إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

معلومات مفيدة لتاريخنا بقلم الأمين الشاعر صباح العبدالله

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2023-02-08

إقرأ ايضاً


عرفت الأمين صباح عبد الله رفيقاً نشيطاً وشاعراً قديراً، ورافقته منفذاً ناجحاً لمنفذية ملبورن، ودائماً كانت علاقتي به وطيدة. كنت ارتاح إليه عارفاً ما في اعماقه من ايمان بالحزب وتجسيده لمفاهيم النهضة.

من حضرة الأمين صباح عبدالله هذه المعلومات المتفرقة عن الحزب في "بتعبورة" قبل مغادرته الى ملبورن بتاريخ 4 شباط 1971.

ل. ن.

*

" كنت قد إنتميت الى صفوف الحزب السوري القومي الإجتماعي عام 1968 – وعندما سافرت الى ملبورن استراليا ووصلتها في الرابع من من شباط 1971 – إذ تركت الوطن في 30 كانون الثاني 1971، وأعتذر عن نسيان بعض الأمور وخاصة الأسماء حيث أدون ما أتذكره ولكن حضرة ناموس المنفذية الرفيق قيصر عيسى كان قد زود حضرتكم سابقا بالأسماء عن طريق الرفيق رياض سالم وبدوره سيضيف ما هو بمعرفة بهم.

ولكني أدون ما أتذكره من 43 سنة تقريبا ًوإذا دخلنا بالتفاصيل يلزمنا مجلدات.

وما أعلمه وقبل وصولي الى ملبورن أستراليا هو أن مؤسس أول وحدة حزبية في ملبورن هو الرفيق الراحل حبيب الملكي من بلدة عفصديق، الكوره، وكانت أول مديرية عام 1955 حتى عام 1964. وبعده عين الرفيق الراحل هايل دمشقي مديرا ً. ومن ثم قدم استقالته وعين الرفيق الراحل إدمون ملكي والذي "طرد" لاحقا ً وكان أول منفذ عام لمنفذية ملبورن .

ومن ألأسماء التي كانت تعمل وناشطة في ذلك الحين:

" حبيب ملكي، نمر ريدان، نجيب حصني، سامي ساسين، رياض سالم، هاني سالم، جان سالم، أنور سالم، موسي رزوق، فريد واكيم، سميح أبو صبحة، رشا بحري، أسد ريدان، غصوب مارون "طرد لاحقا"، محمد خليل، ميشال فرح، وديع حداد، وغيرهم".

*

بداية معرفتي بالحزب السوري القومي الإجتماعي:

كنت في العاشرة من عمري، عندما قام الحزب السوري القومي الإجتماعي بالمحاولة الإنقلابية عام 1961 ضد الحكم الشهابي في لبنان، حيث كان الحزب يعاني جدا من هذا الحكم وظلمه.

إستيقظت صبيحة ذلك اليوم وكان عيد راس السنة وفرقة من الجيش تدخل منزلنا للتفتيش عن السلاح، قريتي بتعبورة معروفة، قلعة من قلاع الحزب، لذلك كانت كل منازل القرية محاطة بفرق من الجيش الشهابي. وكان أول قومي إجتماعي يدخل السجن في ذلك اليوم. الرفيق المرحوم شقيقي "نظام عبدالله".

وكان يعمل في شركة الترابة في بلدة شكا. كان يعمل في الليل وفي الصباح وهو عائد من العمل، أوقفت دورية من الجيش اللبناني السيارة التي كان الرفيق نظام أحد ركابها.

سأله أحد عناصر الجيش عن إسمه؟ اجابه نظام عبدالله. من أين أنت؟ أجابه من بلدة بتعبورة (الكورة).

هل انت عضو في الحزب السوري القومي الإجتماعي؟ نعم بكل فخر ماذا تريد.

