فابتدأت من جانبها بمفاوضة الزعيم في السجن فقبل الزعيم المفاوضة وتمكن من الفوز بذلك "التفاهم" مع الحكومة اللبنانية المؤلفة من حزب إميل اده – خير الدين الأحدب وكان من وراء ذلك الإفراج عن المعتقلين وعدم التعرض لحركات الحزب والسماح للصحف بنشر أخباره واكتساب الرخصة بإصدار جريدة "النهضة" وإصدارها أشهراً عديدة وطبع مبادئ الحزب مشروحة بقلم الزعيم وكتاب "نشوء الأمم" .
عن ذلك يقول الأمين جبران جريج في الجزء الثالث من كتابه "من الجعبة" أن سعاده طالب، وحصل على ما يلي:
- حرية العمل الحزبي، إنما دون علم وخبر رسمي .
- إصدار جريدة تكون لسان حال النهضة .
- منحه جواز سفر .
- العفو عن كل الدعاوى الحزبية حتى تاريخه .
ويضيف أن سعاده أوضح في رسالة قدمها، أن الحزب لا يعمل على هدم الكيان اللبناني، وهذا نصها:
" أنا أنطون سعاده أؤكد أن المبادئ القومية هي عقيدة علمية تعمل في سبيل تحقيق وحدة المجتمع ولا تعمل على هدم الكيان اللبناني" .
*
في الفترة التي أعقبت خروج سعاده من الاعتقال الثالث، وحتى مغادرته الوطن، حصلت أمور عديدة، منها:
- تمّ شراء آلة طابعة على الستانسل وإصدار أول نشرة إذاعية .
- أصدر مكتب عبر الحدود أول بيان له وكان يرأسه فخري معلوف باسم مستعار: أنور عصام. (بتاريخ 2 تموز 1937). بعد أن كان أنشأ سعاده مكتب عبر الحدود في أواخر العام 1936.
- بتاريخ 12 تموز نشر سعاده مقاله التاريخي "شق الطريق لتحي سورية" إثر عقد فرنسا وتركيا معاهدة صداقة في 4 تموز اتفق فيها الطرفان على تعزيز العناصر التركية في الاسكندرون .
- في 25 تموز قام سعاده بزيارة طرابلس والكورة، وقد صنفها سعاده من أيام الحزب التاريخية .
- شكل سعاده لجنة لوضع أسس التدريب العسكري وتمّ وضع كراس يضم الأسس للتدريب على النظام المرصوص ووضعت الكلمات العربية المناسبة .
- في 14 ت1 1937 صدر العدد الأول من جريدة "النهضة" التي استمرت حتى بلغت 163 عدداً، ثم توقفت في 17 أيار 1938 .
- إنشاء المكتب الأعلى المختص (عرف بـ م.أ.م.) ومهمته صيانة الحزب أمنياً .
- دعا سعاده إلى عقد أول مؤتمر إداري (عقد في بيروت) .
- منح رتبة الأمانة لعدد من الرفقاء بعد أن كان منح الرتبة لمجموعة أخرى بعد تصنيف الدستور في 20/1/1937.
- أنشأ الندوة الثقافية في خريف العام 1937، وكان أول رئيس لها زكي نقاش والناموس فؤاد سليمان.
- حضور سعاده إلى بلودان كي يكون على مقربة من المؤتمر الذي عقد فيها وموضوعه فلسطين وما يحاك حولها من مؤامرات. رافقه الرفيق "الأمير" أمين أرسلان وقام باتصالاته مع مختلف الشخصيات السورية والعربية التي حضرت المؤتمر. إنما عاد سعاده من بلودان يحمل معه انطباعات جديدة ترسخ في نفسه اعتقاده أن لا خير يرجى من هؤلاء، لا من أجل فلسطين ولا من أجل كيليكيا والاسكندرون.
- تمت طباعة "نشوء الأمم"، "كتيب التعاليم" و"الدستور" .
- شمول احتفالات الأول من آذار 1938 لمعظم المناطق وأبرزها الاحتفال الذي أقيم في منزل الرفيق زكريا لبابيدي، والخطاب التاريخي الهام الذي ألقاه سعاده .
- الانتصار للأديبة مي زيادة والاهتمام بها بعد أن اتهمها أقارب لها بالجنون طمعاً بمالها.
