إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الأمين فؤاد أبو عجرم أول رئيس للمجلس الأعلى بعد استشهاد سعاده

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2021-09-09

إقرأ ايضاً


في الأسبوع الأسود الذي غيّب فيه الأمين مصطفى أرشيد، اختطف الموت الأمين فؤاد أبو عجرم والرفيقين شاهين شاهين (المحيدثة، بكفيا) والشاعر يوسف حاتم (زحلة) الذي كان يعرف بـ "أمير العاتابا".

وإذا كان الأمين مصطفى أرشيد قد تولى رئاسة الحزب في أواسط الخمسينات واضطر إلى أن يستقيل بعد أن داهمه الداء العضال وراح يقتات من عافيته، فإن الأمين فؤاد أبو عجرم تولى في الحزب مسؤوليات محلية ومركزية عديدة كان آخرها ترؤسه للمجلس الأعلى، ليخسره الحزب باكراً وهو في أوّج صحته وعطائه، وحضوره الحزبي، والعام .

الحديث عن الأمين أبو عجرم لا ينتهي بمقاله ولا بأكثر. فحياته الحزبية والخاصة الغنية جداً قد لا تسعها كتب. عنه، تلك الإضاءة.

*

ولد الأمين أبو عجرم في بعقلين عام 1911. بعد أن درس في الجامعة الأميركية في بيروت، تابع دراسته وتخصصه في جامعة "آن آربر" في ميشغان (الولايات المتحدة)، وتخرّج منها صيدلياً كيميائياً قانونياً.

انتمى إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1934 على يد الرفيق رضا رعد(1) وكان آنذاك طالباً في الجامعة الأميركية. إثر انكشاف أمر الحزب في 16/11/1935، واعتقال سعاده وعدد من معاونيه وأعضاء حزبه، اعتقل الأمين فؤاد أبو عجرم، ثم اعتقل مرة ثانية في أوائل الأربعينات على يد القوات الفرنسية واقتيد كالمئات من القوميين الاجتماعيين وأبناء شعبنا، إلى معتقل المية ومية، وثالثة عام 1949 إثر الثورة القومية الاجتماعية الأولى.

تحمّل طيلة حياته الحزبية مسؤوليات إدارية عليا، فشغل مسؤوليات معتمد الحزب في الولايات المتحدة أثناء دراسته في ميشغان، ثم عميداً للدفاع، رئيساً لمجلس العمد، عضواً فرئيساً للمجلس الأعلى مدة أربع سنوات، عضواً فرئيساً للشعبة السياسية اللبنانية.

عُرف الأمين أبو عجرم بصلابته، وبتمرّسه في العمل السياسي المنتدب له، ويُشهد له حرصه الشديد على سلامة المؤسسات الحزبية ومثابرته على العمل من ضمنها كذلك محافظته على صفته الحزبية اللازمة له في كل نشاطاته، فكان مقرّ صيدليته (صيدلية أبو عجرم في شارع بشارة الخوري، وسط المدينة) أشبه بندوة قومية اجتماعية يجتمع فيها بعشرات من رفقائه يومياً، وبالعديد من رجال الفكر والأدب والسياسة، أما محور حديثه الدائم فهو الحركة التي تجنّد لها وباتت تعني له كل وجوده

*

وفاتـه

كأن القدر الغاشم أبى في ذلك الأسبوع الأسود إلا أن يختطف مع رئيس الحزب الأمين مصطفى أرشيد، أميناً آخر من الصفوة، فإذا بحادث اصطدام مروّع يودي صباح يوم الأربعاء 28 آب 1957 بالأمين فؤاد أبو عجرم فيما كان يقود سيارته ومعه شقيقه الرفيق خليل (منح لاحقاً رتبة الأمانة) وشقيقته الرفيقة لامس. وقع الحادث على طريق الدامور فتّم نقل الأمين فؤاد بعجلة فائقة إلى مستشفى سانت تريز – الحدث، إلا أنه توفي فوراً متأثراً بجراحه، فيما كان شقيقه وشقيقته في غرفة مجاورة، في المستشفى، لا يدريان ما حلّ بشقيقهما.

