إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مراكز الحزب في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2022-04-27

إقرأ ايضاً


نعرض ما توفر من معلومات عن الأماكن التي اتخذها الحزب في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي مراكز له، وذلك عبر ما اورده الأمناء جبران جريج، عبدالله قبرصي، ابراهيم يموت، نواف حردان، وشوقي خيرالله في مؤلفاتهم، وما كان أكد عليه الأمين عبدالله قبرصي في لقاءات معه.

ونأمل من كل من له ملاحظات، او إضافات، ان يكتب لنا.

*

أول مركز للحزب

يفيـد الأمين جريج في الجزء الأول من مجلده "من الجعبة" (الصفحة 275) بما يلي:

"بعد هذا الإنتشار وجد الزعيم أنه أصبح من الضروري اتخاذ مركز عمل للحزب غير منزله(1) او منزل جريس الحداد، والد الرفقاء فؤاد، يوسف وعفيفه، فتمّ الرأي مع الرفيق البير مفرّج على إستئجار شقة في بناية، فوضع الإختيار عليها في أول شارع فوش (وسط المدينة)، واتخذت تجارة الزيت مظهرا تمويهيا لها، وذلك بتنكات الزيت المودعة عند مدخلها أو في إحدى غرفها، واصبحت المواعيد مع الزعيم تتم فيها. إلا أن الأمين جبران يورد في الصفحة 275 إسم الرفيق فؤاد مفرج، لا البير مفرج على أنه مؤسس شركة تجارية مساهمة بإسم "الشركة التجارية السورية المساهمة"، ويفيد في الصفحة 279 من الجزء المشار اليه آنفا بما يلي:

" عرفت أن الحزب اتخذ له مكتبا في شارع فوش، قمت بزيارة له للتهنئة بهذه الخطوة التي تدل على تقدمنا.. كان المكتب بظاهره مكتبا لشركة تجارية أسسها الرفيق فؤاد مفرج، في أروقته وامام بعض غرفه تنك زيت للتجارة، كل هذا للتمويه".

*

الأمين عبدالله قبرصي يروي كيف اعتقل قبل يوم واحد من موعد عرسه (صفحة 92) في الجزء الأول من

"عبدالله قبرصي يتذكر".

" صبيحة 16 تشرين الثاني 1935 كنت في متجر لآل كرم، مقابل محلات ابي راشد الشهيرة على زاوية المعرض، وفجأة يطل علي الرفيق عادل عيتاني- المحامي الذي فقدناه باكرا- وكان كالح الوجه مهرولا، ويقول لي: ماذا تفعل هنا. الزعيم في السجن !.. يا للهول، ارتجفت فرائصي، وكادت تقع من يدي الكفوف البيضاء وربطة العنق السوداء، والقميص الأبيض المنشى، ومحرمة الحرير، التي كنت ابتعتها لتوي من متاجر المنطقة الخضراء. قلت للرفيق عادل، هيا بنا الى مركز الحزب، لنقف على الحقيقة. كانت سرية الحزب ضمن أسوار من اليقظة والحذر والرهبة. ما خطر ببالي فعلا أن الحزب انفضح. خامرني شك أن يكون الزعيم تعرض لسوء فدافع عن نفسه بقبضة يده الحديدية !...

" مع أن المسافة قريبة، شعرت أن قدميّ لن تحملاني بسهولة. آثرت أن أركب سيارة تاكسي، انطلقت بنا أنا وعادل برمشة عين الى الشركة السورية التجارية في شارع فوش. لا تزال البناية الى اليوم قائمة ولا يزال فيها فندق الامبريـال الذي كان في ذلك الزمان. قلت لسائق التاكسي الذي كنت أعرفه ان ينتظرنا. ورحت أركض وعادل يلحق بي الى الشركة - المركز. صعدت السلم قفزا، وجدت شرطيا على المدخل، لم آبه له ولا به اكترثت. عادل كان أكثر مني روية وحكمة. شاهد الشرطي، فلم يدخل ورائي. أكمل صعود السلم الى فندق الامبريـال ونجا بنفسه. فوجئت مفاجأة اخرى، فالمكان مكتظ بوجود الرفقاء الذين أعرف أكثرهم، وهم واجمون. أحسست بالخطر، وحاولت التمويه. في نفس الطابق شركة فوزي وإميل عازار للاستيراد والتصدير. أنا وكيلهما العام في المحاماة. تحدثت اليهما، وكنت مديونا لهما ببعض المال فهما ساعداني على تأمين نفقات العرس. ثم انصرفت أحاول الخلاص ولكن بعد أن دخلت الحمام وأحرقت كل ورقة حزبية في جيبي... قال الشرطي الرابض على الباب الخارجي: "ممنوع الخروج" "

بعيـد خروج سعاده من الإعتقال الثاني عام 1936، تم إستئجار مكتب للحزب في الطابق الرابع من بناية حسن ووفيق القصار(2) في زاوية الإلتقاء بين شارعي المعرض وويغان (وسط المدينة) حيث كانت محلات أبو راشد الشهيرة تحتل قسما كبيرا في الطابق الأرضي.

