كنت تعرّفت على الرفيق وديع حداد عندما زرت أستراليا، وكان يحمل مسؤولية منفذ عام ملبورن. عرفت أيضاً، انما لم ألتقٍ به، شقيقه الرفيق فؤاد الذي تولّى لسنوات مسؤولية مدير مديرية بنسلفانيا في الولايات المتحدة.
والتقيت الرفيق وديع، وكان مُنح رتبة الأمانة، في زيارات كان يقوم بها إلى الوطن. دائماً كانت علاقتي به يغمرها الودّ، وعلى قاعدة التعاطي القومي الاجتماعي.
بتاريخ سابق، تسلّمت من حضرة الأمين تقريره عن نشوء العمل الحزبي في ملبورن، أحلناه بالصادرة رقم 48/7/81 تاريخ 3/6/2013 إلى منفذية ملبورن، وهذا نصها:
" نُحيل لكم بواسطة آلة "السكان" التقرير الذي كان قدّمه الأمين الجزيل الاحترام وديع حداد، للاطلاع ولإضافته إلى ملف تاريخ العمل الحزبي في ملبورن، تدقيقاً وإضافة لما أعددتموه.
إذا كان لحضرتكم أسئلة محددة ترون أن يجيب عليها حضرة منفذ عام البترون الأمين أسعد خباز(1)، تتعلّق بتاريخ العمل الحزبي في ملبورن، نأمل رفعها ".
إذ ننشر هذا التقرير، نضعه بعهدة منفذية ملبورن من أجل التدقيق، فإضافة ما يفيد تاريخ العمل الحزبي فيها. ولحضرتكم أن تعرضوا هذا الأمر على عدد من الأمناء والرفقاء في ملبورن ممّن لديهم الإطلاع الجيد على تاريخها الحزبي.
ل. ن.
*
التقرير المقدّم من حضرة الأمين الراحل وديع حداد:
" بعد وصولي إلى ملبورن في 11/3/1965 بيومَين، أي في 13/3/1965، حضر ثلاثة رفقاء إلى مكان إقامتي وكان أحدهم الراحل الرفيق رشا حنا "بحري"(2)، وعرفت الرفيق رشا بحري قبل مغادرته الوطن إلى أستراليا، إذ كان عضواً تابعاً لمديرية رأس بيروت الأولى، والتي كنتُ مديراً لها.
عرّفني الرفيق بحري بالرفيقَين الآخرين: حضرة مدير مديرية ملبورن المستقلة المرحوم إدمون ملكي، والآخر المرحوم سامي ساسين، وبنهاية الزيارة أطلعني المدير عن موعد الاجتماع، وفي اليوم المحدد حضر رفيقان واصطحباني إلى المكان وهو بيت المدير. وعندها عرفت بالمسؤولين إدمون ملكي مديراً، نجيب حصني ناموساً، المرحوم فريد واكيم مذيعاً، ومحصلاً نمر ريدان، ومدرباً رياض سالم. فوجئت بعد ثلاثة أسابيع بقرار تعييني مذيعاً للمديرية، بحجة أن الرفيق فريد واكيم، كونه يدير مصلحة نقل، شراكة مع المدير إدمون. عندها عرفت بأن المدير تسلّم المسؤولية بعد وفاة والده المرحوم حبيب ملكي، الذي يُقال إنه أنشأ العمل الحزبي في ملبورن، وكان ناموس المفوضية آنذاك هائل الدمشقي. وجاء أحد الأيام إلى بيت إدمون ملكي "هذه سجلات كانت بحوزتي، وبعد وفاة والدك الذي تسلمتها منه أعيدها لك، إذ أنني لا أستطيع المتابعة". هذه الفترة غامضة، لا معرفة لي كيف ومتى تم تعيين إدمون مديراً، علماً عرفت من المرحوم الرفيق رشا فيما بعد بأنّ المرحوم حبيب ملكي كان غاضباً على إدمون لأنه كان مبشراً مع جماعة السبتيين!!!!
قدمت استقالتي من مسؤولية مذيع بسبب انتقالي إلى خارج ملبورن بداعي العمل، إذ أنني دخلت في شراكة مع إدمون ملكي والمطرود غصوب مارون في مصلحة على طريق أدلايد، لم تمضِ فترة ستة أشهر حتى عدت إلى ملبورن على أثر خلاف مع المذكورين حول كيفية إدارة العمل في هذه المصلحة.
