عرفت الرفيق بيار جماجيان في أوائل سبعينات القرن الماضي، وتحديداً في مركز الحزب في جل الديب ومنذ ذلك الوقت وانا على علاقة ود معه، ازدادت بفضل لقائي به في مناسبات عديدة كان يقيمها الصديق المشترك الأمين بيار معلوف .
دائماً كان الرفيق بيار جماجيان على ما عرفت فيه من دماثة وتواضع وحسن تعاطي وانشداد واع الى العقيدة السورية القومية الاجتماعية..
ودائماً ايضاً كان يدخل الفرح والبهجة في لقاءاتنا، بحضوره الحلو.
"بيارو" كان معشوق الأطفال، كما الكبار. في وجهه بسمة والكثير من الانشراح فلا تستطيع الا ان تحبه، وان ترتاح إليه وان تصبح، مثلنا، مدمناً على اخباره وبرامجه وحفلاته، وضحكاته، وهذا الكثير من الفكاهة الذي يتركه لنا.
*
بعد رحيله المفاجئ اخترنا الكلمات التالية:
عبير حمدان "البناء" 24/10/2021
المسرح والدراما يخسران جزءاً من الذاكرة الاجتماعية والفنية الجميلة بيار جاميجيان عاشق المهنة والملتزم بالقضية والحريص على أصدقائه ووطنه
رحل الفنان بيار جامجيان حاملاً معه زمناً مختلفاً عن واقعنا المثقل بالسطحية، وكأنه ملّ الاستسهال وداء الدراما الاستعراضية التي لا تشبه بيوتاتنا وشخوصنا العادية البسيطة والطبيعية، هو الذي عاصر الرحابنة ووقف أمام السيدة فيروز، وعلى مسرح زياد… كان من الصعب عليه التعايش مع أعمال مسرحية هجينة ركيزتها الابتذال.
قبيل يوم من وفاته، زار جامجيان نقابة الفنانين. وبحسب زملائه، فقد كانت صحته ممتازة وجلس معهم لساعات، وكأنه أراد توديعهم بكل ما أوتي من فرح، وهو البارع في استحضار الضحك، وهو الذي قال يوماً في لقاء صحافي أنه ارتبك وعجز عن النوم حين طلب منه الراحل عاصي الرحباني أن يعمل معه على خشبة مسرح «البيكاديلي»، ليعلن لاحقاً "أن لا مسرح بعد الرحابنة".
شخصية «بيارو» في «المعلمة والأستاذ» إلى جانب هند أبي اللمع وإبراهيم مرعشلي، كانت أبرز محطاته التلفزيونية في ثمانينيات القرن الماضي، حيث حفظه الناس وباتت الشخصية ملازمة له تلقائياً، إلا أن مقدرته الإبداعية لم تأسره في إطارها بل قدم الكثير من الأدوار في العديد من الأعمال الدرامية.
بيار جامجيان الفنان الملتزم بعقيدة ثابتة وراسخة، تفوقت إنسانيته على كل الشخوص التي أدّاها ببراعة، وعُرف بوطنيته وحرصه على زملائه وأصدقائه، ليشكل غيابه خسارة كبيرة وفق رأي ممثلين ومخرجين تواصلت معهم «البناء» بهدف توجيه التحية إلى فنان عشق المهنة وبات جزءاً من الذاكرة الاجتماعية والفنية.
*
نعمه بدوي :ودّعنا بفرح وترك لنا الحزن
نقيب الممثلين في لبنان نعمة بدوي وصفه بزارع الفرح، وقال: «بيار جماجيان (بيارو) زارع الفرح في نفوس الأجيال المتعاقبة، وساكن قلوبهم. هذا الفنان الملتزم الآتي من عالم المسرح إلى الشاشتين، من عالم الرحابنة (الأخوين) ورفيق درب زياد الرحباني بمعظم مسرحياته.
برع بالكوميديا «بيارو حظه زيرو»، وأجاد بالتراجيديا. قبل ساعات قليلة من وفاته زار النقابة هو ومجموعة من الزملاء الكرام (عمر ميقاتي وزوجته رندة، ختام اللحام، عبدو شاهين، جورج دياب، أسامة شعبان وأحمد مخللاتي). قام بأداء آخر دور مسرحي يقدمه لنا (وان من شو)، روى وتحدث عن مواقف مضحكة في أثناء الحوادث منذ أربعين عاماً. أضحكنا كثيراً في زمن ووقت قل فيه الضحك والفرح. بيارو فنان متفرد بأسلوبه ومتمكن من أدواته التعبيرية».
