فيما كنت اراجع أعداداً قديمة لدي من مجلة "البناء – صباح الخير" اطلعت في العدد رقم 623 تاريخ 19/3/1988 على التحقيق الذي كان أعده المؤرخ والإعلامي الرفيق بدر الحاج تحت عنوان "بلدة العلم في سورية، الشوير– صور من الماضي".
لأهمية مضمون التحقيق، انقله كما ورد في العدد المذكور أعلاه، مضيفاً إليه معلومات أولية حصلتُ عليها عن عدد من المذكورين في التحقيق، آملاً من الرفقاء والمواطنين من ابناء بلدة الشوير ان يفيدوننا بالمعلومات المتوفرة لديهم.
*
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدأ متحد الشوير في جبل لبنان ينزع عنه تدريجياً أنماط التخلف والجهل مقتحماً فجر المعرفة. وفي نهاية القرن الماضي كانت الشوير "بلدة العلم" في سورية على حد تعبير كل من المستشرق الروسي أ. كريمسكي في كتابه "رسائل من سورية 1898 – 1896"، والدكتور وليم كارلسروه الذي تولى إدارة مدرسة الشوير منذ السنة 1875 وحتى وفاته في منتصف العقد الثاني من القرن الحالي، والذي اعتبر في تقرير له كتبه سنة 1898 أنه لا يوجد قرية في سورية فيها نسبة المتعلمين كما في الشوير(1).
المعلم يوسف صوايا مع بعض اساتذة وتلامذة مدرسة الشوير الثانوية
وكانت الشوير قد شهدت أيضاً أول مطبعة عربية في لبنان، حيث أسس الأب عبد الله زاخر في دير مار يوحنا ثاني مطبعة عربية في سورية بعد مطبعة حلب وصدر عن هذه المطبعة أول كتاب معرّب للأب نيارمبرغ بعنوان "ميزان الزمان" وذلك سنة 1733 – 1734.
في هذا الجو العلمي وُلد وشبّ سعاده، وعاش ويلات الحرب العالمية الأولى وواجه الأحقاد المذهبية والصراعات المذهبية بين الكاثوليك والارثوذكس والبروتستانت في بلدته، وبين الأطراف الطائفية الأخرى في سورية.
وبعد مجازر سنة 1860 وكان عدد سكان الشوير آنذاك ما يقارب الألفي نسمة، بدأت مدرسة الشوير للمرسلين الأمريكيين بالعمل. ثم تولّت كنيسة "اسكتلندا الحرة" إدارة المدرسة منذ سنة 1874 حيث تحوّلت "الشوير" الى مركز رئيسي للحركة التعليمية في جبل لبنان وانتشرت المدارس التي كانت تدار من "الشوير" في كل من بسكنتا، كفرعقاب، المحيدثة، بتغرين، صليما، أرصون، رأس المتن، حمانا، عبيه، وزرعون.
والتقارير التي كتبها الاسكتلنديون في الفترة ما بين 1862 وحتى مطلع القرن تشير بالتفصيل الى الوضع الاجتماعي، والاقتصادي، والمذهبي، والتعليمي، والسياسي أيضاً في بلدة "الشوير". ومما لا شك فيه أن لهذه التقارير أهمية وثائقية وتاريخية هامة للكتابة عن تاريخ بلدة "الشوير". ومن هذه التقارير نعلم أنه بحلول عام 1870 كانت عدد الطالبات في مدرسة "الشوير" ما بين 60 و 70 طالبة، وكان هذا الرقم ينخفض في موسم الحرير وذلك لانشغال الفتيات في القطاف. اما الشباب فكان عددهم يتراوح ما بين 120 و 150 طالباً. وكانت "الشوير" معروفة بأبنيتها الجميلة، وبتفوق بنائّـيها وشهرتهم في كل أنحاء سورية.
عائلة الياس نجم الخوري مجاعص ويبدو الامين وديع الياس في الصف الثاني (الثاني الى اليمين) حوال 1929.
