من محفوظاتي العدد الرابع (نيسان 1958) من النشرة الرسمية للحركة السورية القومية الاجتماعية(1)، منها أنقل بعض المعلومات الواردة عن احتفالات الكويت.
*
احتفالات الكويت
نظراً لعدم توفّر مكان يتّسع لجميع الرفقاء، فقد اضطرت المنفذية إلى تجزئة الاحتفال إلى خمسة مراكز هي:
1- بيت السوق، وفيه اجتمعت المفوضية الأولى والمفوضية رقم 11 والمفوضية رقم 13 ومفوضية المطار.
2- بيت الشرق، وفيه اجتمعت المفوضية السابعة والمفوضية الثامنة والمفوضية رقم 14 ومفوضية الأحمدي والمفوضية الخامسة.
3- بيت الشرق 2، وفيه اجتمعت المفوضية الثانية والمفوضية الثالثة والمفوضية الرابعة والمفوضية التاسعة والمفوضية العاشرة.
4- بيت الفقرة، وفيه اجتمعت مفوضية الفقرة ومفوضية السالمية.
5- بيت الأمير، وفيه اجتمعت المفوضية السادسة والمفوضية رقم 12.
وقد ترأّس الاحتفالات الرفقاء الآتية أسماؤهم بالترتيب: محمود غانم، يعقوب عكر(2)، رفيق سليم(3)، توفيق حميدان، موريس جدع.
كان برنامج الاحتفالات جميعاً كالتالي:
1-كلمة الرفيق.
2- كلمة المنفذية (سنُرسل طيّاً نسخة عنها إلى عمدة الإذاعة).
3- كلمة عمدة الإذاعة.
4- كلمة رئاسة المجلس الأعلى.
5- الشريط المسجّل.
حضر المنفذ العام الاحتفال المُقام في بيت الشرق، أما أعضاء هيئة المنفذية فقد حضر ناظر المالية احتفال بيت السوق ومساعد ناموس المنفذية احتفال بيت الشرق 2.
افتُتحت كافة الاحتفالات في الساعة الثامنة (السابعة بتوقيت بيروت) وجرت حسب البرنامج المقرر، وبعد اختتام الاحتفال افتتحت حملة تبرعات بلغ مجموعها حوالى (6000) روبية هندية، دُفع منها فوراً مبلغ (2325) روبية، كما تبرّع أحد الرفقاء بمبلغ (100) ليرة لبنانية دُفعت نقداً.
هذا وقد حضر هذه الاحتفالات حوالى عشرون مواطناً، وهذه هي المرة الأولى التي يحضر فيها مواطنون احتفالات قومية اجتماعية في الكويت.
ساد النظام القومي الاجتماعي طيلة فترة الاجتماع قبل الاحتفال وبعده وأثناء الحضور والذهاب.
وُزّعت الحلوى والفواكه، وقد تبرّع بها الرفقاء المسؤولون على الحضور بعد الاحتفالات وقبل الانصراف.
*
كلمة منفذ عام الكويت
أيها الرفقاء:
تحية سوريّة قومية اجتماعية
فوق الروابي لهيب يسطع نوراً يشق الفضاء مبدداً دياجير الظلمة، وفي عنان السماء صواريخ تنفجر ضياءً قوياً تهرب أمامه جيوش العتمة، وفي كلّ قرية أو ناحية اجتماع صغير كبير كهذا الاجتماع، فلمن العيد؟ ومن هو ذاك الذي تُقام هذه الآلاف من الاحتفالات بمولده؟
إنّه عيد سعاده، إنه فرحة سورية.
إنه عيد ذاك الذي كان ميلاده ميلاد أمة، ظنّ أعداؤها أنها قضت. إنه عيد ذاك الذي كان ميلاده انبثاقاً للنور من قلب الظلمة المدلهمّة، وانبثاقاً للحركة من الجمود المطبق، وانطلاقاً للوجود الحيّ الفاعل من العدم.
أجل إنه ميلاد سعاده العظيم، سعاده الذي آمن بهذه الأمة أمة هادية ومعلّمة للأمم، وآمنّا نحن به معلّماً وقائداً مخططاً لهذه النهضة الكبرى.
سعاده الذي وقف نفسه على أمته السوريّة، وتعاقدنا نحن معه على تحقيق أمر خطير يساوي وجودنا ولا معنى لوجودنا معه.
أيها الرفقاء
يحسن بنا في هذا العيد الرائع أن نكون ما نحن، فإذا كانت الأعياد بالنسبة لغيرنا من المواطنين الذين لم تتفتح بصائرهم بعد على حقيقتهم الكلية مناسبات للانغماس في الملذات ومظاهر اللهو والترف والتفلّت من الضوابط والتقاليد بعض الشيء، فإنها تعني لنا نحن القوميين الاجتماعيين انتصارات كبرى وقمم بطولة نقف عندها متأملين مستعرضين ما مضى من جهادنا، متأملين الطريق أمامنا ليكون لنا درسنا هذا حوافز تدفعنا دوماً نحو الأفضل والأكمل والأجمل، سيما ونحن الذين لا يبغون في الحياة لعباً ولا يفهمون القيم والمناقب نظريات في بطون كتب، بل حياة كاملة في المجتمع الأكمل – الأمة.
ففي آذار كان انتصار إرادة الحياة بمن كان ميلاده بداية صفحة جديدة من تاريخ هذه الأمة التي عرفها التاريخ في كافة مراحله وعصوره.
