هو الجزء الاول من سلسلة كتيبات، ستظهر تباعاً، ويتضمن كل جزء، مجموعة من سير أمناء، ورفقاء مناضلين، ادباء وشعراء وفنانين عرفتهم النهضة السورية القومية الاجتماعية منذ اولى سنوات التأسيس، كذلك لاحداث ومعلومات متنوعة جرى نشرها في فترات سابقة.
الغرض من هذه الكتيبات ان تحفظ النبذات الكثيرة والمتنوعة، من تاريخنا، ويطلع عليها كل معني ومهتم، من رفقائنا، او من المواطنين.
واللجنة ترحب بكل ملاحظة او اقتراح.
بدايات العمل الحزبي في البقاع الأوسط
وزيارات سعاده إليها
النفسية الثورية التي يتمتع بها الأمين يوسف الدبس، وعشقه للكلمة، وللشعر، هي التي قادته في العام 1933 إلى إصدار مجلة باسم " الغزال " (نسبة إلى بلدته دير الغزال) وإلى أن تحتوي مقالاته فيها كما خطبه في المناسبات، على بذور التحرر والتصدي والعنفوان مما جعل أهالي منطقة رياق يلقبونه بالثورجي، وأيضاً إلى أن يبحث عن طريق تحقق لبلده الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي وتؤمن له النهوض .
ذات يوم من عام 1934 توجه الأمين يوسف إلى بيروت لقضاء عدة أيام، فدخل مقهى فتوح(1) غربي ساحة الشهداء، حيث كان يتلاقى فيه سياسيون وأدباء وشعراء. وكان ان دخل الأمين عبدالله قبرصي الذي كانت تشده إلى الأمين الدبس روابط صداقة، وسبق أن نشر له الامين دبس مقالات في "الغزال" فانضم إلى مجلس الأدباء الذي كان منه يومذاك الصحافيان ميشال زكور (صاحب جريدة المعرض) وجبران تويني (صاحب جريدة "النهار") فخري البارودي (أحد القادة السياسيين في دمشق)، والشاعر أمين نخلة.
يقول الأمين يوسف: " بعد وقت قليل، دخل شاب أسمر اللون منبوش الشعر يلبس الجزمة ويتأبط دفتراً صغيراً، وجلس في زاوية من المقهى بعد أن ألقى التحية على الحاضرين، وراح يدوّن على الدفتر ما يجول في خاطره ".
ساور الأمين يوسف الشك خاصة أنه كان يلاحظ أن الشاب الجالس في زاوية المقهى يدون على الدفتر كلما تحدثوا في السياسة، فسأل الشاعر أمين نخلة: هل تعرف هذا الشاب؟ فأجاب: هو أستاذ في الجامعة الأميركية. الأمين قبرصي وكان يستمع إلى الحوار ضغط على يد الأمين دبس خفية وقال له: ستعلم ذلك، اليوم، اتركها لي ".
بعد فترة قصيرة كان الأمين عبدالله قبرصي ينتحي زاوية في المقهى مع الأمين يوسف الدبس قائلاً له: أتذكر أنك في اجتماعنا الأخير في رأس بيروت قلت لي أن بلادنا تحتاج إلى حزب منظم يقوم على رأسه رجل قوي جرئ يضرب بيد من حديد ويقود الأمة إلى الصواب ". وإذ أجابه أنه يذكر ذلك جيداً، تابع: " أن الحزب الذي قلت عنه قد وجد ولعلك قد تنبأت عنه، فهل لك أن تعمل في صفوفه؟ ثم راح يشرح له مبادئ الحزب، فأعجب بها الأمين يوسف، وإذا بهما يتوجهان إلى منطقة "خان أنطون بك" في بيروت حيث قرع الأمين قبرصي باب إحدى الغرف قرعاً معيناً استرعى انتباه الأمين الدبس، ودخلا .
يروي الأمين الدبس: " شد ما كانت دهشتي عندما رأيت الشاب المنبوش الشعر الأسمر الجذاب جالساً وراء طاولته، فقال له الأمين عبدالله، هذا يا سيدي هو صديقي الذي أخبرتكم عنه ". فاستقبلنا بكل حرارة وأخذ يفند لي القضايا القومية بشمولية وعمق بالغين وذلك بأسلوبه البديع وكنت مأخوذاً بسحر بيانه وجاذبيته، ولم أكن أصدق أن رجلاً مسيحياً في لبنان يفكر هذا التفكير الجريء " .
تلك كانت بداية تعرّف الأمين يوسف الدبس، الرفيق الأول في منطقة البقاع الأوسط، على سعاده وعلى الحزب. وكان أن أدى قسم الانتماء أمام " الشاب المنبوش الشعر " وقد عرف أنه أنطون سعاده زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي، " وإنني أمام شخصية فذة توجب علي احترامها والسير معها حتى الموت، وخرجت وأنا مؤمن بأمتي وبزعيمها وبالعمل الجبار الذي يقوم به ".
