التقيت به في ستينات القرن الماضي، كان يلفتني بوعيه الحزبي، بتفانيه والتزامه الحزبيّيَن.
في بداية متابعتي لموضوع تاريخ الحزب، تسلّمت من الرفيقة غالية الأعور معلومات جيدة عن الرفيق معروف، ثمّ تقريراً نظمه الأمين سليم الأعور بتاريخ 15/7/2000 وكان يتولّى في حينه مسؤولية رئيس لجنة تاريخ الحزب في منفذية المتن الأعلى، أورده أدناه المعلومات التي كان حرّرها حضرة الأمين سليم.
الرفيق: معروف شاهين الغصيني.
الأم: سليمة حرفوش.
مكان وتاريخ الولادة: بعقلين 20/2/1920.
الزوجة: كاميليا زين الدين.
الأولاد: ابنتين من الزوجة الثانية زين الدين / سليمة ونورما.
من الزوجة الأولى: صبح / غسان.
الدراسة: ابتدائي.
المهنة: مجند.
(هاجر والده وهو في السابعة من العمر، وله شقيقتين ربتّهم والدتهم)
*
مرويات عن الحزب:
- انتمى كثير من شباب قرية "بعقلين" إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1936.
- أول اجتماع علني في القرية تمّ عندما ألقى حضرة الزعيم خطاباً في منزل الرفيق حسن الطويل 1936.
وصل الزعيم إلى الاجتماع مع جورج عبد المسيح وعشرة من الرفقاء يرتدون اللباس الرسمي. تضمّنت كلمة الزعيم التحذير من ضياع لواء الاسكندرون.
- إثر هذا الاجتماع بدأ بدراسة تاريخ الحزب ومبادئه التي كانت تأتي مكتوبة بخطّ اليد.
- تقدّم بطلب انتماء إلى الحزب في العام 1936، وانتمي فعلياً عام 1937 حيث أقسم اليمين على يد المنفذ العام الأمين حسن الطويل حمادة، وكان الشهود (الرفيقان توفيق أبو شقرا – حسن بشير أبو شقرا).
- كانت الاجتماعات الدورية تتمّ في منزل الرفيق حسين حسن الطويل.
- في عام 1938 لاحق الفرنسيون القوميين وبدأت الاعتقالات، وصدرت الأحكام بحقهم عام 1939 إمّا بالسجن أو النفي.
عقدت الاجتماعات في البراري حتى لا يعرفونه الجواسيس .
- جاء أمر حزبي بعقد اجتماع علني في مركز منفذية الشوف في بعقلين، حتى نؤكد استمرار وجود الحزب بعد أن سرت شائعات بانتهاء أمره، وذلك بسبب محاربة أعداء الحزب له مثل (نظيرة جنبلاط – محمود تقي الدين وغيرهم من زعماء الطائفية) حيث حاربوا القوميين حتى في لقمة عيشهم.
- تم عقد اجتماع بحضور جميع المديريات. حيث ألقى المندوب المركزي كلمته وانصرف وترك مجموعة مناشير لتوزيعها. جرت مجموعة اعتقالات بعدها ومن ثمّ تركونا .
- انتقل إلى بيروت وعمل في شركة التحسينات الزراعية مع نجيب علم الدين، ثم انتقل إلى صيدا.
- بقي في صيدا حتى معركة الاستقلال، وقد قام الشبان في لبنان بمظاهرات احتفالية، اشتركت جميع الأحزاب في هذه المظاهرات، ومنها (النجاد – الكتائب – الشيوعيين) وقد اشترك القوميون فيها، وقد قامت كثير من الاعتراضات على الأشتراك وأرسلت الاحتجاجات إلى ناظم عكاري محافظ صيدا، الذي أرسل إلى الرفيق نظمي عزقول(1) يطلبه فأرسل الرفيق معروف إليه باعتباره المسؤول.
وقد أجاب بأنّ هناك أمراً حزبياً من مركزنا في بيروت بالاشتراك، ولن نمتنع عنه إلا في حال وصول أمر معاكس من المركز.