وأضاف: «عاش طوال حياته وهو يسعى إلى بث الطاقة الإيجابية في محيطه وبين الناس مدافعاً عن المظلومين والمحرومين ومطالباً بحقوقهم؛ إنساني إلى أبعد الحدود، وطني بامتياز. جاء إلى النقابة يزوّدنا (يشرجنا) بطاقة كلها فرح، لكنه غادرنا وأخذ معه الشاحن. ودّعنا بفرح وترك لنا الحزن والألم على فراقه. صديقي ورفيق دربي، سنفتقدك كثيراً. لروحك الرحمة والغفران، ستبقى خالداً في النفوس والضمائر والقلوب وفي الوجدان. نم على رجاء القيامة».
*
آلان الزغبي: جمع كل الصفات الطيبة
الممثل آلان الزغبي اختصر حزنه على صديقه بكلمات مقتضبة معبّرة، وقال: «فقدت الدراما اللبنانية الروح الطيبة، الأخلاق العالية، الصداقة المتينة والبسمة الدائمة. جميع هذه الصفات كانت تتمثل بالمبدع والممثل القدير الصديق الغالي جداً على قلوب جميع الفنانين اللبنانيين الراحل بيار جماجيان (بيارو) كما لقّب بمسرحية الأخوين الرحباني، واللقب الذي كان جميع رفاقه ينادونه به. رحيله كان مفاجئاً، وترك الغصة في قلوبنا جميعاً. رحم الله بيار جماجيان وأسكنه في علياء جناته، لعل روحه تكون الآن في مكان أفضل وأسمى وأجمل… مهما ذكرت من حسنات بيارو وجمال روحه ورقة أخلاقه لن أفيَه حقه فعلاً "
*
أحمد الزين: توأم الروح ورفيق الدرب
لم يضف الفنان أحمد الزين أية كلمة إلى ما قاله في مأتم صديق عمره، وتمنى أن ننقل تعبيره في حينه حيث أرسل لنا الفيديو الذي ظهر فيه وهو يكتب آخر الحروف مودعاً الراحل بيار جامجيان، بالقول: «أكتب لتوأم روحي ورفيق دربي العظيم والرائع والمبدع لأقول له: أنا ذاهب إليك. أنا وبيار كنا جسدين بروح واحدة منذ خمسين عاماً، وأمنيتي الوحيدة أن ألاقيه قريباً. لم أخف عليه حين كان على الأرض واليوم لا أخاف عليه حيث ارتقى، وله أقول: الله يحبك يا بيار لأنه في قلبك ".
*
سامر البرقاوي: شخصية هاربة من تاريخ، نحبه
من جهته أكد المخــرج السوري ســامر الــبرقاوي أن رحيل قامة فنية بحجــم بيار جامجيان خسارة كبيرة، وقال: «بيار جامجـــيان قامة لا بل شخصية هاربة من تاريخ نحــبه عن سبعيــنيات وثمــانينيات بيروت. حــين كان يحضر إلى التصــوير كانت ترافقه الحكــايا عن أشياء علقت في ذاكــرتنا من مسرح الرحابنة إلى مسرحيات زياد، وتحضر في بالي جملته المشهورة في مسرحية «شي فاشل "..
«يا بلدنا» واحد كان مــسؤولاً عن شجــرة الأرز التي كانت من المفروض أن تكون ضمن ديكور مسرحــيته لمخرج بــطل العــرض الذي أدى دوره زياد، وحين كان يأتي إلى التصوير في «الهيبــة» وأراه من بعــيد أقول له على الفــور: «يا بلدنــا». حاضر النكتة، ملتزم وعاشق لمهنته، ومعلم امـتلك شــغف التعلم. لا يسعنا إلا أن نقــول أن رحيله خسارة كبيرة ".
*
يوسف حداد: رفيق العز الذي برع في رسم الضحكة على الوجوه
من جهته اعتبر الفنان يوسف حداد أن الكلام لا يكفي حين يرحل المبدع والأصيل، وقال: «في حضرة الغياب المفاجئ ماذا يمكن أن نضيف أكثر من الذي قلناه لحظة سماعنا الخبر؟ أقول لبيار: «لا يا رفيق العز… لا يحق لك الرحيل هكذا من دون سابق إنذار»، بيار الفنان الأصيل الشغوف، المبدع والقدوة في الأخلاق والنبل، عرفته منذ ثلاثين سنة وفي أول لقاء لنا قال لي: «بتستاهل تكون ممثل وتصير نجم إذا كنت مثابر ومتواضع». هو أرادني أن أكون مثله وأتعلم منه".
