كان للأمين حمد زيتون حضوره اللافت في منفذية راشيا لجهة ثقافته الحزبية ورصانته المعروفة ومسؤولياته العديدة التي كللها دائماً بالنجاح.
من الرفيق هاني الحلبي هذه النبذة عن سيرة ومسيرة الأمين الراحل، الذي تميّز بمناقبيته وروحيته القومية الاجتماعية طيلة حياته.
أنشأ عائلة قومية اجتماعية يحتذى بها.
كانت علاقتي به متواصلة وأكن له الكثير من الاحترام والمودة.
برحيله انضم الى عائلته ورفقائه ومحبيه بمشاعر الحزن، شاعراً معهم بخسارتهم لأمين تميّز في كامل حياته الحزبية.
والبقاء للأمة .
ل. ن.
*
من مواليد 16 شباط 1933 في بلدة بكيّفا والده فارس حمد زيتون، والدته نجمة العوام من بلدة ضهر الأحمر المجاورة. هو وحيد والديه. انتقل بعمر 14 سنة حتى 19 سنة إلى الكيان الشاميّ لتلقي علومه الأولى.
وفي دمشق كوّن صداقاته الأولى منهم: المحامي الرفيق الشهيد كمال أبو لطيف، الرفيق الشهيد رفيق سيف الدين، المحامي الرفيق الشهيد أحمد حمود، ورفقاء ومعارف كثيرون.
تعرّف إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي في دمشق ثم انتمى نظامياً في 1 كانون الثاني 1949 قبل اغتيال الزعيم بأشهر. ولذلك يُعدّ من الرعيل الذين عاصروا الزعيم.
خلال نكبة الحزب في الشام في 22 نيسان العام 1955، كان لديه فندق اسمه أوغاريت، ولاحقاً تعدّلت التسمية إلى ميرامار، فتمكّن بهذه الذريعة من أداء مهام حزبية عديدة استوجبت تنقله بين بيروت ودمشق لفترة، ولكن من حسن
حظه أنه تمّ كشفه وهو في لبنان، فتلقى إشارة جعلته يمتنع عن الذهاب إلى دمشق.
شارك في المحاولة الانقلابية التي قام بها القوميون الاجتماعيون ليلة رأس السنة 1961-1962 لاقتلاع الفساد من النظام اللبناني، وكان من بين الرفقاء الذين نالتهم صنوف التعذيب الدمويّ الوحشيّ الذي مارسته أجهزة النظام حينذاك بحق القوميين واعتقل فترة سنوات.
تزوّج وهو بعمر 21 عاماً من بهية عساف دهام من بكيفا، مكوّناً أسرة من ثلاثة شباب: غيث ورفيق وفارس الذين نالوا جميعاً درجة الدكتوراة في الطب في وقت لاحق، وبنتين هما راغدة والدكتورة يولا.
ساعد في تأسيس نادي بكيفا، كما ساهم في نجاح المشروع الأخضر وإقامة معصرة زيتون كانت الأولى في منطقة راشيا، ومؤسسات عدة خلال توليه مسؤولية في بلدية البلدة إلى جانب رئيسة بلديتها الشيخة المرحومة سليمة درغام، فجعلاهما من أهم بلديات منطقة راشيا وأنشطها.
خاض غمار أعمال عدّة حتى نشوب الحرب الأهلية في لبنان، إذ فتح فندق في بيروت القديمة، شكل ملتقى للقوميين الاجتماعيين لفترة طويلة خلال فترة العمل السريّ في الستينيات، بعد خروجه من المعتقل، ثم افتتح مصبغة في حي عين الرمانة، بقيت لسنوات المورد الأساس للأسرة.
نال الجنسية الأميركية عبر والده فارس زيتون فسهّلت هجرته إلى الولايات المتحدة الأميركية في عام 1976.
كافح في المهجر في ميدان الغذاء والمطاعم وغيرهما في القطاع الخاص طيلة 16 سنة.
