عرفت الرفيق عساف عبود مع بداية متابعتي للحضور الحزبي في الشام. كان صحافياً مقداماً وناشطاً حزبياً واذكر جيداً انه كان يقطن في جوار منزل الأمين رشيد سابا وكنت ازورهما كلما تواجدت في دمشق.
نهار السبت 25 شباط نعاه حزبه الى جميع القوميين الاجتماعيين في الوطن وعبر الحدود:
"بمزيد من التجذر بالعقيدة القومية الاجتماعية، والإيمان بسورية المحبة، سورية فخرنا وعزنا، منفذية دمشق العامة تنعي المرحوم :الرفيق عساف عبود
الرفيق المناضل انتمى للحزب في الثمانينات من القرن الماضي ضمن منفذية دمشق، وعين في هيئتها لعدة مسؤوليات منها ناظراً للإذاعة والإعلام، وناظراً للعمل والشؤون الاجتماعية ومدير مديرية وإلى ذلك من المسؤوليات الحساسة، كناموس مكلف للمكتب السياسي، فكان ناجحاً فيما كلف فيه .
عمل في مجال الصحافة، فكان إعلامياً ومراسلاً متميزاً لعدة صحف عالمية وثم محطات تلفزيونية فاعلة .
اقترن بالرفيقة الدكتورة نهلا حواط وربيا عائلة قومية اجتماعية نفخر بها .
مناضلاً صلباً خدم الأمة والوطن من خلال عمله كإعلامي فنقل هموم الوطن بأفضل ما يمكن .
نودعه اليوم فنقف مع العائلة الكريمة في هذا المصاب الجلل، لنعزي أنفسنا ونعزيهم بفقده ونحن بأمس الحاجة لمواقفه ونضالاته .
للفقيد الكبير الرحمة وللعائلة والرفقاء العمر الطويل بالعز" .
*
كتب عنه زميله وسام كنعان في جريدة "الاخبار" بتاريخ 27 شباط 2024:
لم يسبق أن ترك مراسلاً حربياً وصحافياً مخضرماً الأثر ذاته الذي حفره عسّاف عبود (1957ــــ2024) الذي رحل يوم الأحد في دمشق بعدما أغلق الباب على رحلة صحافية غنيّة دامت 40 عاماً، صنع فيها حضوراً مهنياً وافياً، وشكّل شبكة علاقات مهنية وإنسانية واسعة، تشهد له في غالبيتها بخفّة الظل والحنكة الصحافية وبراعة التخفيف من وطأة السياسة وأخبار الحرب الدامية التي واكبها بكامل سنواتها في وطنه سوريا. رغم أنه كان يعمل مراسلاً لصالح قناة BBC البريطانية في دمشق، إلا أنه بذكاء مهني وسعة علاقات مع أصحاب القرار تمّكن من التوغل عميقاً ليوصل الخبر الحقيقي دائماً بالرواية التي يراها صحيحة، ولو لم تكن تتسّق مع السياسة التحريرية لقناته العالمية! ظرافته سمة لازمت حياته يذكرها جيّداً زملاء مهنته، خصوصاً في سنوات الحرائق الملتهبة في الشام، التي كانت تنعقد فيها المؤتمرات التشاورية والصحافية وغيرهما، فكان بصوته الجهوري وروحه المرحة يخلّص الجميع حوله من ثقل ووطأة تلك الأجواء الرسمية المحفوفة بالتوتر، حتى إنّ رفاق مهنة المتاعب يذكرون كيف مازحه وزير الخارجية السوري الراحل وليد المعلم عندما قال له في أحد المؤتمرات: «صوتك جهوري لا تحتاج إلى ميكرفون».
ينحدر الراحل من مدينة التلال المكسّوة بالأخضر الخصب أي صافيتا (ريف طرطوس) تدرّج في العمل الصحافي، وعيِّن مديراً لمكاتب العديد من الصحف ووكالات الأنباء في دمشق، منها إدارته في منتصف الثمانينات مكتب جريدة «الاتحاد» الإماراتية. كما عمل مراسلاً لوكالة الأنباء الأردنية في الشام، قبل أن يلتحق بـ «هيئة الإذاعية البريطانية» ويستمر فيها كمدير مكتب دمشق لحين إعلان الحكومة السورية منتصف العام الفائت قرار إغلاق مكاتب BBC في البلاد على خلفية عرضها فيلماً وثائقياً «يتهم السلطات بالتورط في تجارة الكبتاغون».
تمكّن الراحل من مواكبة العمليات العسكرية جميعها في سوريا خلال الحرب، وأنجز مئات التقارير التي شهد لها بالمهنية، والعمق للوصول إلى لب الخبر وجوهره بدون ادعاءات وفبركات.. خلال مشواره، استطاع إجراء مجموعة من اللقاءات الحوارية مع شخصيات سياسية بارزة، وأصحاب نفوذ وقرار في الوطن العربي وغيره.