وأضاف: «بيار… سأشتاق إليك وإلى حضورك. صديقي الوفي أحبك؛ صلي لنا من حيث ارتقيت وأخبر الملائكة عمّا أصابنا من ويل، وادعُ لنا أن نستعيد أيام العز والزمن الجميل الذي إليه انتميت. بيارو اعذرني إذا بكيت كثيراً، ولكن في الغياب لا يمكن لنا حبس دموعنا وأنت الوحيد الذي برع في رسم الضحكة على الوجوه".
*
سعيد سرحان: مدرسة لجيل كامل
أما الفنان سعيد سرحان، فأكد أن جامجيان مدرسة لجيل كامل، وقال: «بيارو من الأشخاص الذين أثروا بي منذ الصغر، وبسببه كنت اتجه صوب التمثيل وشغفه. لا أذكر إذا كنت قد أخبرته هذا الشيء في جلساتنا كونه دوماً كان يدير أي جلسة بخفة ظله وحضوره وروحه ونفسيته الحلوة، ولكن كان هناك تواصل بيننا حين التقينا في «الهيبة»، وتواصلنا امتدّ إلى نقاشات أعمق من مجالنا ومحيطنا ودائرتنا في الوسط الفني".
وأضاف: «بيارو بالنسبة لي كان أحد الذين أنشأوا الجسر ما بين التمثيل التلفزيوني الأقرب إلى المسرح وحقبة التمثيل التلفزيوني الواقعي الطبيعي. قبل يوم من وفاته كان في النقابة وكأنه ذهب ليودع زملائه. وحده تمكن من نقل التمثيل التلفزيوني من شكله المسرحي المفخم المعظم إلى التمثيل الطبيعي الذي يمكن توصيفه بالتمثيل المعاصر الذي نراه على مستوى العالمية، وهذا أمر لم يعلّمه أياه أحد إنما كان هو شخصية استثنائية بحد ذاته، ليكون بيارو مدرسة لجيل بأكمله. ربما لم نجتمع إلا في الهيبة في مشاهد قليلة مع «أبو عيسى» وهذا فخر لي، كما أفخر أني جالسته واستمعت إلى قصصه. سنفتقده كثيراً وسيترك فراغاً كبيراً. لقد ترك لنا إرثاً كبيراً، عسى أن نصل إلى جزء قليل مما وصل إليه. الجميع سيذكره… الجيل الذي سبقنا وجيلنا والجيل القادم".
*
بولين حداد: متميز حتى في انفعاله
مقتضبة كانت كلمات الفنانة بولين حداد التي أكدت أن الجميع سيشتاق إلى حضور بيار جامجيان، وقالت: «بيارو من الممثلين الذين لم أشعر يوماً أنهم قد يكبرون في السن. في وجهه سلام لا يمكن توصيفه، ربما لأنه كان متصالحاً مع نفسه، وحقيقيّاً وقادراً على منح الفرح للمحيطين به.
ربما لم أجتمع معه في مشاهد مشتركة، ولكن التقينا في أكثر من عمل وخلف الكواليس. كان متميزاً حتى في لحظات أفعاله. سنفتقده كثيراً وهو الذي ترك بصمة كبيرة من خلال أعماله التي حفظناها وأثرت فينا جميعاً، وسيبقى حاضراً رغم الغياب، ونقول له إننا سنشتاقه كثيرا ".
*
وفاء شرارة: فنان شامل وحقيقي
أما الفنانة وفاء شرارة فقالت: «للحقيقة حين نريد أن نتكلم عن بيار جامجيان نحتار فيما سنقوله، حيث هناك الكثير لنتكلم عنه. هل نتكلم عن بيار الإنسان صاحب الأخلاق العالية وعن احترامه لنفسه وللآخرين؟ أم عن وفائه ووطنيته وعن عدم تفرقته بين إنسان وآخر؟ "
وأضافت: «إذا أردنا أن نحكي عن فنه سنقول الكثير. بيار كان فناناً شاملاً نجح في كل الأدوار الكوميدية والدرامية، والشخصيات التي قدمها أظهرت تلقائيته. الناس أحبته لأنه كان حقيقياً وعفوياً، ترك بصمة في كل ما قدمه. ولا ننسى سعيه لإنصاف كل زميل له شعر يوماً ما بالغبن وقدم له يد العون ولو بإطار معنوي. لبيار أقول: خسرناك كفنان وصديق وأخ، وستترك فراغاً كبيراً لا يمكن تعويضه، ولترقد روحك بسلام".
