ليس لأنّ المنفّذ العام السابق في سدني الامين أحمد الأيوبي اقترن من ابنته الرفيقة كريمة، ولا لأنّ الرفيق جوزف فرنسيس، المنفّذ في وقت سابق لمنفذية طرابلس، اقترن من ابنته الرفيقة ليوني، والرفيق د. روبير حبيب من ابنته الرفيقة مارلين حقق جوزف نكد حضوره الحزبي اللافت، إنّما لأنّه كان قومياً اجتماعياً نشيطاً، تولّى مسؤوليات حزبية عديدة في منفذية طرابلس ومنطقة زغرتا، وكان ناظراً للإذاعة، له حضوره الإذاعي المتحرّك وكلماته في المناسبات الحزبيّة، وإليها كلّها بنى عائلة قوميّة اجتماعيّة امتدّت إلى الاحفاد.
وُلد الرفيق جوزف نكد في كفردلاقوس، وقد تشبّع بتعاليم النهضة القومية الاجتماعية، انطلق إلى رحاب الوطن، وبقي إلى آخر زفرة من حياته. لذا كان مأتمه في كفردلاقوس مظاهرة وفاء من أبنائها، ومن أهالي المنطقة الذين انضمّوا إلى القوميين الاجتماعيين الوافدين من زغرتا، الكورة، طرابلس ومناطق أخرى للسير في المأتم المهيب الذي قلّ أن شهدت البلدة والجوار مأتماً شبيهاً.
*
عن رحيله والمأتم الشعبيّ والحزبيّ الذي أُقيم له في كفردلاقوس، كتبت "صوت النهضة" في عددها السابع بتاريخ 01/02/2000، ما يلي:
غيّب الموت الرفيق المناضل جوزف نكد، الذي أمضى مدّة طويلة من سنوات عمره في النضال القومي مؤمناً بمبادئ النهضة السوريّة القوميّة الاجتماعيّة، عاملاً في سبيل انتصارها.
هذا وقد أُقيم للراحل مأتم شعبي وحزبي، في مسقط رأسه كفردلاقوس – زغرتا، حيث شُيّع جثمانه بمشاركة حشد كبير من السوريّين القوميين الاجتماعيين والأهالي وفعاليات سياسيّة ووجوه المنطقة وأهالي البلدة، وتقدّم المشيّعين عميد القضاء الرفيق رياض نسيم الذي مثّل رئيس الحزب، وعدد من المسؤولين والأمناء.
ووسط حشود كبيرة نُقل جثمان الفقيد في موكب مهيب من منزله إلى الكنيسة، حيث أدّى له السوريّون القوميّون الاجتماعيّون التحية.
وفي الكنيسة ألقى المطران يوحنا الحاج عِظة تأبينيّة نوّه فيها بخلقية الفقيد وعلمه وعلاقاته الجيّدة مع الناس.
*
كلمة مركز الحزب
وألقى كلمة مركز الحزب، عميد القضاء الرفيق المحامي رياض نسيم (الأمين لاحقاً)، الذي نوّه بمزايا الرفيق جوزف، مستعرضاً مسيرته النضاليّة والفكريّة وإيمانه بشعبه وأرضه وبمواقفه القوميّة الراسخة، وجاء في كلمة العميد: "جئنا من كلّ مكان، نحن رفقاءك، كي نعاهدك على تحقيق ما آمنت به وما عملت له بإرادة صلبة وتصميم على الانتصار وقدرة على العطاء عزّ نظيرها".
وقال العميد الرفيق رياض نسيم في كلمته: "جريء كالمغامر، شجاع كالمقاتل، يحمل دمه على كفّه مبشّراً منادياً بعقيدة عظيمة تترسّخ في ذاته كلّما تقدّم في العمر والنضال. منذ أكثر من خمسة واربعين سنة، انتمى إلى الحزب يوم كان الانتماء جريمة يعاقب عليها القانون، وكان الانتماء يقود إلى السجن وأقبية التعذيب، أو يقوده إلى المقصلة، انتمى يوم عزّ الانتماء، وأقدم كالرجال يحمل همّ الأمّة ليُشارك في الانتصار.
كان الرفيق جوزف نكد يُدرك أنّ الأفكار الكبيرة لا تتحقّق إلا بمزيد من التضحية وقهر الذات، ونكرانها. هو واحد من الذين نسوا جراحهم النازفة ليضمّدوا جراح أمّتهم البالغة. وهو في كلّ ذلك، لا يهادن ولا يسالم ولا يركع، بل يمارس إيمانه بجديّة مطلقة، ويحوّل النظريات إلى وقائع، فهو المناضل الذي جعل من بيته نموذجاً لحزب ألغى الحواجز بين طائفة وأخرى وبين ملّة وملّة.