أما الأبرز، فهي الانتخابات النيابية في كل من الشام ولبنان .
عن الانتخابات النيابية الشامية يقول الأمين الياس جرجي أن " الحزب خاضها في معظم المناطق بزخم قوي وفاعلية لفتت إليه اهتمام الأصدقاء والخصوم. وقد كان له في بعض الدوائر الانتخابية مرشحون من أعضائه، وأيد في المناطق الأخرى مرشحين من أنصاره" .
في الانتخابات المذكورة نجح الياس الجرجس فكان أول نائب يفوز بدعم من الحزب في دائرة الحصن – تلكلخ. ومن جرائها خسر عزيز حديد رتبة الأمانة فجرد منها بسبب موقفه في الانتخابات. الجدير بالذكر أن الحزب خاض الانتخابات في مواجهة لوائح السلطة في العديد من المناطق، مؤكداً على حضوره الجيد في الوسط الشعبي .
أما بالنسبة للانتخابات النيابية في لبنان فإن أوضح شرح لها هو ما ورد في خطاب الزعيم في أول آذار عام 1938، يقول: " جاءت الانتخابات اللبنانية بعد مدة قليلة من وقت خروجنا من السجن (في أيار 1937)، وكان جو هذه الانتخابات متجهماً والدعاوات سائرة على قدم وساق، وبرزت الأنانيات الجامحة على المسرح، وظن بعض أصحاب هذه الأنانيات أنه يستطيع تسخير الحزب السوري القومي الاجتماعي لأغراضه وتضحيته على مذبح شهواته. أما الحزب فتجاه ما كان متراكماً عليه من القضايا الجزائية وتجاه الحاجة إلى وقت لإعادة تنظيمه بعد نحو سنتين من اعتقالات وملاحقات، لم يكن في حالة تسمح له بخوض المعركة الانتخابية بأساليبها الطائفية الفاسدة وإمكان شراء أصوات كثيرة بالمال فضلاً عن الاتجاهات السياسية، التي كنت أرى خطوطها بجلاء. ولذلك فضلت العمل لمصلحة الحزب، لا سيما ونحن لا فرق عندنا بين حكوميين ومعارضين في السياسة الحاضرة فكان موقف الحزب السوري القومي الاجتماعي في الانتخابات أعظم الانتصارات السياسية .
إن هناك أفراداً تعودوا تسخير الأحزاب التقليدية لمنافعهم الخاصة فظنوا أنهم ينالون من الحزب السوري القومي الاجتماعي ما كانوا ينالون من الأحزاب الأخرى. وقد ساء فألهم، لأن الحزب السوري القومي الاجتماعي يقول أن الأفراد يسخرون للقضية القومية لا القضية القومية للأفراد" .
سفر الزعيم
- في أوائل عام 1938 طرح سعاده في المجلس الأعلى للحزب موضوع قيامه بجولة على المغتربات الأميركية خاصة البرازيل، الأرجنتين المكسيك والولايات المتحدة، وبعد البحث تقرر أن يقوم الزعيم بهذه الجولة في ذلك العام نفسه. وحدث بعد ذلك بخمسة شهور أن الزعيم عرف بأن السلطات المنتدبة تبيّت نية سيئة نحوه وتحيك مؤامرة خبيثة للإيقاع به وبالحزب وضربه ضربة قاسية جداً، فعجّل بتنفيذ القرار بالسفر(2) .
في رسالته إلى المجلس الأعلى الموجهة إليه من قبرص في 2 تموز 1938 يقول سعاده: ".ومن الأخبار الواردة في رسالتكم، اتضحت لي جلية صحة تقديري الموقف والظروف قبل مغادرتي. فلو أني ترددت أو أبطأت، لكنت الآن غنيمة لأعدائي وأعداء الأمة "(3) .