نادى العنصر رفاقه قائلا ً لهم أول واحد. وهكذا لم يدعوه يصل الى المنزل، فجاء السائق ليعلمنا بأن نظام أصبح في قبضة الجيش وأخذوه الى سجن القبة في طرابلس. وفرقة الجيش المكلفة بتفتيش منزلنا دخل ثلاثة من عناصرها الى غرف النوم، ومزقوا الفراش التي ننام عليها، وعمدوا على تكسير الخزانة بحثا ًعن اسلحة أو أي اوراق أو كتب حزبية. فوجدوا صورة للرفيق نظام يحمل بندقية حربية. وهذه الصورة عائدة الى عام 1958 أثناء الفتنة والحوادث المؤلمة التي عصفت تلك السنة. وكان الرفيق نظام من مقاتلي الحزب. وعندما شاهدوا الصورة إزداد غضبهم يريدون قطعة السلاح. أجابتهم زوجته الرفيقة هيام بانها لا تعلم شيئا ًولم يسبق لها أن رأت هذه الصورة من قبل. في ذات الوقت كانت قوة كبيرة من الجيش تدخل بتعبورة معتقدة بأن الأمين جبران جريج والامين عبدالله فبرصي والأمين نذير العظمة قد يكونوا متوارين في هذه البلدة وكلهم أصهرتها.

بقيت الحالة العسكرية عدة أشهر على هذا المنوال. تفتيش وملاحقات وتوقيفات حتى لم يبق من الرجال في القرية سوى بضعة أفراد. كما وألقي القبض على بعض النساء منهن رفيقات ومواطنات صديقات. كانت الأنظار تتجه بقوة نحو هذه البلدة لأسباب عدة.

أولا ً: كما ذكرت البعض من قيادي الحزب صاهروا القرية. وإن معظم شباب بتعبورة أعضاء وناشطين وجاهزين دائما ًللتلبية، وايضا ًلأن الرفيق المرحوم الياس جبور موسى كان مشتركا ً في تنفيذ مهام كبيرة في الإنقلاب، وروى لي الرفيق الياس جبور موسى "أبو عفيف" كما هو معروف، بعد فشل المحاولة الإنقلابية كيف مشى من القصر الجمهوري حتى وصل الى البلدة سيراً على الإقدام وذلك في الأحراج والأودية، متجنبا ًعيون وحواجز الجيش. وعندما تأكد بأن الحزب لن يقاوم سلم نفسه وسجن سبعة أعوام.

أذكر تماما ً كم نشط جهاز مخابرات المكتب الثاني في تلك الحقبة، وكانت الوشايات تطال حتى المواطنين المقربين من الحزب. أحد الضباط كان على راس فرقة، حين دخل الى بتعبورة وشاهد الكتابات على الجدران والسطوح والبراميل وأعمدة الهاتف والكهرباء" وكلها شعارات حزبية.

تحيا سوريا، سعادة، زعيم الأمة، وشعارات الزوبعة في كل مكان جُنَ جنونه وقال: كلاما ًلا اخلاقيا ً ك ....أخت .... هالضيعة إحرقوها..

وأذكر بان أحدهم ناداه لا يا كبتن "شمعون" هذه القرية ليست للحريق، وإذا إحترقت سيحترق كل الوطن. وصبيحة أحد الأيام الممطرة القاسية، سمعنا ضجيج، قالت لي والدتي إفتح الباب، وما كدت أفعل وافتح الباب حتى صرخ بي أحد الجنود أدخل واغلق الباب ففعلت خائفا ًوانا في العاشرة من عمري.. وبعد قليل سمعنا إطلاق نار من رشاش حربي وفي تلك الأيام لم نكن نسمع بمثل ذلك.

ومن ثم سمعنا أصوات تعلو في القرية، فنادتني والدتي وقالت لي: "أنت صغير ما رح يشكّوا بأمرك روح شوف مين قوصوا". حملت تنكة الكاز متصنعا ًبأني ذاهب لأجلب الكاز للتدفئة، وعندما وصلت الى وسط القرية علمت من بعض الذين اعرفهم، بانهم يطوقون منزل الرفيق جورج الياس صعب وهو عم ألأمين "نذير العظمة" والد زوجته "جمال"، وقريب زوجة ألأمين جبران جريج. وكان احد الجنود قد لاحظ حركة قفز من سطح البيت الى سطح دكان مجاور ولأن الطقس بارد وشتاء والوقت صباحا ً فظن الجندي بان احدهم يحاول الهرب، وتناقلوا الأخبار بأنهم أصابوا الأمين عبدالله قبرصي. ولكن الحقيقة وجدوا هرا ً مقتولاً.

