إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

كوسبا في الحزب السوري القومي الاجتماعي

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2018-02-22

إقرأ ايضاً


سمعت ببلدة كوسبا وعرفت رفقاء من ابنائها مع بداية العام 1957 عندما كنت في مديرية واحدة مع الرفيق سامر غصن(1) ثم تعرّفت الى شقيقه الرفيق رامز الناشط في نظارة تدريب منفذية الطلبة الثانويين.

في الستينات عرفت من مفوض عام لبنان الرفيق جوزف رزق الله عن متابعته للرفيق بربر فاضل، وتكليفه إياه باتصالات سياسية في الكورة والشمال. ثم تعرّفت شخصياً الى الرفيق إيلي نصار، مدرساً ومسؤولاً، وتعاونّا جيداً عند تولّيه مسؤولية العمل الطلابي في الكورة، في فترة توليّ مسؤولية رئاسة مكتب الطلبة في الستينات(2) ومنذ ذلك الحين وانا على تواصل مع الأمين نصار عبر الكثير من المسؤوليات التي تولاها، ودائماً هو محط ثقة وارتياح وتقدير لدي.

من حضرة الأمين ايلي نصار تسلّمت منذ فترة تقريراً وافياً عن تاريخ الحزب في كوسبا، انشره كما ورد، آملاً من كل رفيق في كوسبا، او في الكورة ويملك ما يفيد به التقرير المذكور، من ملاحظات او اضافات او اقتراحات ان يكتب الى لجنة تاريخ الحزب، فنتداول بالامر مع حضرة الأمين ايلي نصار لإبداء الرأي، و لإقرار المناسب.

ل. ن.

*

 كتب الأمين ايلي نصار:

بناء لطلبكم نرفع إليكم نبذة بالمختصر المفيد عن تاريخ الحزب السوري القومي الإجتماعي في بلدة كوسبا وفق الترتيب التالي:

التعريف بالبلدة .

تتبع كوسبا إداريا قضاء الكورة في محافظة لبنان الشمالي، وتعتبر ثاني كبرى بلدات الكورة بعد أميون من حيث المساحة وعدد السكان.

تقع كوسبا جغرافيا في الجانب الشرقي من قضاء الكورة على سفح مرتفع صخري يعرف بجبل الصنوبر ومتاخم لقضاء بشري، وتعلو عن سطح البحر بين 400 و 500 م وتشرف على الكورة. كما تبعد عن العاصمة بيروت حوالي 80 كلم وعن مدينة طرابلس حوالي 15 كلم وهي على طريق شكا _ الأرز او شكا _ أهدن.

عرفت كوسبا دخول الحزب السوري القومي الإجتماعي لها، في مرحلتين منقطعتين: الأولى ابتدأت في اوائل الثلاثينات مع ابتداء مرحلة تأسيس الحزب وانتهت اواخر الثلاثينات مع بداية الحرب العالمية الثانية. والثانية ابتدأت في مطلع الخمسينات وما زالت قائمة حتى كتابة هذه الأسطر. والجدير بالذكر أن الغالبية العظمى من رفقاء المرحلة الثانية، وانا منهم، لم يكونوا على علم بوجود مؤسسة للحزب سابقة لمؤسستهم في كوسبا. وكان من علم منهم بوجود أحد المنتمين القدامى للحزب في البلدة فإنه لم يعر الأمر أهمية فأبقاه مكتوما الى يوم ابتدأنا بكتابة هذا التاريخ مستندين في ذلك إلى ما زودتنا به اللجنة المركزية لكتابة تاريخ الحزب ومما له علاقة بتاريخ الحزب في كوسبا وكان قد سبق السيف العزل حيث أصبح جميع رفقاء المرحلة الأولى في عالم الأموات .

رفقاء المرحلة الأولى:

عن رفقاء هذه المرحلة يقول الأمين جبران جريج "وكان الحزب قد انتشر بشكل واسع فصارت له مديرية في كوسبا، مديرها جرجس هيكل ومن أعضائها الأوائل اسحق شلهوب وشقيقه أمادو، ثم وليم حبيب، فعطيه عبود كما أحيل الى مديرية الكورة(3) اسم الرفيق أنيس ناصيف من كوسبا، وعندما تفقدته وجدته مسافرا إلى مصر للدراسة". (الجعبة ج1 و 2)

ويتابع الأمين جبران فيقول: "عادت الكورة منفذية وكان المنفذ العام جورج ابراهيم عبدالله(4) وبرز في كوسبا الشاعر الرفيق عبدالله شحادة" (الجعبة ج3 ص 126)

