لم اعد اذكر كم هو عدد المؤتمرات الحزبية التي حضرتها منذ مؤتمر ملكارت، انما اذكر تماما مشاعر الخيبة والحزن التي ترافقني مع كل مؤتمر.
في احد المؤتمرات وزعت الى الأمناء والرفقاء الحضور الكلمة التالية لعلها تُقرأ، وتبقى
*
نرتفع كلنا ان عدنا الى سعادة،
ونهبط كلنا كلما ابتعدنا عنه، في النهج والتطبيق والمثالية والمناقب.
منذ عام 1969 وانا شخصياً أشارك في مؤتمرات الحزب وفي معظم مجالسه، واتولى المسؤوليات وارافق رؤوساء الحزب وأطلّع على الكثير.
اذا نحن عدنا الى مئات الدراسات التي قدمت الى المؤتمرات العامة او النوعية، لوجدناها تصلح مادة حوارية لعشرات الأحزاب.
واذا عدنا الى الخطط والبرامج، وسجلنا أسماء الأمناء والرفقاء الذين تعاقبوا على المسؤوليات في هيئات المجلس الأعلى، وفي المركز، لوجدنا ايضاً انها تكفي عشرات الأحزاب.
ليستذكر كل منا كم رئيس توالى على رئاسة الحزب؟ كم مجلس أعلى؟ كم مجلس عمد؟ كم خطة وكم مؤتمر وكم... ومع ذلك اين نحن؟ ونسأل لماذا نحن كما نحن!؟!
في كلامي لا أطال مجلساً ولا رئيساً ولا عميداً.
أطال حالة الحزب بعد استشهاد سعادة.
ترى هل نحن حزب سعاده؟ هل نحن أداة جيدة لنهضة يجب ان تنتصر؟.
هل نحن فعلاً مؤمنون بانتصارها! هل نحن فعلاً نقرأ غاية الحزب، ونقرأ واقعنا! هل نحن فعلاً الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي غايته ان يوحد الأمة؟، لا نفسه، وان ينهض بها، لا بمنافع افراده، هل نحن فعلاً جديرون بحمل عبء النهوض بالمجتمع، وبتقدمه؟! بحمل حزبنا لخطة نظامية تتصدى وتواجه خطة تطال تاريخنا وحاضرنا ومصيرنا؟
بكلمة بسيطة، هل نحن منكبون على بناء حزب قادر ونام ومتحرك؟ ليس من ناحية انتشاره فقط انما من ناحية نفسية الالتزام النهضوي، في القيم والمناقب والقدوة.
هل فشلنا؟
اذن فلنتصارح ولنفك اسر الرفقاء والابناء ونعلن اننا عاجزون.
هل ان فكر سعادة قد ثبت بطلانه!؟ اذن، لماذا نصارع ونجهد ونضحي ونقدم شهداء، ونحمل آلام الصراع.
هل بتنا نتسلى في المركز وفي الفروع وقد غاب املنا بالانتصار، وبات عملنا حالة استمرارية لعلاقات اجتماعية تضمنا مع رفقاء، اخمدت هذا الوهج في اعماقنا الذي يجب ان يبقى خفاقاً في صدر كل ثائر وكل نهضوي وكل طامح لان يحمل أعباء حزب آل على نفسه ان يحقق الكثير.
فليَعُد كل منا الى نفسه ويسأل، لينظر كل منا بصدق الى محيطه الحزبي ويسأل، ليدقق كل منا في ما آل إليه حزب سعادة، ويسأل.
غرضي ان يسأل كل منا نفسه اولاً، ويتساءل أي حزب يريد، وبالتالي ما المطلوب للوصول الى هذا الحزب: القادر مادياً، المعافى نفسياً، التائق الى الأفضل.
وأسأل: هل الامراض فتكت في حزبنا. هل نحن اصحّاء كفاية لنحقق عملية النهوض. هل علاقة الرفقاء بالرفقاء هي في مستوى القسم وقدسية الانتماء. هل النظامية متوفرة. هل المناقب تشع. هل ما جهد سعادة الى تثبيته في حزبنا، من معاني القدوة والترفع واخلاق النهضة ما زال فاعلاً في الوحدات الحزبية، وفي حياتنا التي نريدها جديدة.
اذا كان الجواب لدى كل منا ايجابياً، فجيّد ان نستمر كما نحن عليه. واذا وجدنا ان هناك بون شاسع بين واقعنا وبين ما يجب ان نكون، فلنسأل ماذا فعلنا؟ وماذا نفعل؟ ما دمنا مؤتمنين على نهضة يجب ان تبقى نابضة في القلوب والعقول.