وفور انتشار الخبر، هرع رئيس الحزب آنذاك الأمين أسد الأشقر والمركزيون وعدد من الأمناء والمسؤولين ومئات من القوميين الاجتماعيين إلى المستشفى، ثم توجهوا، بموكب كبير إلى بعقلين يتقدمهم جثمان الأمين الراحل، وفي مدخل البلدة حمل الرفقاء والمواطنون النعش وساروا مخترقين البلدة إلى بيت الأمين فؤاد وقد تجلّل وساحاته بالسواد .

في اليوم التالي الخميس 29 آب أقيم للراحل مأتم حاشد، إذ تدفقت حشود القوميين الاجتماعيين والمواطنين من كل المناطق اللبنانية لتتجمّع على مدخل بعقلين، ثم تنطلق باتجاه منزل الأمين الراحل، حيث غصّت الباحة بآلاف المشيعين وفي مقدمتهم رئيس الحزب والمسؤولين، والنواب قحطان حماده، هنري طرابلسي، ونعيم مغبغب، إلى جانب الوزير مجيد أرسلان وعدد من الوزراء والنواب السابقين والعديد من الوجوه والشخصيات والمواطنين أصدقاء الحركة والفقيد .

*

النعـي

نعى الأمين فؤاد أبو عجرم كل من الحزب السوري القومي الاجتماعي، نقابة صيادلة لبنان، آل أبو عجرم وعموم أقربائهم وأنسبائهم في الوطن وعبر الحدود .

وجاء في النعي، أن المذكورين أعلاه " ينعون إليكم بمزيد الأسف الأمين الجزيل الاحترام فؤاد أبو عجرم .

سابقاً : رئيس المجلس الأعلى .

رئيس مجلس العمد .

ونقيب أصحاب الصيدليات .

انتقل إلى رحمته تعالى في صباح 28 آب 1957 عن ست وأربعين سنة .

يجري الدفن في مسقط رأسه بعقلين في تمام الساعة الثالثة من بعد ظهر الخميس 29 آب 1957 .

البقاء للأمة

*

حفلة التأبين

بعد الصلاة على الجثمان الذي كان حمله رفقاء الفقيد، رئيس الحزب وأعضاء المجلس الأعلى، ابتدأت الحفلة التأبينية بكلمة لرئيس الحزب الأمين أسد الأشقر، ثم كلمة المجلس الأعلى ألقاها الأمين الشاعر محمد يوسف حمود، ثم توالى على الكلام كل من الرفيق سعيد تقي الدين، والدكتور رياض حماده .

كان السيد عادل تقي الدين، صديق الأمين الراحل وصديق الحركة القومية الاجتماعية قد أعدّ كلمة لإلقائها في حفلة التأبين، إلا أن حزنه الشديد وتأثره منعاه من ألقائها.

عريف الحفلة عميد الإذاعة يومذاك الأمين إنعام رعد كان يقدم الخطباء، ويتحدث عما يكنّه القوميون الاجتماعيون لرفيقهم الراحل من حب وتقدير .

عندما أطلّ الموكب الحزبي بآلاف المشيّعين، راح صوت الأمين رعد يصدح أمام الجمهور المحتشد: "ها قد أطلّت مواكب الزوبعة الحمراء يا فؤاد، ها قد أطلّت مواكب الحياة لتعلن أن الذي يسقط جسده في موكب الحياة يبقى مع الصفوف المصارعة.

صعب علينا وداعك يا فؤاد. صعب على رفقائك في الجهاد توديعك لو لم يكن إيمانهم بأنك باقٍ معهم كما كنت خلال 23 سنة من حملك الدائم للمسؤوليات الحزبية تواجه مع رفقائك حقبة دامية من تاريخ الأمة وجهادها ضد الاستعمار والطغيان وتسجن وتشرد من أجل القضية المقدسة " .


