بتاريخ 01/04/2020 كنت نشرت نبذة عن الرفيق رشا بحري، الذي كنت عرفته مديراً لمديرية رأس بيروت، ناشطاً حزبياً في ستينات القرن الماضي، متابعاً نشاطه الحزبي عندما غادر إلى ملبورن متولياً فيها مسؤولية منفذ عام.
عرفت أيضاً، وكانت تحتل لدي الكثير من أواصر الاحترام والمحبة، لطالما زرتها وتردّدت إليها، ويعلم الأمينان كمال نادر وكميل حاماتي أية علاقة كانت تربطني بـ"أم رشا"(1)، حتى إذا رحلت نشرت عنها كلمة مؤثرة.
وأيضاً عرفت شقيقتَيه، الرفيقة سميرة عقيلة معتمد أستراليا الأمين الراحل نبيل سيف(2) والمواطنة فداء عقيلة صديق الحزب المواطن نعيم عفيش.
مؤخراً، قرأت في العدد الصادر في 11 آب 1986 من مجلة "صباح الخير" كلمة كان نشرها الأمين جبران جريج بعنوان الأمين رشا بحري، حملت رسمه.
أنشرها أدناه، مستعيداً ذكرى الرفيق رشا، الصديق، القدوة في أخلاقه وفي التزامه القومي الاجتماعي، وفي تفانيه.
ل. ن.
*
صدمة وأية صدمة كان نبأ وفاتك فجأة في دار المغترب.
يا سورياً قومياً اجتماعياً منذ الولادة!
يا بن الرفيقَين نعيمة نصر وجميل البحري!
يا حفيد الشاعر سليمان نصر!
يا بن قلحات – الكورة – البار، قلحات الرائدة بين قرى الكورة في الثقافة والعلم وقد أنجبت عدا الشاعر سليمان نصر، الشاعر الشاب الكبير نعمان نصر، صاحب قصيدة "اليتيم" الحائزة على الجائزة في مباراة صوت المرأة في بيروت (وهو اليتيم) وصاحب مدرسة الصفاء ما بين قلحات وفيع، والتي فيها توفي بسكتة قلبية، مثلك يا رشا، وهل ننسى مربي الجيل، نسيم نصر، أبو وفاء، المغترب في أميركانية، الأديب والشاعر أيضاً.
تربيت في أحضان النهضة السورية القومية الاجتماعية، منذ أن كنت شبلاً ثم انتقالك إلى بيروت إلى ركن متواضع في رأس بيروت، حيث واصلت نشاطك الحزبي كالجندي المجهول، بالرغم من عملك المهني الذي أخذت تحترفه مع الوالدة، فكنت مثالاً في الانضباط والنظامية والتطبيق، خصوصاً في الشأن المالي الذي كنت تمارسه كمحصّل للمديرية.
وهل أنسى يوم الثورة الانقلابية التي لم يكتب لها النجاح لعطل طرأ على أحد الأجهزة، يوم لجأت إلى دارك وأنا ملاحق وأنت في غمرة الاستعداد لإنهاء معاملات الاغتراب، وما شكّله هذا اللجوء من تبعات ومخاطر على سلامتك، فما عرتها أي اهتمام، بل قابلتها بالابتسامة التي اشتهرت بها ثمّ تابعت المسيرة المالية لدعم الصمود ومجابهة الاضطهاد.
وسافرت إلى المغترب، وهناك في ملبورن – أستراليا حطّ رحالك، فعملت واشتغلت بكدّ واجتهاد، فكنت أنت رب العائلة، وقمت بكل ما كانت تتطلبه هذه المسؤولية من تلبية لأفرادها، وأخيراً أصبح شقيقك جورج وعائلته عندك وكذلك صهرك نبيل سيف وعائلته.
وبالرغم من ذلك كلّه، قمت بمسؤولية حزبية أساسية في المعتمدية برعاية معتمدها الأمين الجزيل الاحترام عبود عبود، الذي اختارك منفذاً عاماً لمنفذية ملبورن الناشئة التي تسلمها منك بعد حين المنفذ العام سالم، وأخيراً عادت المسؤولية في المنفذية إلى صهرك الرفيق نبيل سيف، ابن كسروان البار.
هذا لا يعني أنك انقطعت عن زيارة الوطن من حين إلى آخر، فمن قلحات إلى العبادية إلى رأس بيروت تطفح صحة وبشراً، راضياً عن نفسك، متمنطقاً بالإيمان أينما كنت وأنّى حللت، فهاجسك هو النهضة السورية القومية الاجتماعية ومستقبل قضيتها التي دعا إليها وإلى مُثُلها العليا سعاده العظيم، الشهيد القدوة.
هل أنسى أثناء جولة الوفد الحزبي إلى المغتربات كيف أنّ منزلك في ملبورن كان مركزاً لكلّ اللقاءات والاجتماعات العامة والحفلات الاجتماعية؟
والآن، يا رفيقي المجاهد، المناضل حتى الرمق الأخير، رحلت عن هذا الوجود بعد أن همد قلبك الكبير الذي ما خفق إلا في حب وطنك الذي من أجله عملت وكرّست ما لديك من إمكانات ومواهب في سبيل إعلاء شأن مجتمعه الذي كنت فيه إنساناً مجتمعياً.
همد قلبك في الاغتراب ودُفن فيه جسدك، أما روحك التي انطلقت من عقالها البشري فقد عادت إلى الوطن، إلى المجتمع الذي تنتمي إليه مكلّلة بتاج الخلود.
والبقاء للأمة
هوامش:
(1) نعيمة نصر (أم رشا): للاطلاع على الكلمة المنشورة عنها، مراجعة موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
(2) نبيل سيف: للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى الموقع المذكور آنفاً.
|