كما كان دير مار الياس شويّا ملجأ للمعارضين الروس ومحجّـة للرحالة، ويصف الدكتور خليل سعاده في مقدمة روايته "أسرار الثورة الروسية" الدير المذكور حيث التقى فيه أحد قادة الفوضويين الروس اللاجئين فيقول: " يرى السائح بين هضاب لبنان وانجاده بناء فخيماً على شاهق من ربوة تحف بها الأنجم والأشجار، وتعلوها الرياحين والازهار، يجري في سفحها العقيق أخاديد في أعماق الوهاد، وتتجلى الطبيعة حولها ملكة بارزة في جلباب العظمة والجمال، فإنك إذا نظرت شرقاً رأيت جبل "صنين" وقد لبس تاجاً من الثلوج ينطح به هام السحاب وقد تلبّد الغمام فوقه جلابيب بعضها فوق بعض، ثم تتبدى أمامك سلسلة من الجبال تخترقها الأودية وقد كساها النبات وغطّت سفحها الأشجار، وإذا أدرت لحاظك غرباً، وجدت البحر المتوسط منبسطاً رقعة زرقاء كأنه عند موطئ قدميك تتهادى أمواجه الطامية متلاحمة على سطحه، فإذا قربت من البر تنفست زبداً وانبسطت على تلك الرمال حيث قائمة هنالك تلك العروس البديعة مدينة بيروت الجميلة التي قال بشأنها امبراطور المانيا عند وصوله إليها انها أثمن درة في تاج سلطنة بني عثمان.
وهذا البناء الفخيم الذي أتينا على ذكره الان انما هو معبد قديم العهد كان أولاً بناء صغيراً لفئة من النساك الذين زهدوا عن الدنيا، اطلق عليه اسم دير مار الياس شويّا، وكان اول عهده بناية صغيرة تقي ساكنيها وقع الصواعق وتهاطل الثلوج المتراكمة وانهمال الأمطار الغزيرة. فلما اتبعت الرهبنة سنة الارتقاء وكثرت أوقاف المعبد ودرّت خيراتها وانهالت على الخزينة دنانير الزوار، شيد أولئك النساك قصراً منيفاً إذا وقفت على سطحه رأيت منظراً من أبدع مناظر الطبيعة وأشدها وقعاً في القلوب والنفوس.
ثم أن في جو سفح هذا المعبد بلدة من مطمئن الارض تسمى الشوير، كانت أولاً غاباً كثيفاً ينفجر الماء منه زلزالاً فاتخذ بعضهم منذ بضعة قرون هذه البقعة موطناً لهم، فقطعوا الأشجار، وابتنوا المنازل، وكانت أوائل أمرها صغيرة ثم تدرجت حتى صارت الأن بفضل جدِ أهلها مدينة صغيرة كانت من أكثر المدن التي طلع عليها فجر المعارف في لبنان وبزغت على أهلها شمس العلوم ...(2).