*
إذ ننعي الرفيق عساف، أقف مستعيدا ما كنت اعرف عنه من طلة بهية، ومواقف جريئة وشجاعة وحضور حزبي لافت.
كانت علاقتي به مميّزة كلما التقيته نسعتيد تجلّي والده في النضال الحزبي والمواقف الجريئة وكم تعرّض للتعذيب وبقي متشبثاً بمفاهيم النهضة.
ننقل ما كنا اوردناه عن الرفيق عبدو في نشرة عمدة عبر الحدود بتاريخ 15 و 16 ايلول 2007 تحت عنوان "نتذكر باعتزاز":
الرفيق عبدو ابراهيم يعقوب عبود
من الرفقاء الذين اعتقلوا في الستينات من القرن الماضي بسبب نشاطهم الحزبي وتعرضوا لتعذيب شرس الى جانب مجموعة من الرفقاء، نذكر منهم الامين المناضل غالب الاطرش، الرفيق القدوة اسماعيل سفر، نذكر بتقدير الرفيق عبود ابراهيم يعقوب عبود الذي وافته المنية في دمشق بتاريخ 6/11/1991 ووري الثرى في بلدته صافيتا في اليوم التالي، الخميس 07/11/1991 .
ولد الرفيق عبدو ابراهيم يعقوب عبود – ابو عساف – في صافيتا عام 1921 .
متزوج من الرفيقة اكتمال قطريب.
له اربعة ابناء: الرفيق عساف، سهيل، كلير ولينا.
عمل رئيساً لديوان المراسلات الاجنبية في مصرف سوريا المركزي طوال عشرين عاماً.
انتمى الى الحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1943 ورافق الزعيم في جولاته في منطقة صافيتا وطرطوس.
تسلم عدة مسؤوليات في هيئة منفذية صافيتا حتى احداث عام 1955.
لم ينقطع عن ممارسة نشاطه ونضاله الحزبي حتى وفاته، وفارق متمماً لواجباته الحزبية كما أقسم عليها يوم انتمى.
لوحق .. وسجن مراراً منذ الخمسينات وقد زاده ذلك صلابة وايماناً وثباتاً على عقيدته.
توفي في دمشق يوم الاربعاء 6/11/1991 ودفن في مدينة صافيتا يوم الخميس 07/11/1991.
عن مأتمه الحاشد قالت مجلة "البناء – صباح الخير" في عددها تاريخ 16/11/1991 ما يلي:
" شيعت مدينة صافيتا بعد ظهر يوم الخميس 07/11/1991 فقيدها الرفيق السوري القومي الاجتماعي عبدو ابراهيم يعقوب عبود (ابو عساف)، الذي توفي اثر نوبة قلبية حادة في منزله بدمشق وقد شارك في التشييع آلاف المواطنين والسوريين القوميين الاجتماعيين الذين واكبوا الفقيد في نضاله منذ مطلع الاربعينات وشاركوه مراحل السجن والتشرد والتعذيب، حيث توافد المشيّعون من مختلف المحافظات في الشام.. ولبنان الى منزل الفقيد في صافيتا.
وقد تقدم الموكب مئات الاكاليل من الزهور يتقدمهم اكليل رئيس الحزب الامين عصام المحايري واكليل وزير الدولة عميد الدفاع الرفيق أسعد حردان.
الاحتفال الديني اقيم في كنيسة مار نقولا للروم الكاثوليك في صافيتا وترأسه سيادة المطران "ميشال يتيم" يعاونه لفيف من الكهنة. وبعد الصلاة تحدث سيادة المطران ميشال يتيم عن سيرة الفقيد ومناقبه الاجتماعية العالية وحبه لمواطنيه وابناء بلده وبلدته ومحبته للجميع "فكان الانسان المعطاء بلا حدود بصمت الرجولة والصلابة". واكد سيادة المطران ان الفقيد جسّد القدوة في محبته لأهله وعائلته ولربه.
ثم تحدث الرفيق "انطـون اسبر" (الأمين لاحقاً) باسـم رفقاء الفقيد، مشيراً الى تضحياته من اجـل أمته ونهضتها، و"ايمانه بالعمل الصامت الدؤوب لتجاوز محن الامة وصعوباتها وكوارثها ممثلاً في كل موقف من مواقفه تعاليم المعلم ومقتدياً به في كافة جوانب حياته مما جعله قدوة للقوميين الاجتماعيين ومدعاة فخر لمحبي الوطن ومناضليه...".
|