أيضا ًوكان قد مرّ على توقيف الرفيق نظام حوالي شهر في السجن وكانت تصل لنا الأخبار عن ما يتعرض له الشباب الذين أوقفوا من عذاب وتنكيل. فجأة يدخل الى منزلنا خمسة عناصر، فوجدوا أخي المرحوم صلاح وكان مريضا ًجداً ولا يستطع الحراك بتاتاً من سريره فناداه احدهم مريض ام متمارض. فمسك المرحوم صلاح "اللحاف" عنه ورماه أرضا ًوقال له شو رأيك. فنظر الرقيب الى والدتي وقال لها إذا ًتعالي أنتِ وولديكِ وهو يقصد أنا وأخي المرحوم "كمال" وأرسل معنا أحد العناصر الى موقع الفرقة في وسط القرية. وتابع هو مع باقي العناصر لتفتيش بقية البيوت في الحارة القريبة من منزلنا. اما العنصر الذي رافقنا بدى لنا وكأنه مقرب من الحزب. حيث قال لوالدتي طولي بالك يا اختي إن الكلاب غاضبة وخائفة وخاصة في هذه القرية. وعلمنا بان إسم الجندي "العريف حنا".

المرحوم الرفيق الياس خليل فرح، كان قد توفي قبل سنة من الإنقلاب ودفن في مقبرة العائلة في القرية، لكن زوجته نبيهة وهي شقيقة الرفيق جورج صعب بنت له مقبرة في قطعة أرض قريبة من منزله، وعندما صممت على نقل الرفاة طلبت من الرفيق سمعان حنا سويد وكان سائق سيارة تاكسي أن يشتري "تابوتا" لنقل الرفاة، وهكذا فعل. ولكن أحد عناصر المكتب الثاني دسّ خبراً مفاده بأن القوميين يهرِبون السلاح في التوابيت، وهم يجهزون عناصرهم لمقاومة الدولة. فارسلوا الى القرية ملالات وشاحنات وعناصر كثيرة وألقوا القبض على الرفيق سمعان سويد والذي كان قد خرج من السجن قبل أسبوعين ولاقى العذاب والضرب المبرح، وكان ذلك أمام أعين ولده الرفيق راسم سويد الذي أراد أن يحمي والده منهم ولكن عناصر الجيش تكاثروا عليهما وكان ما كان نصيبهما من التعذيب. أمور كثيرة حصلت في هذه القرية القومية. ولكنها رغم كل الآلام بقيت كما عهدها سعاده يوم زارها. وكان بيت الرفيقة ديبة شاهين المركز الأساسي لكل النشاطات "عودة الى كتاب الجعبة للأمين جبران جريج". ومن المنازل التي عاثوا فيها فسادا ًمنزل سمعان الرحباني. وهو والد الرفقاء "أديب، داوود، الياس وانيس الرحباني" وعندما دخل الجيش منزلهم وجدوا صورة "للزعيم سعاده" معلقة وسط صحن الدار فأنزلوها وساقوه أمامهم الى ساحة القرية حيث توجد قيادتهم وهو يواجههم، فعمد احد الجنود على ضربه بصورة الزعيم سعاده على راسه، وإقتادوه الى السجن بعد ان إعتدوا عليه بالضرب الغير إعتيادي. قصص كثيرة ومتعددة حصلت في تلك الحقبة لم يسلم أي بيت يخص الحزب أو يحبذه إلا ونكل بهم.

كما عمدوا الى إتلاف موسم الدخان الذي هو اهم موسم إقتصادي تتكل عليه عائلات القرية في تلك المرحلة. ولكن كل هذه الأعمال الوحشية والبربرية لم تثنِ ابناء بتعبورة عن عزمهم وإيمانهم ونشاطهم وإندفاعهم، فهم ما زالوا اوفياء لسعاده وحزبه حتى الساعة".



 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024