حفلة سكر لشباب الشوير، ويبدو في الصورة من اليمين الى اليسار كل من: رشيد عيد خنيصر، توفيق نصار مفرج،
ادمون سابا الحلبي، بهيج سابا الحلبي، جميل يارد، انيس سابا الحلبي، سليم نجيب عطايا واميل سابا الحلبي (حوالي1924)
وشمس العلوم التي يتحدث عنها الدكتور سعاده سطعت في سماء البلدة حيث أسس الدكتور حبيب همام أول عيادة طبية له سنة 1891. ومارس الدكتور سعاده شخصياً الطب في البلدة بعد تخرّجه من الجامعة الأميركية في بيروت، ولمع الدكتور غص الحاوي وزوجته الأنكليزية، والدكتور ملحم حداد الذي أسس عيادته في الشوير 1898، وغيرهم عديدون ممن هاجروا الى الولايات المتحدة الأميركية والبرازيل وروسيا واوستراليا وذلك في نهاية القرن الماضي حيث كان الوضع الاقتصادي متردياً. ويذكر المسشترق الروسي كريمسكي شيئاً عن هجرة الشويريين فيقول في رسالة له بتاريخ 29 – 30 تموز سنة 1897: " التقيت بمخائيل شديد يافث التبشراني الذي درس في مدينة "كييف" في روسيا ويتقن اللغة الروسية، فشرح لي أهداف هجرة الشويريين الذين تدفقوا الى البرازيل لتعاطي تجارة سلع الزينة الأوروبية فيها، ومنذ عشر سنوات تشكلت في البرازيل، ولا سيما في مدينة سان باولو الى الشمال من ريو دو جانيرو جالية كبيرة تملك خبرة كبيرة في تجارة الجملة ...."(3)
ولم تُـسجل الحياة اليومية في الشوير في كتابات الرحالة المستشرقين فقط بل سجلتها بجمالية رائعة عدسات مصورين شويريين أمثال: ابراهيم الحاج قربان، نسيب نصر سمعان، بونعمة صوايا، الياس الخوري، ووديع سبع مجاعص. والقليل من المعلومات عن هؤلاء المصورين معروف. إلا أن هناك أحاديث متفرقة يذكرها شيوخ البلدة عن "مصوري الشمس" في بلدتهم. ويذكر كريمسكي في كتابه "رسائل من سورية" المصوّر سمعان صوايا بقوله: " ذهبت الى مكتب البريد في الشوير لاستعلم عن إمكانية ارسال رسائل مضمونة بواسطته. مكتب البريد في الشوير عبارة عن صندوق وطاولة في إحدى الحانات حيث تباع البقالة كالأرز والسكر والبن والخضار. صاحب الحانة هو مسؤول البريد وهو كذلك مصور فوتوغرافي. أعربت له عن رغبتي بشراء بعض مناظر منطقة الشوير منه، لكنه لم يكن يملك سوى صورتين لديرين من الأديرة المجاورة. طلبت إليه أن يأخذ صوراً لبعض الأماكن الطبيعية الجميلة فوافق ووعدني بذلك"(4).
لعبة السيف والترس في عرس ميشال قيامة ويبدو في مقدمة الصورة اللاعبان جميل قيامة الى اليمين ووديع الحاوي الى اليسار
والصور المنشورة في هذا التحقيق هي جزء من مجموعة كبيرة لبلدة الشوير التقطها المصور وديع سبع مجاعص. ومن خلالها نرى لحظات من زمن هذه البلدة العظيمة وقد جمدت في صور تنقل لنا أحداثاً ومناسبات ووجوه غاب معظمها، وكذلك عادات وتقاليد وأزياء اندثرت مع مرور الزمن.
هوامش:
(1) راجع “THE STORY OF THE LEBANON SCHOOLS AND THE FREE CHRUCH OF SCOTLAND” COMPILED BY REV.J. ROBERTSON BUCHAMAN 1957.
(2) الدكتور خليل سعاده " أسرار الثورة الروسية" القاهرة 1905 المقدمة.
(3) أ. كريمسكي "رسائل من سورية" 1869 – 1898" ترجمة يوسف عطا الله، دار المدى للطباعة والنشر بيروت 1985 صفحة 223.
(4) المرجع السابق صفحة 208.
*
فيما كنت اراجع أعداداً قديمة لدي من مجلة "البناء – صباح الخير" اطلعت في العدد رقم 623 تاريخ 19/3/1988 على التحقيق الذي كان أعده المؤرخ والإعلامي الرفيق بدر الحاج تحت عنوان "بلدة العلم في سورية، الشوير– صور من الماضي".
لأهمية مضمون التحقيق، انقله كما ورد في العدد المذكور أعلاه، مضيفاً إليه معلومات أولية حصلتُ عليها عن عدد من المذكورين في التحقيق، آملاً من الرفقاء والمواطنين من ابناء بلدة الشوير ان يفيدوننا بالمعلومات المتوفرة لديهم.