تم إستئجار المكتب بإسم الرفيق المهندس جورج حداد.

*

مركز الحزب في العام 1940

يورد الأمين ابراهيم يموت في الصفحة 76 من كتابه "الحصاد المر" أنه في مطلع العطلة الصيفية عام 1940 استدعاني المسؤولون الى المركز الحزبي المؤقت في شقة منفردة تقع بين بساتين التوت والبطاطا والبندورة جنوبي شارع الحمراء اليوم، بملك شاتيلا، وكان المسؤولون هناك يعملون بصورة سرية ويؤمنون الإتصال ببعض المسؤولين في المناطق عن طريق نواميس الإرتباط. ويضيف " ابلغني مأمون إياس، عميد الداخلية، تعييني منفذا عاما لبيروت بالوكالة، بالإضافة الى مسؤولية ناظر إذاعة، فوافقت ".

*

علّية الحزب

في مذكراته يتحدث الأمين شوقي خيرالله عن فترة العمل الحزبي عام 1944(3) فيورد أن مركز الحزب آنذاك كان في سوق آياس (المجاور لسوق الطويلة) " ونصعد اليه في درج لولبي كالصاعد الى مأذنة أو منارة، وهو عبارة عن علّية واسعة يعمل فيها فارس معلولي(4) ليل نهار، وبجانب العلّية دار العالم العربي التي يعمل فيها فريد مبارك(5) ومأمون إياس، ومحمد إدلبي(6) ويتردد اليها دائما نعمة تابت، رئيس المجلس الأعلى، وفؤاد ابو عجرم، رئيس مجلس العمد، والدكتور كريم عزقول عميد الإذاعة وأسد الأشقر عميد الدفاع، وجبران جريج عميد المالية، وهناك كان يأتي أديب الشيشكلي وصلاح الشيشكلي واكرم الحوراني وعساف كرم، فيما كان أديب قدورة منفذاً عاماً لبيروت ومعه هيئة مشهورة بنشاطها: زكريا لبابيدي(7) خليل ابو عجرم(8) وحولهم ومعهم عثمان ارضروملي(9) محمد راشد اللاذقي(10) ومحمد شاتيلا(11). وعنه أيضا يشير الأمين ابراهيم يموت في الصفحة 116 من "الحصاد المر"، والفترة بداية العام 1944، "عملت حزبيا في عمدة المالية، كان عميد الإذاعة الدكتور كريم عزقول ووكيله غسان تويني، ومكتب الحزب في بناية متواضعة في سوق أياس تطلع عليه بدرج ضيق".

*

في شارع المعرض

في كتابه على "دروب النهضة" تحدث الأمين نواف حردان في أكثر من مكان عن قيام الحزب بإستئجار مركز له في شارع المعرض. في رسالته بتاريخ 20/6/1944 الى الرفيق يوسف ضاهر(12) يفيد في الصفحة 102 أن المركز استأجر غرفتين في شارع المعرض لتكونا مكتبا مؤقتا له.

وفي يومياته، تاريخ 15/08/1947 الصفحة 193 يورد التالي: قصدت مركز الحزب في شارع المعرض في بيروت كي أقابل عميد الداخلية .

وفي يومياته بتاريخ 02/08/1949 الصفحة 230 يسجل ما حدث معه صباح يوم الجمعة 10/06/1949، يقول: " لم يكن لي عمل ذلك النهار في المدرسة، بسبب ذهاب التلاميذ مع إحدى المعلمات في نزهة الى جبيل، فقررت النزول الى بيروت، أقضي النهار فيها، أتنسم أخبار الحزب والزعيم، وأزور الأستاذ محمد البعلبكي، صاحب جريدة "كل شيء" الذي كان قد نشر لي بعض المقالات في جريدته.

وما كادت تصل بي السيارة الى فرن الشباك، حتى لفت نظري عنوان الصفحة الأولى من جريدة "التلغراف" يقول: " اشتباك بين القوميين والكتائب في الجميزة". فاندفعت بسرعة ونزلت من السيارة، أنتزع من بائع الصحف أحد اعداد الجريدة، ولا أدري كيف قرأت الخبر عن ذلك الإصطدام، بل أذكر انني أسرعت واستأجرت سيارة تاكسي، وطلبت من سائقها أن يأخذني الى شارع المعرض، حيث كان مركز الحزب. لأستخبر من أحد المسؤولين عن صحة خبر الإصطدام وعما ينوي الحزب القيام به.

