كتبوا كثيراً عن مراحل الاستقلال، وبعضهم اصدر كتباً ومراجع، الا ان الذين اهتموا، بالاشارة الى الدور الهام الذي قام به الامينان جبران جريج وأنيس فاخوري(1) وزكريا لبابيدي(2) حين تم نقلهم من معتقل "المية ومية" الى "قلعة راشيا الوادي"، هم قلة، ولو ان الامين جبران جريج لم يؤرخ لهذه المرحلة في كتابه "حقائق عن الاستقلال، ايام راشيا" لكانت ضاعت، او ربما تنساها آخرون.
في اكثر من نبذة(3) تحدثنا عن مراحل الاستقلال، عن التحدي البطولي في بشامون، عن استشهاد الرفيق (الوحيد في معركة بشامون، سعيد فخر الدين) عن حفلات التكريم التي أقيمت، وعن الرفيق البطل اديب البعيني وعن غيره من رفقاء قاتلوا في صفوف الحرس الوطني، واشرنا دون الكثير من التفصيل عن الدور الذي قام به الامينان جريج وفاخوري والرفيق لبابيدي.
هنا موجز عن ذلك، آملين ان نتمكن لاحقاً من ايراد شرح تفصيلي لهذا الدور استناداً الى ما دوّنه الامين جريج في كتابه – المرجع.
*
" كانت سلطات الاحتلال قد أبعدت في الربع الاخير من سنة 1942 من "معتقل المية ومية" إلى "قلعة راشيا" كلاً من الأمناء: نعمة ثابت، مأمون أياس، جبران جريج، أنيس فاخوري والرفيق زكريا لبابيدي، حيث التقوا الأمين وديع الياس مجاعص الذي كان نفي قبلهم إليها، كذلك عدداً من الوطنيين من لبنان، والشام الذين كانت سلطات الاحتلال قد اعتقلتهم ومن أبرزهم: الأمير فريد شهاب الذي تولى فيما بعد مديرية الأمن العام، الصحافي نجيب الريس، فكتور موسى، الشيخ طه الولي، معروف سعد والشيخ مصطفى السباعي، (كانا في "المية وميه" وتم نقلهما إلى "راشيا الوادي").
الأمير فريد شهاب كان مكلفاً بمسك دفاتر حسابات المعتقلين، فعندما علم الامين جبران جريج أن الإفراج عنه بات وشيكاً طلب منه أن يرشحه لتولي هذه المهمة بعد مغادرته، فوافق وتمّ ذلك، مما أفسح للأمين جبران في مجال الانتقال خارج غرفته، وبالتالي اُمكن له أن يقيم اتصالات مع آخرين في المعتقل، ومن بينهم "خوسي"، أحد الشغيلة الأجانب الذي اختير من بين زملائه للخدمة العامة، وخوسي أصله إسباني يحسن اللغة التركية، وشخصاً آخر كان مسؤولاً عن مركز الهاتف وهو "شاب من جزين اسمه جان رزق"، يأتي صباحاً عند الساعة السابعة وينصرف مساءً عند الرابعة. كما يقول الأمين جبران جريج في كتابه/ مضيفاً ان الصداقة توطدت بينهما.
لم تمض أيام حتى أعيد نعمة ثابت ومأمون أياس وغيرهما إلى معتقل المية ومية كما أخلي سبيل البعض الآخر . في 11/11/1943 وصل المسؤولون اللبنانيون إلى المعتقل على دفعتين: قبل الظهر الرئيسان بشارة خوري ورياض الصلح والوزيران كميل شمعون وسليم تقلا، ثم بعد الظهر الوزير عادل عسيران الذي اعتقل في عاليه، والنائب عبد الحميد كرامي الذي أقتيد من بلدته "مرياطة" قرب طرابلس.
أمكن للأمين جبران جريج، وبفضل الوظيفة التي تولاها، والتي جعلته يطلع على ما هو جار خارج المعتقل في المناطق اللبنانية من مظاهرات وإضرابات ومواجهات مع سلطات الانتداب، أن يكون على تواصل مع رجالات الدولة المعتقلين يعاونه في ذلك الامين انيس فاخوري والرفيق زكريا لبابيدي، فشدد من أزرهم ورفع من معنوياتهم التي كانت شبه منهارة ".
هوامش:
(1) انيس فاخوري: من مدينة طرابلس. تولى في الحزب مسؤوليات عديدة، منذ الثلاثينات وكان له دور متقدم في كثير من محطات مسيرة الحزب. اصدر كتاب اسمه "نسف الاضاليل". والد الكاتب المعروف شكري فاخوري. سنحكي عنه لاحقاً.
(2) زكريا لبابيدي: للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
(3) مراجعة الموقع المذكور آنفاً.
|