يا بطلاً لمجرد أنه انتمى الى الحزب السوري القومي الاجتماعي
بتاريخ 13/1/2012 أوردتُ ضمن نشرة عبر الحدود النبذة التالية عن رحيل الرفيق قيصر حداد:
في السادس من كانون الثاني 2012 وعن عمر ناهز الاثنين وثمانين عاماً، وافت المنية في المغترب الكندي الرفيق قيصر كامل حداد، إثر مرض عُضال تحمّله بكل صبر وأناة.
أُقيم للرفيق الراحل مأتم حاشد في مدينة مونتريال الكندية، شارك فيه عدد كبير من أبناء الجالية ومن أصدقاء ومعارف ولديه كامل وفارس حداد، بالإضافة إلى أبناء بلدته أبل السقي. وقد شارك مدير مديرية مونتريال الرفيق إنعام العدس والرفيق جورج معلوف بتقبّل التعازي مع ولديه وأرملته الرفيقة إميلي. جرت مراسم التأبين في كنيسة السيدة الأرثوذكسية، حيث أشاد كاهن الرعية بصفات الفقيد الذي عرفه شخصياً في الوطن، وعرف ولديه أثناء دراستهم في معاهد بيروت.
وللرفيق الراحل مآثر كثيرة في الوطن وفي مغتربه الأول في الخليج وأفريقيا والمكسيك وأخيراً في كندا، وقد أدّى خدمات جليلة للحزب بكل صمت ودون تبجّح، كما كان له دور كبير في بدايات الحرب اللبنانية عام 1975 وإلى حين مغادرته الوطن.
وُلد عام 1929 في المكسيك.
*
منذ مدة، وفيما كنت أراجع مجلدات "صباح الخير"، اطّلعت في العدد تاريخ 23/11/1981 على القداس والجناز "الذي أُقيم يوم الأحد الفائت لراحة نفس المرحوم كامل حداد والد الرفيق قيصر حداد".
لتاريخنا الحزبي بشكل عام، وخاصة لتاريخ مرجعيون، ننشر النص الحرفي كما أوردته مجلة "صباح الخير" بتاريخه، راغبين إلى الرفقاء الذين عرفوا الرفيق قيصر حداد وقد كان له دوره الحزبي أثناء الحرب الأهلية، خاصة لجهة موقعه المتقدم بالنسبة للحكم السائد في "الجماهيرية الليبية" أيام حكم العقيد معمر القذافي، وما تمكّن من تأمينه للحزب، ولأحزاب الحركة الوطنية، أن يكتبوا ما يعرفون لجهة سيرته ومسيرته، مع ما يتوفر لديهم من صور له ولرفقاء، نعيدها إليهم بعد حفظها على جهاز "السكانر".
"جرى يوم الأحد الماضي قداس وجناز لراحة نفس المرحوم كامل حداد والد الرفيق قيصر حداد. وقد حضر القداس الذي أُقيم في كنيسة سيدة النياح للروم الأرثوذكس – رأس بيروت، وفد من الحزب السوري القومي الاجتماعي برئاسة رئيسه إنعام رعد وعضوية عدد من المسؤولين المركزيين.
كما حضر حشد غفير من أبناء منطقة مرجعيون والجنوب، حيث ألقى سيادة المطران بولس الخوري كلمة تأبينية في الفقيد، كما ألقى رئيس الحزب كلمة مماثلة.
*
من كلمة المطران بولس الخوري
" لقد هاجر كثيرون من اللبنانيين هرباً من الظلم والاستبداد، وكان من جملتهم كامل حداد الذي وُلد في القرية النموذجية أبل السقي التي أعطت أبطالاً في جميع الميادين، وفي جملتهم هذا البطل، وسأثبت أنه كان بطلاً، وكان ذلك عندما سمع وهو في المهجر أن زعيماً من الشوير العامرة التي تهز عامود الفلك، قام ينادي أبناء قومه مردداً كلمة بولس الرسول التي سمعتموها الآن من فم هذا المرتل العريق ابن أستاذنا المرحوم متري المر "استيقظوا أيها النائمون"، فعاد الى وطنه وانتمى إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، وكان الانتماء في ذلك الوقت بالتمام بطولة، ولذلك قلت إنه كان بطلاً، وإن "الحقير" الواقف على أخبار هذا الحزب، أعرف كيف كان الانتداب يلاحق هؤلاء الشباب ويطاردهم ويسجنهم، وأحياناً يحكم على بعضهم بالإعدام.
أليس الانتماء إلى حزب تطارده الدولة وتسجن أعضاءه وتحكم على بعضهم بالإعدام هو بطولة؟ فكان رحمه الله من المخلصين في هذا الحزب الذي كان من روّاد الأحزاب الوطنية الداعية إلى النهضة، إلى التحرير، إلى الجهاد في سبيل نزع النير الأجنبي وتكريس الحياة الحرة في وطن مستقل، وليس كاستقلالنا هذا. إذا كانت الغاية من الحياة على ما يظهر لنا على الأقل أن يكون الإنسان شيئاً وأن يفعل شيئاً.