والجدير بالذكر ان أحد رفقاء المرحلة الأولى المدعو عطيه عبود كان قد التحق بمديرية كوسبا في بدايات المرحلة الثانية على أساس أنه انتمى للحزب حديثا في مدينة طرابلس حيث كان يقيم مع عائلته بداعي العمل وقد حصل ذلك دون اية إشارة منه او من سواه الى كونه من رفقاء المرحلة الأولى، ولو حصل ذلك لكان بالإمكان الوقوف منه على تاريخ المرحلة الحزبية الأولى في بلدة كوسبا وعلى اسماء رفقاء هذه المرحلة، خاصة الرفقاء الذين لم يذكرهم الأمين جبران في كتابه "من الجعبة" بل تناهت الإشارات الى انتمائهم للحزب في ذاكرات بعض الرفقاء القدامى من المرحلة الثانية بحسب المرويات التالية:

 يروي الأمين إيلي نصار أنه وبعد انتمائه للحزب بسنة وكان قد تعرّف على الأمين عبدالله قبرصي لفت انتباهه التردد الدائم لهذا الأمين على منزل المواطن مخائيل ابراهيم ايوب في كوسبا، مرة في نهاية كل اسبوع تقريبا وكان يلتقي ببعض الرفقاء وهو واحد منهم في منزل هذا المواطن، وكان المواطن المذكور متزوجا من شقيقة رائد المرحلة الحزبية الثانية ومدير مديريتها الأول في كوسبا الرفيق بربر مخائيل يعقوب المشهور بـ "بربر سابا". وذات مرة دفع الأمين نصار فضوله الى ان يسأل مدير المديرية عن سرّ هذه العلاقة الحميمية بين صهره مخائيل والأمين قبرصي؟ فكان جوابه: أن سر هذه العلاقة يعود الى علاقة سابقة بين صهره مخايل والحزب. ودون أن يحدد نوع هذه العلاقة، اردف قائلا له: ما لك ولهذا السؤال...انس الموضوع! .

ويروي الرفيق انطون مرعب أنه، وبعد انكشاف امر المؤسسة الحزبية في كوسبا في المرحلة الثانية، التقى صدفة بالمواطن الكسباوي جرجي سليم اسحق فبادره الأخير بالتحية الحزبية وتابع سيره. ثم عاد هذا المواطن وكرر التحية له مرة ثانية مما جعل الرفيق يظن بأن المواطن يسخر منه فاستوقفه وسأله بأي صفة يلقي عليه تحية الحزب... فأجابه المواطن: انا قومي منذ تأسيس الحزب ولكني تركت التنظيم مع بداية الحرب العالمية الثانية. وانتهى الحوار بين الإثنين عند هذا الحد دون علم الاّخرين به حتى كتابة هذا التاريخ!

ويتابع الأمين نصار نبش الذكريات مع الرفيق انطون مرعب فيسأله إذا كان على علم بخبرية شاعت قديما في البلدة عن أحد أبنائها المدعو البدوي عبدالله ابراهيم ومفادها أن هذا المواطن بينما كان في طريقه إلى طرابلس في إحدى سيارات الأجرة سمع من مذياع السيارة نبأ إعدام الزعيم سعادة فراح يلطم رأسه بعمود نافذة السيارة ويتحسر ثم يتوعد ثم راح يحدث الركاب عن أهمية سعادة... ويجيب الرفيق مرعب أنه يذكر هذه الشائعة وأنه بعد انتمائه للحزب عاودته ذكراها فسأل عن المواطن المذكور فقيل له أنه غادر وعائلته لبنان إلى الشام على إثر إعادم سعادة وأنه هناك تعرّض للملاحقة على إثر اغتيال المالكي. ويتابع الرفيق مرعب فيقول: وفي اواسط السبعينيات حيث كان العمل الحزبي معطلا في مديرية كوسبا بسبب الحرب الأهلية وتداعياتها علمت أن المواطن المذكور عاد مع عائلته إلى البلدة فقمت بزيارته بصحبة احد الأصدقاء وفي رأسي أكثر من سؤال لمعرفة ما إذا كان رفيقا ام لا، لكن يبدو ان المواطن المذكور وقبل عودته الى كوسبا كان على علم بوجود المؤسسة الحزبية فيها وبأسماء الرفقاء خاصة الأوائل منهم وقد عرفت ذلك حين قدمت له نفسي فرد عليي بعبارة (اهلا بالرفيق) ثم راح يسألني عن بعض الرفقاء ويحدثنا عن عظمة هذه النهضة القومية الاجتماعية وهكذا تلقيت منه الجواب على اسئلتي دون ان اطرحها عليه. وفي هذا الصدد يقول الرفيق حبيب راجي حبيب أن أحد الرفقاء من الديار الشامية التقاه صدفة في لبنان في إحدى المناسبات وبعد التعارف قال له هذا الرفيق، كيف أحوال الرفيق البدوي عبدالله ابراهيم...".