وقد تقرّر أخيراً أن تشترك جميع الأحزاب، شرط عدم رفع أي علم حزبي سوى العلم اللبناني (كان علم فرنسا بقلبه أرزة).
وبعد أن ألقى المحافظ كلمته، كان أول المتكلمين الرفيق محمد الشماع(2)، وكانت هذه التظاهرة سبباً لرفع شأننا في صيدا.
- تركت العمل عند نجيب علم الدين. وعدت إلى بيروت وبعدها بدأت معركة الاستقلال في لبنان.
ذهبنا إلى بشامون، وقد ذهبنا إلى القصر الرئاسي برفقة المير مجيد.
كانت معركة الاستقلال عام 1943، وكان شهيد الاستقلال الوحيد في بشامون هو الرفيق سعيد فخر الدين.
وصل الزعيم في 2/3/1947 إلى بيروت.. كان المطار آنذاك في بئر حسن، وكانت الوفود كثيفة ومن مناطق مختلفة (الأردن – الشام – وغيرها).
ذهب الزعيم إلى الغبيري حيث ألقى كلمة صدر في حقه على إثرها مذكرة توقيف، وقد كان نعمة ثابت وجماعته قد غيّروا اسم الحزب وعلمه، فثار الزعيم على ذلك وعاقبهم بالطرد.
وبسبب مذكرة التوقيف لم يذهب الزعيم إلى العشاء الذي كان مقرراً في منزل الأمين فؤاد أبو عجرم. انقسم القوميون إثر ذلك قسمين، الأول ذهب لحماية جريدة الحزب "صدى النهضة"، والآخر ذهب مع الزعيم إلى ضهور الشوير.
وقامت ضدّنا الكتائب اللبنانية، حيث طبعت مقالات معادية لنا وقام عناصرها بضرب موزّعي جريدتنا وتمزيقها. وكنت أنا ومحمود جودية ويحيى تنير ومصطفى أرناؤوط مكلفين بحماية الجريدة، حيث هاجمنا عدداً من أفراد الكتائب في ساحة الدباس حاولوا تمزيق جريدتنا وضرب الموزعين، مما أثار ضدّنا السلطة، فطلب منا المنفذ العام أن نتغيّب في مدة عن الأنظار، فقررنا الذهاب إلى الأردن عن طريق الشام، حيث وصلنا إلى محافظة السويداء حتى نجد طريقاً نعبره إلى الأردن.
وفي السويداء التقينا الرفيقَين جميل عبد الباقي ونمر عبد الباقي(3) واتفقنا معهم على الذهاب إلى درعا عند الرفيق ميشال الديك (الذي قام باغتيال رياض الصلح فيما بعد ثأراً للزعيم سعاده).
وعندما علم صهري، وهو رقيب أول بالجيش الشامي، لحق بنا إلى درعا ومنعنا من الذهاب إلى الأردن، وبقينا في الشام، وأردت أن أجد عملاً يعيلني فعمدت إلى شهادة من مختار قرية المتونة بأنني من هذه القرية، وذهبت إلى شهبا فطلبت من ضابط أحوال مدنية اسمه رامز عماد أن يساعدني بمنحي هوية، فرفض.
وعندما عدت إلى البيت، مرّ بي سائق الأمير حسن الأطرش محافظ السويداء، واسمه قاسم حامد، فسألته عن الأمير وعرفت أنّه سيذهب إلى دمشق، فقرّرت أن ألجأ إلى زوجته ليندا جنبلاط، ولا سيّما أن عائلة الغصيني على صلة قوية بالمختارة، وعندما رأتني وأعلمتها بأمري أرشدتني إلى شخص من قريتي اسمه خضر يعمل في المحافظة، الذي قام بالاتصال بقائمقام شهبا (طرودي عامر) الذي منحني هوية وانتسبت بعدها إلى الجيش السوري.
وفي الجيش أحاطوني بالاهتمام بعد أن عرفوا أنني قومي اجتماعي، وكان الكثير من ضباط الجيش الشامي قوميين اجتماعيين.
