معظم الرفقاء عرفوا عن الكاهن إيليا برباري من خلال قراءة ما نشره فقيد الادب الرفيق سعيد تقي الدين "الكاهن الذي عرفه" .
من جهتي عرفته جيداً، فقد كان منزله في المصيطبة الى جوار منزلنا، وكانت علاقتي به، بالفاضلة عقيلته ماري يوسف ناصيف، جد ممتازة. اسفرت عن انتماء ابنيه كابي وسامي الى الحزب، وما زالا.
في سيرتي ومسيرتي تحدثت عن علاقتي بعائلة الاب برباري وخاصة عندما تواريت في دارته في منطقة بطلون (بحمدون)، عن "مكتبة برباري" في شارع مونو – ساحة الدباس. عن شقيقته الرفيقة انجول(1) وتحدثت أيضا كيف كان الاب إيليا يفسح لي مجال الاستفادة من منزله لمتابعة عملي الحزبي، اخبئ اوراقي الحزبية في احد ادراج الطاولة المفرزة لي فكنت أتوجه ليلاً الى منزل الاب إيليا الكائن على بعد 60 مترا من منزلنا، قبل ان اخلد الى منزلنا.
الكلمة ادناه تقدم اضاءة مفيدة عن الاب إيليا برباري آملاً ان انشر المزيد اذ تتوفر لدي المعلومات .
" فقدت أبرشية بيروت ظهر يوم الجمعة الواقع فيه 24 /05/1974 أبا روحيا وراعياً ورعا، هو قدس الاب إيليا برباري اثر ذبحة قلبية لم تمهله دقيقة واحدة. وقد كان لنبأ الوفاة صدى مؤثر ومذهل صعب على الجميع تصديقه لما عرف به الفقيد من حيوية عارمة واندفاع ونشاط، فتوافد على الفور الى بيته اخوته رجال الاكليروس وجميع معارفه وأهله، ونعاه سيادة راعي الأبرشية الجليل ومعاونه الجزيل الاحترام ومصف الكهنة في بيروت وذلك بعد ان تحدد موعد الصلاة عن نفسه واجراء مراسم الدفن في كنيسة دير دخول السيدة في الاشرفية يوم السبت الساعة الخامسة بعد الظهر. ثم نقل جثمانه الى دير الراهبات مساء الجمعة حيث سجي هناك وتناوب الكهنة على الصلاة وقراءة الاناجيل المقدسة حتى ساعة الدفن. كما أقيم صباح السبت قداس الهي عقبة ترتيب جناز الكهنة الخاص.
وفي تمام الساعة الخامسة ترأس سيادة الاسقف غفرئيل (صليبي) صلاة الجناز بمشاركة سيادة الاسقف الياس نجم(2) ومعاونة سائر الصف الاكليريكي. وقد غصت الكنيسة بالمؤمنين والمشيعين الكُثر الذين أتوا يودعون أباهم الروحي الوداع الأخير لانهم لمسوا مقدار تفاني الفقيد في خدمة أبناء الرعية ومدى عشقه للطقوس الدينية.
وهذا مل لمح إليه أيضا سيادة الاسقف غفرئيل في تأبينه وبيّن النواحي المميزة في حياة الراحل التي جعلت الكثيرين يتعلقون به ويطلبون مشورته ومساعدته. وفي نهاية الصلاة حمل الكهنة النعش ليوارى الراحل الثرى في مقبرة الدير مأسوفاً عليه.
ولد الفقيد في بلدة سبنيه (الحدث) في 15 كانون الأول 1913 من والدين تقيين هما اندراوس برباري وراحيل حنا برباري. انتقل في دراسته من مدرسة الحدث الى الثلاثة الأقمار في بيروت ثم الى المدرسة الاكليريكية في دير الحميراء. دخل الحياة الاكليريكية عام 1933 فسيّم شماساً انجيلياً بتاريخ 29 حزيران 1926 على يد المثلث الرحمات المطران إيليا كرم في كنيسة مار يوحنا البوشرية.
رقي الى الرتبة الكهنوتية في 5 تموز 1936 في كنيسة مار الياس المكلس، ومنذ ذلك الحين بدأ عمله الرعائي متنقلاً بين كنيسة مار مخايل جل الديب وانطلياس التي خدم فيها تسعة اشهر، وكنيسة القديس جاورجيوس في عاليه حيث امضى خمس سنوات. بعد هذا وافق سيادة راعي ابرشية بيروت المتروبوليت إيليا الصليبي الجزيل الاحترام على قبوله في عداد كهنة الأبرشية فعينه سنة 1941 كاهناً لمحلة المصيطبة الى ان نقله في شهر حزيران 1954 الى الاشرفية واقامه كاهنا لدير دخول السيدة للراهبات. وهنا اظهر قدسه غيرة فائقة للكنيسة ومحبة لخدمة الناس. فلم يقعده المرض الذي أصابه ولم تثن من عزيمته عوارض الذبحة القلبية مرتين بل تابع نشاطه دون الاهتمام بصحته ودون الاكتراث بما تفرضه عليه حالته الصحية من العناية والراحة والتروي، وكان حتى آخر رمق يقوم بواجباته الرعائية ووجهه يطفح نضارة وحياة.
هوامش:
(1) انجول: هي الرفيقة انجال برباري. عرفتها جيداً واشرت إليها في أكثر من مناسبة. كانت تتمتع بالجرأة والحيوية والطلة الآسرة.
(2) الاسقف الياس نجم: استقر لاحقاً والى ان وافاه الاجل في "دير مار الياس" شويا، ضهور الشوير. كان صديقاً للحزب وبخاصة مع ابنيّ بلدته "اغميد" الامينين داود وشوقي باز، وربطته علاقات قوية مع عدد كبير من الرفقاء في المتن الشمالي وخارجه. كنتُ من بينهم. اشير أيضا الى ان شقيق الاب إيليا، مختار منطقة سبنيه – الحدث. جريس كان رفيقاً معروفاً.
|