*
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدأ متحد الشوير في جبل لبنان ينزع عنه تدريجياً أنماط التخلف والجهل مقتحماً فجر المعرفة. وفي نهاية القرن الماضي كانت الشوير "بلدة العلم" في سورية على حد تعبير كل من المستشرق الروسي أ. كريمسكي في كتابه "رسائل من سورية 1898 – 1896"، والدكتور وليم كارلسروه الذي تولى إدارة مدرسة الشوير منذ السنة 1875 وحتى وفاته في منتصف العقد الثاني من القرن الحالي، والذي اعتبر في تقرير له كتبه سنة 1898 أنه لا يوجد قرية في سورية فيها نسبة المتعلمين كما في الشوير(1).
المعلم يوسف صوايا مع بعض اساتذة وتلامذة مدرسة الشوير الثانوية
وكانت الشوير قد شهدت أيضاً أول مطبعة عربية في لبنان، حيث أسس الأب عبد الله زاخر في دير مار يوحنا ثاني مطبعة عربية في سورية بعد مطبعة حلب وصدر عن هذه المطبعة أول كتاب معرّب للأب نيارمبرغ بعنوان "ميزان الزمان" وذلك سنة 1733 – 1734.
في هذا الجو العلمي وُلد وشبّ سعاده، وعاش ويلات الحرب العالمية الأولى وواجه الأحقاد المذهبية والصراعات المذهبية بين الكاثوليك والارثوذكس والبروتستانت في بلدته، وبين الأطراف الطائفية الأخرى في سورية.
وبعد مجازر سنة 1860 وكان عدد سكان الشوير آنذاك ما يقارب الألفي نسمة، بدأت مدرسة الشوير للمرسلين الأمريكيين بالعمل. ثم تولّت كنيسة "اسكتلندا الحرة" إدارة المدرسة منذ سنة 1874 حيث تحوّلت "الشوير" الى مركز رئيسي للحركة التعليمية في جبل لبنان وانتشرت المدارس التي كانت تدار من "الشوير" في كل من بسكنتا، كفرعقاب، المحيدثة، بتغرين، صليما، أرصون، رأس المتن، حمانا، عبيه، وزرعون.
والتقارير التي كتبها الاسكتلنديون في الفترة ما بين 1862 وحتى مطلع القرن تشير بالتفصيل الى الوضع الاجتماعي، والاقتصادي، والمذهبي، والتعليمي، والسياسي أيضاً في بلدة "الشوير". ومما لا شك فيه أن لهذه التقارير أهمية وثائقية وتاريخية هامة للكتابة عن تاريخ بلدة "الشوير". ومن هذه التقارير نعلم أنه بحلول عام 1870 كانت عدد الطالبات في مدرسة "الشوير" ما بين 60 و 70 طالبة، وكان هذا الرقم ينخفض في موسم الحرير وذلك لانشغال الفتيات في القطاف. اما الشباب فكان عددهم يتراوح ما بين 120 و 150 طالباً. وكانت "الشوير" معروفة بأبنيتها الجميلة، وبتفوق بنائّـيها وشهرتهم في كل أنحاء سورية.
عائلة الياس نجم الخوري مجاعص ويبدو الامين وديع الياس في الصف الثاني (الثاني الى اليمين) حوال 1929.