من كلمة الرفيق سعيد تقي الدين

هذا البيت الذي تركه صباح أمس رجلاً حياً مفعماً بالحياة وعاد إليه جثة هامدة، كان صخوراً دفينة في الأرض ونواتئ فوقها لا أهمية لها ولا نفع. والأرض كانت حوله بواراً تخصب فيها أعشاب وأشواك وزهور، لا فائدة من أكثرها، وبالجدّ صارت الصخور حجارة متناقسة – بيتا. ونبتت الدالية حيث كانت الأرض عاقراً.

وفي نفس فؤاد أبو عجرم استحالت الصخور إلى بيت فيه الحرية والنظام والواجب والقوة. وحيث كانت النفس عاقراً والتربة بواراً، أورقت العقيدة وأخصب الإيمان. فإذا هو يتولى المسؤولية الكبرى في حزب، مجرّد الانضمام إليه مسؤولية كبرى .

فؤاد أبو عجرم، الأمين فؤاد أبو عجرم، ترجم الرسالة التي آمن بها وحملها وجعلها شعاراً لبيته أصدق ترجمة، إذ أنه أثبت أن المواطن – أي مواطن - هو الجبار وهو العملاق وهو العجيبة وهو المعجزة حين يؤمن وحين ينتظم .

*

لجنة تخليد ذكراه :

تنادى عدد من أصدقاء الأمين الراحل إلى تأسيس لجنة تخليد ذكراه فأصدرت في كانون الأول 1957 كراساً فخماً يضم كلمات عنه، وعن المأتم الحاشد الذي أقيم له في 29 آب، أي في اليوم التالي لوفاته .

تألفت لجنة التخليد من وزراء ونواب وسياسيين وأدباء ونقباء ومهنيين، هم السادة: مجيد أرسلان، سليم لحود، بشير الأعور، إميل بستاني، بهيج تقي الدين، شارل حلو، نصري المعلوف، نعيم مغبغب، روبير أبيلا (نقيب الصحافة)، نجيب سعد (نقيب الأطباء)، جان فتال (نقيب مستوردي الأدوية)، أديب قدورة (نقيب الصيادلة)، جميل كنعان (نقيب أطباء الأسنان)، أسد الأشقر، قحطان حماده، هنري طرابلسي، ألبير مخيبر، غسان تويني، إميلي فارس إبراهيم، د. جورج صليبي، عبدالله قبرصي، عادل تقي الدين، سعيد حمادة، عاطف كرم، صلاح لبابيدي، فايز مكارم، خليل بعقليني وسامي المصفي .

أما الكلمات التي نشرت في الكتيب فكانت لشقيقه جميل أبو عجرم وللسادة شارل حلو، مجيد أرسلان، عبدالله قبرصي، أديب قدورة، الشاعر عاطف كرم، إنعام رعد، محمد العريضي، الأب إيليا برباري، محمد بعلبكي، يوسف الدبس وجبران حايك .

وجاء في كلمة اللجنة التي تصدرت صفحات الكتيب:

" .. فما كان يربط أعضاء اللجنة بالفقيد فؤاد كان أكثر من مجرد الصداقة وأكثر من مجرد عاطفة الأخوة، كان يربطهم به تقديرهم جميعاً للصفات الممتازة، والرجولة النادرة، والعمل البناء الصامت، وقد جعلت كلها من فؤاد أبو عجرم مثالاً للمواطن الشريف الصادق أياً كان رأيه السياسي، أو عقيدته في الشؤون النهائية التي تتصل بالبلاد.

ومن كلمة الأستاذ شارل حلو (الذي تولى لاحقاً رئاسة الجمهورية اللبنانية):

" آمل أن يتفهمني ذووه وأصدقاؤه عندما أقول أنني لا أظن وقد توارى وجهه عن دنيانا، أن شيئاً جوهرياً قد تبدل في علاقاتنا، أو أن شيئاً جوهرياً يمكنه أن يغيّر في علاقاتنا بمن نحب. وما الفرق بين الأمس واليوم إلا أنني كنت أراه لدى مروري بصيدليته وراء أحد مكاتبها. والآن لست بحاجة للتوجّه إليها كي ألقاه وأظل متصلاً به، إنني أجده كما أجد كل من أحب، وقد انضم إليهم، في أعماق نفسي، في هذا الجزء من كياني التابع لعالم الروح والأبدية " .