- في مخطوطة مذكراته يفيد الأمين كامل أبو كامل(4) بعد أن يوضح أن سعاده منح رتبة الأمانة إلى الرفقاء فخري معلوف، نعمة ثابت، مأمون أياس، كامل أبو كامل، عبدالله قبرصي، جورج عبد المسيح، معروف صعب، عجاج المهتار، أنيس فاخوري، مصطفى المقدم(5) ونجلا معتوق يقول: " بعد أن تبلغت منحي رتبة الأمانة مع نسخة عن مرسوم رتبة الأمانة وشروطها، ومرسوم تشكيل المجلس الأعلى بأسبوع، دعيت لاجتماع يعقد في بيت نعمة ثابت. وعندما تكامل عدد المدعوين دخلنا غرفة الاجتماع وتمّ انتخاب أول مجلس أعلى للحزب بحضور الزعيم، ويضيف " أنه بعد أن جرى الاقتراع على الرئاسة وفاز فخري المعلوف برئاسة المجلس، تمّ عقد أول اجتماع رسمي واختصر الاجتماع على قرار واحد هو تعيين موعد ومكان الجلسة المقبلة. وأخذ المجلس علماً في هذه الجلسة بأن الزعيم قد يجوز أن يتركنا بوقت قريب ".
- يفيد الأمين جبران جريج في الصفحة 216 من الجزء الرابع من مجلده "من الجعبة": " أنه جرى في الأسبوع الذي سبق انتقال الزعيم من بيروت اتخاذ بعض التدابير الاحترازية منها تفريغ مركز الحزب في شارع المعرض من جميع الوثائق الحزبية، كذلك إخلاء مكتب جريدة "النهضة"(6) بعد أن كان صدر قرار بتعطيلها إلى أجل غير مسمى، ونقل اللوحة التي تحمل اسمها إلى حيث مركز الحزب للتدليل على استمرار وجود الجريدة بالرغم من قرار تعطيلها "، ويضيف أنه في المكتب المذكور جاء المباشر القضائي يبلغ سعاده مذكرة صادرة من المستنطق رضا التامر بوجوب حضوره إلى دائرته لاستجوابه حول دعوى مقامة ضده. فرفض تبلغ المذكرة " لأن المكان لم يعد يخص أنطون سعاده زعيم الحزب السوري القومي بل هو يخص جريدة "النهضة" .
لم تتمكن الدولة والأجهزة الأمنية من معرفة أن سعاده غادر لبنان إلا بعد مرور شهر، وهذا مما زاد في انفجار حقد الدوائر المتربصة بعد أن عجزت عن القبض على سعاده، كما معرفة مكان وجوده، فتعرض السوريون القوميون الاجتماعيون إلى حملات دهم واعتقال. إزاء هذه الحملة صدر بيان حزبي شديد اللهجة جاء فيه: " تبين بما لا يقبل الشك أن الخطة التي وضعت للقضاء على الحزب السوري القومي كانت حقيرة وسخيفة. حقيرة لأنها أظهرت حقارة القائمين بها وجبنهم عن مجابهة الحزب في الميدان السياسي، وسخيفة لأنها دلت على سوء فهم الاختبارات السابقة وعدم تقدير قوة الحزب الحقيقية " .
- في 11 حزيران 1938 غادر سعاده بيروت متوجهاً إلى دمشق، حيث مكث فيها يومين يتفقد شؤون المنفذية(7) ثم تابع سفره في اليوم الثالث إلى عمان حيث كان في استقباله مدير مديرية عمان المستقلة الرفيق مجد الدين الجابري(8) وعدد من الرفقاء .
- في 18 حزيران تمّ لقاء سعاده بعاهل شرق الأردن الأمير عبد الله، إلا أن المقابلة لم تكن ودية، فسعاده " لم يحافظ على أصول البروتوكول"، فهو لم ينحن ولم يقبل يد الأمير، بل مد يده وصافحه مصافحة الند للند، لذا لم تدم المقابلة طويلاً وأنهاها سعاده مودعاً الأمير وهو منتصب القامة كما عند قدومه(9).
- يقول الأمين جبران جريج في الصفحة 219 في كتابه "من الجعبة" – الجزء الرابع، أن سعاده ترك في عمان
" صداقتين قويتين، إحداهما صداقة أبو فيصل الشنقيطي الذي تربطه علاقة وثيقة حميمة بالأمير عبدالله، والثانية صداقة طلال ولي العهد الذي أعجب بالزعيم وأفكاره التحررية التقدمية حتى أنه سرت إشاعة أنه انتمى إلى الحزب" .
- صباح الثلاثاء 21 حزيران غادر سعاده عمان عن طريق اربد، جسر المجامع، طبريا حيث زار منزل القسيس عبدالله الصايغ(10) فتناول فيه الغداء ثم تابع نحو حيفا .