أتكلم بلغة نكاد ننساها واشير الى مسؤولية تغيب عن اذهاننا يوماً بعد يوم.
اقتراحي،
يجب ان تُشكل في القريب لجنة مهمتها استقصاء واقع الحزب. تتعرف الى نسيجه، حضوره، مشاكله، امراضه، تسأل الأمين والمسؤول والرفيق حيثما تريد. تعدّ ملفاً وتعرضه على مؤتمر نوعي يشكل وقفة مع الذات، ويطرح موضوعاً واحداً، أي حزب سوري قومي اجتماعي هو، بعد استشهاد سعادة؟!
أنستمر كما نحن وقد رأينا ان ما نقوم به هو تجسيد لكل ما رمى إليه سعادة من تأسيسه لحزبه!
وإما ان نتدارس في مؤتمر نوعي كل شيء، وصولاً الى استعادة الحزب الى سعادة قبل مزيد من الانهيار.
وإلا سنظل نشهد مؤتمراً، ومجلس أعلى جديد، وبالتالي رئيساً وعمداً وخطة وزيارات وجولات، وجهد كثير، فالى مؤتمر ومجلس أعلى ورئيس وخطة...
وتهبط الدمعات.
*
ما أحوجنا اليوم إلى أنطون سعادة
الأمين د. ادمون ملحم
ولّدَ النظامُ السياسيُّ في لبنان، منذُ نشأته وحتى يومِنا هذا، كوارِثَ ومآسٍ عديدةً عانى ولا زال يعاني منها اللبنانيون، كما نتجَ عنه أزماتٌ ومشكلاتٌ متفاقمةٌ ومزمنةٌ تهددُ وجودَ هذا الكيانِ ومستقبلَه. وفي طليعةِ هذه المشكلاتِ تبرزُ الطائفية - هذا المرضُ السرطانيُّ القاتلُ الذي ينخُرُ في بُنى المجتمعِ ويعطِّلُ وَحْدَتَه، والذي يُعشعِشُ في عقولِ البعضِ من أبناءِ شعبِنا في لبنان ويدفَعُهُم إلى التعصبِ والحقدِ والانعزالِ والتقوقع، وإلى الانخراطِ في نزاعاتٍ سياسيةٍ وحروبٍ مدمِّرةٍ تُمارَسُ خلالَها العنصرية وتُرتكب المجازر الطائفية البشعة. ومع داءِ الطائفيةِ تبرُزُ مشكلةُ الفسادِ المستشري على كلِّ المستوياتِ وبكلِ أنواعِهِ وأشكالِه ومظاهرِهْ، متجلياً بأبشعِ صُوَرِهِ في المحاصصةِ الطائفيةِ ونهبِ خزينةِ الدولةِ وسَرِقَةِ المالِ العامِ والهدرِ والصفقاتِ المشبوهةِ والمافياتِ وغيرِها من الأفعالِ المشينةِ التي يقومُ بها الحكامُ الفاسدونَ النفعيونَ والمحمِيّونَ بالقانونِ والمرجعياتِ الدينية.
لن نطيلَ الحديثَ عن لبنانِ الديمقراطيةِ الكاذبة ولبنانِ المزرعةِ المسيَّجةِ بأسوارِ الطائفيةِ والإقطاعيةِ والإنعزالية، والمحروسةِ بشياطينِ الفسادِ والإفسادِ الذين يستبيحون البلادَ بجرائمِهِم، بل نكتفي بالقولِ إننا، كحزبٍ سوريٍ قوميٍ اجتماعي، لنا نظرتُنا لهذا الكيانِ ولميثاقِهِ الطائفيّ ولنظامِه الفاسدِ ولدولتِهِ التي تأسّست على الحزبيةِ الدينيةِ المجرمة.
يقول سعاده: "إنّ لبنانَ يَهْلِكُ بالحزبيةِ الدينيةِ ويحيا بالإخاءِ القومي". وهذا ما أثبتته الحربُ الأهليةُ في لبنانَ وما تلاها من أحداثٍ ونزاعات.
لقد أثبتَ القوميونَ الاجتماعيون بوقفاتِهم المشرِّفةِ خلالَ مراحلَ ومحطاتٍ عديدةٍ من تاريخِ هذا الكيان، صِدْقَ قولِ سعاده "إنّ القوميين الاجتماعيين اللبنانيين هم أشدُ الناسِ حِرصاً على لبنان.."، لأنهم أثبتوا بالفعلِ حِرصَهُم على هذا الكيان الذي أرادوه معقلاً للفكرِ الحرِ والإبداعِ ونطاقَ ضمانٍ للإشعاعِ الفكريِّ وانطلاقِه. فلقد عانوا من الاضطهادِ والسجونِ وبذلوا النفيسَ وقدّموا الدماءَ في سبيلِ خيرِ أبناءِ شعبِنا في لبنان ودفاعاً عن سيادةِ هذا الكيانِ واستقلالِهِ وحمايتِه من كل من تربّصَ به من أعداءَ وطامعين.