- قامت معركة 1948، شاركت فيها بإيماني الذي زرعه بي الزعيم سعاده. بقيت على الحدود فترة حتى طلبني أكرم ديري، وهو ملازم أول ورئيس الفرع المركزي للمكتب الثاني في القنيطرة، وكانت هناك أوامر مشدّدة للعسكريين بعدم التعاطي مع المدنيين، ممّا أربكنا، فقد كان لنا في مجدل شمس أربعة رفقاء قوميين، وهم أخوة (سامي – شكيب – فريد – فؤاد أبو خليل) وهم مدنيّون.
- عرفنا فيما بعد بوجود عملاء لليهود في مجدل شمس. قام قائد الفوج بطلبي وإخباري بوجوب الذهاب إلى الشعبة الثانية لأنني مطلوب، مما أخافني، إلا أنه طمأنني. وعندما قابلت أكرم ديري، كلفني بمهمة كشف المتعاملين مع اليهود، وعندها طلبت إجازة للذهاب إلى الشام حتى أُعلم الحزب بالأمر، وفي الشام قابلت الأمين كامل حسان فأخبرته بالمهمة الموكلة إليّ، فأخبرني بأنّ هذه المهمة هي من أولوياتنا كسوريين قوميين اجتماعيين.
خلال شهر اكتشفت الشبكة (ثمانية عشر من الجيش والباقي مدنيين) وعندما أرادوا القبض عليهم طلبت إمهالي حتى أجد البراهين القاطعة حتى لا نؤذي الأبرياء بجريرة المتعاملين.
وعرضت عليهم خطة تقضي بأن أذهب إليهم وأتظاهر بأنني منهم حتى أعرف كل أسرارهم وأجد الأدلة التي تدينهم.
رفض أكرم ديري، معلناً عدم تحمّل مسؤولية إرسالي، لكنني ذهبت وعرفت أنهم يتعاملون مع ضابط درزي فلسطيني في الجيش الإسرائيلي، قابلته وأخبرته بأن هناك فوضى في طريقة العمل قد تؤدي بنا إلى حبل المشنقة. فأعطاني أسماء جميع المتعاملين معهم، وكلفني بمهمة تنظيم العمل، وكنت قد أقنعت هؤلاء بعدم الذهاب إلى الضابط، بل إعطائي المعلومات وأقوم أنا بإيصالها مقابل 500 ليرة سورية لكل واحد.
قدّمت الأسماء إلى أكرم ديري، فأخذني إلى رئاسة الأركان التي كان على رأسها المقدم محمود شركسي، الذي غضب من ذهابي دون إذن، فأخبرته أنني ذاهب بتكليف من حزبي وليس بأمر عسكري.. قابلني أديب الشيشكلي وشكرني على عملي. وقبضوا على المتعاملين وجرت محاكمتهم في حلب، ومُنحت أنا وساماً من وزير الدفاع ووساماً من رئاسة الأركان بتوقيع شوكت شقير.
انتقلت إلى دمشق حتى قضية المالكي، فحوّلونا إلى محكمة عرفية في القنيطرة وحكموا علينا، وكان الشهود علينا قوميّان هما (أسعد وإبراهيم شلهوب)، وساعدني غسان جديد بالعودة إلى لبنان، وبقيت حتى أحداث العام ثمانية وخمسين حيث انتقلت إلى ديك المحدي للسكن.
- توقفت في عام 1958 عن العمل الحزبي، ووجدت عملاً كوكيل في مونتي فردي لكنه لم يدم طويلاً.
وجاء الاستجواب فقلت: أنا معروف الغصيني من بلدة بعقلين الشوف، من عائلة تُعتبر ركناً من أركان المختارة تسيرها كما تريد، لكن نحن نرفض أن نكون حجراً من حجارة الإقطاع، بل نريد أن نكون صخرة من صخور لبنان، لذا انتمينا إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، قمنا بالانقلاب وفشلنا، فحاكمونا على فشلنا.
وكانت الأحكام بين السبع والخمس سنوات.
|