تستحق "بحمدون" أن يصدر كتاب / كتيب عنها يحكي بدايات تأسيس العمل الحزبي، ويعرض للكثير من المآثر، ومنها زيارة زعيم الحزب اليها وسيَر رفقاء شهداء ومناضلين.
كنت كتبت عن الحزب في بحمدون اكثر من مرة، بدءاً من الرفيق سعد خير الله(1) الذي كان اول من انتمى الى الحزب من أبناء بلدة بحمدون، التي كان كتب عنها الامينان نواف حردان وشوقي خيرالله.
ودعوت حضرة الأمين د. خليل خيرالله الى ان يهتم بإعداد ما يفيد تاريخ بحمدون في الحزب السوري القومي الاجتماعي، مستعيناً برفقاء كانوا على قيد الحياة – قبل ان يرحل البعض منهم: الامينين شوقي خيرالله وميشال نعمة ورفقاء نشطوا او كانوا تولوا مسؤوليات في البلدة، مثال الرفقاء: أنطون خيرالله، شقيقه إبراهيم، نبيل خيرالله (المعروف بالبرنس)..
الى هذا الواجب ندعوه مجدداً، وهو الكفوء والقادر، اذ لا يصح ان لا يكون لبلدة بحمدون، وللشهداء فيها، وقد عرفت منهم الرفيق الشهيد جورج ثابت، حضورها اللافت في تاريخ الحزب.
ننقل أدناه ما كنا عممناه وجاء في تواريخ سابقة، على ان ننشر المزيد مما قد نحصل عليه او يردنا من الرفقاء .
*
زيارة الزعيم ومحـاضرة في بحـمدون
والفريد من نوعه ان تفقُد الزعيم للمناطق كان يتخذ اشكالاً متنوعة، ففي عين زحلتا اجتماع وخطاب وفي كفرعقاب حفلة وخطاب وفي بشامون مهرجان وخطاب اما في بحمدون فناد ومحاضرة علمية فلسفية شاملة وذلك في ليلة الخامس من تشرين الاول حيث دعا السيد خيرالله حضرة الزعيم الى القاء محاضرة في نادي القرية المذكورة موضوعها "الحزب السوري القومي الاجتماعي". افتتح السيد خيرالله(1) الاجتماع بكلمة عن العقائد مقدماً للجمهور حضرة الزعيم رجل العقيدة الذي لا يتزعزع والذي يضحي بكل شيء في سبيل العقيدة مكبراً فيه هذه الصفات شاعراً بالحاجة التي نحن فيها في هذه الامة الى رجال يعملون ضمن نطاق العقائد .
وبدأ الزعيم محاضرته مفنّداً التيارين الطائفيين اللبناني والعروبي وخطرهما على الامة موضحاً كيف ان هذه البلاد وحدة اقتصادية قومية اجتماعية بالشواهد العلمية والادلة التاريخية واستغرقت محاضرة الزعيم حـوالي الساعتين. ثم وجه بعض الحضور اسئلة حول العروبة وفلسطين فكانت اجوبة الزعيم مقنعة وتامة. وبعد تناول العشاء على مائدة السيد خيرالله غادر الزعيم بحمدون عائداً الى مركز الحركة في بيروت في الهزيع الثاني من الليل.
1- المقصود السيد خليل خيرالله ، شقيق الامين شوقي خيرالله .
عن النشرة الرسمية – كانون الثاني 1949 .
*
أول منفذ عام لبيروت الرفيق عزيز ثابت
كانت بيروت مهد انطلاقة الحزب السوري القومي الاجتماعي، فسعاده كان قطن في رأس بيروت وتعاقد لتدريس اللغة الألمانية للراغبين من الطلبة في الجامعة الأميركية. وفيها تمّ إنشاء أولى فروع الحزب، على صعيدي الطلبة كما المواطنين في الأحياء.
وإذا كان الرفيق رفيق الحلبي هو أول مدير لمديرية الطلبة، فإن أول منفذ عام لبيروت هو الرفيق "المهندس" عزيز ثابت، حتى إذا غادر إلى مصر تولى المسؤولية الرفيق شارل سعد، وبعده الرفيق أسعد الأيوبي إلى أن تمّ انكشاف أمر الحزب في 16/11/1935، فاعتقاله.
عن الرفيق عزيز ثابت، تلك الإضاءة التعريفية.
*
في الجزء الأول من مجلده "من الجعبة" يقول الأمين جبران جريج في الصفحة 167:
" كان المهندس عزيز ثابت شاباً متقداً حماسة وطنية وموصوفاً بعاطفته الجياشة بكل ما يتعلق بالوطن والوطنية والمواطن. كان يتضايق من نظرة الموظف الأجنبي المتعالية وكم كانت له مواقف تعبيرية بهذا الخصوص مما سبب له نقله من محطة لشركة نفط العراق على خط حيفا إلى محطة على خط طرابلس. كان المهندس ثابت من الموظفين الوطنيين القلائل الذين صنفوا درجة أولى أسوة بزملائهم الأجانب ".