*

الأمين عبدالله قبرصي

كيف انتخبنا الأمين فؤاد أبو عجرم رئيساً للمجلس الأعلى ..؟

على هذا يجيب الأمين عبد الله قبرصي. يقول، أنه إثر استشهاد سعاده بدأنا، أمناء الحزب، نتداول كيف يمكن أن نخرج بسلطة شرعية للحزب إذ أن الزعيم قبل استشهاده كان حلّ المجلس الأعلى، ذلك أن النص الوارد في المادة 99 من الدستور واضح لجهة أن رئيس المجلس الأعلى يدعو المجلس خلال 15 يوماً من حدوث أي مانع طبيعي .

وبعد التدارس تقدمت باقتراح، إذ قلت أن في الأسباب الموجبة التي وضعها سعاده لمرتبة الأمانة عبارة تفيد أن أعضاء المجلس الأعلى ينتقون من بين الأمناء فقلت، وقد كنا اجتمعنا 17 أميناً في بيت الزعيم في دمشق أن الأصول الدستورية تحتم علينا، وقد استشهد الزعيم، بأن نعود إلى القوميين الاجتماعيين لينتخبوا السلطة الحزبية، ولأن اللجوء إلى هذا الإجراء مستحيل ونحن ملاحقون، فلم يعد لنا من مخرج الآن إلا أن نعتبر الأمناء الحاضرين، كلهم مجلساً أعلى.

وعلى هذا الأساس وضعنا القانون الدستوري عدد (8) الذي نصّ على صلاحيات المجلس الأعلى ورئاسة الحزب، وطريقة انتخاب المجلس الأعلى ورئيس الحزب(2) .

وفقاً لهذا القانون الدستوري الثامن اجتمعنا لاحقاً في بيت الزعيم وانتخبنا أعضاء المجلس الأعلى وكنت من بينهم، ثم اجتمع هؤلاء وعددهم (9) وانتخبوا الأمين فؤاد أبو عجرم رئيساً للمجلس.

أما أسماء أعضاء المجلس الأعلى كما يذكرهم الأمين عبدالله قبرصي فهم فؤاد أبو عجرم، أديب قدورة، الأمينة الأولى، أنيس فاخوري، الياس جرجي قنيزح، كامل أبو كامل، حسن الطويل، جورج عبد المسيح، وعبد الله قبرصي.

بدوره انتخب المجلس الأعلى جورج عبد المسيح رئيساً مع بقائه عضواً في المجلس الأعلى، إذ أنه لم يكن أقرّ فصل السلطات في تلك الفترة.

وعن الأمين فؤاد أبو عجرم، يقول الأمين قبرصي:

" كان يتمتع بشخصية قوية، يفرض احترامه، محب، ودود، مجابه، يتعامل مع الرفقاء بكثير من التهذيب، صلب وعنيف في المسائل المبدئية، وكرئيس للمجلس الأعلى استطاع أن يمارس صلاحياته كاملة غير منقوصة دون أن يساير أو يهادن ".

*

إشارات

• يقول الأمين جبران جريج في الجزء الثالث من مجلد "من الجعبة" (ص 351) التالي:

في 13 أغسطس 1937 صدر مرسومان دستوريان بمنح رتبة الأمانة لعضوين في الحزب موجودين عبر الحدود، واحدة لفؤاد أبو عجرم والأخرى لعساف أبو مراد.

كان فؤاد أبو عجرم معتمداً للحزب في الولايات المتحدة، مركزه ديترويت – مشيغان حيث كان يتلقى علوم الصيدلة في جامعة "آن آربر" وعساف أبو مراد الذي كان قد اغترب إلى المكسيك للتجارة وأسس فرعاً للحزب .