في المهجر رأى هول الانقسامات الطائفية والسياسية التي روّجت جرثومتها الحرب المدمّرة إلى المهاجر، حيث انتشرت مؤسسات البيت الدرزي والكنيسة المارونية والتجمّع السني فيها، فأنشأ مع رفقاء عديدين النادي اللبناني Lebanon club الذي ضمّ اللبنانيين من مشاربهم السياسية والدينية كافة إلى جانب أصدقاء عرب، وأقام برنامجه الثقافي والاجتماعي الذي شهد له الجميع بدوره الوطني الوحدوي.
عندما بلغ سنّ التقاعد، حسب القانون الأميركي، عاد إلى لبنان في العام 1992. واستأنف نشاطه الحزبي ضمن منفذية راشيا وتجدّدت مسؤوليته كمنفذ عام أكثر من مرة.
ركّز على استثمار مبلغ التبرّعات الذي جمعه مع رفقاء معطائين كثر في المهجر الأميركي على شراء عقار مناسب لإقامة مبنى للحزب في منطقة راشيا. وهذا كان همه خلال هجرته أن يجمع مبلغاً وازناً من تبرّعات القوميين والأصدقاء في المغترب ناهز 120 ألف دولار أميركي لبناء مركز المنفذية في راشيا، لايمانه بما للمبنى من دور في تثبيت وجود الحزب اجتماعياً ومعنوياً وميدانياً. وبعد شراء العقار تم تسجيله عقارياً باسم الحزب السوري القومي الاجتماعي.
وظّف ما حصّله من مهجره في إنشاء مؤسسات تربوية شكلت معالم تربوية مهمة جداً في منطقة راشيا، فنقلت التعليم الخاص من الإطار الطائفي الضيق ليكون متاحاً للمواطنين كافة. فكان مساهماً أساسياً وعضو مجلس الإدارة في المدرسة اللبنانية الكندية منذ تأسيسها في العام 1999 حتى العام 2006.
ساهم في تأسيس المدرسة اللبنانية العالمية في العام 2006 وتولى منصب رئيس مجلس إدارتها منذ تأسيسها حتى وفاته في 28 تشرين الثاني 2022.
أسهم في تأسيس الجمعية الخيرية التربوية وساهم عبر الجمعية بتقديم الكثير من المنح المدرسية للطلاب المعوزين من أبناء المنطقة وجوارها، وتغطية أقساط لطلاب جامعيين متفوّقين معوزين عاجزين عن تأدية ما عليهم من متوجّبات مالية لجامعاتهم.
استحقّ رتبة الأمانة في الحزب السوري القومي الاجتماعي والتي تمنح للمجلّين في العمل القومي الاجتماعي، فكراً وجهاداً وأعمالاً اجتماعية مشهودة وبطولية.
عُيّن عضواً في هيئة منح رتبة الأمانة في الحزب السوري القومي الاجتماعي.
كان وجهاً اجتماعياً ناشطاً لا يفوته واجب إنسانيّ أو حزبي أو لقاء أو مناسبة تربوية أو اجتماعية في المنطقة وجوارها.
شيّعه الحزب السوري القومي الاجتماعي ومنطقة راشيا وبلدة بكيفا وآل زيتون في مسقط رأسه بكيفا، بمأتم حزبي خطابيّ يوم الاثنين في 28 تشرين الثاني 2022، مثّل مركز الحزب عميد الإذاعة والإعلام الدكتور لؤي زيتوني، وأجمع الخطباء على سيرته الحزبية والقومية الاجتماعية الحميدة.
كرّس الأمين حمد فارس زيتون خلال مسيرة حياته طيلة 9 عقود سيرة قامة وطنية وقومية اجتماعية وتربوية، فبقي طيلة تسعين عاماً سنديانة حرمونية شامخة فوق القمم والذرى على مدى التاريخ.
*
النعي الحزبي
|