وجدت في محفوظاتي التقرير المقدّم من الأمين محمد رمضان، صيف العام 2013 بعنوان: تاريخ الحزب في روسيا (الاتحاد السوفياتي سابقاً).
أذكر أنّي في بداية عملي في موضوع تاريخ الحزب سعيت مع رفقاء تخرّجوا من جامعات في روسيا، الجزائر، رومانيا وغيرها في سبيل إعداد المعلومات عن العمل الحزبي في كلّ منها، وأسماء الرفقاء الذين تخرّجوا، مع اختصاص كلّ منهم، وكل ما يملكون من معلومات تفيد تاريخ العمل الحزبي في كلّ من هذه الدول.
وكما هو جارٍ مع معظم الرفقاء، مسجلاً للمرة الألف حزني وسخطي، فلم أحصل على ما هو يقدّم فائدة لتاريخ الحزب.
*
تقرير الأمين المهندس محمد رمضان، يلقي ضوءاً. آمل من الرفقاء الذين نشطوا و / أو تولّوا مسؤوليات في الكثير من مدن الاتحاد السوفياتي، وقد عرفت عدداً كبيراً منهم خلال تولّي مسؤولية رئيس، فعميد شؤون عبر الحدود، أمثال الأمين د. بسام نصّار، والرفقاء حسن إبراهيم، د. عادل سريّ الدين، أكرم النابلسي، علي صادق خير الدين ونايف زعيتر، أن يضيفوا ما يملكون من معلومات إلى التقرير المذكور، الذي ننشره بنصّه الحرفي كما وردنا من حضرة الأمين محمد رمضان.
ل. ن.
*
تاريخ الحزب في روسيا
(الاتحاد السوفياتي سابقاً)
كنت أول رفيق يحظى بمنحة للدراسة في الاتحاد السوفياتي (هندسة مدنية)، وذلك من ضمن بعثة الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدَمين في لبنان (آب 1979).
أهمية تلك المنحة أنها لأول مرة يستطيع رفيق سوري قومي اجتماعي الذهاب للدراسة في الاتحاد السوفياتي، لأنّ المِنح في ذلك الوقت كانت مقتصرة على الشيوعيين والإشتراكيين وعدد قليل من المِنح مُخصّصة للحكومة اللبنانية في مجال الرياضة.
في البداية، ولا سيّما في السنة التحضيرية والسنة الجامعية الأولى، شعرت بالغربة عن ذلك المجتمع، وساهم في ذلك عدم وجود قوميين معي، أضف إلى ذلك انزعاجي من عدم وجود معرفة لحزبنا في أوساط الروس، وكذلك التهميش لدوره من قِبل الشيوعيين والاشتراكيين اللبنانيين، ولاحقاً عثرت على كتاب باللغة الروسية صادر عن معهد الاستشراق في موسكو، يعود تاريخه إلى بداية السبعينات، يتحدّث عن تاريخ الأحزاب في العالم العربي، وقد كُتب فيه بشكل مقتضب عن حزبنا بما مضمونه أن الحزب هو حزب الأرثوذكس في لبنان، ومؤسّسه هو أرثوذكسي من ضهور الشوير، وهو أقرب بمفاهيمه للأحزاب الدكتاتوريّة العسكريّة، لا سيّما وأنّ ترجمة كلمة القومي للّغة الروسية تُلفظ "ناسيوناليتشكي"، وهي قريبة من ترجمة النازيّة "نازيتشسكي"، ويعود سبب هذا المفهوم عن الحزب إلى من زوّدهم بالمعلومات من اللبنانيين، فرُبّما قصد الإساءة إلى أهميّة ودور الحزب، لا سيّما أنّ أحد أوجه الصراع كانت بين القوميين والأمميّة الماركسيّة التي يتبنّاها الشيوعيّون والاشتراكيّون. وقد قيل لي آنذاك أنّ معهد الاستشراق هذا كان يسيطر عليه اليهود، لكن لم أستطع التأكّد من هذه المعلومة.
