عرفته في الستينات مدرّساً في ثانوية برمانا، طالباً في كلية الآداب في الجامعة اللبنانية، مشاركاً في تأسيس العمل الحزبي فيها الى جانب مجموعة مميّزة من رفقاء ورفيقات اذكر منهم: شوكت حكيم، سعد نصر، ايلان مجدلاني، يوسف الشاعر، نجوى نصر... تحدثت عنهم في سياق سيرتي ومسيرتي كما في عدد من النبذات خاصة تلك التي تناولتُ فيها مرحلة العمل الحزبي في اوساط الطلبة في اواخر ستينات القرن الماضي.
زرته كثيراً في بلدته "بشمزين" التي كثيراً ما ترددتُ إليها، وفيها مجموعة رفقاء ورفيقات ما زلت اذكرهم بكثير من الود: فريد نبتي، الراحل سام نجار، سليمى والياس خوري مينا، نهاد سليم نبتي، موسى نعمة، ديران الصيفي، جورج وسناء نجار، والنقي الامين المميّز سليم متري بعد ان كان خرج من سنوات الاسر وراح يتردد الى منزل شقيقه الراحل (والد الوزير السابق طارق متري)
في كل تلك الزيارات، كان منزل الرفيق حاتم بركات احد الامكنة الحلوة التي اتردد إليها. ما زلت لتاريخه ارى والدته تستقبلنا عند مطلع الدرج، بوجهها الضحوك، باشّة مرحبة. كم أحببتها، كم وجدت فيها نموذجاً رائعاً للمرأة في بلادنا، بعفويتها، وصدقها، وبتلك الصفات التي تتحلى فيها ابنة الريف في بلادنا.
كان الرفيق حاتم بركات لصيقاً بالعمل الحزبي في تلك السنوات الرائعة من النضال القومي الاجتماعي. يزورنا في منزلنا، ونخرج معاً الى لقاءات وجولات ونشاطات وزيارات، لم يكن بعيداً عنها الرائع الرفيق يوسف سالم، ومجموعة حلوة من رفقاء ورفيقات عرفوا الحزب قضية مقدسة يتفانون في سبيلها.
مضت سنوات، وفي فترة بشعة من الحرب اللبنانية سقطت تلك المرأة الرائعة، وسقط ابناها الرفيقان جورج وفوزي بفعل الجنون الذي حصد كثيراً من الابرياء.
كان الرفيق حاتم يتابع دراسته الجامعية في هيوستن، تكساس، وكنت – عميدا لشؤون عبر الحدود – اتصل به باستمرار، لما كنت اجد فيه من صفات القومي الاجتماعي.
هذا الرفيق الرائع الذي عرفه مثلي الرفيق وديع الحاج، مقيماً الى جواره في "هيوستن"، خسرناه ذات ليلة، ليترك شقيقته نجوى التي كنت اعرفها في اولى درجات صباها عندما كنت اتردد الى منزل العائلة، بقيت وحيدة بعد خسارة والدتها وشقيقيها في احد ايام الجنون في الكورة ..... وشقيقها الرفيق حاتم بعد ان كانت خسرت والدها الفاضل اسكندر بركات.
الى منزلها في بلدة "الحلوة"(1) وقد انتقلت إليها بفعل الزواج، توجهتُ منذ مدة استذكر معها والدة واشقاء، واُسمعها كلمات الوفاء واحدثها عما كان عليه شقيقها الرفيق حاتم من تميّز مناقبي، ومن التزام صادق بالحزب.
اني ما زلت لهذه اللحظة استعيد في ذاكرتي النشاط الرائع الذي كان يقوم به الرفيق حاتم بركات، مدرّساً، وطالباً، وأشاهده باشاً، ضاحكاً، يطفح مروءة ومناقب، وطيبة، ويقول: ها انا قومي اجتماعي ما عرفت سوى الحزب عقيدة، وسوى اخلاق الحزب ممارسة، وسوى سعادة معلماً وزعيماً وجبلاً يطل على كل الدنيا،
عائلة اسكندر بركات راسخة في تاريخ الحزب، واني اشهد كم تميّزتَ، وكم نحن فخورون بها.
والى نجوى، لكِ الف تحية، ولوالديكِ واشقائك الاحباء الكثير من الحب، والوفاء، والحزن، ودائماً: لتحي سورية
|