إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

النبي عثمان تبقى درّة في جبين الحزب .

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2022-02-25

إقرأ ايضاً


النبي عثمان بما قدّمت من شهداء، ومما سطرّت من مواقف العز، وكان لها حضورها الفذ من تاريخ الحزب، ومنها سطع امناء ورفقاء، نذكرهم دائماً بإعتزاز ونقدمهم امثلة حيّة على ما استطاع الحزب ان يبنيه في نفوس اعضائه.

في العام 1972، وكنت في مسؤولية "رئيس مكتب عبر الحدود" وزعت النشرة المرفقة الى فروع الحزب عبر الحدود، واذكر انها وجدت اهتماماً لدى رفقاء وأصدقاء.

تستحق "النبي عثمان" ان يكتب عنها تاريخها المضيء وفاءاً للشهداء منها، وللرفقاء والرفيقات المناضلين. يا ليتني أستطيع ان انتقل اليها لأسبوع، فأستمع واسجل، ونقدم لمواطنين البقاع الشمالي، ولكل مهتم في الوطن وعبر الحدود سيرة تلك البلدة البطلة _ النموذج.

انها دعوة صادقة من رفقائنا في "النبي عثمان" ان يهتموا، حرام ان تضيع اسطورة النبي عثمان وتضيع معها وقفات عز يفخر بها تاريخنا.

*

النشرة كما عممت عام 1972:

النبي عثمان - قرية البطولة القومية الاجتماعية

في وجه اسرائيل الرابضة في جنوب وطننا تبني دولتها وشعبها، وتتحفز للتوسع والاغتصاب الجديد، ماذا يجب ان يكون دورنا؟ في وجه مزارعها المحصنة، وكيبوتزاتها العسكرية، ومستعمراتها المغروزة في كل مكان ومكان، ماذا يجب ان يكون رد شعبنا وعمله ؟

الرد الوحيد الذي يتناسب مع خطر اسرائيل الفادح، هو ان نبني نحن مجتمع _ الحرب القادر نفسياً ومادياً على مجابهة مجتمع اسرائيل الحربي، والانتصار عليه في نهاية الحرب المصيرية .

اذا استطعنا ان نبني مجتمعاً حربياً، قدرنا ان نقول بجدية، ان بامكاننا ربح الحرب الطويلة، بما فيها من تقشف وجهد وعمل وتضحيات مستمرة.

هذا النداء وجهه الحزب على لسان رئيسه السابق الرفيق يوسف الأشقر، في بيان تلي في مؤتمر صحفي وتحدث فيه عن المجتمع الحربي، رداً عملياً ضرورياً في وجه اسرائيل.

كأحد الامثلة يقدم الحزب بلدة النبي عثمان، "كيبوتزا" قومياً اجتماعياً، وقرية نموذجية تقدم لقرى امتنا المثل الحي في الايمان والالتزام والتضحية حتى الشهادة .

في سجلات الدولة اللبنانية: "النبي عثمان" قرية صغيرة رابضة على سفح سلسلة الجبال الشرقية على طريق بعلبك – الهرمل. تعدادها كذا مئة نسمة، غير محسوبة في خانة اي سياسي اقطاعي من سياسيي المنطقة.

هذه هي النبي عثمان في سجلات الدولة. اما في سجلات الحزب فالنبي عثمان هي قرية قومية اجتماعية، وجدت حياتها في الحزب، سطرت في تاريخه العديد من البطولات وقدمت من ابنائها شهداء عديدين.

في سجلات الحزب: النبي عثمان كانت في كل معارك الحزب القمة البطولية لا تلين ولا تنقصف امام الرياح العاتية. شيوخها انتسبوا الى الحزب، نساؤها كذلك، شبابها، فتياتها واشبالها الصغار اذ يتطلعون الى السماء، فلا يرون غير شمس العقيدة القومية الاجتماعية تضيء لهم طريق المستقبل.

النبي عثمان تقدم المثل السهل، على ان في نفوس ابناء أمتنا اصالة عميقة، لا تحتاج الا الى نفخة تذرو الغبار المتراكم، فتشع رونقاً صافياً. هذه الاصالة عبر عنها ابناء "النبي عثمان" خير تعبير عندما حملوا لواء النهضة، مطلقين كل ارتباطاتهم العائلية، وكانوا رسلها الأوفياء في منطقة يجد فيها المواطن كل ولائه في عشيرته أو طائفته أو عائلته.