هكذا كان وضع المهندس عزيز ثابت، من بحمدون، عندما تعرّف عليه الرفيقان المهندسان بهيج الخوري مقدسي ورجا خولي اللذان توظفاً لمدة فصل الصيف فقط عام 1934 في الشركة المذكورة. " لقد شاهد الرفيقان بهيج ورجا بأم العين معركة من هذه المعارك العنيفة بين زميلهما المهندس عزيز وبين المهندسين الأجانب، مما دفعهما على أثر إحدى هذه "المناوشات" إلى أن يتحدثا معه عن الوضع العام في البلاد، وفي أحد الأحاديث بينهم تمنى المهندس ثابت لو كان في البلاد تنظيم ما، يجمع الشباب تحت لواء وطني واحد وفكرة واحدة تضع حداً لهذه النظرة الحقيرة التي يوجهها إلينا هؤلاء الأجانب فطمأناه عندئذ بوجود منظمة سرية من هذا النوع في بيروت.
مع انتهاء فصل الصيف عاد الرفيقان بهيج ورجا إلى بيروت ليلتقيا فيها بزميلهما عزيز الذي كان قد ترك عمله في شركة نفط العراق، فيستأنفا معه ما كان قد بدآه. بعد ذلك تمّ تقديمه إلى الأستاذ"(1) وبعد عدة زيارات ومناقشات وأبحاث انضم إلى صفوف الحزب في تشرين أول 1934 جندياً مقداماً وكله تصميم وإرادة. لم يطل به الوقت حتى عينه الزعيم منفذاً عاماً لبيروت، فكان أول منفذ عام لأول منفذية في بيروت ".
من نشاطات الرفيق عزيز أن انتمى على يده الطالب في الجامعة الأميركية كابي ديب، من القدس، الذي بدوره عمل على انتماء الرفقاء جبران شامية، رضى رعد(2) وكريم طوبيا (أول رفيق في بلدة جزين) .
وفي منزل المنفذ العام الرفيق عزيز ثابت انتمى الرفيق إميل صليبي(3) من سوق الغرب، ونظيم شرابي من عكا. ولاحقاً، بفضل النشاط الذي قام به الرفيق وفيق الحسامي، انتمى في منزله أيضاً الرفقاء أديب قدوره (الأمين لاحقاً) نجيب نجار وسعيد سربيه.
يقول الأمين أديب قدورة في الصفحة 47 من كتابه "حقائق ومواقف": "بعد أيام كنت أرفع يدي واقسم القسم الرهيب الذي هو أهم وأخطر وافضل برهة في حياتي ما حييت. وكان الشاهدان على قسمي عزيز ثابت ووفيق الحسامي، في بيت عزيز ثابت في شارع المكحول قرب الكنيسة الأرثوذكسية ولا يزال هناك بيت أخيه عبدالله حتى اليوم 1988(4) .
في العام 1935 اضطر الرفيق عزيز ثابت للسفر إلى مصر لأعمال تتعلق بمهنته، فتعين الرفيق شارل سعد منفذاً عاماً لبيروت مكانه.
إشـارات
- يفيد الرفيق جميل شكرالله(5) (جبيل) أن الرفيقين عزيز ثابت وبهيج الخوري مقدسي كانا في بيت الزعيم عندما أدى قسم الانتماء .
- يفيد الأمين جريج انه كان للرفيق روبير أبيلا (نقيب الصحافة لاحقاً) دور هام في شرح العقيدة السورية القومية الاجتماعية، فكلف بأعمال الدعاية أو ما نسميه اليوم ناظر إذاعة، وقد حضر بنفسه إحدى السهرات الإذاعية في منزل المنفذ العام الرفيق عزيز ثابت، وكان الموضوع عن تاريخ مدينة صور وإمبراطوريتها وهجرة "اليسار" إلى شمالي أفريقيا وبناء مدينة قرطاجة .
- يفيد أيضاً أن الحزب وصل إلى برج البراجنة وحارة حريك عن طريق بيروت وذلك عندما كان المهندس عزيز ثابت منفذاً عاماً فانتمى على يده بوجود العميد نعمة ثابت، كل من كميل دكاش من حارة حريك، ادوار صعب، أحمد عثمان وقاسم حاطوم من برج البراجنة.
- يورد الأمين شوقي خيرالله في مذكراته (صفحة 69):
" وبدأت الإشاعات تتضخم، والأساطير والأسرار وبعض المناشير تتسرّب إلى الناس حول هذا الحزب. ثم عرفنا أن عزيز ثابت وهو بحمدوني أيضاً، يلاحق لأنه منفذ للحزب في بيروت. وهو أول منفذ عام على بيروت في تاريخ الحزب".