لم يكتفِ الأمين نصار بما ورد أعلاه عن المواطن البدوي عبدالله ابراهيم بل أصرّ على تأكيد ذلك من أهل بيته فكلّف الرفيقة فاخرة مرعب أن تسأل ابنة المواطن المذكور عن علاقة والدها بالحزب.. فكان جواب الابنة تأكيدا على انتماء والدها للحزب وعن نشاطه المميز في مضمار العمل الحزبي.

المرحلة الثانية لدخول الحزب إلى كوسبا

ابتدأت هذه المرحلة مع بداية العام 1950 حيث كان الحراك السياسي لأبناء كوسبا يدور حول محور الانتخابات، اختيارية كانت ام بلدية ام نيابية، اما الأحزاب السياسية على اختلاف اسمائها وأنواعها فلم يكن لها أثر يذكر في هذا الحراك السياسي .

كان أبناء البلدة ينقسمون سياسيا الى فئتين متنافستين: فئة يتزعمها النائب نقولا مخائيل غصن ومن بعده ابنه فؤاد... وفئة يتزعمها الدكتور شاكر باخوس حكيم والد النائب باخوس حكيم. وكانت هاتان الفئتان تتعادلان اصواتا في الانتخابات المحلية وتتمايزان في الانتخابات النيابية لمصلحة اّل غصن، وسبب هذا التمايز عائد "لخلفية ابن البلدة". ففي الانتاخابات المحلية يكون المرشحون جميعهم من ابناء هذه البلدة في الفئتين، أما في الانتخابات النيابية فمرشح البلدة الدائم هو من اّل غصن بينما خصمه الدكتور شاكر فلم يكن يترشح للانتخابات النيابية بل كان يعمل فيها لمصلحة نسيب زوجته المرشح المحامي فيليب بولس، من بلدة كفرعقا.

في ظل هذا الجو السياسي المسيطر على البلدة كان الأمين الراحل عبدالله قبرصي، المحامي البارع والعقائدي اللامع والمسؤول الحزبي الدائم في المؤسسات العليا للحزب، يتردد على كوسبا بشكل دائم لزيارة صديق له يدعى مخائيل ابراهيم أيوب، وقد بلغت الصداقة بين الإثنين حدّ الأخوة مما جعل المواطن مخائيل يقيم الأمين قبرصي إشبينا "شاهداً" له في عقد زواجه، ومن بعد عراباً "شاهداً" في معمودية جميع ابنائه(*) .

وبحكم علاقته هذه استطاع الأمين القبرصي التعرف على شقيق زوجة صديقه مخائيل، المدعو بربر مخائيل سابا ويُجعل منه إنسانا مؤمنا بالعقيدة السورية الاجتماعية حتى الإنتماء إلى الحزب الذي يحتضن هذه العقيدة، حصل هذا في مطلع العام 1950 فكان الرفيق بربر سابا رائد المرحلة الثانية لدخول الحزب إلى كوسبا والتي ما زالت مستمرة حتى كتابة هذا التاريخ .

بالرغم من ضغط المحيط المعادي لها بزعامة فؤاد نقولا غصن، وتعرضها لإنتكاستين توقفت معهما عن العمل النظامي الأول على إثر الثورة الإنقلابية أول العام 1962 والثانية على إثر سقوط الكورة في الحرب الأهلية عام 1976 في لبنان .

ويتابع المواطن ابراهيم أيوب فيقول: " لقد كان لوالدي مخائيل أصدقاء كثر لكن أقربهم إليه وأحبهم لقلبه كان اثنان: الأول المحامي عبدالله قبرصي والثاني الطبيب توفيق فرح(5)".

وتأييدا لكلام المواطن المذكور يقول الأمين قبرصي في الجزء الثاني من مذكراته في الصفحة 47 ما يلي:

" يحضرني في هذه الذكريات وجه أخ عزيز هو مخائيل أيوب (كوسبا) كان مجنداً لمرافقتي كل مرة لا أجد فيها رفيقاً. حفظ لي كرامتي في الأيام القاحلة كما اشترك في حراستي في ساعات الضيق. كان مخائيل يبذل بصمت. قليل الكلام كثير الفعل، ما تركنا إلا تحت ضغط العائلة الكبيرة والمحيط المعادي. الا أننا لا يمكن أن نتذكر دون أن نتذكر أفضاله" .