في السنة التالية لوجودي في الاتحاد السوفياتي، اكتشفت وجود رفيقَين أيضاً حصلا على مِنح من جهات حزبيّة غير الحزب السوري القومي الاجتماعي، وهما الرفيق أمين طربيه من عيتات، والرفيق مارون سالم من جزين، وكانا يدرسان في كييف (أوكرانيا) بينما كنت أنا أدرس في لينينغراد (سانبطرسبرغ اليوم)، وقد تواصلت معهما بموازاة التواصل مع جمعية الصداقة السوفياتية – الآسيوية، التي تُنظّم مِنح الدراسة للطلاب في هذه البلدان ومنها لبنان، وهذه الصداقة لعبت دوراً في تعريف الجمعية والروس على حقيقة وأهميّة الحزب، والموقع السياسي الذي يحتله في لبنان والشام ودول سورية الطبيعية. وقدّمت ترجمة مختصرة لمبادئ وتاريخ وسياسة الحزب وزوّدتهم بها، ممّا أثرّ في نظرتهم للحزب. وكذلك، فإنّ هذه الصداقة لعبت دوراً بالتزامن مع نسج علاقة بين قيادة الحزب في لبنان، والسفارة السوفياتية وجمعية الصداقة الآفروآسيوية، أسفرت في النهاية عن إعطاء الحزب في العام 1982 عشرة مِنَح لطلابنا للدراسة في الاتحاد السوفياتي.
وكانت أوّل بعثة حزبية سافرت للدراسة في الاتحاد السوفياتي في العام 1983 مؤلّفة من الرفقاء: بسّام نصّار (هندسة معمارية - لينينغراد)، بسّام الجقل (هندسة الميكانيك بموسكو)، عبد الرحمن عيتاني (طب أسنان - لينينغراد)، فاطمة خليفة في أوكرانيا (طب عام)، علي شريم (طب أسنان في موسكو) ونبيل خيرالله (هندسة كهرباء في موسكو). وبعدها توالت المِنح سنوياً بذات المعدّل حتى العام 1990، فسافر الرفقاء علي قانصو، غسان عوّاد، محمد العاشق، علي الملاح ، عادل سريّ الدين وهاني نصّار وغيرهم...
وقد أُنشئت أوّل مفوّضية للحزب في صيف العام 1983 وعُيّنت مفوّضاً لها. ومنذ ذلك العام توثّقت أواصر الصداقة مع الروس ومع الأحزاب اللبنانية في المدن التي تواجد فيها الحزب، مثل موسكو ولينينغراد وغيرها، وكان الرفيق عبد الرحمن عيتاني أوّل رفيق يُنتخَب عضواً في الهيئة الإداريّة للرابطة اللبنانية في لينينغراد.
في العام 1985 تخرّجت وتركت الاتحاد السوفياتي وتسلّم المسؤوليّة الرفيق علي قانصو، وبعده الرفيق بسّام نصّار.
خلال الأعوام التي تولّيت فيها المسؤولية عقدنا مؤتمرَين، واحد في موسكو والآخر في لبنان في صيف العام 1984.
إنّ توطيد العلاقة مع الروس أثمرت إضافة للمِنَح وتعريفهم على الحزب، السّماح بدخول مجلة صباح الخير – البناء إلى الاتحاد السوفياتي.
مثّل موسكو (بسّام الجقل ونبيل خيرالله وعلي شريم) ولينينغراد محمد رمضان، بسّام نصّار، علي قانصو، علي الملاح وعبد الرحمن عيتاني الذي أصبح أول رفيق يُنتَخب عضواً في الهيئة الإداريّة للرابطة اللبنانية في لينينغراد.
ومع بداية التسعينات كانت المِنَح التي استحصل الحزب عليها بلغت حوالى ستّون رفيقاً، وخلال هذه السنوات عقدنا في الاتحاد السوفياتي مؤتمرَين، أحدهما في العام 1984 في موسكو، والآخر في العام 1986، وكنتُ قد تخرّجت وتركت في العام 1985، وكان الرفيق علي قانصو هو المفوّض آنذاك. وقد أسفرت العلاقة مع السوفيات عن منح فرص زيارات لقيادة الحزب إليها، فزارها الأمين مروان فارس بصفته عميداً للخارجية، والأمين إنعام رعد مع الأمين عصام المحايري، وكذلك الأمين عبدالله سعاده، وأُلقيَت محاضرات في مدنها أثناء الزيارات.
في بداية التسعينات، ومع انهيار الاتحاد السوفياتي، انتهى معه عهد المِنح التي كان عددها قد وصل إلى أكثر من سبعين رفيقاً، وبالتالي تخرّج الرفقاء ولم يبقَ منهم إلّا القليل الذي يعمل بالتجارة.
|