" وكامل حداد استطاع ان يكون من ذاته ثم ان يفعل شيئاً واذا لم يفعل يكون أهدى الامة ابناءه وبناته وفي مقدمتهم الصديق السيد قيصر الذي يصح فيه القول ان هذا الشبل من ذاك الأسد فمشى على خطى والده في تكوين ذاته وفي انتمائه الى الحزب السوري القومي الاجتماعي وفي جهاده في سبيل مبادئ هذا الحزب واذا سمح لي ان أقول انه كوّن نفسه بنفسه وهذا فضل الانسان ورث عن ابيه النهج، الخلق، المبدأ ولكن أباه وضع أساسا فقط وهو الذي بنى على هذه الأسس المتينة بناء عظيماً يتمتع اليوم بهذا البناء وتتمتع الامة بما يتمتع به. كلما فقدنا أيها المواطنون الأعزاء رجلاً من رجالنا التقدميين كالمرحوم كامل حداد نشعر بفراغ ولكننا ما نكاد نشعر بهذا الفراغ الا ونجد أمامنا تعزيتنا بمن يملأ هذا الفراغ انا واثق ان الفراغ الذي تركه فقيدنا الغالي سيملأه أبناؤه وبناته وفي مقدمتهم الصديق قيصر وكم كانت الظروف التي دخل فيها الى الحزب محرجة وصعبة .
الوطن معروف – الوطن قطعة جغرافية من الأرض لا تستطيع ان تلعب بها والذين يسكنون فوق هذه الأرض هم أخوان شاؤوا أم ابوا فلنترك الفروع والتفاصيل اذا شئنا ان نتخلص من العدو العاتي الرابض على حدودنا ليمتلكنا. والقول اليوم عن هذا العدو ليس بطولة، انما البطولة هو قول أنطون سعادة قبل ان يحتل هذا العدو ارضنا ان نستعد ان نحارب هذا العدو الآتي من البعيد ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داود. اننا في وقت قداس إلهي يجب علي ان اقف هنا اذا سمحت يا صديقي قيصر ويا حضرة الرئيس، واترك الباقي لحضرة الصديق والقريب جداً من جهات لا يعرفها النسيب الرئيس انعام رعد ولغيره من الأمناء الأعزاء ليقولوه في المهرجان الذي يقام الآن مباشرة بعد هذه الحلقة الدينية وليس من الصدفة ان يقام هذا القداس والجناز عن نفس فقيدنا في اليوم ذاته الذي يقام فيه المهرجان لان فقيدنا هو رائد من رواد هذا الحزب الذي انتمى اليه في تلك الظروف الصعبة، يستحق ان يكون القداس والجناز عن نفسه في يوم المهرجان وكم يسرني ان رأيت على باب الفندق الذي هنا في رأس بيروت رسم شهيد من شهداء الحزب يذكرونه ويرفعون رسمه بعد مرور سنوات على استشهاده لكي يعرف المجاهدون والمنتمون الى هذا الحزب انهم ان ماتوا فأنهم أحياء في قلوب رفاقهم وفي قلب الامة.
*
كلمة رئيس الحزب الأمين انعام رعد
إننا نعتز بك اعتزازاً كبيراً لأنك وقد جاوزت هذا العمر لم تزل تحمل المشعل لجميع أبناء وطنك، مشعل القيم الروحية والوطنية والقومية.
بالأمس كنت مع رفقاء لي من قيادة الحزب نزور مواقع مقاتلينا في الجنوب وفي صنين، ولقد اطلعنا على تلك البلاد.. على تلك المنطقة الجميلة من بلادنا، على قضاء مرجعيون من حيث هجرت يا سيادة المطران، أنت مطران مرجعيون المهجّر بإرادتك لأنك رفضت الاحتلال ولأنك جددت هذا الرفض بان تكون بيننا كما رفض كامل حداد والمئات من عائلات قضاء مرجعيون هذا الاحتلال. إنّ رفيقنا كامل حداد لم يهجر، لم يترك الوطن إلى المغترب، بل ترك قضاء مرجعيون، ترك أبل السقي ومنطقتها إلى بيروت تحت وطأة الاحتلال الذي رفضه كما رفضه الكثيرون من أبناء تلك المنطقة، ففضلوا أن ينزحوا عن بيوتهم من أن يبقوا تحت وطأة الاحتلال.
إنّنا نذكر الرفيق الراحل الذي عرفته على مدى ثلاثين عاماً من حياته الحزبية سنديانة راسخة الأصول والجذور مؤمنة بالله والوطن، أما إيمانه بالله فشأن الكنيسة المقدسة أما إيمانه بالوطن فقد عرفناه عن كثب في حزبنا إيماناً راسخاً، إيماناً طيباً، إيماناً معطاء، ملتصقاً بأرض هذا الوطن رغم الغربتين، غربته الأولى التي عاد منها ليدعو إلى حزبه، وغربته الثانية التي لم يعد منها لأن الأرض مغتصبة.
إني أتوجه بِاسم قيادة الحزب بكلمتي القصيرة هذه اضطراراً مني لأرأس المهرجان المركزي في ذكرى التأسيس. أتوجه إلى الرفيق قيصر حداد وعائلته وجميع أشقائه وشقيقاته بأصدق التعازي متمنياً لهم الحياة المديدة في خدمة الوطن وخدمة القضية، وإنني أكرر ما قلته يا سيادة المطران، يا مطران الوطن والدين في الوقت نفسه: البقاء للأمة.
|