- يقول الأمين عبدالله قبرصي أن الرفيق عزيز ثابت كان نشيطاً، وقد تميّز بكثرة أسئلته عن العقيدة بهدف أن تتوضح له التعاليم السورية القومية الاجتماعية بشكل أفضل.
هوامش
(1) كان الرفقاء في أوائل سنوات التأسيس يتوجهون إلى سعادة بالأستاذ .
(2) رضى رعد: صيدلي، شقيق الأمين إنعام رعد وتيودور. كان وراء انتماء الأمين فؤاد أبو عجرم إلى الحزب .
(3) إميل صليبي: شقيق الأمين الدكتور جورج صليبي الذي انتمى إلى الحزب بعد أخيه إميل بفترة قصيرة، وتولى فيه
مسؤوليات مركزية .
(4) عبدالله ثابت كان انتمى أيضاً في أوائل الثلاثينات. وهو مهندس .
(5) جميل شكرالله: للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية ssnp.info
*
أحد أوائل رفقائنا في بحمدون
سعد ضاهر خيرالله
الرفيق سعد ضاهر خير الله، الذي يتكلم عنه الأمين شوقي خير الله في كتابه "بحمدون"، في أكثر من مكان. في إحداها، هذه المأثرة التي ننقلها بالنص الحرفي رافعين التحية إلى روح الرفيق سعد، وقد عرفتُه، كذلك جميعُ الرفقاء في بحمدون، متشبثاً بالتعاليم القومية الإجتماعية، مجسداً في حياته مناقب الحزب وتعاليمه.
يشير الأمين شوقي في الصفحة 111: " يوم علقت الفتنة في 13 نيسان 1975، ودارت الحرب الأهلية وتهجّر الناس واحتُلَّت الأحياء وطُرد ونُهب ما نهب، كان سعد قد اشترى بيتاً في عين الرمانة وفرشه وسكن فيه، وقد أصبح مديراً عاماً في مؤسسة ميشال أندراوس لقطع الغيار، في قلب ساحة البرج، وهي أكبر مؤسسة في لبنان والمشرق في هذا الإختصاص.
" الحاصل سعد غير مرغوب فيه في عين الرمانة لأسباب متعددة أهمها أربعة، وقد كان سبب واحد كافياً لطرده ونهبه وتخوينه وحرمانه من البيت ومن الفرش ومن العودة "
وبعد أن يشرح الامين شوقي كيف كانت أُنشئت "ميليشيا" للحراسة في بحمدون، ويتحدث عن اللجان التي كانت تشكلت في عالية وغيرها، يقول في الصفحة 113:
" توطّدت علاقات مصالحة وتصافٍ وهدنة ما بين عالية وبين عين الرمانة والضاحية والقماطية، إلى سوق الغرب وبحمدون وكل القضاء. وفُتحت مفاوضات اجتماعية وأهلية وتبادل خدمات تتعلق بالمهجرين والمنازل والأثاث...
اجتمعنا مرة مع لجنة من عين الرمانة والمنطقة لتبادل خدمات. وكان سعد معي لنطالب بمفروشات بيت سعد في عين الرمانة طالما العودة الآن، ولوقت غير معروف، مستحيلة أو مؤجلة.
تصعّب الحوار والمقايضة، لمئة سبب. وكنت أوصيت سعد بالصمت، وعدم فتح جدال يتعدّى الفرش. فلما ثبت استحالة المداكشة تحت مطلق صيغة، تكلم سعد وقد كاد يطق. قال لمندوب الكتائب: البيت خذوه!! الفرش خذوه!! ولكن لي غرضاً وحيداً أريد أن أستعيده.
الجميع ظنّوا أنه مال أو جواهر أو صيغة مدفونة في البيت ويودّ سعد استرجاعه. سأله الكتائبي:
- وما هو؟ أجابه سعد:
- فوق الباب، حفرت حفرة صغيرة جداً وطيّنتها بالجفصين بعد أن أودعت فيها بطاقتي الحزبية في الحزب السوري القومي الاجتماعي، ولكنها موقّعة من قبل الزعيم سعاده. خذوا كل ما في البيت وإنما أعطوني البطاقة. أنا أنزل بحمايتكم وأحفر الحفرة وآخذها وحدها لا غير.
العجب أن الكتائبي أُعجب بسعد ضاهر موسى الياس خيرالله، العضو في الحزب السوري القومي الاجتماعي، فوعده بأن يجلب له البطاقة في الاجتماع القادم. وبالفعل جلب له البطاقة ولكن أبلغه أنه صوّرها لأن عليها توقيع الزعيم، واحتفظ بالصورة.
ليتني أعرف اليوم (2005) من هو هذا الكتائبي وهل عنده الصورة.