• تبادل الزعيم والأمين فؤاد أبو عجرم رسائل حزبية في فترة دراسة الأمين فؤاد في الولايات المتحدة وتولّيه مسؤولية معتمد الحزب فيها، من إحدى رسائل سعاده (30 أيلول 1938) :

" تسلّمت أمس صادرتكم في 17 الجاري وهي تثبت لمضمون رسالتكم السابقة التي أرسلتموها إلى قبرص وأجبتكم عليها منذ أيام، أريد أن أهنئكم على سهركم على مصلحة الحزب، وعلى بث الدعوة في محيط أشعر معكم بصعوباته " .

ويضيف سعاده في مكان آخر: "وقد سرّني أيضاً بعض المعلومات الواردة في صادرتكم عن "الجامعة العربية" وأركانها، فمثل هذه المعلومات مفيدة جداَ لي وللمركز، ويجب أن تدخل في كل تقرير رسمي (كل ثلاثة أشهر) ترفعونه إلى مكتب عبر الحدود" .

• كان الأمين فؤاد أبو عجرم أول رفيق ينتمي إلى الحزب في بلدة بعقلين، ثم انتمى على يديه رفقاء آخرون منهم رفيق أبو كامل، سليم محمد ضاهر أبو ضرغم، عزت وهاب، رفيق اليوسف حماده. ولم يمض أسبوع على انتمائهم حتى تجمع ما يزيد على عشرين طلب انتماء لعشرين شاباً من أرفع شباب بعقلين ثقافة وشجاعة وأخلاقاً، فتمّ إنشاء اول مديرية منظمة في بعقلين وهي الأولى في الشوف، وتولى مسؤولية المدير الرفيق رفيق أبو كامل.

• انتخب نقيباً لأصحاب الصيدليات في لبنان، وفي الفترة ذاتها كان انتخب الأمين أديب قدورة نقيباً لصيادلة لبنان .

*

• نشرت جريدة "صدى النهضة" في عددها رقم 44 تاريخ الأربعاء 10 نيسان 1946 الخبر التالي:

" تمّ يوم الأحد الفائت (7 نيسان 1946) عقد قران صديقنا الصيدلي والمفتش في دوائر وزارة الصحة والإسعاف العام الأستاذ فؤاد أبو عجرم على ذات الصون والعفاف الآنسة سارة كريمة الأستاذ أمين الغريب مدير المال في قائمقامية عالية .

وقد جرت مراسيم القران في حفلة عائلية خاصة، واستقبل العروسان المهنئين في منزلهما الكائن في شارع

أبي شهلا – المصيطبة ملك د. منصور الحاج بين 15 و 21 نيسان الحالي " .

*

يقول الصيدلي صلاح عن والده الأمين فؤاد :

كانت له صداقات مميّزة، وحظي باحترام الجميع حتى الذين كانوا يخاصمونه الرأي، وأذكر أن بيار الجميل كان يكنّ له مودة وينظر إليه باحترام كبير .

سمته الكبرى أنه كان محاوراً يتمتع بشخصية قوية ورصانة بارزة، كما كانت له علاقات واسعة مع العديد من السياسيين وأصحاب الفكر والأدب، وعلى صعيد حضوره كصيدلي فقد كان ملتقى الجميع، وكان الصيادلة المتخرجين من الجامعة اليسوعية كما الجامعة الأميركية (والصراع عادة يدور بين التيارين، في الانتخابات النقابية) يحتكمون إليه ويأخذون بمشورته، ولم يكن بيار الجميل يشذ عن هذا الإجماع.

*

بطاقة هوية

• فؤاد سليم أبو عجرم .

• والدته سعدى .

• ولد عام 1911 .

• انتمى للحزب عام 1934 .

• توفي في 28 آب عام 1957 .

• اقترن من الرفيقة سارة الغريب .

• أشقاؤه: محمد – جميل – الأمين خليل – أمين، لامس زوجة يوسف أبو عجرم وزهية زوجة سليم أبو عجرم.

