من الرفقاء الذين عرفت عنهم الكثير الجيد، اولاً من خلال الأمين د. اميل حمود مكارم(1)، وثانياً عبر مسؤوليتي في مكتب، فعمدة شؤون عبر الحدود اشير بكثير من التقدير الى الرفيق الياس تقلا.
أورد بكثير من التقدير الرفيق الياس تقلا، الذي كان الى جانب عقيلته الرفيقة جوليا البيت القومي الاجتماعي في مدينة كليفلاند.
كنت نشرت اكثر من مرة عن الرفيق الياس تقلا، وأوردت ما كان يحدثني عنه الأمين اميل مكارم، منها ما كنت أوردته تحت عنوان "نتذكر باعتزاز":
" الرفيق الياس تقلا من بلدة عيتنيت(2) (البقاع الغربي) تولى مدة طويلة مسؤولية مدير مديرية كليفلند (الولايات المتحدة) وكـان من الأصفياء والصادقين في إيمانهم. وبيته كان بيتاً للقوميين الإجتماعيين".
مؤخراً عثرت بين محفوظاتي على الكلمة التي كان نشرها الأمين عبدالله قبرصي في العدد 29/08/1981 من مجلة "صباح الخير"، أوردها لمزيد من الوفاء لذكرى رفيق مميّز سطّر حضوراً نضالياً لافتاً في تاريخ العمل الحزبي في كليفلند.
ل. ن.
*
كلمة وداع للرفيق الطيب الياس تقلا
من مساوئ الاغتراب انه يقطع العلائق أحياناً بين كل صباح في داره. كان يطمح الناس فيعرفون بالصدفة – كما عرفت انا – بوفاة اعز رفقائهم على قلوبهم وأطيبهم نفساً.
هل يعقل والرفيق الياس تقلا من واضعي احجار الأساس للحزب السوري القومي الاجتماعي في كليفلاند اوهايو، والعين الساهرة على القضية بالامكانات المتوافرة لديه ان يموت ويدفن، وان يقام له مهرجان يوم مأتمه، دون ان اعرف بموته الا صدفة، انا الذي تمكنت بيني وبينه وبين عائلته رزابط الصداقة والمحبة، فضلاً عن الروابط الرفاقية العقائدية: .
من هو الياس تقلا ؟
غادر مسقط رأسه عيتنيت منذ أكثر من ربع جيل فكان مهندس مديرية كليفلاند مسؤولاً وعضواً، متحملاً مسؤولية إدارتها او الاشتراك في إدارتها السنوات الطوال لا يكل ولا يمل، ايمانه بالنهضة يزحزح الجبال، قلبه وكفه وبيته مشرعة الأبواب للقوميين الاجتماعيين وانصارهم ولكل قارع بابه.
ما كان الياس تقلا مناضلاً – بأشكال النضال المتيسرة في المغتربات – بل كان ايضاً شاعراً يغني القضية والزعيم وتراب الوطن، شعراً زجلياً ينبض بالحب واللهفة والاشواق. اصغيت إليه مرة في اول آذار سنة 1967 فأدهشني بمشاعره المتدفقة من إيمانه كنبع هادر، كما أدهشني بتعبيره الحي عن هذه المشاعر العميقة.
حملتي مرة او مرتين عندما كنت اتفقد مديرية كليفلاند عتبه – بل نقده – لمركز الحزب لاهماله الاتصال الدائم بعبر الحدود. كان يريد ان يكون مركز الحزب كل صباح في داره. كان يطمح بأن يكون الحزب كله في كليفلاند.. كان يتشوق ان يكون خزاناً يوزع الحرارة على الفروع دون توقف.. عبثا كنت ادافع. الرفيق الياس تقلا يرد على الحجة بالحجة.... ذاك هو الايمان الحق. الرفيق البعيد يرفض ان يتجسد بعد المركز عن مديريته انقطاعاً او إهمالاً !...
غير المؤمنين وغير العاملين لا يهمهم ان تنقطع صلات المركز بهم، اما الياس تقلا فلا يقبل لنا عذراً ولا دفاعاً. كان مسؤولا وبالوقت نفسه سائلاً. . كان يعتقد من شدة حبه وإخلاصه ان المركز يجب ان يكون كل يوم في مديرية كليفلاند حضوراً او بلاغاً.
عزاؤنا ان الحزب في اميركانيا وكندا وفاه حقه يوم مأتمه فقد اقام له مهرجاناً تعبيراً عن تقديره وحبه ولف نعشه بالزوبعة الحمراء التي احبها حتى العبادة. واحتشد ممثلوه من كل حدب وصوب، ليودعوا رفيقهم المناضل الصامد الأمين.
إننا هنا على تراب الوطن ننحني بخشوع امام ذكرى الرفيق الذي فقدنا، نذرف دمعة وفاء ولو من بعيد، ونعلن إننا لن نقبل بأقل من حمل رفاته الى مسقط رأسه، ليرقد بسلام في تراب الآباء والاجداد الذي نقدس.
الى زوجته العزيزة وابنائه السائرين على دربه والى معتمدية اميركانيا عامة ومديرية كليفلاند خاصة، نرفع احر تعازينا.. ان جنودنا المجهولين كالرفيق الياس تقلا سيظلون – رغم ان المغترب ابعدهم عنا – في سجلات الحزب، يخلدون فينا، وفي مسيرة هذه النهضة العظيمة الى العز والمجد.
والبقاء للأمة
هوامش:
(1) الأمين اميل حمود مكارم: عرفته مقيماً في ديترويت متولياً في أوائل سبعينات القرن الماضي مسؤولية العمل الحزبي فيها وفي كليفلاند. من بلدة رأس المتن، وكنت اشرت إليه في اكثر من مكان .
(2) اذكر ان الرفيق البرت القيم الذي كان اقام ونشط في كليفلاند هو من أبناء بلدة عيتنيت، كما انه لا يمكن ان اذكر البلدة المذكورة الا واذكر معها امرين:
الأول: الرفيق جميل الراسي: المناضل، المثابر الذي عرفته منذ الستينات،
والثاني: استضافة عيتنيت للكثير من العائلات القومية الاجتماعية التي اضطرت الى مغادرة مشغرة في سنوات صعبة، وإقامتها في عيتنيت.
|