كما كان دير مار الياس شويّا ملجأ للمعارضين الروس ومحجّـة للرحالة، ويصف الدكتور خليل سعاده في مقدمة روايته "أسرار الثورة الروسية" الدير المذكور حيث التقى فيه أحد قادة الفوضويين الروس اللاجئين فيقول: " يرى السائح بين هضاب لبنان وانجاده بناء فخيماً على شاهق من ربوة تحف بها الأنجم والأشجار، وتعلوها الرياحين والازهار، يجري في سفحها العقيق أخاديد في أعماق الوهاد، وتتجلى الطبيعة حولها ملكة بارزة في جلباب العظمة والجمال، فإنك إذا نظرت شرقاً رأيت جبل "صنين" وقد لبس تاجاً من الثلوج ينطح به هام السحاب وقد تلبّد الغمام فوقه جلابيب بعضها فوق بعض، ثم تتبدى أمامك سلسلة من الجبال تخترقها الأودية وقد كساها النبات وغطّت سفحها الأشجار، وإذا أدرت لحاظك غرباً، وجدت البحر المتوسط منبسطاً رقعة زرقاء كأنه عند موطئ قدميك تتهادى أمواجه الطامية متلاحمة على سطحه، فإذا قربت من البر تنفست زبداً وانبسطت على تلك الرمال حيث قائمة هنالك تلك العروس البديعة مدينة بيروت الجميلة التي قال بشأنها امبراطور المانيا عند وصوله إليها انها أثمن درة في تاج سلطنة بني عثمان.
وهذا البناء الفخيم الذي أتينا على ذكره الان انما هو معبد قديم العهد كان أولاً بناء صغيراً لفئة من النساك الذين زهدوا عن الدنيا، اطلق عليه اسم دير مار الياس شويّا، وكان اول عهده بناية صغيرة تقي ساكنيها وقع الصواعق وتهاطل الثلوج المتراكمة وانهمال الأمطار الغزيرة. فلما اتبعت الرهبنة سنة الارتقاء وكثرت أوقاف المعبد ودرّت خيراتها وانهالت على الخزينة دنانير الزوار، شيد أولئك النساك قصراً منيفاً إذا وقفت على سطحه رأيت منظراً من أبدع مناظر الطبيعة وأشدها وقعاً في القلوب والنفوس.
ثم أن في جو سفح هذا المعبد بلدة من مطمئن الارض تسمى الشوير، كانت أولاً غاباً كثيفاً ينفجر الماء منه زلزالاً فاتخذ بعضهم منذ بضعة قرون هذه البقعة موطناً لهم، فقطعوا الأشجار، وابتنوا المنازل، وكانت أوائل أمرها صغيرة ثم تدرجت حتى صارت الأن بفضل جدِ أهلها مدينة صغيرة كانت من أكثر المدن التي طلع عليها فجر المعارف في لبنان وبزغت على أهلها شمس العلوم ...(2).
حفلة سكر لشباب الشوير، ويبدو في الصورة من اليمين الى اليسار كل من: رشيد عيد خنيصر، توفيق نصار مفرج،
ادمون سابا الحلبي، بهيج سابا الحلبي، جميل يارد، انيس سابا الحلبي، سليم نجيب عطايا واميل سابا الحلبي (حوالي1924)
وشمس العلوم التي يتحدث عنها الدكتور سعاده سطعت في سماء البلدة حيث أسس الدكتور حبيب همام أول عيادة طبية له سنة 1891. ومارس الدكتور سعاده شخصياً الطب في البلدة بعد تخرّجه من الجامعة الأميركية في بيروت، ولمع الدكتور غص الحاوي وزوجته الأنكليزية، والدكتور ملحم حداد الذي أسس عيادته في الشوير 1898، وغيرهم عديدون ممن هاجروا الى الولايات المتحدة الأميركية والبرازيل وروسيا واوستراليا وذلك في نهاية القرن الماضي حيث كان الوضع الاقتصادي متردياً. ويذكر المسشترق الروسي كريمسكي شيئاً عن هجرة الشويريين فيقول في رسالة له بتاريخ 29 – 30 تموز سنة 1897: " التقيت بمخائيل شديد يافث التبشراني الذي درس في مدينة "كييف" في روسيا ويتقن اللغة الروسية، فشرح لي أهداف هجرة الشويريين الذين تدفقوا الى البرازيل لتعاطي تجارة سلع الزينة الأوروبية فيها، ومنذ عشر سنوات تشكلت في البرازيل، ولا سيما في مدينة سان باولو الى الشمال من ريو دو جانيرو جالية كبيرة تملك خبرة كبيرة في تجارة الجملة ...."(3)