• أبناؤه: الصيدلي صلاح، رمزي (مدير شركة)، رندة متأهلة من د. مروان أبو عياش.

*

بعض ما قيل فيه

• الأمير مجيد أرسلان: " تربطني بعائلة أبو عجرم، صلات من الود والصداقة، عريقة العهد، وثيقة العرى، صافية الأديم. وجاء فؤاد كالنبتة الفارعة، في الخميلة الناضرة، يزيدها نفحاً مؤرجاً، ويبسط في ارجائها ظلالاً وارفة، وأفنانا دانية، ويوثق ما بين هذه العائلة الكريمة وبين أصدقائها من روابط الألفة والمودة، مضيفاً عليها رونقاً مشرقاً من الثقافة، واللباقة، والكياسة، التي اشتهر بها وتميز بمحاسنها لدى الأصدقاء قاطبة .

عرفت فؤادا، شابا في مقتبل الحياة، يفيض حيوية ونشاطاً واندفاعاً. ثم عرفته يدخل معترك الحياة رجلاً رصيناً، صادق الوطنية، ثابت المبدأ، بليغ الحجة، صبوراً في المحن والنكبات، لا يقطع ودا، ولا ينكث عهداً، مفضلاً المصلحة العامة على كل ما عداها، حكيماً في كل تصرفاته وخطواته " .

• الأمين عبدالله قبرصي: " كان من أكثر العاملين في السياسة القومية الاجتماعية، خلقاً ونشاطاً. وكان من أكفا العاملين بمفهوم سعاده الواضح للسياسة على أنها لون من ألوان الصراع لتحقيق أهداف الحركة، فن يخدم غاية، وقد وضح هذا المفهوم في تصرفاته المثالية في المعركة الانتخابية الأخيرة (x)، إذ كان أكثرنا واقعية وإدراكاً لحقيقة الأشخاص من حلفاء ومناوئين من مواطنينا، ولحقيقة الأوضاع العامة في البلاد، والخاصة في كل منطقة من مناطق الجمهورية.

ويوم عاد الزعيم من المغترب في الثاني من آذار سنة 1947 كان الأمين فؤاد رئيساً لمجلس العمد، واستمر في رئاسته حتى قبيل الثورة القومية الاجتماعية الأولى بأسابيع .

وبعد استشهاد الزعيم، واجتماع الأمناء في دمشق، لتأمين الأجهزة الحزبية الضامنة استمرار الحركة ونموها، انتخب رئيساً للمجلس الأعلى وبقي رئيسه حتى تشرين الثاني سنة 1954. ثم استمر عضواً فيه حتى الحادث المروع الذي أبعده عنا بالجسد إلى الأبد ، مكفنا بدمائه الغالية .

وإني لا أزال أذكر آخر اقتراحاته في المجلس الأعلى وآخر كلماته، وفيها الدليل القاطع على بعد نظره وتجرده ونضوجه.

وأما آخر كلماته فهي الكلمات التي أسرّها في أذني: " نحن لا نطلب إلا أن تتوفر لهذه النهضة العناصر المؤمنة، العالية الإدراك من الأجيال التي نربيها. فمتى وجدت، نخلي لها المكان، لتتمرس بالمسؤوليات. من منا يخلد على الأرض، من منا لا يشيخ؟ لذلك فلنأت بالعناصر الخيرة المتفوقة لتكمل خط سعاده الذي سرنا على هديه بكل إمكانياتنا " .

• نقيب الصحافة الرفيق محمد بعلبكي: " ما عرفت فؤاداً في لحظة من لحظات حياته إلا مثالاً للمناقب. كانت المناقب لديه، لا شيئاً خارجاً عن الإنسان، بل حياة يحياها كل يوم.

ويضيف:

ثورته وهدوؤه. صلابته ولينه. عبوسه وابتسامته. اندفاعه وتريثه. ثناؤه ولومه. كلها كانت للذين عرفوه مظاهر حية للاقداس التي غمرت قلبه وجعلها قانون حياته وأرادها أن تكون قانون الحياة لكل فرد من أفراد الأمة. للأمة كلها.

