سمعت بمواقفه الصلبة عندما أُسر إثر اشتراكه في الثورة الانقلابية، ثم عرفته بعد خروجه، وأكثر عندما كان من مسؤولي حراسة مركز الحزب في فردان، ثم أكثر بعد أن عرفت ابنته الرفيقة ابتسام الخطيب(1) فسجلت لها الكثير من فضائل الالتزام.
عندما غادر إلى الكيان الشامي بقيت أطمئن عنه عبر ابنته الرفيقة ابتسام.
إذ أنشر عنه هذه النبذة التي أعدّها حضرة الأمين جورج مينا(2)، أدعو الرفيقة ابتسام، ومن عرف الرفيق راضي، ومنهم الرفيق المناضل غسان الشومري(3) إلى أن يغنوا هذه الكلمة بمزيد من المعلومات عنه.
ل. ن.
*
بعد أن التقينا بالرفيق راضي الخطيب في منزل الرفيق سمير كدع وزوجته الرفيقة ابتسام الخطيب في جديتا، سألناه عن الثورة الانقلابية ليل 61-62 وعن سنوات أسره، فأجاب:
كنت أسكن في ساقية الجنزير، وكان الأمين جبران جريج منفذاً عامّاً. وقد كلّفني كمدرّب لمديرية ساقية الجنزير، آمراً باحتلال مبنى البرق والبريد مع مجموعة من الرفقاء الساعة الحادية عشرة ليلاً. التقينا (أنا وحسن أبو شهدا ورفيقان من برج حمّود، والشهيد حمّود أبو حسّون الذي استشهد مع الرفقاء من الجنوب السوري في مخيم برج البراجنة). وكنت على رأس المجموعة التي رابطت على باب المبنى المذكور سابقاً ودخلناه. وبعد ذلك بدأ الجيش ينادينا للاستسلام أو إخلاء المبنى، ولكننا رفضنا ترك المبنى ورفضنا الاستسلام. هرب الرفيقان حسن أبو شهدا وأنطون أكزم من الباب الخلفي، وأنا رفضت الانسحاب رغم تهديد الطيران بالقصف. بقينا لفترة ساعة أو ساعتين صامدين، وبعد أن طوّق الجيش ذلك المكان استسلمت مع الرفقاء الباقين.
دخل الجيش اللبناني وعلى رأسه مقدّم مسؤول عن كلّ ما يدور في المنطقة، وكلّف العناصر المطوّقين الإتيان بالمسؤول واعتقاله، وهو أنا.
وعندما اعتقلت مع بعض الرفقاء، نُقلنا جميعاً إلى المحكمة العسكرية وبدأت التحقيقات، وأثناءها كشفنا عن أمور لا قيمة لها وكتمنا أموراً كثيرة مهمّة، وبعدها نقلنا الى ثكنة فخر الدين، فوُزّعنا على ثلاث طبقات، حيث كانت التحقيقات مستديمة وتصفية بعض الرفقاء جائزة، وكنّا أربعة رفقاء من آل أبو فخر، أذكر منهم ثلاثة أخوة وهم: مسلط وسنيّان وأديب والرابع وهو من أقربائهم لا أذكر اسمه، وقد سُحبوا ليلاً وتمّت تصفيتهم ليلاً.
أنا اسمي راضي الخطيب والمسؤول عن التعذيب هو سامي الخطيب. والحمد لله أنّ العائلة "الخطيب" قد تكون ترأّفت بي فقد طلب من عناصره أن يرموني أو أن يقتلوني أو أن يرجعوني إلى السجن، فخرجت وتابعت طريقي إلى الغرفة في المبنى الثاني، واعتبرت أنني قد نجوت منهم، وقد استغربت ذلك وتساءل رفقائي عن هذا الأمر.
كان معي في الغرفة التي نُقلت إليها الشاعر موسى مطلق إبراهيم(4)، وقد علّمني أموراً كثيرة (القراءة والكتابة والإدارة وشؤوناً حزبية، إذ كنت أمياً) وكنا كثيراً ما نُضرب جميعاً عن الطعام.
وبعدها نُقلنا إلى طرابلس، وقرّرنا الإضراب المفتوح حتى خروجنا من الاعتقال، وقد بقينا في الإضراب واحداً وعشرين يوماً.
وكان بعض الأمناء والرفقاء أمثال خليل دياب(5)، ومصطفى عز الدين(6) معتقلين معنا في طرابلس.
وكنّا نترقب مدى قدرة رئيس الحزب الأمين عبدالله سعادة على الصمود، الذي وقف وقفة عزّ في وجه السلطة وقال للقاضي (وهو عقيد سابق في الجيش من منطقة الجنوب) موجّهاً: "باستطاعتك أن تنزع منّا أرواحنا، ولكنّك لن تستطيع أن تصل إلى قدمي هذه". وكان جميع المعتقلين على نمط واحد في المواجهة.
وخرجنا من السجن عام 1969، ومُنعنا من البقاء في لبنان كوننا من الكيان اللبناني؛ وقد أمّن الحزب سفرنا إلى الأردن ثمّ إلى أفريقيا، وبقيت هناك سبع سنوات أو عشر سنوات وعدت بعدها وسكنت في ساقية الجنزير ثم انتقلت إلى جديتا – شتورا، ثمّ إلى السويداء عام 1993. وما زلت أعمل حزبياً في نطاق منفذية السويداء، واليوم تقدّمت في السن فأصبحت عاجزاً، خاصة بعد إجراء عمليات عدّة في المعدة والشرايين ووضعي مزرٍ.
هوامش:
(1) ابتسام الخطيب: عرفتها في مركز الحزب في فردان، ناموساً مساعداً في عمدة شؤون عبر الحدود، ثمّ تابعتها وقد انتقلت إلى مركز الحزب في شتورة فإلى مكتب منفذية زحلة، وبقيت أطمئن عنها. اقترنت من الرفيق سمير كدع.
(2) الأمين جورج مينا: عرفته ناظراً للإذاعة في منفذية زحلة، ورئيساً للجنة تاريخ الحزب فيها، مسجلاً له كفاءته الإذاعية والثقافية، التزامه الواعي بالحزب، ومثابرته على النشاط الحزبي في كلّ الظروف.
(3) غسان الشومري: أتيت على ذكره في أكثر من مناسبة، وفي حلقات "سيرتي ومسيرتي". رفيق مناضل، يتمتّع بمزايا المناقب والجرأة والتفاني، يقيم في بلدة العزونية.
(4) موسى مطلق إبراهيم: منح رتبة الأمانة وانتخب لعضوية المجلس الأعلى. شاعراً وباحث له دواوين وكتب عديدة. مراجعة النبذة عنه على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
(5) من "عدبل". تولى في الحزب مسؤوليات شتى، منها عميد الدفاع، انتخب لعضوية المجلس الأعلى. كان وجهاً حزبياً وشعبياً في منطقة عكار.
(6) مصطفى عزالدين: من مدينة صور. له ماض حزبي عريق. انتخب لعضوية المجلس الأعلى، وبقي رئيساً له لسنوات عديدة. مراجعة الموقع آنفاً.
|