" ورحت أصعد بعد وصولي شارع المعرض، درج البناية الى الطابق الرابع بسرعة. ولكن كم كانت دهشتي كبيرة عندما وصلت ووجدت باب مركز الحزب، مقفلا ومختوما بالشمع الأحمر. وعدت أدراجي ينتابني قلق وتوتر كبيرين، وصعدت الى إحدى حافلات الترمواي، الى رأس بيروت، قاصدا " مصبغة سوريا" في شارع جان دارك، التي كان يملكها الأمين عجاج المهتار، لكي أعرف منه حقيقة ما جرى ويجري، ثم أتابع منها الى بيت الزعيم القريب. لم أجد الأمين عجاج في المصبغة.. ولكني وجدت زوجته الرفيقة سوريا فقط، فأخبرتني أن الحكومة تريد شرا بالحزب، وإن الزعيم غادر بيته الى مكان مجهول، وان رجال الأمن والجيش وصلوا البيت بعد مغادرة الزعيم له بنصف ساعة فقط، والقوا القبض على أكثر من أربعين أمينا ورفيقا كانوا قد تجمعوا هناك.. وإن الأمين عجاج أسرع وغادر بيروت الى طرابلس بعد ذلك بقليل .

لم أنتظر أكثر من ذلك، فأسرعت الى بيت الزعيم، بالرغم من محاولة الرفيقة سورية منعي من ذلك، بحجة أن بيت الزعيم والمنطقة المحيطة بها هما تحت مراقبة رجال الأمن. ولم أجد في بيت الزعيم عندما وصلته، سوى بعض الرفيقات يتهامسن، وعليهن تبدو مظاهر الحماس والقلق والنقمة .

استأذنت وطلبت مقابلة الأمينة الأولى، التي أسرعت واستقبلتني وهي متيقظة حذرة .

قدمتُ نفسي لها بصفتي منفذ عام منفذية مرجعيون فقالت لي:

إذهب الى مرجعيون حالا، وعندما تعلم أن الحزب أشعل نار الثورة، بادر مع الرفقاء هناك لإحتلال مخافر الدرك والإستيلاء على أسلحتهم .

هوامش

(1) درج الرفقاء على تسميته بـ "الكوخ" وكان يقع في شارع المقدسي، ومالكه من آل المقدسي .

(2) أورد الأمين جبران جريج أن البناية هي لآل البحصلي (الصفحة 123 في الجزء الثالث، من كتابه " من الجعبة ") انما

يؤكد الأمين عبدالله قبرصي انها لحسن ووفيق القصار، ونحن أقرب الى ذلك .

(3) الصفحة 86 من مذكراته .

(4) من بلدة راشيا الوادي، تولى مسؤوليات عديدة وكان ناشطا في الأربعينات ثم في الخمسينات عندما انتقل الى دمشق،

في تموز 1949. بعيد ذلك غادر الى اكرا-غانا وكان رجل أعمال ناجح. منح رتبة الأمانة

في تشرين الأول 1954 .

(5) من كسروان، نشط إذاعيا وثقافيا في أربعينات القرن الماضي .

(6) من بيروت، عمل مدرّساً وهو من خيرة القوميين نشاطا وفهما وذكاء كما يورد عن الأمين يوسف الدبس في كتابه "في

موكب النهضة". نشط حزبيا في اربعينات القرن الماضي وتولى مسؤوليات في منفذية بيروت. غادر الى الخليج للعمل

واذ عاد واشترى مطبعة مع صديقه ورفيقه زكريا لبابيدي وافته المنية اثر تدهور السيارة التي كانت تقلّه.

(7) من أميز مناضلي الحزب في بيروت، تولى الكثير من المسؤوليات المركزية والمحلية، مديراً لجريدة البناء، دخل

السجون مرارا وتكرارا وبقي على إيمانه وإلتزامه .

(8) من بعقلين ومن أمناء الحزب، شقيقه الأمين فؤاد ابو عجرم، أحد منارات الحزب في الشوف.

(9) من الرفقاء المناضلين في بيروت، تحدث عنه الأمين شوقي خيرالله في أكثر من مكان في مذكراته .

(10) منح رتبة الأمانة في أواسط عام 1954 تولى مسؤوليات مركزية في الأربعينات، منها عمدة الداخلية. تعين منفذا

عاما لبيروت أكثر من مرة، وخازنا للمنفذية. كان لسنوات طويلة رئيس الديوان في بلدية بيروت .

(11) هو الأمين محمد حمزة شاتيلا المعروف بنشاطه ومسؤولياته الحزبية وحضوره في منفذية بيروت .

(12) من بلدة بيت لهيا (راشيا الوادي)، غادر الى الأرجنتين ونشط فيها حزبيا ومتوليا المسؤوليات الى أن فارق الحياة.



 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024