*
ورد الخال: حالة فريدة طبعت في ذاكرة الناس
الفنانة ورد الخال رأت أن بيار جامجيان حالة فريدة، إلا أنه لم ينل حقه في ظل المحسوبيات، وقالت: «بيار تفوّق في مجاله بأخلاقه وطيبته وتواضعه، وكان حالة فريدة طبعت في ذاكرة الناس، إلا أنه تعرّض للغبن كما كثر من الفنانين الذين يمتلكون المــقدرة على العطاء والإبداع بيْد أنهم خارج دائرة الفساد الفني والمحسوبيات. للأسف، في بلدنا، للنجـــومية مقاييــس لا تتلاءم مع الفنانين المحترفين، وبيار المبدع الذي تخطى مرحلة النجومية لم ينل حقه حيث تم وضعه في الإطار الثانوي، وهذا مؤسف. ففي كل العالم يتم تكريم المبدعين وتكــون لهم الأفضلية في الأعمال التمثيلية سواء الدراما أو الكوميديا، سينــمائياً وتلفزيونياً. لذلك أستــغرب أن فناناً بحــجم بيار جامجيان لم يُمنح دور البطولة في مختــلف الأعمال الدرامــية الأخيرة التي شارك فيها، بينما في سورية، على سبيل المثال لا الحصر، هناك تقدير كبــير وأولوية للجيل المخضرم فنيّاً مع عدم إغفال الأجيال كافة. خلاصة الأمر، بيار خسارة كبيرة على الصعيد الفني والإنساني ".
*
رندلى قديح: بيار تاريخ فني، وغيابه سيحدث فارقاً كبيراً وفراغاً يصعُب تعويضه
المخرجة رندلى قديح التي عمل معها بيار في «حكاية أمل» توجهت باللوم إلى وسائل الإعلام التي لم تنصف بيار حتى في رحيله، وقالت: «بيار تاريخ فني لا يمكن توصيفه بكلمات قليلة. جميعنا عرفناه في شخصيات كوميدية تركت أثرها الكبير، وهنا أشير إلى الكوميديا الحقيقية لا تلك القائمة على الابتذال. عملت معه في «حكاية أمل» في العام 2000 وعلى الصعيد الشخصي أعرفه منذ زمن وأشعر بأنه أب لما كان يمــتلك من عطاء ومحـــبة للجمــيع. ولا أعرف لماذا تعاطى جزء كبير من الإعلام بشكل هامشي معه حتى في رحيله على رغم أنه فنان مخضرم وتاريخه يشهد، إلا أن خبر وفاته مر مرور الكرام وبشكل خجول على معظم الشاشات المحلية ".
وأضافت: «بيار يستحق التكريم حتى في وفاته، وعلى المعنيين التنبه لهذا الأمر. للأسف نحن في بلد لا يدعم الفن والثقافة وكبار المبدعين خارج إطار الاهتمام. بيارو كان يضحكنا من دون تكلّف، وهو نفس الشخص فنياً وإنسانياً بقربه من الجميع، وغيابه سيحدث فارقاً كبيراً وفراغاً يصعُب تعويضه ".
لينكدإن
*
وإذ نتحدث عن الرفيق بيار جماجيان لا يسعني الا ان اذكر عددا من الرفقاء من أصول ارمنية، راغباً الى من يعرف أكثر ان يفيدنا:
الأمين أنطون كسبو : منفذ عام الحزب في الارجنتين
الرفيق بدرو تشاكماكيان: الصحافي والضليع في اللغتين الاسبانية والعربية. مراجعة
الرفيق جوزف سيبيليان الذي عرفته في السبعينات طالباً متفوقاً في كل من الجامعة اللبنانية، وجامعة بيروت العربية حتى اذا تخرّج، عمل في المؤسسة الناجحة Profex للامين سمير الريس فمستقلاً، مؤسسا اعمالاً ناجحة في الكويت، وهو يملك كفاءات مميّزة .
|