إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الأمين ساسين حنا ساسين الجندي المجهول

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2022-09-25

إقرأ ايضاً


لعل العنوان أعلاه ينطبق على الأمين ساسين حنا ساسين، الذي يكاد لم يسمع به معظم القوميين الاجتماعيين،.

إنما كان أحد الأمناء العظيمي الإيمان بالحزب، وكان من أوائل الذين توجهوا عبر الحدود عام 1936 مؤسساً الفرع الحزبي الثالث بعد المكسيك الذي وصلها الأمين عساف أبو مراد، وشاطئ الذهب (غانا اليوم) الذي غادر إليها الرفيق رفيق الحلبي (وبعد ذلك كان انتماء الرفقاء أمين الأشقر، شاهين شاهين، نسيب عازار وأسد الأشقر).

ومنذ ذلك الحين والأمين ساسين حنا ساسين الرفيق الأمين، الملبي كل حين، السخي دائماً، والقدوة المشع في محيطه.

فمن هو ؟

من قرية صغيرة في عكار يمرّ قربها نهر ضعيف المياه اسمها الهد. متأهل من قريبة له اسمها وردة ساسين (وسميت Rosa باللغة الاسبانية).

سافر أولاً إلى جزيرة سانتا إيزابيل في أفريقيا حيث أقام مدة طويلة أصاب فيها النجاح المالي. إلا أن طموحه جعله ينتقل إلى جزيرة لاس بالماس المجاورة للقارة الإفريقية، والتابعة لإسبانيا حيث، إلى جانب متابعة عمله في التجارة، أنشأ مجموعة كبيرة من الشاليهات السياحية راحت تدر عليه أموالاً طائلة. رزق وعقيلته ابنتين، خسر واحدة منهن في عمر مبكر، وشابين أحدهما "بيبيتو" وكان قومياً اجتماعياً، غادر لاس بالماس بعد وفاة والده إلى جزيرة مرغريتا في فنزويلا، ثم عاد إلى لاس بالماس حيث توفي منذ سنوات قليلة .

أما خوان (تحبباً "خوانيتو") فقد حقق نجاحاً باهراً في أعماله في مرغريتا، وهو يتنقل بينها وبين لاس بالماس حيث والدته .

" لم يضعف إيمانه طوال سنوات الاغتراب بل كان يتتبع أخبار الحزب يوماً بيوم، دائم الاهتمام، فما من مرة سمع خبراً إلا وسارع إلى الاتصال بي للاطمئنان. كان سخياً حتى التبذير في سبيل الحزب، الذي كان إيمانه به كاملاً ومطلقاً. فما مرة احتاج الحزب إلى مال إلا وكان الأمين ساسين أول الملبين، وإذا رغبت أن أسرد وقائع أعرفها عنه لما توقفت. في لاس بالماس أسس الأمين ساسين حضوراً مميزاً شهد عليه كل من زار الجزيرة وتعرف إلى الالتفاف الكبير لجميع المغتربين حوله، يقدرون فيه أخلاقيته، سخاءه ومساعدته لكل محتاج.

" كنت على اتصال وثيق مستمر به، وتبادلنا الرسائل بشكل دائم، ولولا هذه الحرب التعيسة لكنت أحتفظ للأمين ساسين بما يزيد على خمسين رسالة. كان الرجل يكتب اللغة العربية الفصحى سبكاً ومعنى. كما أني أسجل للأمين ساسين قيامه بمساعدة عائلتي شهرياً في السنوات التي تلت الثورة القومية الاجتماعية الثانية، كما وإسراعه بالتلبية عندما احتجت لمغادرة عمان إلى كوراساو وفنزويلا، فلا يصدق العقل كيف لبى هذا الأمين المعطاء فأنجدني ببطاقة سفر من عمان حتى لندن حيث كانت الأمينة نضال الأشقر تدرس، وقد كنت قد قررت أن أزورها هناك. وفوق ذلك زودني برسالة إلى فندق كبير في برشلونة، إسبانيا، كان على ما يبدو من زبائنه يطلب إلى إدارة الفندق أن تخصص لي شقة ما دمت محتاجاً للإقامة في المدينة على أن يسدد هو جميع النفقات" .