دور الوحدة الحزبية في بلدة كوسبا في المرحلة الثانية

في مطلع الخمسينات وحيث كان النائب فؤاد غصن مشغولا بالعمل على اختراق بعض العائلات المخاصمة له سياسياً في البلدة مستغلاً في ذلك وفاة الدكتور شاكر حكيم وتراجع نشاط أبنائه السياسي على ساحة البلدة لأكثر من سبب, في هذا الوقت كانت المؤسسة الحزبية في كوسبا, آخذة بالعمل السري تتلمس طريقها بخطوات بطيئة لكنها ثابتة، الأمر الذي جعلها بعيدة عن مناظير النائب غصن وأعوانه, وكل همها نشر العقيدة واكتساب الأعضاء ولم يكن وارد لديها الدخول في العمل السياسي في البلدة .

وظل الأمر كذلك حتى العام 1953 حين استحقت الانتخابات النيابية في لبنان وقرر الحزب خوض هذه الانتخابات في بعض الدوائر في لبنان ومنها دائرة الكورة حيث رشح لها الأمين الدكتور عبدالله سعادة وعلى إثر ذلك طلب من المؤسسة الحزبية في كوسبا وسائر المؤسسات الحزبية في الكورة الإنخراط في المعركة الانتخابية .

يومها لم يكن مدير المديرية الرفيق بربر سابا مقتنعا بفكرة إقحام الحزب في العمل السياسي خاصة في كوسبا خوفاً من انكشاف الأعضاء خاصة السريين منهم من ناحية، ومن ناحية أخرى منعاً من انخراط الأعضاء في العمل السياسي ومغبته .

لذلك رفع اقتراحاً للمراجع العليا بهذا الشأن فرفض اقتراحه خاصة وأن الرفيقين وهيب الفحل وبربر فاضل كانا معارضين لهذا الإقتراح .

خاضت المؤسسة الحزبية هذه الانتخابات وكانت نتائجها في البلدة كشفاً صاعقاً للنائب غصن واعوانه حيث نال مرشح الحزب في صناديق كوسبا ما يزيد عن المئة صوتاً من بينها خمسون ورقة اقتراع حملت اسم مرشح الحزب وحده. عند ذلك اعلن النائب غصن حربه المتهورة على القوميين الاجتماعيين في كوسبا

وبعد ما تقدم ذكره فقد بات لزاماً على المؤسسة الحزبية في البلدة أن تلعب دورين أساسيين, الأول أن تعمل على إثبات وجودها في المتحد في ظل هيمنة الإقطاع السياسي وعدائه السافر لها, والثاني أن تشارك في حركة الحزب العامة سواء على صعيد المنطقة الحزبية او على صعيد الكيان اللبناني، خاصة وان المؤسسة الحزبية في المرحلة الأولى قد فشلت في لعب أي من هذين الدورين ما خلا إدخال الحزب في تاريخ البلدة بصورة خجولة جداً بحسب ما توفر لنا من معلومات عنها حتى الاّن. أما رفقاء المرحلة الثانية فقد تمكنوا من لعب الدورين المذكورين متسلحين برسوخ الإيمان بالعقيدة وصدق العزيمة وصلابة الموقف. فعلى صعيد إثبات الوجود في المتحد واجه الرفقاء شتى أنواع الضغوط سواء كانت من الأهل أم من الإقطاع السياسي المتربص بهم محلياً, إذ نادراً أن سلُم رفيق من معارضة أهله لانتمائه للحزب مستعملين شتى أنواع الضغوط لتثنيه عن هذا الإنتماء, فمن الحرمان من المصروف اليومي الى الحرمان من التحصيل العلمي... الخ وكانت المؤسسة الحزبية تتصدى لهذه الضغوط بتأمين حاجات الرفيق كشراء الكتب والدفاتر وبدل الانتقال... ويستمر ذلك من جمع التبرعات من الرفقاء الى أن يلين موقف الأهل وتسلم المسيرة .

أما المواجهة المباشرة مع الإقطاع السياسي المحلي فقد خاض الرفقاء أكثر من معركة ميدانية مع ازلام النائب فؤاد غصن وكانوا المعتدى عليهم, وخرجوا منها منتصرين. وفي العام 1958 وضعت المؤسسة الحزبية في كوسبا حداً نهائياً لهذه المواجهات وحل محلها الصراع الفكري وزالت معه ضغوطات الأهل وبات للحزب تيار شعبي يحسب له حساب على صعيد العمل السياسي في البلدة حتى كتابة هذه الأسطر. وقد لعب الرفيقان: الشهيد بربر دليل فاضل، والأمين وهيب اسحق "الفحل" دوراً بارزاً في هذا المضمار حيث شكلا معاً رافعة للمديرية في المتحد على كافة الصعد. وفي هذه المرحلة فُـتحت في وجه الرفقاء ابواب النوادي القائمة في البلدة, وخلال فترة وجيزة تمكن هؤلاء الرفقاء من إيصال مدير المديرية الرفيق إيلي سامي نصار الى رئاسة نادي الأفراح الثقافي الرياضي .