في وجه اسرائيل نحن نقدم "النبي عثمان" مثلاً صارخاً. نقول للدولة، وللأحزاب، وللمتخلفين عن كنه الخطر الإسرائيلي، انه اذا لم نكتشف في وطننا عشرات "النبي عثمان" فلا يمكن ان نقف في وجه الجحافل الآتية من الجنوب، في نفوسها الحقد والتصميم وفي عيونها الطمع الى اراض جديدة .

"النبي عثمان" مثل لما استطاعت النهضة القومية الاجتماعية ان تحققه في نفوس الشعب، كما هي اليوم مثل لوفاء الحزب للمؤمنين به، وللذين قدموا انفسهم قرابين في المحرقة العظمى.

فالحزب، منذ نيف وسنة، يؤمن طبيبا كل يوم أحد، يمضيه بكامله في النبي عثمان، يعالج المرضى ويقدم الدواء.

وهو اليوم يتهيء لسلسلة مشاريع يبدأها بواحد، يكون بديلاً عن غياب الدولة، ويؤكد وجوب الحفاظ على "النبي عثمان" قرية نموذجية لقرى وطننا.

هذا المشروع قد يكون مدرسة، او نادياً رياضياً – ثقافياً، او بناء مستوصف، او آلة زراعية تستصلح الاراضي وتضاعف من الانتاج الزراعي .

اي مشروع هو مفيد للقرية البطلة، يسد بعض الحرمان، هي المحرومة الا من فيضان العقيدة القومية الاجتماعية في نفوس وعقول وضمائر ابنائها .

هذه هي النبي عثمان، قرية البطولة والايمان تقف كالطود في وجه اعاصير الرجعية وتقدم للجميع مثلاً حياً على قدرة شعبنا على الارتفاع فوق قيود الانشداد الى الماضي.

في وجه " كيبوتز" إسرائيلي، تقف "النبي عثمان" .

اذا تعددت "النبي عثمان" في امتنا، استطعنا الوقوف وتحقيق الانتصار .

ايها الصديق، ايها الرفيق:

اذا اردت المساهمة في مشاريع النبي عثمان، فاكتب لنا على العنوان التالي:

وفي البريد المضمون:

لبيب ناصيف

جريدة "البناء" _ ص.ب. 7453

بيروت.

*

كلما تذكرّت النبي عثمان استعدت الى ذاكرتي الرفيقة المتفانية عواطف نزهة (ام قاسم)، التي لا اذكر مرة دخلت فيها الى مكتبي الا استقبلتني الرفيقة عواطف بفنجان قهوة وعدة عبطات.

عندما رحلت الرفيقة ام قاسم نشرت عنها الكلمة التالية التي اعيد نشرها مع الكثير الكثير من عواطف المحبة التي كنت اكنها لها.

الرفيقة عواطف: انتِ باقية في ذهني ما بقيت لي حياة.

وداعاً رفيقة "أم قاسم"

حزني على رحيلك لا يماثله سوى حزن أولادك عليك

حسناً فعلت الرفيقة أروى بو عز الدين عندما نشرت على صفحتها "فايسبوك" الكلمة التي كنت عممتها بتاريخ 24/03/2017 عن رفيقات خدمن في مركز الحزب، وقد عرفتهنّ منذ السبعينات بفضل تواجدي في المركز في مسؤوليات شتى، أكثرها في عمدة شؤون عبر الحدود. آخر أولئك الرفيقات كانت الرفيقة عواطف نزهة التي عُرفت بـ"أم قاسم"، والتي خسرناها مؤخراً بعد صراع مرير وعنيد مع الداء الخبيث.

*

أسمح لنفسي أن أنضمّ إلى عائلة الرفيقة "أم قاسم" في نعيها إلى جميع السوريين القوميين الاجتماعيين، فالرفقاء والرفيقات الذين عملوا معي في مركز الحزب، في عمدة شؤون عبر الحدود ثم في لجنة تاريخ الحزب يعرفون عمق المودة التي كانت تربطني بالرفيقة "أم قاسم"، فالرفيقة عواطف نزهة التي لم تغب يوماً عن المركز في كل الظروف الأمنية الصعبة، كانت تحكي الحزب بتصرفاتها والكثير ممّا تملك من عصبة قومية اجتماعية، فهي عرفت الحزب عبر والدها الرفيق الشهيد حمد ملحم نزهة، وتربّت على المُثُل والأخلاق القومية الاجتماعية في البلدة – القلعة التي أسّست حضوراً لافتاً في تاريخ الحزب.