سعد ظلّ محتفظاً بالبطاقة (المقدّسة) حتى زلزلة بحمدون والغزو المصاحب. لقد ضاعت البطاقة الأصلية، وظل سعد متأسفاً عليها حتى مماته في 14/10/2002 .
*
بتاريخ 13 أيلول 2007 وضمن نشرة عبر الحدود التي كانت تصدر عن العمدة أوردتُ عن الرفيق سعد خير الله، تحت عنوان "نتذكر باعتزاز" التالي:
" الرفيق سعد ضاهر خيرالله الذي وافته المنية في 14 تشرين أول عام 2002 هو من أوائل رفقائنا في بحمدون، ومن مؤسسي العمل الحزبي فيها. تأثر الرفيق سعد وهو عضو في نادٍ اجتماعي في بحمدون بالمحاضرات التي كان يلقيها في النادي كل من الرفيق غسان التويني، وكان مندوباً مركزياً في جرد الغرب، مأمون اياس، نعمة ثابت وغيرهم، فكان أن انتمى عام 1943 على يد غسان تويني الذي ترأس جلسة القسم. بعد انتمائه، تولى مسؤولية مدير مديرية بحمدون في الفترة 1946 – 1949 ثم مسؤولية منفذ عام جرد الغرب في العامين 1951 – 1952.
قبل الرفيق سعد كان انتمى الرفقاء عزيز ثابت، فيليب مجاعص، عزيز مجاعص(2)، وعادل عبد النور، إلا أن انتماءهم تمّ خارج بحمدون، كذلك نشاطهم الحزبي.
شُيّع الرفيق سعد في بلدته بحمدون في 16/10 بحضور حشد من أهالي البلدة، والقوميين الاجتماعيين فيها، ومن مديريتي مجدلبعنا وشانيه. بعد القداس ألقى الأمين شوقي خيرالله كلمة باسم مديرية بحمدون عدد فيها مزايا الراحل، وما تمتع به من صدق الإنتماء ومن نشاط حزبي، كما تحدث عن تعلّق الرفيق سعد بالأرض وحبه للزراعة الذي لم يتوقف، بالرغم من أنه كان موظفاً ناجحاً في مؤسسة ميشال أندراوس ثم مديراً لها.
• وُلد الرفيق سعد ضاهر خيرالله في بحمدون – البلدة عام 1919.
• والدته بربارة جريس خيرالله.
• اقترن من السيدة عدلا متى، ورُزق منها ثلاثة أولاد: لبيب، أنطون وسامية.
• استمر الرفيق سعد على التزامه الحزبي حتى آخر لحظة من حياته.
هوامش
(1) قطن طرابلس وفيها تولّى مسؤولية منفذ عام. والد الرفيقة نداء حافظ الصايغ.
*
بحمدون والرفيق سعد ضاهر خير الله بقلم الأمين شوقي خيرالله
في مؤلفه "سراديب النور" يفيد الامين شوقي خيرالله في الصفحات 159-161 انه هو الذي ادخل الرفيق سعد خيرالله الى الحزب، وان رفقاء آخرين كانوا انتموا في بحمدون، وبيروت.
" سعد ضاهر موسى الياس بو فشخة خير الله عضو في الحزب منذ 1944. أنا أدخلته في الحزب وقسّمته اليمين مع جوزف شكري متى وعفيف خليل الهبر، ثم من بعدهم دخّلنا حفيظ قبلان عبد النور، وكان قد دخل في بيروت جان بو عبلا ثابت. ثم ادخلنا جبرايل مشرق الحداد وجرجي نجيب حسان متى والياس يارد. ثم أقسم عزيز جبران مجاعص الذي أصبح صهري زوج أختي ندى. ثم نمر الهاشم وفهد الهاشم من بطلون. ثم ادخلت جبرايل مشرق الحداد.
" هذا الرفّ من قوميي بحمدون هم الرفّ الثاني بعد الأول الذي كان دخل في الثلاثينات. أذكر منهم أولاً عزيز يوسف صخر ثابت الذي هو أول منفذ عام في بيروت منذ الحقبة السرية حتى بعد انكشاف أمر الحزب. ودخل في أثره أخوه عبدالله صخر ثابت، وفاضل خليل متى، وفريد مراد متى وعادل جبرايل عبد النور وفيليب سعيد مجاعص. ولكن هذا الرف الأول الطليعي همد عمله ونشاطه منذ بداية الحرب العالمية الثانية.
" فلما دخلتُ أنا في أواخر 1942 كانت بحمدون خلواً من أي نشاط قومي فيما كانت تعجّ بالشيوعيين من الأرثوذكس في أغلبيتهم وقلة من الموارنة. الأولون كانوا انتموا بدافع عصبية ارثوذكسية للمسكوب والقياصرة وذكريات الحماية الروسية، والثانون اتباعاً للرفيق انطون ثابت الذي كان عضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، وهو ماروني المذهب.