وعلى صعيد المشاركة في حركة الحزب العامة فلم تقصر مديرية كوسبا في تلبية ما كان يطلب منها أو يعهد به إليها. فعلى الصعيد العسكري وإبان أحداث العام 1958 شكلّت المديرية "جريدة" من الرفقاء المدربين، وضعت "زمرة" في مخيم الحزب في سيدة بطرام بأمرة آمر المخيم الرفيق عبدالله الجبيلي(6) وأناطت بالزمرة الثانية مهمة أمن المديرية في المتحد. واستمر هذا الوضع حتى نهاية احداث العام 1958.

ومع بداية العام 1962 وعند قيام الثورة الأنقلابية في لبنان شاركت مديرية كوسبا بمجموعة من الرفقاء, ثلاثة منهم مشاركة مباشرة وهم: وهيب الياس اسحق "الفحل" ونسيم يوسف نصر وموريس نجيب عبود كما شكلت "زمرة" مسلحة وُضعت احتياطا للتدخل عند الحاجة. وعلى إثر فشل تلك الثورة تمّ اعتقال معظم رفقاء المديرية وزج بهم بالسجون ولم يسلم منهم من الإعتقال سوى القليل ممن كانوا خارج لبنان أو الذين قبل أهلهم شفاعة النائب غصن وهم قلة. وفي حرب السنتين 1975 و 1976 شاركت المديرية بالعمل العسكري الميداني بشخص الرفيق غسان فؤاد نصر.

أما على الصعيد الإداري فلم تبخل مديرية كوسبا في رفد المنفذية ومركز الحزب برفيقين شغلا وظائف حزبية على مستوى هيئة المنفذية، سواء كمنفذ عام، او ناموس، او ناظر. أو توليا وظائف مركزية كمندوب مركزي، او عضو في هيئة المحكمة العليا في الحزب. وهذان الرفيقان هما الأمين وهيب الفحل والأمين إيلي نصار .

وعلى الصعيد السياسي فقد كان الرفيقان: الشهيد بربر دليل فاضل والأمين وهيب الياس اسحق "الفحل" ركنين اساسيين من أركان العمل السياسي للحزب في الكورة وجوارها, يعتد برأيهما في رسم سياسة الحزب في هذه المناطق. كما أن أحدهما الشهيد بربر فاضل وبعد خروجه من السجن في أواخر العام 1962 على إثر الثورة الإنقلابية, عين عضوا في اللجنة السياسية المركزية. ومن مآثر الفرع الحزبي في كوسبا على الصعيد السياسي أنه استطاع احتضان الدكتور باخوس شاكر حكيم. ابن بيت الخصم السياسي التقليدي للنائب فؤاد غصن, وأقنعه بالترشح للانتخابات النيابية عن الكورة مدعوما من الحزب في مواجهة لائحة المرشح النيابي فؤاد غصن، وكان ذلك في العام 1968 والحزب بقياداته ما زال في السجن. وقد تمخضت تلك الإنتخابات التي تولت إدارتها مديرية كوسبا عن مفاجأتين غير سارتين لخصوم الحزب وأركان سلطاته الرسمية في الدولة:

المفاجأة الأولى فوز المرشح الدكتور باخوس شاكر حكيم المدعوم من الحزب. والمفاجأة الثانية حصول النائب حكيم على عدد من الأصوات فاق ما حصل عليه النائب غصن بالعشرات بل بالمئات.

أما على صعيد المصالح العامة للحزب

لقد كان للرفيق حبيب راجي حبيب من مديرية كوسبا, دور هام في هذا المضمار, فاستناداً إلى اختصاصه العلمي العالي(*) وبناء على تجربته الأولى في إنشاء مدرسة ثانوية في بلدة "حدث بيروت" في العام 1961، والتي دمرتها مع مقتنياتها، القوات اللبنانية في حرب السنتين 1975 و 1976 في لبنان... وكان معظم أساتذة هذه الثانوية من السوريين القوميين الإجتماعيين, وربع طلابها (ما يقارب السبعين طالباً) من أبناء الرفقاء الذين سجنوا على إثر المحاولة الإنقلابية اول عام 1962 يتلقون العلم مجاناً، كما كان (الرفيق حبيب) صاحب فكرة إنشاء مدارس ثانوية بشراكة حزبية لتسهم في دعم الحزب مادياً ومعنوياً وإعلامياً, وبعد حصوله على موافقة إدارة الحزب العليا المعنية بهذا الشأن، باشر وحيداً ومن ماله الخاص بإنشاء النموذج الأول لهذا المشروع وهو انشاء ثانوية الـI.S في بلدة بترومين- الكورة، فاشترى الأرض اللازمة للبناء من ماله الخاص كما استأجر مكتباً في بلدة بترومين لمتابعة أعمال المشروع، ان لجهة الإعلان عنه او لجهة وضع البرامج التعليمية و التعاقد مع الهيئتين: التعليمية والإدارية، كما كان يتابع اعمال البناء مع المتعهد له والمشرف عليه, وفي مطلع عامها الدراسي الأول: 1983-1984, كان الرفيق حبيب مديراً للدروس والبرامج في هذه المدرسة ورئيساً لمجلس إدارتها وراعياً لانطلاقتها الاولى المكللة بالنجاح، مع حرصه على قاعدة الافضلية للمدرّس القومي الاجتماعي، والمساعدة للرفيق المحتاج.