ولم تُـسجل الحياة اليومية في الشوير في كتابات الرحالة المستشرقين فقط بل سجلتها بجمالية رائعة عدسات مصورين شويريين أمثال: ابراهيم الحاج قربان، نسيب نصر سمعان، بونعمة صوايا، الياس الخوري، ووديع سبع مجاعص. والقليل من المعلومات عن هؤلاء المصورين معروف. إلا أن هناك أحاديث متفرقة يذكرها شيوخ البلدة عن "مصوري الشمس" في بلدتهم. ويذكر كريمسكي في كتابه "رسائل من سورية" المصوّر سمعان صوايا بقوله: " ذهبت الى مكتب البريد في الشوير لاستعلم عن إمكانية ارسال رسائل مضمونة بواسطته. مكتب البريد في الشوير عبارة عن صندوق وطاولة في إحدى الحانات حيث تباع البقالة كالأرز والسكر والبن والخضار. صاحب الحانة هو مسؤول البريد وهو كذلك مصور فوتوغرافي. أعربت له عن رغبتي بشراء بعض مناظر منطقة الشوير منه، لكنه لم يكن يملك سوى صورتين لديرين من الأديرة المجاورة. طلبت إليه أن يأخذ صوراً لبعض الأماكن الطبيعية الجميلة فوافق ووعدني بذلك"(4).
لعبة السيف والترس في عرس ميشال قيامة ويبدو في مقدمة الصورة اللاعبان جميل قيامة الى اليمين ووديع الحاوي الى اليسار
والصور المنشورة في هذا التحقيق هي جزء من مجموعة كبيرة لبلدة الشوير التقطها المصور وديع سبع مجاعص. ومن خلالها نرى لحظات من زمن هذه البلدة العظيمة وقد جمدت في صور تنقل لنا أحداثاً ومناسبات ووجوه غاب معظمها، وكذلك عادات وتقاليد وأزياء اندثرت مع مرور الزمن.
هوامش:
(1) راجع “THE STORY OF THE LEBANON SCHOOLS AND THE FREE CHRUCH OF SCOTLAND” COMPILED BY REV.J. ROBERTSON BUCHAMAN 1957.
(2) الدكتور خليل سعاده " أسرار الثورة الروسية" القاهرة 1905 المقدمة.
(3) أ. كريمسكي "رسائل من سورية" 1869 – 1898" ترجمة يوسف عطا الله، دار المدى للطباعة والنشر بيروت 1985 صفحة 223.
(4) المرجع السابق صفحة 208.
*
احد قبضايات الشوير: اغناطيوس الحلبي
معلومات متوفرة:
يوسف صوايا: والد الأمين شوقي صوايا، وكان يعمل مدرّساً.
رشيد عيد خنيصر: صاحب الفرن حيث حالياً مطعم "كركة الحاج"، وهو خال السادة: حنا، نقولا والراحل ريمون عبد الأحد.
إدمون سابا الحلبي: صاحب العقار حيث كانت محلات ABC في الشارع الرئيسي من ضهور الشوير.
جميل يارد: كان يعمل سائقاً لسيارة تاكسي.
إميل سابا الحلبي: كان يملك محلاً للنوفوتيه في سوق "البازركان" وسط بيروت، شقيق السادة إدمون، بهيج وأنيس.
الدكتور حبيب همام: والد نسيب وإميل.
اغناطيوس الحلبي: معلم باطون (درجة أولى) "قبضاي" وأخلاقي.
ميشال قيامه: جد ميشال قيامة صاحب الملحمة في ساحة ضهور الشوير حالياً، وكان بدوره لحاماً.
جميل قيامة: معلم دهان، شقيق فيليب قيامة، والد طوني وجورج (أصحاب مختبر في ضهور الشوير).
|