هذا الموقف القومي الاجتماعي المنسجم مع القسم الحزبي لم يترجمه الأمين ساسين تجاه الأمين عبدالله قبرصي وحده، الذي صرح بما أوردناه أنفاً، إنما تجاه كل قومي اجتماعي عرف أنه يحتاج إلى معونة، كما وأن تلبيته المالية للحزب لم تكن تعرف تردداً.

أما عن انتمائه إلى الحزب فيشرح الأمين ساسين ساسين في رسالة وجهها إلى الأمين جبران جريج بتاريخ 5/6/1971 كيف انتمى إلى الحزب نوردها بالنص، يقول: " أول ما سمعت بالحزب كان بعد أن اكتشف أمره عندما كان سرياً. فأثار في نفسي ما تناقلته الصحف حول هذا الحدث العظيم الذي هز الركود في مستنقع أمتنا الخامل المستكين ودفعها إلى التحدي والرفض. وكان لمحاكمة الزعيم الخالد وما تناقلته الصحف عن موقفه البطولي في مواجهة المحكمة المختلطة ما هزني هزاً وبات همي أن أتعرف على أحد أعضاء هذه المنظمة السرية حتى يتسنى لي معرفة مراميها وأهدافها وقد قدر لي التعرف عفوياً على عضو كان متخفياً عند ملاحقة السلطة يومها، فالتجأ إلى بيتنا في قرية "الهد" حيث كانت لنا معرفة به وصداقة وأذكر بأنه يدعى رامز كوسا(1) من بلدة بزبينا، عكار، وكان يملك مع أخيه جورج محلاً تجارياً في طرابلس. وخلال مكوثه ثلاثة أيام عندنا أطلعني على أمره وسبب تخفيه فوجدت في نفسي دافعاً لحمايته فشرح لي الكثير عن الحزب ومراميه مما جعلني أكثر شوقاً لمعرفة المبادئ على حقيقتها ".

بعد ذلك يشرح الأمين ساسين كيف زار بترومين - الكورة لدار المرحوم والد عزيز الحاج (كما أورد في رسالته) ثم كيف تمّ لقاؤه بالأمين جبران جريج فشرح له بإسهاب كل المبادئ الأساسية والإصلاحية، وزوده ببطاقة تعريف إلى المسؤول الحزبي في بيروت إذ كان الأمين ساسين قد أزمع على السفر. "لا عدت أذكر أن كان جورج حداد أو صلاح لبكي. وبما أنه لم يتيسر لي مقابلة أحد من المسؤولين سافرت وفي نفسي ألم، وشوق إلى الانتظام بهذه الحركة التي أخذت تلهب وجداني".

" وفي الباخرة جاء المرحوم والد عزيز الحاج وعرفني على شاب من بلدتكم بترومين يدعى جورج حريكة، وكان طالب هندسة، في طريقه إلى فرنسا، وهمس في أذني "هذا من الجماعة".

على متن الباخرة تتابعت الاتصالات، وقدم له جورج حريكة المبادئ وشرحها له شرحاً وافياً، وأعطاه عدداً خاصاً كانت أصدرته مجلة "المعرض" لصاحبها ميشال زكور تضمن مقالات وشروحاً في العقيدة .

في مدينة مرسيليا، حيث كان على جورج حريكة أن ينفصل عن الأمين ساسين ساسين، "انتحيت وإياه بغرفتي وحدنا ورفعت يدي وأقسمت اليمين بينما كانت زوجتي تنظر إلينا من ثقب الباب دون أن تفهم سبباً لذلك، وهكذا كان انتمائي رسمياً في أيار 1936" .

ويتابع الأمين ساسين: "حال وصولي إلى جزيرة سانتا إيزابيل بدأت أشرح للمواطنين ولا يزال بعضهم عاملاً نشيطاً حتى الآن" (تاريخ رسالته 5 حزيران 1971) .

هذا الاهتمام الوجداني الإيماني بالحزب والأمة جعل الأمين ساسين، وهو الذي أصاب النجاح في مغتربه، يعود إلى الوطن ويمتلك بناية في منطقة الزاهرية في طرابلس، ويستقر. تمّ ذلك قبل أحداث العام 1958. فلم يمض وقت حتى أقدمت جماعة مسلحة على مهاجمة بيته ليلاً وسرقة ما توفر لها حمله، ومن بين الأغراض بندقية صيد ثمينة جداً. والأمين ساسين صياد ماهر. تولى الأمين عبدالله قبرصي إقامة الدعوى وتابعها في حلبا بعد أن تبين أن الذين اعتدوا على البيت، من عكار، وتمكن من استعادة البندقية دون الأغراض الأخرى، إلا أن الحادث، وأحداث لبنان 1958 جعلت الأمين ساسين يعود إلى المغترب مرة جديدة، بعد أن أوكل الرفيق الدكتور توفيق فرح(2) ببنايته في طرابلس .