• الأمين يوسف دبس: " كان لقاؤنا الأول عام 1934 في رأس بيروت، في غرفة صغيرة تضم المعلم وفؤاد أبو عجرم ورفيقاً لنا سقط على جانب الطريق وكاتب هذه السطور. وكان المعلم يشرح لنا المبدأ الثاني للحزب السوري القومي الاجتماعي بطلاقة لسانه ونغمته العميقة الجبارة التي تأخذ بمجامع القلوب. وكان فؤاد يهز رأسه حباً وإعجاباً وعلى ثغره تلك الابتسامة المعهودة، وكنا نذرع الغرفة ذهاباً وإياباً وندور حول أنفسنا لصغرها وكان المعلم ينظر إلى فؤاد وفي عينيه ذلك البريق المشع كأنه يقول له " أنت ابني الحبيب الذي به سررت ".

وإذا بهذا اللقاء الأول يصبح بعد ذلك صداقة ملهمة حبيبة وقد أتاحت لي هذه الصداقة المحببة إلى قلبي أن

أعرف الشيء الكثير عن فؤاد أبو عجرم ... فقد رافقته في الصالونات والنوادي وفي السجون والمعتقلات

وكان فؤاد هو هو كالطود الشامخ لا يلين ولا يهاب يحدثك ويعطيك البرهان القاطع بصراحة لا تتعلثم وثقة

وإيمان لا يتزعزعان ...

فؤاد أبو عجرم ابن بعقلين الذي تفتحت عيناه على زيتونها ومشت اقدامه على إطلالها وغرد قلبه تحت

سنديانتها، عامر القلب بالحب، طيب الأخلاق يحب الخير، ويستجيب لداعي البر..

كان فؤاد أبو عجرم إنساناً خيراً يحنو على الناس فلا يبخل عليهم بماله، ويحنو على عقيدته فلا يبخل عليها

بمواهبه ولا بمشاعره ولا بحياته كلها، وكان دائماً ملاذاً لأصحاب الشكوى، صادق الشعور، يكره الرياء، ينفر

من الكذب، ينادي بالحق ويجاهر به ..

كان فؤاد قصيدة عصماء كبرى في ديوان النهضة القومية الاجتماعية تكتمل فيها عناصر الجهاد والإبداع

والحب والتضحية، وكانت أخلاقه مجموعة من الفضائل تحتوي على كل ما يزين الإنسان ويعلي قدره ...

كان ينبوعاً للمحبة الطاهرة المتفجرة من صخرة السماء والمتحدرة شلالا ضخماً تتفرع فيه الغدران والجداول، وسيبقى ذكره معيناً يستقي منه رفاقه وأهله كل طريق سوي وكل محبة وإخلاص. وأذكر أنني ما أتيته مرة حانقاً أو يائساً إلا وخرجت من عنده ضاحكاً مبتسماً مطمئناً، فقد كان مثالاً رقيقاً في عفة اللسان والنفس، وكان يتلقى المديح والثناء مثل المذمة والملامة بصدر رحب ونفس رضية كأنه يعيش مع الملأ الأعلى . هكذا كانت تربية فؤاد في بيته وهكذا كانت تربيته في المدرسة القومية الاجتماعية ففجيعتنا به أغلى من أن يقال فيها كلمة تحسر أو تفجع، وخسارتنا بفقده أكبر من أن ينشر عنها كلمة رثاء أو تأبين " .

(x) هي التي حصلت في أواسط الأربعينات قبل عودة سعاده إلى الوطن في آذار 1947 .

هومش

(1) من أوائل الرفقاء، من عين زحلتا وكان أقام في عالية، حيث أسس صيدلية له، شقيق تيودور والأمين إنعام رعد .

(2) صدر القانون الدستوري عدد 8 في 16/11/1951 بتوقيع من رئيس المجلس الأعلى الأمين فؤاد أبو عجرم .



 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024