لم يسعَ في حياته الحزبيّة الطويلة إلى منصب أو مركز أو وسام، آمن أنّ المجتمع هو الأساس، وأنّ الفرد في تخلّيه عن خصوصيّته إنما يؤسّس لمجتمع جديد".
وتابع العميد نسيم قائلاً: "الرفيق جوزف نكد... ستبقى في ذاكرتنا الرجل المؤمن والإنسان الحرّ الشريف والمناضل الذي لا يتزعزع إيمانه".
وختم مقدّماً التعازي بِاسم رئيس الحزب الأمين علي قانصو، وبِاسم قيادة الحزب، إلى عائلة الراحل وأقربائه وأهالي بلدته، وإلى جميع السوريّين القوميّين الاجتماعيّين.
*
كلمة السوريّين القوميّين الاجتماعيّين
وألقى الأمين نجيب إسكندر(1) كلمة بِاسم القوميين الاجتماعيين في زغرتا – الزاوية، جاء فيها: "أنت يا رفيقي، رفيق الدرب والإيمان والعطاء والعمل، آمنت بأنّ الحياة كلّها وقفة عزّ فقط، ونحن نعرف ونشهد أنك وقفت...
لقد قفزت يا رفيقي إلى المقلب الآخر، فارساً، على صهوة إيمانه، متخطّياً حواجز الألم التي أعدّها لك الداء اللعين. فربحت رهانك، وانتصر صبرك، فكان لك فيه راحة، ولنا فيه عزاء، وهكذا صدق فيك قول شاعرنا:
نمضي إلى الموت لا نخشى ألماً ونزحم الخطب وفي أجفاننا الحُلم
نفتح دروب الشمس في كـــلّ غدٍ وتستفيق على صيحاتنـــــا الأمــــــم
وأضاف: "إنّك من أولئك الذين لا تنتهي حياتهم في مأتم ولا يغيب حضورك في رحيل. ومع هذا، نحن نحزن، فالحزن يشحذ الذكريات... في هذه البساتين والطرقات التي تخترق بلدتك وتحوطها.. كانت لنا مجالس أدب وفكر وعقيدة وحوار، حتى في أحلك السنوات سواداً، ومع ذلك ثابرت وأقدمت، ولم تهدأ ولم تكلّ".
وتابع متحدثاً عن المسيرة النضاليّة الطويلة للرفيق نكد، وأنه "كان فارس مناسبر وسيد كلمة وأميراً من أمراء البيان".
وختم: "بموتك تدحرجت صخرة من جبالنا، واجتُثّت أكَمة من آكامنا، غير أنّ إيمانك لم يمت، بل هو عناد الموت الذي يموت فينا من ملل...".
*
كلمة كفردلاقوس
وألقى كلمة "كفردلاقوس" وآل نكد الأستاذ أنطوان نكد، عبّر فيها عن مدى الحزن والأسى اللَّذَين خلفهما رحيله عند أهله وأهل بلدته وجميع محبيه.
*
كلمة عائلة الرفيق الراحل
وفي الختام، ألقت ابنة الرفيق الراحل، ليوني نكد كلمة وجدانيّة عاطفيّة، وممّا جاء فيها: "إليك وحدك أتوجّه يا أبي، وبك وحدك أقتدي، فيك المناقب الحزبيّة والقوميّة التي ربيتنا عليها، إلى جانب الحنان الأبويّ والروح العائلية.
ستبقى معنا نحن بناتك، ونحن رفقائك، وتأكّد أنّ كلّ ما علّمتنا إياه سنعلّمه لأولادنا لأن فيه كلّ الحق وكلّ الجمال، وكلّ الخير".
وختمت: "كنتَ خطيباً بارعاً، تحمل أفكار حزبنا العظيم، أحببت رفقائك وأحبّوك، نعاهدك على السّير على خُطاك مؤمنين بالمبادئ التي آمنت بها".
*
ملخص عن حياته الحزبية كما ورد في تقرير للرفيق الراحل موجه الى عمدة الداخلية بتاريخ 19/02/1994:
انتمى إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1955. وانتظم في مديرية زغرتا، قبل أن ينتقل إلى طرابلس وينتظم في في مديرية الزهرية التابعة لمنفذية طرابلس التي تسلّم فيها مسؤوليات ناظر إذاعة وماليّة مراراً.
كان خطيباً مفوّهاً ومناضلاً مقداماً.
تزوّج العام 1960 من ماريت سعيد اللبيان، ولهما ثلاث بنات رفيقات هنّ: ليوني متزوّجة من الرفيق جوزف فرنسيس، وكريمة متزوّجة من الرفيق أحمد الأيوبي، ومارلين متزوّجة من الدكتور روبير حبيب.