الأمين ساسين ساسين الذي قلّما عرفه رفقاء الوطن، بنى للحزب حضوراً مميزاً في لاس بالماس شهد عليه كل من زار الجزيرة من أمناء ورفقاء، فجميع المغتربين كانوا ملتفيّن حول الأمين ساسين تقديراً منهم للتضحيات التي كان يقدمها لمن يحتاج منهم، سواء كان ذلك في الشأن التجاري، أو في شأن الاتصال بالدوائر الرسمية، في لاس بالماس أو في العاصمة الإسبانية مدريد .

" إني متأكد، يقول الأمين قبرصي، أن الأمين ساسين حنا ساسين لو دعي وهو في هذا المركز المالي والاجتماعي المرموق إلى حمل السلاح في سبيل القضية القومية الاجتماعية للبى دون تردد، لأنه كان كما خبرته نفسي، فدائياً ومستشهداً وكان الرجل على ما بدا لي قد تربى على الفروسية والإقدام ".

*

 عندما نتحدث عن الحزب في "سانتا إيزابيل" لا يصح أن نغفل الدور الناشط الذي قام به الرفيق جوزيف ساسين، القاطن حالياً في جزيرة مرغريتا – فنزويلا، إبان تولي الأمين ساسين المسؤولية الأولى، كما بعد أن غادر "سانتا إيزابيل" إلى "لاس بالماس" فتولاها الرفيق جوزيف ساسين بجدية السوري القومي الاجتماعي وأخلاقية الملتزم بالنهضة .

 الرفيق حسن مقبل الذي كانت له لقاءات عديدة مع الأمين ساسين في لاس بالماس، حدثنا عن الحضور المميز الذي كان يحظى به الأمين ساسين في لاس بالماس وعن سخائه الشديد إزاء حزبه ومواطنيه المحتاجين، ويذكر الرفيق مقبل عن الأمين ساسين حادثة معروفة عنه وتدل على ما كان يتمتع به من جرأة، فضلاً عن بنية قوية، فيقول أن الأمين ساسين تصدى عندما كان يافعاً، وفي ساحة بلدته الهد، لمتزعم "آل العلي" في تلك الأثناء، السيد مالك العلي، مما أثار إعجاب المواطنين الذين لم يصدقوا أن فتى يافعاً سيجسر أن يتحدى علناً آل العلي.

 يقول الرفيق سالم نسيم أن انتماءه إلى الحزب تمّ عام 1944 في سانتا إيزابيل ( اليوم Guinée Equatoriale ) بواسطة الأمين ساسين حنا ساسين، وكان مفوضاً للحزب في المدينة. بعد انتمائه، تمّ انتماء كل من الرفيقة وردة ساسين حنا (زوجة الأمين ساسين)، والرفقاء جرجس إبراهيم العتيق، جرجس داود منصور (من بينو، عكار) ، نقولا ميخائيل نوفل (من بينو أيضاً)، عبدالله يونس (من جبرايل، عكار). بعد فترة تحولت مفوضية سانتا إيزابيل إلى مديرية مستقلة، وأصبح الأمين ساسين مديراً لها، فيما تولى الرفيق نسيم مسؤوليتي محصل ومذيع .

ويضيف أن الأمين ساسين كان على اتصال دائم مع حضرة الزعيم في الأرجنتين إلى أن انتهت الحرب العالمية الثانية، وأمكن لسعاده العودة إلى الوطن فاستمر الاتصال بواسطة مكتب عبر الحدود.

 أشار سعاده في رسالته إلى الأمين ساسين ساسين بتاريخ 9/4/1940 إلى المحاضرة عن الحزب التي ألقاها على الراديو. في الجزء الرابع من مجلده "من الجعبة" يشير الأمين جبران جريج إلى المحاضرتين التاليتين:

- محاضرة ألقاها الأمين ساسين باللغة الإسبانية في محطة راديو تناناريف بتاريخ 28 تشرين أول 1938 .