() حاز الرفيق حبيب على شهادة ماجستير من الجامعة الأميركية-بيروت، اختصاص علوم اجتماعية وتربية عامة

*

الوضع الدستوري للمؤسسة الحزبية في كوسبا بعد الثورة الإنقلابية

على إثر فشل الثورة الإنقلابية اول عام 1962 جرى اعتقال هيئة مديرية كوسبا المشكلة من الرفقاء: إيلي سامي نصار (مدير)، جوزيف نسيم الشنتيري (ناموس)، نسيم يوسف نصر (محصل)، موريس نجيب عبود (مدرب)، ميشال زخور شحادة (مذيع) والأخير أفرج عنه بعد ساعات لأسباب صحية ولما كان لصهره من نفوذ لدى قيادة الجيش في الشمال.

كما تمّ اعتقال كل من الرفقاء: بربر دليل فاضل, انطون نخول مرعب, فاخرة نخول مرعب, حبيب راجي حبيب, جورج نقولا جبور, جان الياس ابراهيم, ووهيب الياس اسحق "الفحل".. ولغاية في نفس يعقوب, تمّ اعتقال المواطنين: دليل فاضل والد الشهيد بربر فاضل, ونخول مرعب والد الرفيق انطون مرعب, والشيخ راجي حبيب والد الرفيق حبيب حبيب, ونجيب موسى عبود والد الرفيق موريس عبود, وسليم ابراهيم ساسين والد الرفيق إيلي سليم ساسين(7), وجرجي سامي نصار شقيق الرفيق إيلي سامي نصار, وجورجيت سابا شقيقة الرفيق بربر سابا, وعبدالله اّليا شحادة, واسحق خليل شحادة والأخيرين عرفنا أنهما من رفقاء المرحلة الأولى. وقد افرج عن المواطنين خلال مهل زمنية لم تتجاوز في أقصاها الشهر. أما الرفقاء فاستمر توقيفهم بضعة أشهر حتى اكتمال التحقيقات الأولية حيث احيل بعضهم إلى ثكنة المير بشير في بيروت للمحاكمة إما بتهمة الجناية لاشتراكهم الفعلي بالإنقلاب وهم الرفقاء: نسيم يوسف نصر, موريس نجيب عبود، وهيب الياس اسحق "الفحل" وإما بتهمة الجنحة لانخراطهم في زمر مسلحة احتياطية وهم: إيلي سامي نصار, بربر دليل فاضل, وجورج نقولا جبور.

(*) هذا ما علمته من ابن المواطن مخائيل المدعو ابراهيم .

وفي 31/10/1962 تمّ الأفراج عن الموقوفين بتهمة الجنح وإحالة الموظفين منهم في ملاك الدولة على المجلس التأديبي .

كان الرفيق إيلي سامي نصار يعمل مدرساً في وزارة التربية الوطنية وبعد خروجه من السجن وانتهائه من

جلسات المجلس التأديبي "حيث حكم عليه بتأخير تدرّجه مدة سنتين" وبعد استراحة المحارب, عاد بصفته مديرا للمديرية لكي يستطلع أوضاع الرفقاء فيها فوجد أن بعضهم قد سافر إلى خارج الوطن إما طلباً للعلم أو طلبا للعمل أو هرباً من الملاحقات... وأن بعض الباقين لا يرغبون حاليا بالعودة إلى الانتظام الحزبي وأن الحاضرين للعمل لا يشكلون نواة مديرية وهكذا تحولت المؤسسة الحزبية في كوسبا إلى مفوضية بإدارة الرفيق إيلي سامي نصار واستمر الوضع هكذا حتى اندلاع الحرب الأهلية في لبنان في عام 1975.