كم مرة ومرة حدثتني الرفيقة "أم قاسم" عن الحزب في "النبي عثمان"، وحكت لي كيف كانت تصعد مع الرفقاء والرفيقات إلى "جبل الزوبعة" عشيّة كل أول آذار، وكيف كانت تزغرد مع الرفيقات ونساء "النبي عثمان" عند كل مأتم شهيد.

ودائماً كانت تنقل لي أخبار الأمين محسن نزهة فأطمئن، وتنقل إليه سلامي القومي الاجتماعي والكثير من محبتي.

على مدى ما يزيد على عشر سنوات، كانت الرفيقة أم قاسم حاضرة بكل ما تحمل من عبق النهضة، لذا أشعر اليوم بحزن حقيقي لرحيلها الباكر.

رحمة الله عليك يا رفيقة "أم قاسم". البقاء للأمة كما كنت تردّدين عند رحيل أحد الرفقاء. لقد كنت حللتِ في ذاكرتي وفي وجداني، ولن تبرحي ما حييت.

*

نص الكلمة المشار إليها أعلاه :

بتاريخ 23/03/2017 غادرت الرفيقة عواطف نزهة(1)، المعروفة في مركز الحزب وبالنسبة لكل الرفقاء الذين ترددوا إليه، وفي النبي عثمان باسم أم قاسم.

بعد 22 سنة من العمل في مركز الحزب، غادرت الرفيقة أم قاسم المركز إلى بلدتها النبي عثمان، حيث ترعرعت وانتمت وزغردت مع نسائها في المعارك، وفي كل تشييع لشهيد.

إني وقد رافقت حضور الرفيقة أم قاسم على مدى سنوات خدمتها في مركز الحزب، أسجّل كم كانت قومية اجتماعية، في أدائها، في كل تعاطيها، وكم كنا نفرح بما تمتعت به من صحة الانتماء.

أستعيد مع الرفيقة أم قاسم، ذكرى من خدمن في المركز:

الرفيقة أم سعاده.

المواطنة أم علي(2)، تساعدها محاسن.

واستعيد معهن ذكرى الرفيق المجاهد إبراهيم ناصر(3) الذي كان يخدم في مطبخ المركز (فردان)، وطالما شاهدته يقشّر كميات البصل. فكان ينظر إليه البعض ممن يجهل تاريخه، كما لو أنه أتى إلى مركز الحزب "يسترزق" ليعيش.

لو أنهم عرفوا عن نضاله الحزبي في فلسطين ثم في لبنان، لاعتذروا منه ألف مرة، ولو تعرّفوا على ما كان عليه الرفيق الشهيد محمود العوطة(4)، في التزامه ومسؤولياته وحضوره الحزبي الجيد، لتعاطوا مع عقيلته الرفيقة أم سعاده، على أنها ابنة النضال القومي الاجتماعي، وأيضاً لو عرفوا كيف قاتلت الرفيقة "أم قاسم" وجابهت وزغردت، لوقفوا أمامها وأمام ذكرى أولئك الرفيقات بكل ما يتوجب من تقدير تستحقه كل منهن.

يا ليت ذاكرة الحزب تسجّل وتحفظ، فنكون جميعنا أوفياء لمن ناضل، وتفانى وشيّد مدماكاً في بناء حزبنا،

فإليك يا أم قاسم، وإليكنّ يا أم علي، وأم سعاده، ومحاسن، وكل من خدم، ثم توقف لأي سبب، احترام من يذكركنّ دائماً ويقدّر لكن خدماتكن في كل الأيام العادية، والصعبة، ويرفع لكنّ التحية، فرحاً بما استطاع حزبنا أن يبنيه في نفوس المؤمنين به.

هوامش

1) عواطف نزهة: ابنة الرفيق الشهيد محمد ملحم نزهة (حوادث العام 1958). عقيلة الرفيق الراحل علي قاسم نزهة.

2) أم علي: خدمت 18 سنة في مركز الحزب. حالياً تعاني من داء السكري. بترت ساقها، وساقها الثانية معرّضة للبتر.

3) إبراهيم ناصر (أبو نبيل): مراجعة ما كتبت عنه في قسم "من تاريخنا" على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

4) محمود العوطة: الرفقاء الذين نشطوا في منفذية الضاحية الشرقية في الستينات وأوائل السبعينات يعرفون أداء الرفيق محمود العوطة، وتفانيه الحزبي، حتى استشهاده. يا ريت من عرفه يكتب إلينا ما يفيه حقه، فننشر ذلك.



 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024