عند عودتي إلى ملبورن، علمت أن الرفيق أنور سالم كان مذيعاً للمديرية، وبعد فترة قصيرة نشب خلاف بيني وبين المدير حول مواقفه وأسلوبه في التعامل مع القوميين، وخلافاته معهم حول مصالح كان يشركهم فيها ويستغل جهودهم، والذي زاد في الخلاف هو موقفه وإشادته بالناصرية والعروبة من على محطات الإرسال (إذاعة) حول حرب 1967، يومها كانت تلقى قيادات الحزب التنكيل على أيدي النظام الموالي لعبد الناصر في لبنان. وبسبب عملي الليلي، لم أتمكن من حضور الاجتماعات الدورية، إلى أن استفحل أمر الخلاف مع السواد الأعظم من القوميين وانقطاع الرفقاء عن العمل الحزبي، جاء إلى منزلي كلّ من الرفقاء سميح أبو صبحة، المرحوم موسى رزوق وأنور سالم، وأطلعوني على وجود صادرة من المركز بشأن إجراء استفتاء حول من يرى القوميون فيه إمكانية قيادة العمل الحزبي، واقترحوا عليّ أن أحضر هذا الاجتماع المقرر لهذا الغرض، وعند حضورنا الاجتماع تعرّفت على المسؤولين: فاديا أبو خليفة ناموساً، سامي مظلوم مذيعاً، وجيه أبو خليفة محصلاً، صباح العبدلله مدرباً. بعد فترة قصيرة من هذا الاجتماع الذي تغيّب عنه المدير بسبب وجوده في الوطن، دُعيت إلى جلسة رسمية، وفي هذه الجلسة طلب إليّ المدير أن أتسلّم مسؤولية ناموس للمديرية بسبب استقالة الرفيقة فاديا أبو خليفة من هذه المسؤولية، وتعيين الرفيق جورج فرنسيس محصلاً، وكان أول لقاء لي ومعرفة بالرفيق المذكور. لم يطل الأمر بالرفيق جورج إلى أن غادر إلى سدني وعاد وتسلّم الرفيق وجيه أبو خليفة مسؤولية محصل. في أواخر عام 1972، طلب المدير إليّ أن أحضر إلى بيته في East /Melb وأطلعني عن وصول برقية من المركز. قرأت مضمونها، وفيها قرار بتعيين معتمد مركزي، وسألني إذا كنت أعرف حيدر الحاج إسماعيل (عبود عبود) المعيّن معتمداً، وعند الإجابة بالإيجاب أنني أعرفه حيث كان مدرساً في ثانوية النهضة في مرمريتا (الشام).
تسلّم المعتمد المركزي مهامّه، ودعا إلى أول اجتماع عام لجميع القوميين عام 1973 في ملبورن، بدون استثناء، وفي هذا الاجتماع طلب المعتمد من الرفقاء الذين لهم خلاف مع المدير برفع تقرير حول موضوع الخلاف معه، ولما كنت ناموساً للمديرية، كنت قد تسلّمت كافة التقارير والشكاوى. عقدنا جلسات عدة، جرى فيها مناقشة هذه الشكاوى مع المدير، وبعد عدة جلسات مطولة صدر عفو عن جميع القوميين وأبلغ هذا القرار في اجتماع عام، بما فيهم حضرة المدير، بالصفح عن أخطاء الماضي وأننا سنبدأ مرحلة جديدة يسودها الإيمان والنظام، وأثناء هذه المرحلة بدأ العمل التثقيفي بإصدار نشرة النهضة، التي كنا نقتطع بعض النصوص وسحبها على آلة "الستنسل" وتوزيعها على الرفقاء، مما خلق حالة من العمل الذي كانت بدايته مضنية، خاصة أننا كنا نلقى بعض الاستهجان ممن كانوا على مقربة من المدير الذي ظنّ أن المعتمد لن يكون أصلب عوداً من القوميين الذين انصاع بعضهم تحت تأثير المصالح الذائبة والعيش الرخيص وتأمين القوت لعائلاتهم. وأطلع المعتمد المدير بأنّ ما جاء في تقارير الرفقاء من المعلومات، والتي أقرّ المدير بصحّتها، بأنها كفيلة بإعفائه من مسؤوليته وفصله إلى أجل غير مسمى، إنما نظراً لعدم وجود الوعي، والجهل في النظام، سيعلن عفواً عن هذه الأخطاء. وكان ذلك.