" سعد ضاهر خير الله نموذج فذ في الأخلاق والتصرف والوفاء والصدق وغرابة الأطوار وطهارة الحياة. لا أعرف بحمدونياً واحداً أم غير بحمدوني يكره أو يبغض أو يمكنه أن يخدش سعد ضاهر خيرالله. قصصه في مديرية بحمدون وطريقة إيمانه وأساليب شروحه متعة للسمع والنظر معاً لأنه ممثل مسرحي شّيق وموهوب. وما كان من معنى ولا نكهة لمسرحية أم لحفلة أم لعلفة أم عرس أم عيد ليس سعد فيه مسرغساً مشبّراً مغنياً ما ليس يسمعه أحد أم خطيباً محباً ودوداً أخاً للجميع.
" سعد ضاهر عضو في الحزب منذ قبل عودة الزعيم العام 1947. وقد تعرّف سعد والمديرية جميعاً على الزعيم في بيتنا يوم أقام الحزب جناز الأربعين للرفيق جوزف شكري متى(1) وخطب الزعيم في الكنيسة ثم استراح في بيتنا. فسلّم عليه الناس وتقدمت اليه المديرية فرداً فرداً كما سبق ووصفت في مذكراتي وحصل يومها ما حصل مع الرفيق جبرايل حداد. بعد خروجهم من الصالون الذي كان الزعيم فيه، استلم سعد والمديرية جبرايل مشرق الحداد وقطّعوا وقتاً كثيراً ومراراً كثيرة في تكرار ما حصل وكيف حدثت القصة. الأمين نواف حردان شاهد حصولها لأنه كان آنذاك استاذاً في مدرسة بحمدون الرسمية وكان ينشط اذاعياً وإدارياً عبر المديرية.
" سعد يستاهل كراسة تامة أو فصلاً طويلاً وبخاصة معاشقه النظرية واطلاعه على الموسيقى الغربية واقتناءه لمكتبة مطالعة وسماع محترمة، وثم غزواته على الكروم والبساتين ليلاً نهاراً، وشمه شماً للعفارات الباقية. وينبغي أن نذكر أنه ابن بيت فلاحي زراعي شبعان وأنه صاحب يد خضراء في تطعيم كرم وعريشة وبستان، وأنه سيد من شال عرقاً في الخمارة. إنه واحد من زمرة خبراء نادري المثال مع لبيب صليبي وشفيق زيادة خير الله وأديب موسى خير الله (ابن عم سعد) وضاهر مراد متى و توفيق خليل جبور عبد النور وغيرهم. وصية سعد إذا مات قبلنا أن ندق له السمفونيا السابعة لبتهوفن وأن ندفنه على صداحها في الخسف، في رزقاته، وليس في مقابر البلدة. يقول: "الخسف أشرح تحت الزيتونات والنجاصات والتينات. اذا بتحبوني نزلوني لتحت!!" المؤسف أن الخسف والمقبرة العامة وبيت سعد ومكتبته وكل بحمدون أصابها زلزال الفتنة الصهيونية وصارت قاعاً بلقعاً وأعجاز نخل خاوية. ولم يبق في الحيارة تين ولا زيتون ولا نجاص ولا شجرة برية.
" كان سعد قبل اندلاع الفتنة يشتغل في مؤسسة ميشال اندراوس للأكسسوار في بيروت وأصبح تاج المحل وقيدوم العمل والتنظيم الدقيق والادارة الجيدة والناجحة برغم شبه أميّته. وكان يسكن شقة في عين الرمانة مع عيلته. فلما جنّ لبنان وحلّ الغضب هجر سعد عين الرمانة ولجأ الى مرقد عنزته بحمدون وساهم فيها بجميع ما يقي البلدة والجيرة من امتداد الفتنة. واحتل المحتلون بيته في عين الرمانة. فكان يصيبه حزن عميق بين حين وآخر وعبقات غضب. فحسبنا جميعاً أن ذلك من أثر الاحتقان العام المتفشي في لبنان وبسبب توقف الأعمال وصعوبة المعاش "مثلنا جميعاً" ولكنه مرة بقّ البحصة العصية فقال لي: احتلوا البيت في عين الرمانة!! فليحتلوه!. واخذوا الفرش؟ ياخذوه، بس! بدي من البيت شغلة وحيدة.
- ما هي يا سعد؟ لعلي أتوسط حتى مع الكتائب والأحرار وحراس الأرز وكل الفئات الموجودين في عين الرمانة والشرقية؟!
- قال: عندي البطاقة الحزبية موقعة بيد الزعيم وخطه. بدي ياها وليأخذوا كل شيء!!