والسؤالُ الذي يطرحُ نفسَهُ هو: ما هي إمكانيةُ التغييرِ لما هو قائمٌ في لبنان؟ هل يحصلُ التغييرُ بالحوارِ أو عبرَ الانتخاباتِ أو بحراكٍ شعبيٍ أو ثورةٍ شعبية؟
نحن حزبُ عقيدةٍ وإصلاح، ونرى أن الأملَ بالتغييرِ هو في إجراءِ إصلاحاتٍ فعليةٍ جذرية، وفي اعتمادِ قوانينَ عصريةٍ وتشريعاتٍ مدنيةٍ تُنقِذُ لبنانَ من الفوضى والـخراب، وتكفلُ حقوقَ المواطنين. والإصلاحُ الفعليُ لا يكونُ في النصوصِ والقوانينِ فقط بل يأتي نتيجةَ عقيدةٍ صحيحةٍ موّحِدةٍ للشعب "تنشئ جيلاً جديداً ونظاماً جديداً وجمالاً جديداً".
إن مبادئَنا الإصلاحيةَ القائمةَ على دعائمِ المناقبِ والأخلاقِ هي الإصلاحُ الحقيقيُ الذي يؤسسُ لبناءِ الدولةِ الديمقراطيةِ الحديثةِ على قواعدَ صلبةٍ وعلى مبدأ الديمقراطيةِ الصحيحة. وهذا يستوجبُ اعتمادَ قانونٍ انتخابي عصريٍ يعتمدُ لبنانَ دائرةً واحدةً على قاعدةِ النسبيةِ ويأتي بممثلينَ حقيقيين يعبّرونَ عن إرادةِ أبناءِ شعبِنا في لبنان، ويحققونَ مطامحَهم. كما يستوجبُ اعتمادَ تشريعٍ وقضاءٍ مدنيين يتساوى امامهُما جميعُ المواطنينَ في أحوالِهِم الشخصيةِ وحقوقِهِم العامة.
المطلوب هو الإصلاح الحقيقي الذي يأتي بالأُسسَ الواضحةَ لبناءِ الدولةِ الديمقراطيةِ ويقود إلى توحيد الشعبَ على أساسِ الإنتماءِ لمجتمعٍ واحدٍ.. وإحدى أدوات التغيير هي إيجادِ المؤسساتِ اللاطائفيةِ التي تُربّي الأجيالَ الصاعدةَ وترعاها فتغرسُ فيها قيم الأخاءِ القوميِّ والولاءِ للوطنِ والدفاعِ عنه.
ما نحتاج إليه هو حركةَ نهوضٍ للمجتمعِ بِأكملِه.. حركة تعلن الحرب على الفسادِ والفوضى والغشِ والحزبياتِ الدينيةِ والتشكيلاتِ السياسيةِ القائمةِ على القضايا الخصوصيةِ الفاسدةِ والعقائدِ الزائفةِ والمبادىءِ اللاقوميةِ المُنتحَلَةِ وعلى خدمةِ المصالحِ الأجنبيةِ المرتبطةِ بها...
ما أحوجنا اليوم إلى رجال الإصلاح الحقيقي.. إلى المصلحين بالأفكار الصالحة وبالأعمال البناءة.
ما أحوجنا اليوم إلى المصلحين الصادقين الذين يسعون بأفكارهم الصالحة لخير المجتمع ورفاهيته وتقدمه..
ما أحوجنا اليوم إلى عقيدة الإنقاذ التي جاء بها رائد الإصلاح الإجتماعي والسياسي والإقتصادي الذي أطلق حركة إصلاحية فعلية سعت إلى تطهير المجتمع من الفساد والفوضى والمثالب وأرست أسس الدولة العصرية الديمقراطية العلمانية.
ما أحوجنا اليوم إلى أنطون سعاده.
*
تاريخ الحزب يتضمن
- نشوءه في المناطق منذ التأسيس.
- الاحداث الكبيرة التي واجهها.
- سير شهدائه منذ العام 1936
- رموزه النضالية في الوطن وعبر الحدود.
- المواضيع الكثيرة التي تندرج ضمن نشاط الحزب.
تدوين تلك المعلومات، من مسؤوليتك ايضاً،
فتاريخ الحزب هو لك، لكل الحزب، ولكل أجياله.
|