الوضع الدستوري للمؤسسة الحزبية في كوسبا خلال الحرب الأهلية

في العام 1975 حيث كان الرفيق إيلي سامي نصار يشغل وظيفة منفذ عام الكورة, ورغم وقوع كوسبا تحت سيطرة قوات الجبهة اللبنانية, استمر الفرع الحزبي في البلدة على تواصل تام مع قيادة المنطقة, فقد شارك بعض رفقاء الفرع في العمل العسكري الميداني منه والأمني، كما شارك الاّخرون بلعب الدور الذي أعطي للكورة أن تلعبه وهو أن تكون صلة وصل بين "الساحل السني" في طرابلس والجرد "الماروني"... وأزالت ما أمكن من أسباب التباعد بينهما, ويبدو أن هذا الدور لم يرق لأمراء الحرب اللبنانية, فراحوا يشددون الضغط على الكورة وخاصة في كوسبا، الأمر الذي حمل إدارة الحزب المركزية أن تطلب من رفقاء الفرع الحزبي إخلاء البلدة والإنتقال، إما إلى داخل الكورة أو إلى مدينة طرابلس، حيث تتوفر لهم الحماية واختار بعضهم المدينة وهم الرفقاء وهيب الفحل وبربر فاضل ونسيم يوسف نصر وإيلي سامي نصار، واختار اّخرون البقاء في البلدة بعد حصولهم على ضمانات أمنية من قبل بعض الأقارب أو الأصحاب في الجبهة اللبنانية أو من النائب فؤاد غصن, وهكذا تعطل العمل الحزبي في الفرع الحزبي كما في سائر فروع الكورة تحت وطأة سقوط الكورة في العام 1976 وتهجير الحزب وتياره منها ومن ثم عودتهم إليها في ذات العام بعد دخول قوات الردع السورية إلى لبنان .

لقد عاد السوريون القوميون الإجتماعيون وتيارهم إلى الكورة في العام 1976 بمواكبة قوات الردع السورية باستثناء رفقاء كوسبا وذلك لأن هذه البلدة لم يشملها انتشار قوات الردع لأسباب تكتيكية فظلت مسرحاً اّمنا لتحرك قوات الجبهة اللبنانية... ولما غامر الرفيق بربر فاضل بالعودة إلى كوسبا مراهناً على دخول قوات الردع إلى الكورة وعلى ما له من إياد بيضاء على معظم قيادات الجبهة اللبنانية في منطقة بشري وزغرتا كان نصيبه الإغتيال مع زوجته على إيدي هذه القوات في 20/12/1976 الأمر الذي أخرّ في عودة الرفقاء الاّخرين إلى البلدة .

عاد الرفيق نسيم نصر إلى كوسبا في أواخر السبعينات أما الأمين إيلي نصار فلم يتمكن من العودة إليها إلا في مطلع العام 1989 بعد أن تمّ إخلاء منزله من ساكنيه, وكانت اجواء البلدة قد تهيأت للعمل الحزبي, فتمّ انتماء بعض الأعضاء الجدد وأعيد تشكيل المفوضية في العام 1991 وعيّن الرفيق عماد فؤاد نصر مفوضا لها حتى تاريخ 5/10/2001 حين جرى قبول استقالة المفوض عماد وتعيين الرفيق نبيل بربر فاضل مفوضا للمفوضية واستمر الوضع كذلك حتى تاريخ 9/9/2011 حيث تحولت المفوضية إلى مديرية وجرى تعيين المفوض نفسه مديراً لها ومازال الأمر كذلك حتى تاريخ كتابة هذه الأسطر .

رفقاء تولوا وظائف حزبية في نطاق الفرع

نظراً لعدم وجود مستدات رسمية باقية منذ تأسيس الفرع الحزبي في كوسبا في المرحلة الثانية لوجود الحزب في البلدة، فقد اعتمدنا على الذاكرة الفردية المؤيدة بذاكرات الأعضاء الذين توفروا لهذه الحاجة وحصرنا الموضوع في الوظيفة الأولى في المؤسسة فكان التالي:

شغل وظيفة مدير مديرية كل من الرفقاء:

 بربر مخائيل سابا من سنة 1951 إلى سنة 1954

 وحيد كريم سابا من عام 1954 إلى عام 1956

 وهيب الياس اسحق "الفحل" بين العامين 1956 و1958

 إيلي سامي نصار من العام 1958 إلى العام 1962

 نبيل بربر فاضل من 9/9/2011 حتى هذا التاريخ. وحين تحوّلت المديرية إلى مفوضية تولى وظيفة مفوض كل من الرفقاء: الأمين إيلي نصار ثم الرفيق عماد نصر ثم الرفيق نبيل بربر فاضل .