وجمتُ مكبراً محباً، وخائفاً من عجزي عن هذه الوساطة المستحيلة، فقلت له:
- بل أظنهم إذا كانوا وجدوا البطاقة وعرفوا بالتوقيع لمن هو، فإما أحرقوها ونتفوها وإما استولى عليها مثقف منهم فاحتفظ بها. واحسب إذاك أنهم مستعدون لإعطائك جميع عفش البيت ما عدا البطاقة. وعسى ألا يكون جاهل قد وجدها وعرفها إذن لقد أحرقوا بيتك من الباب للمحراب. وحتى كتابة هذا الكتاب راح البيت في عين الرمانة ومعه العفش والنفش، ولم يبين أثر للبطاقة الحزبية. وصار سعد مهجراً في بيروت وضواحيها، وإذا ذكر البطاقة دمّع وهو في الخامسة والسبعين. وتحيا سورية.
هوامش
(1) جوزف متى: نعمل على جمع معلومات عن الرفيق المذكور، الذي يرد اسمه: جوزف بحمدوني، في امكنة اخرى.
*
بحمدون بقلم الأمين السابق جميل مخلوف
مؤخراً وكنت اطالع مؤلفه "محطات قومية" قرأت للامين السابق جميل مخلوف ما أورده عن بحمدون في الصفحة 195 وكان اقام فيها، ودرّس في المعهد العربي للاستاذ خليل خيرالله ومركزها بحمدون الضيعة(1).
الى بحمدون الضيعة والتدريس في المعهد العربي فيها:
فور الانتهاء من تصفية المزرعة قصدت بلدة بحمدون الضيعة حيث قابلت الأستاذ خليل خيرالله لأعود فأعمل في مدرسته من جديد .
رحّب بي ملبياً طلبي قائلاً لي: إنك في عملك الحزبي متمرن على رعاية الشباب وأنه سيسند لي وظيفة مراقبة طلاب القسم الداخلي في معهده.
اعتذرت عن تلبية الطلب بقولي له ان العمل الذي يطلبه مني ... عليّ تحقيقه لأن اولادي صغار يحتاجون للرعاية والعمل الذي يطلبه يقتضي ان أنام مع الطلبة في المعهد وهذا امر لا يمكن ان أقدم عليه وعائلتي في غربة ليس عن الوطن، فلبنان نعتبره وطننا، ولكن الغربة عن الاهل. اقتنع بوجهة النظر التي أبديتها فأعفاني من تلبية طلبه وعرض علي عملاً يتم في النهار في المعهد وهو نظارة القاعة.
الانتقال من المنصورية الى بحمدون الضيعة وقيامي بنظارة القاعة في المعهد العربي:
نقلت عائلتي لبحمدون الضيعة وكنت قد استأجرت بيتاً فيها بمعونة الرفيق (إبراهيم خيرالله) وأدخلت بناتي الثلاث في القسم الابتدائي التابع للمعهد العربي.
ابتدأ عملي في المعهد وكان محدداً، وهو مرابطتي في قاعة المطالعة في المعهد لاستقبل الطلاب الذين كان عندهم فراغ لأن رفاقهم يتابعون دراستهم في لغة ثانية. إذا كان طلاب شعبة الفرنسي عندهم درس في تلك اللغة على طلاب شعبة اللغة الإنكليزية ان يتواجدوا في قاعة المطالعة. كانت مهمتي ان اضبط النظام في تلك القاعة ولا اسمح لأي طالب ان يقوم بما يزعج رفاقه لتكون المذاكرة جدية وسليمة. كانت تلك المسؤولية محددة. بقيت فترة من الزمن أقوم بهذا العمل الى ان أصيب الأستاذ (نمر طراد) الناظر العام للمدرسة بمرض ارتفاع ضغط الدم. اخطره طبيب القلب الاخصائي بأنه يجب عليه ان يغادر فوراً نظراً لارتفاعها عن سطح البحر كان لا بد التحاقي بالتدريس في مدرسة يملكها (خليل خير الله) ومركزها بحمدون الضيعة.
قابلت صاحب المدرسة الأستاذ خليل خير الله وطلبت منه ان اعمل في مدرسته وانا المجاز في التربية وخريج دار المعلمين في اللاذقية فقبل طلبي وعينني معلماً في فرع الحلقة الابتدائية ومكانها في "بحمدون الضيعة" المعهد الأساسي الذي أنشيء في "بحمدون المحطة". وكان الفرع في كنيسة للطائفية الإنجيلية احتفظت بصفتها الدينية فبقي فيها أرغن. كان يقوم بالتعليم معي رفيق قومي من "مرجعيون" وكان يدعى جورج حداد وآنسات من بحمدون، كنت أقوم بالتدريس، وبعد انتهاء الدوام، كنت أقوم بجولات إذاعية في القرى المجاورة لـ"بحمدون" في "شانيه" و"مجدلبعنا" و"المنصورية" و"بتاتر" ثم أخذت تمتد تلك الجولات فشملت قرى أخرى من قرى منفذية الغرب.