- محاضرة من محطة راديو تناناريف أيضاً بعنوان "سلوا التاريخ"، ويشير إلى أنها نشرت في "سورية الجديدة" العدد 60 تاريخ 6 نيسان 1940. وقد بدأ الأمين جريج الخبر كما يلي: يواصل الرفيق ساسين حنا ساسين محاضراته من محطة تناناريف في جزيرة غينيا (سابقاً سانتا إيزابيل) في اللغة الإسبانية .

 من محاضرته تاريخ 28/10/1938 نورد المقاطع التالية :

" إنني أوجه كلامي للمواطنين وخاصة منهم الذين يعرفون الكثير عن النهضة السورية القومية داعياً إياهم للانضمام إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي والعمل بمبادئه والخضوع لقوانينه والسعي إلى تأليف حركة متينة تصل الحلقات السورية القومية الأخرى في سائر المهاجر بعضها ببعض وتتصل جميعها بالمركز السوري القومي الأعلى لتنفيذ المبادئ السامية التي يخفق بها قلب كل واحد منا " .

" إن كل سوري يعرف كم هو معيب وحاط من قدر الرجل الذي ليست له قومية ينتسب إليها ويعتز بها وبالدفاع عن حقوقه كفرد من أفراد البشرية، فيكتفي بأن يعيش عالة على الغير، ليست له شخصية شرعية. إن كل سوري يعرف الآن أنه لا يمثل مجتمعاً معروفاً ولا جنسية محددة وأن شرفه كرجل متمدن ضائع لضياع استقلال وطنه المرتجى في أحضان سفاحيه وظالميه " .

من رسائل سعاده إليه

- وجه سعاده، كما توضح "الآثار الكاملة" خمس رسائل إلى الأمين ساسين حنا ساسين. في إحداها (9/4/1940) يتوجه إليه بالقول: منذ أول وقوفي على مظاهر روحيتك جزمت في أنك ستكون من هذه العناصر الجيدة الآخذة في الاتصال والتآلف في الحزب السوري القومي، وإني أهنئك على الاستعداد الذي أظهرته للقيام بواجب الجندي القومي بدون تردد، وكذلك أهنئ الرفقاء السبعة الذين أعلنوا تطوعهم للعمل" .

" كنت مسروراً جداً من حركتك والعلاقة التي أوجدتها مع "جمعية التقارب الإسباني العربي" والتي تقوّت بزيارة الوكيل العام لمكتب عبر الحدود الرفيق أسد الأشقر، للإسباني رتندو بسو .

" إني قد حصلت مؤخراً على ترجمة إسبانية لمبادئ الحزب السوري القومي، وشرحها، وهذه الترجمة هي الآن قيد التصحيح، ومتى طبعت أرسلها إليك وإلى "جمعية التقارب الإسباني العربي" نسخاً منها .

" فيما يختص بك أنت أقول أني اطلعت على بعض أعمالك وأقوالك وقرأت بالإسبانية محاضرتك عن الحزب السوري القومي التي ألقيتها على الراديو، وأسفت لأن هذه المحاضرة لم تترجم كلها إلى "سورية الجديدة" ويا ليتك ترجمتها إلى العربية وأرسلتها إلى الجريدة فكانت تكون نشرتها بكاملها .

" وأريد الآن أن أكلفك مراسلة "سورية الجديدة" فيما يختص بالحركة السورية القومية الاجتماعية في إسبانية، وإفريقية، وفيما يختص بالتقدم الإسباني فيكون عملك مفيداً للتقريب بين سورية القومية وإسبانية القومية" .

الرسائل الأخرى وجهها سعاده إلى الأمين ساسين حنا ساسين في 12/9/1940، الشهر العاشر من العام 1940، 11/6/1941 و18/10/1941 .

هوامش:

(2) الرفيق رامز كوسا هو من أوائل رفقاء منطقة عكار. الأول كان الرفيق اسحق كوسا الذي كان انتمى على يد زميله في العمل في شركة نفط العراق، الرفيق الياس خوري نجار، من بلدة بترومين، الكورة، وهو أول رفيق في لبنان الشمالي .

(3) الرفيق الدكتور توفيق فرح من حامات، عديل بالقربى للأمين عبدالله قبرصي. كان طبيب منطقة القويطع وهو من أوائل الرفقاء فيها، وتولى مسؤولية مدير أول مديرية في القويطع.




 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024