ولما كان الحضور جيداً، ووجد عدد وفير من العاملين، فقد تمّ إنشاء المنفذية في ملبورن وكانت أول مديرية تابعة هي مديرية الشهيد ساسين الديك، ومفوضيتي غربي ملبورن وجنوبي ملبورن، ومديرية الأعضاء المنتمين الجدد. كان على رأس المفوضية في جنوبي ملبورن الرفيق أسد ريدان(3)، وغربي ملبورن خضر ساسين(4) الذي جاء عفو عن قرار فصل صادر بحقه في الوطن، وعُيّن الرفيق خالد أبو مصلح مديراً لمديرية الجدد. لا أذكر المسؤولين الآخرين فيها. أول مدير لمديرية الشهيد ساسين الديك الرفيق وديع حداد، والتي كانت العصب الأساسي في المنفذية، إذ بلغ عدد أعضائها 35 رفيقاً. عيّن الرفيق معين شومان مديراً لها، إبراهيم الشيخ ناموساً، المرحوم إسبر دياب محصلاً، ولم يعيّن مذيعاً لها بسبب عدم وجود عضو كفوء، لذلك أُنيط العمل الإذاعي بالمدير تكليفاً إلى أن يتأمن العضو المناسب. أما هيئة المنفذية فكانت على الشكل التالي: إدمون ملكي منفذاً، رشا بحري ناموساً، صباح العبدالله ناظراً للتدريب، سامي مظلوم ناظراً للإذاعة، وناظراً للمالية أنور سالم. بعد فترة وجيزة أُقيل إدمون ملكي وفُصل إلى أجل غير مسمى، وذلك بسبب تعنته ورفضه أوامر المعتمد الحزبي بعدم إجراء مقابلة إذاعية كانت إحدى محطات البث الإذاعي في سدني أجرتها معه حول العمل الفدائي، مما عرّض القوميين إلى تحقيقات من قِبل أجهزة المخابرات، واستمرّ في عناده وراح يكيل الاتهامات والشتائم إلى المسؤول والقوميين الذين التزموا بقرار الفصل الصادر بحقه ومقاطعته، رغم محاولاته إثارة بعض القوميين والاتصال بهم، فاتبع أسلوب الرسائل البريدية التي كانت مليئة بالسباب والكلام البذيء جداً، أرسلت معظمها للمركز الموقر، ونسخة عن مجلة "الرسالة" التي كانت تصدر في ملبورن وفيها مقابلة أجرتها معه، وفيها يعلن عن موت فكر الزعيم أنطون سعاده وأن هذا الفكر قد مرّ عليه الزمن.
جاء قرار الطرد مع تكليف للرفيق وديع حدّاد من المركز الموقر بأن يبلغ المطرود إدمون هذا القرار، وكان يومها برفقتي الرفيقان جان سالم ومعين شومان.
عند اتخاذ قرار الفصل، عيّن ناموس المنفذية آنذاك الراحل رشا بحري منفذاً ، وعيّن الرفيق فؤاد فرح ناموساً وبقي المسؤولون الآخرون. بعد فترة قصيرة قدّم ناظر المالية استقالته بسبب سفره إلى الوطن، وعيّن الرفيق وديع حداد ناظراً للمالية. لم يمضِ وقت طويل حتى قدّم فؤاد فرح استقالته بسبب عمله في الليل. تسلّم الرفيق شوقي غزال ناموساً في المنفذية، في هذه الفترة تم شراء منزل بمبلغ 16 ألف دولار جُمعت من القوميين، كان معظمها من الرفقاء شوقي غزال، رشا بحري، وديع حداد وجورج عبود. كما تمّ إنشاء مدرسة النهضة، كان ذلك عام 1976، كان يجري التعليم في هذا المنزل، لم يستمرّ الأمر طويلاً حتى انتقلت إلى مدرسة "سانت بردجز"، طلب المعتمد الحزبي إلى الرفيق وديع حداد أن يتسلّم رئاسة الرابطة العربية السورية.
هوامش:
(1) أسعد خباز: كان تولى مسؤولية ناظر تدريب منفذية ملبورن عندما عرفته. عاد إلى الوطن، متولياً مسؤولية منفذ عام البترون. مُنح رتبة الأمانة، وهو يتمتّع بحضور جيد في مدينة "البترون". انتخب مؤخراً عضواً في المجلس الأعلى .
(2) رشا بحري: مراجعة النبذة المعممة عنه على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info.
(3) أسد ريدان: من أبطال الحزب، وقد سمعت عنه الكثير عن مواقفه الجريئة، من منطقة "راشيا".
(4) خضر ساسين: شارك في الثورة الانقلابية. تولى مسؤولية منفذ عام طرابلس.
حبذا لو يكتب عنه عارفوه، كذلك عن الرفيق أسد ريدان.
|