*
عن اقامتي في بحمدون الضيعة
مناخ بحمدون الجاف ابرأ زوجتي من مرض الحساسية، ولقد زالت نوبات ذلك المرض عنها لكنها كانت تعود بصورة خفيفة في فترات متقطعة من السنة عندما يلف الضباب القرية. انسجمت انسجاماً مع رفقاء بحمدون وكان مدير المديرية فيها (توفيق أبي خالد) كان طالب كلية الصيدلة في الجامعة اليسوعية وكان يداوم في كليته ويبيت في بيته في بحمدون وكان موضع احترام من جميع رفقاء بحمدون واصدقائهم. بعد تخرّجه اقام في طرابلس وفتح صيدلية فيها وبعد تقاعده وتركه العمل في الصيدلية بنى بيتاً في "بحمدون الضيعة" ليقيم فيه في فصل الصيف.
لقد استطاع رفقاء بحمدون ان ينشؤا علاقات حميمة مع مواطنيهم. اصبح لهم جو خاص. كان أصدقاء الرفقاء الذين اندمجت في حياتهم يحسبون انفسهم قوميين. إن تلك الإقامة في بحمدون الضيعة جملتها وحسنتها العلاقة المميّزة التي ربطتنا بإبراهيم خيرالله وأخيه أنطون وبالأخص الارتباط الوثيق الذي تمّ بين زوجتي وأم إبراهيم خيرالله (السيدة الجليلة الكسندرا أبو رجيلي) اذ كان لأم إبراهيم ثلاث بنات هنّ: حياة وآمال وأميرة، وكانت تعتبر زوجتي الابنة الرابعة. إن زوجتي تعترف حتى الآن انها مدينة لها لأنها ساعدتها على حسن تدبر وفهم في تربية الأولاد ورعايتهم وإدارة شؤون البيت وحسن الصلات بالناس وعلاقتها بهذه السيدة العظيمة.
هوامش:
(1) يورد المؤلف في الصفحة 144، التالي:
وهو يتحدث عن تلك المرحلة في عدد من الصفحات. يمكن للجنة احالتها الى الرفيق الذي يرغب في الكتابة عن تاريخ الحزب في بلدة "بحمدون" .
*
الرفيق انطون خيرالله
احد سنديانات العمل الحزبي في بحمدون
في الخمسينات كنت اتردد كثيراً الى بحمدون (المحطة والضيعة) حيث فيها كانت تصطاف عائلات كثيرة من منطقة المصيطبة، ومنهم صهري الرفيق ميشال صباغة.
في تلك الفترة تعرفت على الرفيق انطون خيرالله، ثم على شقيقه الرفيق ابراهيم، وتباعاً على رفقاء عديدين، من بينهم حضرة الامين المحامي ميشال نعمة، الرفيق ريمون عبد النور، الرفيق سعد خيرالله، ثم الامين شوقي خيرالله بعد ان خرج من السجن، وعلى الرفيق نبيل خيرالله (المعروف بـ البرنس) بعدما استقر في المصيطبة، على الرفيق الشهيد جورج ثابت، على الامين خليل خيرالله عندما كان يتابع دراسته الجامعية فيتردد الى مكتب مديرية المصيطبة الذي كان يشهد تدفق العدد الكبير من الرفقاء والمواطنين، وتعرفت ايضاً على شقيقه الرفيق المهندس نبيل خيرالله الذي كان يتابع تخصصه الجامعي في روسيا، وكنت قد توليت مسؤولية رئيس ( فعميد) لشؤون عبر الحدود.
على مدى تلك السنوات توطدت علاقتي مع عدد كبير من رفقاء بحمدون، أضيف إليهم رفقاء كانوا غادروا للعمل في البلاد العربية.
وعندما بدأت اهتمامي بموضوع تاريخ الحزب كان للرفيق د. ميشال خيرالله دوره اللافت واهتمامه بتدوين معلومات من رفقاء اوائل في بحمدون، بدءاً من الرفيق سعد خيرالله.
الرفيق انطون خيرالله كان طوال هذه الفترة مجلّيا في حضوره الحزبي، مسؤوليات ونشاطاً، متمتعاً بأخلاق النهضة ومجسداً فضائلها في تعاطيه مع محيطه.
الا ان ما لا يعرفه رفقاء "بحمدون" عن الرفيق انطون هو دوره في "مدرسة الثلاثة اقمار" في الاشرفية التي كان فيها ناظراً عاماً. ولاني كنت شاهداً على دوره هذا، اكتب عنه:
في النصف الثاني من الستينات وكنت اتولى مسؤولية رئيس مكتب الطلبة، كان يتصل بي الرفيق انطون مع نهاية كل صيف بتوصية من الارشمندريت غريغوريوس صليبي الذي كان يتولى ادارة المدرسة، ليطلب مني رفقاء او اصدقاء تخرجوا او هم في السنوات الاخيرة من اجل التدريس في المدرسة(1).