- التقى سعاده في حيفا منفذها الرفيق كميل جدع(11) والرفقاء وعقد لهم اجتماعات إدارية وعامة، وفي 23 حزيران غادر سعاده بالباخرة إلى قبرص فوصلها في نفس اليوم .
هوامش
(1) عرف بقانون قمع الجرائم الذي كان يعني أن كل فئة تتجاوز الخمسة أشخاص تجتمع في مكان ما بغير إذن رسمي وتشاء الحكومة أن تظن أنه يوجد مقاصد وراء الاجتماع فلم يكن ما يمنع من دخول رجال التحري والأمن العام واستياق المجتمعين إلى دوائر التحقيق .
(2) "سعاده في المهجر" – الجزء الثاني ص 57 .
(3) يقول سعاده في العدد الأول من جريدة "سورية الجديدة" ، الصادر في 11 آذار 1939 "وفي الحقيقة أن هذه الملاحقة الرابعة (الملاحقات الثلاث هي الاعتقالات التي تعرض لها سعاده) التي أظهرت فشل الحكومة اللبنانية وتفوق مؤسسات الحزب عليها كانت بناء على ما بلغ دائرة الاستخبارات الفرنسية عن قيام الحزب بتوسيع دائرة التدريب التطوعي وتوزيع بعض الخبراء العسكريين على بعض المناطق الاستراتيجية وإعداد الزعيم برنامج رحلته إلى المهاجر. فأوعز إلى مكتب التحريات (كان يرأسه القاضي فرنان أرسانيوس) بملاحقة الحزب والقبض على زعيمه وأركانه، ويظهر أن دوائر استخبارات الحزب (م.أ.م.) كانت أقوى وأسرع من دوائر استخبارات جيش الشرق (الفرنسي) ومكتب التحريات إذ أن دوائر الحزب العليا أخذت علماً بالتدابير جميعها فأمرت بإحداث تنقلات بعض الموظفين والمدربين بحيث يتعذر على أعداء الحزب تطبيق معلوماتهم وتعليماتهم وباشر الزعيم رحلته في الوقت الذي كان معيناً ولم يطلع عليه غير أعضاء المجلس الأعلى" .
(4) تولى في الحزب مسؤوليات محلية (منفذ عام) ومركزية عديدة منها عمدة الدفاع وانتخب عضواً في المجلس الأعلى .
(5) في إحدى النشرات الرسمية أواخر الأربعينات ورد أن الرفيق مصطفى المقدم (لا الأمين) عين منفذاً عاماً لطرابلس. هذا ما لفتنا إليه الرفيق إبراهيم يموت. إلا أن الأمناء جبران جريج، عبدالله قبرصي وكامل أبو كامل يوردون في مذكراتهم أن سعاده منح الرفيق المقدم رتبة الأمانة في الثلاثينات، ولم يحصل أن جرده منها. لذلك نحن نميل إلى الاعتقاد أن ما نشر في النشرة الرسمية كان خطأً مطبعياً. نأمل من كل أمين أو رفيق يملك ما يفيد فيه في هذا المجال أن يكتب لنا ، من أجل جلاء الحقيقة.
(6) كان مكتبها يقع في بناية صفير – شارع المطران خلف مبنى بلدية بيروت .
(7) فيما سعاده في دمشق اتصل به الرفيق حمود هاني من رأس المتن يستأذنه بخوض القتال ضد اليهود في فلسطين برفقة الرفيقين خليل الطويل وعارف نبا، فنال الموافقة. (من الجعبة – الجزء الرابع، ص 216) .
(8) من مدينة حلب أساساً، وهو مهندس .
(9) مراجعة رسالة سعاده إلى رئيس المجلس الأعلى فخري معلوف التي وجهها إليه من قبرص في 25 حزيران 1938 .
(10) والد الرفقاء الدكتور يوسف، فايز وأنيس صايغ. يفيد سعاده في رسالته إلى فخري معلوف بتاريخ 25 حزيران "عرجت على منزل أهل يوسف ووجدت هناك فؤاد وتناولت الغداء عنده وتابعت إلى حيفا" .
(11) منح لاحقاً رتبة الأمانة وتولى العديد من المسؤوليات المركزية .
|