بداية صفحة بيضاء مجيدة تعقب صفحات سوداء مظلمة شوّهتها عوامل الانحطاط والتخاذل وانحراف الفكر السوري المشعّ عن خطّه الأصيل. فمع بداية ربيع الزمان كان بدء ربيع هذه الأمة بعد شقاء طال أمده وتكاثفت غيومه وادلهمّت حتى حجبت شمس الحقيقة عن بصائر هذا الشعب، فتمزّق شيعاً وطوائف، وانصرف نحو غايات ليست غاياته وعمل بمناقب لم تكن يوماً مناقبه السابقة.
مع تفتح البراعم كان انطلاق حركة الحياة الكبرى في هذه الأمة، كان بدء ربيعها الذي انطلقت فيه تحقق ذاتها بكلّ ما تنطوي عليه من نبل وسموّ وأصالة وإبداع وإشعاع بفعل نهضتها القومية الاجتماعية، حركة عزّها ومجدها وحياتها الحرة الكريمة.
هذه الحركة السورية القومية الاجتماعية التي ابتدأت بمن نحتفل بميلاده اليوم، لم تكن ولن تكون إلا التعبير الأكثر صفاءً والأسمى عن نفسية هذه الأمة، النفس السورية التي فيها كل علم وكل فن وكل فلسفة في العالم.
هذه الحركة التي أطلقها سعاده في هذه الأمة تياراً واعياً فاعلاً يعمل تحت طبقة الثرثرة والصياح هادماً بنّاءً، هادماً لكل فاسد رجعي انحلالي، بنّاء لكل جديد مجدّد هذه الحركة الجبارة، النهضة التي لا تتزعزع، شقّت طريق الحياة لهذه الأمة وقد عبّدته بالدموع والدماء والآلام، وبالتضحيات الجسام، لم يعرف التقهقر والتراجع بل بقيت سائرة إلى الأمام تعتلي قمة لتغادرها إلى قمة أعلى، وها نحن في مسيرنا الطويل نقطع طريقنا الصاعد نحو المجد لا نبالي ما يعترضنا فيه من عقبات، وما نبت على جوانبه من أشواك، مؤمنون جبابرة لا تعيبهم نكباتهم لأنها لم تقدر على تحويلهم من رجال أقوياء إلى رجال ضعفاء.
أيها الرفقاء
ها نحن أبناء الحياة في عيدها ما زلنا في موكبها الظافر في صميم المعركة المتعددة الجهات، وما زلنا كذلك نقاتل دون هوادة، حرباً مريرة في الداخل، وأخرى شعواء في الخارج، وما زالت حالة أمتنا هي الحالة عينها التي تتطلب البطولة الشعبية المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة، ولم تكن الأحداث الجسام التي حدثت في ربع القرن الذي انصرم على تأسيس هذه الحركة إلا مؤكدة لصحة عقيدتنا مبرهنة على حقيقتها وأصالتها. انظروا أشباه العقائد، فمنها ما تلاشى إلى غير رجعة، ومنها ما بدأ ينهار على ذاته ومنها ما يحتضر، انظروا حصون الإقطاع ترون الصدوع في جدرانها، انظروا معاقل الرجعية تروها تلهث آخر أنفاسها، انظروا إلى النيورجعية تروها في دويخة التطبيل والتزمير تسير كتلة هائمة نحو الهاوية.
أيها الرفقاء
ما نحن هو أننا تلامذة معلم وعى وأوعى. جنود جيش جبابرة يصارع حتى النصر الذي لا مفر منه، بطولة مؤمنة مؤيدة بصحة العقيدة. صراع دائب لاهب مستمر يرفض الانتهاء. عطاء فيه معنى فعل القيم السامية في النفوس المؤمنة. زوبعة تقصف بالقديم المهترئ، لتقوّي دعائم الجديد السامق البنيان. حرية تحرير الفكر من كل ما يشلّه، والعقل من كل ما يعطّله. واجب هو إدراك عميق لمسؤوليتنا في الحياة. نظام فكر ونهج، ثم نظام أشكال ودوائر. قوة مادية تسحق الطغيان وتُرهب الطغاة. زحف ثابت الخطى نحو النصر الأكيد، وحتى النصر الأخير سنكون ما نحن، وسيظلّ هتافنا يدوّي في العالم لتحي سورية وليحي سعاده.
هوامش:
(1) صدرت عن تنظيم الانتفاضة التي انتهت إلى حصول تنظيم مستقل (عُرف بِاسم تنظيم جورج عبد المسيح).
(2) مع الأسف لم يدوّن أي من الرفقاء الذين نشطوا حزبياً او تواجدوا في الكويت معلومات تفيد عن الحضور الحزبي في ذلك الجزء من الوطن وقد حاولت مع الرفيق عادل حامد الذي كان تولى لسنوات مسؤولية العمل الحزبي في الكويت فلم أوفق .
اعرف ان الرفقاء في الكويت تعرّضوا للطرد منها، انما ليس في حوزتي معلومات يصح ان تعمم.
من الرفقاء الذين كان لهم حضورهم الجيد في الكويت اذكر الأمين المحامي صالح سوداح، الأمين شوقي صوايا، الرفقاء العاملين في الصحافة: خالد قطمة. الياس مسوح. ذو الفقار قبيسي.
(3) يعقوب عكر: رفيق مناضل، من كفرحزير. عرفته مديراً ناجحاً لمديرية ديك المحدي، والد الرفيق د. وليد عكر شقيق الأمين عارف والرفيق نادر.
(4) رفيق سليم: من منطقة الغبيري. ارجح انه والد الرفيق مروان سليم الذي كان نشط في منفذية الطلبة الجامعيين. شقيق الرفيق علي سليم.
|