وكنت في كل نهاية صيف، اختار من يتناسب مع حاجات المدرسة. اذكر من المدرّسين الذين تمّ اختيارهم الرفيق جان نادر(2)، والمواطن الصديق ايلي مجدلاني(3).
ولم يكن الرفيق انطون يحصر اهتمامه بهذه الناحية انما كان يقدم كل العون للعمل القومي الاجتماعي في "الثلاثة اقمار" التي شهدت مع مدارس عديدة اخرى في الاشرفية، لعل ابرزها "مدرسة البشارة الارثوذكسية" وفي مناطق عديدة اخرى، حضوراً حزبياً جيداً(4).
تلك اضاءة متواضعة عن الرفيق المتفاني الصادق والمحب، انطون خيرالله. ندعو من عرفه في "بحمدون" وفي "الثلاثة اقمار" ان يضيفوا ما يعرفونه .
هوامش:
(1) ليس امراً سهلاً ان يحصل ذلك في ستينات القرن الماضي، عندما كان "المكتب الثاني" يحصي انفاس القوميين الاجتماعيين. يلاحقهم، ويضغط عليهم.
(2) جان نادر: شقيق الامين كمال نادر.
(3) ايلي مجدلاني: الشقيق الاكبر للرفيقين د. غندور وعادل.
(4) اوردنا في كثير من النبذات عن النشاط الحزبي الذي حصل في الستينات، في عدد من الثانويات. منها، على سبيل المثال: "ثانوية الارز النموذجية" في عاليه (الرفيق انيس ابو رافع)، "مدرسة الحدث العالية" التي عرفت باسم صاحبها الرفيق حبيب حبيب، "مدرسة التنشئة الوطنية" (الرفيق اياد موصللي)، "مدرسة الاتحاد" في عاليه (الامين ميشال الياس)، "ثانوية "فينيقيا" في ديك المحدي (الرفيق منير تبشراني).
لا يمكن ان انسى مشهد الموسيقار الرفيق توفيق الباشا والأمين المحامي ميشال نعمة جالسين يومياً، تقريباً، مع رفقاء واصدقاء امام محل الرفيق ابراهيم خيرالله (شقيق الرفيق انطون) في بحمدون الضيعة.
*
تشييع الرفيق نبيل لطف الله خير الله (البرنس)
شيعت منفذية الغرب في الحزب واهالي بلدة بحمدون، الرفيق المناضل نبيل لطف الله خير الله (المعروف بالبرنس)
وسط حزن شديد لما كان يعرفه القوميون الاجتماعيون عن نضاله القومي الاجتماعي، منذ انتمائه إلى الحزب، خاصة في فترة الاجتياح "الإسرائيلي" للبنان، تلك التي نأمل من عارفيه أن يسجلوها وفاءً لنضاله المميز ومواقفه الثابتة الجريئة.
تمثل مركز الحزب بحضرة نائب رئيس الحزب الأمين توفيق مهنا وعميد شؤون عبر الحدود الأمين لبيب ناصيف، كما حضر منفذ عام الغرب الأمين أكرم سري الدين، والأمينان ميشال نعمة وحسام عسراوي، مع حشد كبير من رفقاء منفذية الغرب.
القى متروبوليت جبل لبنان كلمة بليغة تحدث فيها عن مآثر الرفيق الراحل ومزاياه.
تقبلت زوجته السيدة هدى سلوم السباك وشقيقه الأستاذ في القانون الدكتور داوود خير الله وعقيلته التعازي في صالون كنيسة القديس مار جاورجيوس في بحمدون الضيعة.
نأمل من حضرة الأمين الدكتور خليل خيرالله ان يضيف الى المعلومات أعلاه،
كما ندعو جميع رفقائنا الذين كانوا درسوا او درّسوا في الثانويات والمعاهد في ستينات القرن الماضي ان يقدموا للجنة تاريخ الحزب ما لديهم من معلومات.
*
ملاحظة: لقد عرفت من أبناء مدينة بحمدون الرفيق جان وازن الذي انتمى في مدينة سان باولو على يد الأمين
نواف حردان. كان تاجرا معروفا في الوسط التجاري ويملك دارة جميلة كنا فيها نعقد الاجتماعات
والمناسبات الحزبية. تولى لفترة مسؤولية محصل مديرية سان باولو. الا اننا خسرناه حزبيا اثر سقوط
والديه المسنين في الحرب القذرة في منطقة الغرب. حاولنا كثيرا معالجته فلم نفلح.
|