*
لقد انتميت إلى الحزب في 24/04/1954 على يد الرفيق طنوس داود القبوط في زغرتا، وكان الشهود الرفقاء يعقوب شدراوي(2) ونجيب اسكندر والرفيق المهندس ألبير يزبك كرم(3)، وأوّل مسؤوليّة تسلّمتها مفوّض مفوّضية كفردلاقوس، زغرتا، ثمّ مذيعاً لمديرية زغرتا المستقلة، ثمّ ناظراً للإذاعة في منفذية زغرتا، وعند انتقالي إلى طرابلس تسلّمت مسؤولية مذيع مديرية الزهريّة خلال العام 57 و 58، ثمّ مديراً "لمديرية الكات" في الكويت خلال الأعوام 59، 60، 61، وعدت إلى طرابلس ودخلت السجن عدّة مرات خلال الفترات التي تلت الانقلاب، وعام 1968 تسلّمت مسؤولية ناظر الإذاعة في منفذية طرابلس خلال العمل السري، ثم ناظراً للإذاعة حتى العام 1973 وعام 1975 تسلّمت مسؤولية ناموس الشعب الصحافية المركزية التي كان رئيسها آنذاك العميد السابق الرفيق نجيب إسكندر، وبعدها انتقلت إلى قبرص مع الرفقاء جهاد ساروفيم وأنطون سعادة، وتسلّمت مسؤولية مفوّض مفوضية قبرص المركزيّة، واستدعاني المركز إلى بيروت وتكلّفت بمسؤولية مندوب مركزي مكلّف من قِبل عمدة الداخلية في قبرص، ثمّ وكيلاً لعميد العمل، وعام 1978 سافرت إلى أكرا في غانا ومنذ وصولي تسلّمت مسؤولية مذيع في مديرية غانا التي كان مديرها آنذاك الأمين سبع منصور(4)، وعام 1980 عدت إلى طرابلس ومنذ ذلك الحين وأنا إمّا ناظراً للإذاعة في منفذية طرابلس وإما ناظراً للإذاعة في منفذية الكورة، والآن اشغل مسؤوليّتي نظارة الإذاعة والمالية في منفذية طرابلس.
إني خريج معهد عينطورة فلسفة قسم ثاني، استلمت عدة وظائف مصرفية وأنا أحمل شهادة اختصاصي بالمحاسبة والمراقبة والتدقيق، وعضو في المجلس التنفيذي لنقابة موظفي المصارف في الشمال، والآن أعمل مديراً لقسم المحاسبة والشؤون الإدارية في معهد "نورث ليبانون كولدج"، وطوال فترة عملي الحزبي الذي لم ينقطع يوماً لم توجّه إليّ أية تنبيهات أو ملامة أو تأنيب.
معروف في صفوف القوميين الاجتماعيين جميعاً، ومتمرّس بالمسؤوليات الحزبية، كما أنني أجريت بأمر من قيادة الحزب عدة لقاءات صحافيّة مع مراجع هامّة. وقد درست فنّ الخطابة في العام 1956 علّمني الأمين "عباس"(5)، قدّمت عدة برامج في تلفزيون لبنان من الشمال خلال الأعوام 86، 87، 88، 89، 90.
قمت بعدّة مهمات مركزية (لا مجال لذكرها) إنها معروفة من المسؤولين.
هوامش
(1) نجيب إسكندر: من أقدم رفقائنا في زغرتا. شارك في الثورة الانقلابية وحُكم عليه. مُنح رتبة الأمانة. كان مراسلاً لجريدة النهار في الشمال اللبناني. للإطلاع على ما نشرت عنه الدخول إلى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info.
(2) يعقوب الشدراوي: الممثل السرحي المعروف.
(3) البير كرم: ما اعرفه عنه انه غادر الى فنزويلا فإلى الولايات المتحدة . كان رفيقاً مميّزاً. من انسباء الرفيق اوغست حاماتي. لمن عرفه او يعرف عنه، تزويدنا بالمعلومات المفيدة عنه.
(4) الأمين سبع منصور: من بلدة "راشيا الفخار". كان له حضوره الحزبي والإعلامي في أكرا، حيث كان ينشر المقالات الافتتاحية باللغة الإنكليزية، عاد الى الوطن متولياً مسؤولية عميد، وناشطاً في المجال الثقافي. مراجعة ما نُشر عنه على الموقع المذكور آنفاً.
(5) الأمين "عباس": ارجّح انه الاسم المستعار للامين د. سامي خوري الذي كان تولى مسؤولية عميد الإذاعة له كتاب مذكرات بعنوان "شمس لا تغيب" . ندعو من يملك المعلومات المفيدة ان يكتب لنا او يتصل.
|