وفي نطاق المنفذية فقد شغل الأمين وهيب اسحق الفحل وظيفة ناظر تدريب في العام 1961 حتى قيام الثورة الإنقلابية في 1/1/1962(8) ثم منفذ عام بين العامين 1973_1974 وشغل الأمين إيلي نصار وظيفة ناظر مالية في الخمسينات مع المنفذ العام اّنذاك الأمين بديع أحوش(9) ثم شغل وظيفة منفذ عام من أواخر عام 1968 وحتى أواخر عام 1969 ثم منفذ عام من أواخر 1974 حتى سقوط الكورة عام 1976 في حرب السنتين ثم منفذ عام من 1987 حتى 1990 ومن 17/2/1992 حتى 28/1/1994 وأيضا منفذ عام من تاريخ 7/7/2000 حتى 10/8/2001 كما شغل أيضاً وظيفة ناموس منفذية أوائل الخمسينات ثم في العام 1970 وبعدها من العام 1979 الى العام 1985 في منفذية طرابلس, ومن 29/1/1999 حتى تاريخ 7/7/2000 ومن تاريخ 4/9/2000 حتى 16/12/2003 (ناموس مساعد) ثم من تاريخ 16/12/2003 حتى كتابة هذه الأسطر ناموس منفذية .

اما على صعيد الوظائف المركزية:

 شغل الرفيق الشهيد بربر فاضل وظيفة عضو في اللجنة السياسية المركزية في أواسط الستينات، كما شغل الأمين وهيب الياس اسحق وظيفة مندوب سياسي مركزي في العام 1977 وشغل الأمين إيلي نصار وظيفة عضو في المحكمة الحزبية العليا من تاريخ 28/01/1994 حتى تاريخ 29/1/1999.

وقدم التقرير معلومات جيدة عن الرفقاء الذين انتقلوا الى الخارج او الذين توفوا او انقطعوا عن الحزب وايضاً عن الرفقاء الذين انتموا، وتوزعهم العلمي، فاننا نحتفظ بهذه المعلومات والاسماء، للبحث الحزبي الداخلي.

هوامش:

(1) سامر غصن: نشط في منفذية الطلبة الثانويين، وكان له حضوره المستمر في بيت الطلبة. عرفت في تلك الفترة الرفقاء: هيكل حداد، حسن زهري، دياب حمدان، الياس جمال، محمد شمس الدين، الياس جدع، امل المهتار، ليلى شقير، حسن فضل الله، جورج جحا، خالد قطمة، جبرائيل قنيزح، سهيل مسابكي، انطون جوخدار وغيرهم. كنت كتبت عن البعض منهم وآمل أن اتمكن من الكتابة عن جميع من عرفت من رفقاء مناضلين، وفاء لذكراهم ورغبة ان يكون لهم حضورهم في ذاكرة الحزب وتاريخه. ما زلت اذكر ترداد الرفيق سامر أمامي أن عمه هو الصحافي المعروف حنا غصن.

(2) بالاضافة الى الامين ايلي نصار، فأن الرفقاء الذين تولوا مسؤولية العمل الطلابي في الكورة، في فترة تولي رئاسة مكتب الطلبة، هم: الشهيد الأمين خليل فارس، الرفيق ميشال الآغا (بطرام) والرفيق نعيم غنطوس (اميون).

(3) مديرية الكورة: في بداية تأسيس الحزب كانت تشكلت مديرية من الرفقاء الذين انتموا في الكورة، وكانت تتبع الى منفذية طرابلس.

(4) جورج ابراهيم عبد الله: مراجعة النبذة المعممة عنه على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

(5) توفيق فرح: للاطلاع على النبذة التي نشرتها عنه، الدخول الى الموقع المذكور آنفاً.

(6) عبد الله الجبيلي، من ابطال الحزب. شارك في الثورة الانقلابية وتمكن ببطولة من الإفلات من قبضة الجيش عند اعتراض السيارة في منطقة صربا (وكان فيها مع رئيس الحزب في حينه الأمين عبد الله سعاده)، هاجر الى فنزويلا حيث بقي فيها ناشطاً حزبياً الى ان وافته المنية.

(7) ايلي ساسين: عرفته في اوائل السبعينات مقيماً في ديترويت، مهندساً وناشطاً حزبياً. في الفترة التي عرفت فيها الرفقاء د. اميل مكارم (الامين لاحقاً) د. عساف نعيمة، وعجاج العنداري.

(8) الثورة الانقلابية: خلافاً لما يشاع، فإن الثورة حصلت ليل 30-31 كانون اول. مراجعة ما عممناه توضيحاً لهذا الشأن، على الموقع المشار إليه آنفاً.

(9) الامين بديع احوش: للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى الموقع المذكور آنفاً.

تعرفت جيداً على واقع مدرسة الحدث العالية في فترة تولّي مسؤولية رئيس مكتب الطلبة، وعرفت كم تفانى الرفيق حبيب حبيب ازاء الرفقاء فيها، مدرّسين وطلبة.

عنها يصح ان يكتب وان يكون لها حضورها الجيد في ذاكرة الحزب.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024