عثرت فيما كنت أرتّب محفوظاتي على ما كان قدّمه الرفيق أديب الرزوق في رسالته بتاريخ 06/01/2005، يفيد انه من مواليد عام 1931، الى معلومات حزبيّة تفيد تاريخ حزبنا في حلب، ننشرها كما وردت.
*
انتميت إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي في منتصف عام 1949، وأدّيت القسَم الحزبي بحضور الرفيقَين طارق الشهابي وسامي الهاشم، وبدأت ورفقاؤنا ننشط في الأوساط الطلابيّة، وكنّا على موعد شهريّ مع ندوة إذاعيّة يديرها الرفيق المرحوم أورخان ميسّر(1).
وفي مطلع عام 1953، كان نشاطنا قويّاً في مدينة حلب وأريافها، وفي عام 1955 وعلى إثر اغتيال العقيد عدنان المالكي، شنّت أجهزة السلطة الأمنيّة حملة شرسة، وكانت الملاحقات ومداهمة منازل الرفقاء والاعتقالات تطال الجميع.
وتحت ضغط الملاحقات، تمّ تأمين سفر منفّذ حلب(2) إلى بيروت، حيث كلّفنا بمرافقته حتى الحدود عند الدبوسيّة. وبعد التأكّد من اجتيازه الحدود، عدت إلى حلب عن طريق آخر، وقد حلّ مكان منفذ حلب الرفيق محمد طباخ(3)، وتمّ تكليفي والرفيقَين المرحومَين(4) عبدالله النجار وكلال العارف بمسؤولية منفذ عام ريف حلب.
وفي شهر تشرين من عام 1956 توجّهت وعشرة من رفقائنا من حلب إلى بيروت إفراديّاً بدعوة من القيادة، والتقينا رئيس الحزب آنذاك، كما التقينا الرفيق الشهيد غسان جديد وتم إعطاؤنا التوجيهات اللازمة للقيام بها وعدنا إلى حلب. وبعد العودة قمت والرّفيقَان عبدالله النجار وكلال العارف بجولة ميدانيّة على مدن ريف حلب، واتّصلنا بكافّة الرفقاء ووضعناهم بصورة الموقف، وقد أبدوا استعدادهم للقيام بأيّ عمل يُطلَب منهم.
وفي حلب، قمنا باستئجار بيوت مفروشة متفرّقة في أحياء المدينة واستدعاء الرفقاء من الريف، وتمّ توزيعهم على البيوت المستأجَرة. إلّا أنّ الاعتداء الثلاثي على مصر في ذات العام، أدّى إلى تجميد الخطة وتوقّف العمل بانتظار التعليمات على ضوء المستجدّات، وعاد الرفقاء إلى مدنهم في ريف حلب.
وعندما اكتشفت السلطة الخطة التي سُمّيت "مؤامرة العجلاني"، بدأت بملاحقة الرفقاء القوميين واعتقال بعضهم والتنكيل بهم، وقد تمكّن البعض من اجتياز الحدود قاصدين بيروت... وبقيت والرفيق عبد الوهاب فتال(5) نراقب الأحداث ونجمع المعلومات، ممّا قضت الضرورة إلى سفري إلى بيروت للاتصال بالقيادة وتزويدها بما يجري في حلب، ولتلقّي التعليمات.
وفي بيروت، طُلب إليّ من قِبَل القيادة الاتصال ببعض المحامين في حلب للدفاع عن رفقائنا المعتَقلين، وحال عودتي قمت والرفيق عبد الوهاب فتّأل بالاتصال ببعض المحامين الموثوقين، وقد أبدى بعضهم استعداده للدفاع عن الرفقاء المعتَقلين، ومنهم المحاميان فاروق السياق والدكتور عارف حسين، وتمّ تأمين سفرهما إلى بيروت واجتماعهما بقيادة الحزب، ثمّ عادا إلى حلب وتوكّلا عن الرفقاء المعتقلين وقاما بالدفاع عنهم.
وفي عام 1958، انتقلت إلى بيروت للاجتماع بالقيادة، وعند الحدود في منطقة الدبوسية تمّ اعتقالي ونقلي إلى مدينة حمص، حيث أودعت السجن العسكريّ "البولونيّ"، وفي مقرّ المكتب الثاني في حمص حُقّق معي من قِبل عبد الوهاب الحكيم، وبقيت في هذا المعتقل شهراً كاملاً لم يحصلوا منّي على أيّ معلومات، ثمّ نُقلت إلى حلب حيث أمضيت أسبوعاً في سجن المكتب الثاني، وبعدها نُقلت إلى سجن المزّة بدمشق قيد التحقيق، وكان التحقيق يتمّ معي ليلاً على أيدي محقّقين برابرة وقطّاع طرق، من دون أن يحصلوا منّي على أيّ معلومات...
وعندما علم أهلي باعتثقالي، قاموا بمراجعة الجهات المعنيّة، والمساعي الحثيثة من أجل إطلاق سراحي، وقد تمّ ذلك وعدت إلى حلب..
إنّ ممارسات المكتب الثاني لم تتوقّف، وكنّا نتعرّض بين الفترة والفترة إلى التوقيف ليوم أو لأيام لتوجيه الأسئلة، ثمّ يطلقون سراحنا، وقد استمرّ هذا الوضع على مدار سنوات عديدة... علماً أن نشاطنا استمرّ ولم يتوقّف بالرغم من الضغوط والملاحقات المستمرّة والطّرد من وظائفنا، وهذا لم يزدنا إلا إيماناً بعدالة قضيّتنا والتمسّك بفكر حزبنا..
هذه سيرتي أضعها أمامكم، وما قدّمته لحزبنا إلا القليل، فيما قدّم رفقاء كثيرون حياتهم من أجل مبادئ الحزب وأهداف الأمة، وعلى رأسهم الزعيم الخالد سعاده.
هوامش:
(1) اورخان ميّسر: اديب وشاعر. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
(2) نرّجح انه الأمين د. نوري الخالدي الذي غادر لاحقاً الى الولايات المتحدة مقيماً في مدينة بورتلاند (ولاية اوريغون) للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى الموقع المذكور آنفاً.
(3) محمد طباخ: منح رتبة الأمانة. التقيت به ثكنة الأمير بشير اثر الثورة الانقلابية. أصدرت المحكمة الحزبية التي نظرت بالمحاولة الانقلابية قرار طرد. وسآتي على ذلك في نبذة لاحقة .
(4) نورد ذلك بناء لما ورد في النص الحرفي، وتساءل كيف يصح ان يكلف الرفيقان عبد الله النجار وكلال العارف بمسؤولية منفذ عام ريف حلب ؟
(5) عبد الوهاب فتال: تحدثت عنه في نبذة وعن ابنتيه الرفيقتين فتون وميسون. كان انتقل الى لندن عاملاً في مجال الصحافة . مراجعة الموقع المذكور آنفاً.
|