زيارة سعاده والنواة الأولى :
عاد الأمين يوسف الدبس إلى بلدته " دير الغزال" وهو مصمم على أن يعمل لنشر الدعوة القومية الاجتماعية في المنطقة، ولذا راح يتردد إلى رياق " لأنها مركز الثقل بالنسبة للفرنسيين وقاعدة كبيرة للجيش والطيران "، وراح يجتمع بأصدقائه الذين كان تعرّف إليهم وعرف بما يتمتعون به من ثقافة وتفهّم للأمور الوطنية القومية. وكان الأمين يوسف كلما توجّه إلى بيروت ينقل إلى سعاده ما يقوم به مع مجموعة الأصدقاء إلى أن باتوا مهيئين للقسم، وفي الموعد المحدد اصطحب الأمين يوسف حضرة الزعيم إلى رياق، وتحديداً إلى غرفة صغيرة كان قرر وأصدقاؤه المقبلون على الحزب أن يستعملوها مقراً للسكن عند الاضطرار ومكتباً للاجتماعات الحزبية.
يقول الأمين يوسف الدبس: حصل ذلك في آخر تشرين الثاني 1934 وكان الطقس ممطراً، ويضيف: " دخل سعاده وهو يرتدي البنطلون الرصاصي وينتعل الجزمة السوداء، وأخذ يشرح للحاضرين مبادئ الحزب وأهدافه، والأسباب التي دعته لإنشائه، والكل ينظر إليه مشدوهاً مأخوذاً بسحر بيانه وتحليله للأمور من جميع جوانبها، لمدة ثلاث ساعات متواصلة ".
في هذا الاجتماع أقسم الرفقاء التالية أسماؤهم يمين الولاء للحزب: جاك مطران، ديب كربجها، ميشال كعدي، فهد الدبس، نبيه دموس، عزيز خيرالله ونجيب فيكاني. وهم – بعد الأمين يوسف الدبس – الرفقاء الأوائل في منطقة البقاع الأوسط .
بعد أداء القسم، تمّت كتابة البطاقات الحزبية، التي كان على كل عضو جديد أن يملأها: الاسم الكامل، مكان وتاريخ الولادة، المهنة، ثم وضع بصم الإبهام الأيمن، من اليمين إلى اليسار.
يذكر الأمين يوسف الدبس في كتابه " في موكب النهضة " أن الرفيق ديب كربجها، عندما وضع إبهامه على البطاقة، وكانت يده ضخمة، أخذ الفسحة كاملة من يمين البطاقة حتى أيسرها، فلم يتمالك الجميع من الضحك، ويضيف أن سعاده بعد عودته من المغترب عام 1947 وحين استقباله للأمين الدبس بادره بالسؤال، كيف حال رفيقنا ديب وإبهامه؟ وكان قد مرّ 13 سنة على هذه الواقعة .
شكّل هذا الاجتماع، واداء الرفقاء السبعة لقسم الانتماء بداية تأسيس العمل الحزبي في البقاع الأوسط، وقد انطلق الرفقاء يعملون بدون كلل، انما في الخفاء، خوفاً من انكشاف أمر الحزب، وخوفاً من الفرنسيين وعملائهم الكثر في رياق ومحيطها. وزيادة في الحيطة عمدوا إلى الحصول على رخصة لجمعية، وانتخبوا منهم هيئة إدارية لها، ووضعوا لافتة على الغرفة التي كانوا استأجروها في رياق باسم " جمعية النهضة الخيرية "، وقاموا ببعض النشاطات لمساعدة المحتاجين والفقراء. وهكذا أمكن للرفقاء أن يجتمعوا في الغرفة – المكتب دون خوف، فيما الأوراق الحزبية محفوظة في مكان آخر.
الرواية الاولى
من النشاطات التي فكر فيها الرفقاء، بعد استئجار الغرفة – المكتب وتأسيس " جمعية النهضة الخيرية " هو إنشاء فرقة للتمثيل التي، بعد أن أجرت التدريبات، اختارت رواية " شهامة العرب " (في مواكب النهضة ص26-27) لتكون أول رواية تقوم الفرقة بتمثيلها وقد تقصّدت أن تقدم التمثيلية في الأول من أيلول الذي يصادف "عيد استقلال لبنان الكبير" الذي كان أعلنه المفوض السامي الجنرال غورو، وكانت الدولة في ذلك الوقت تعتبره عيداً رسمياً تعطل فيه مختلف الدوائر.
تمت دعوة سعاده ومن يرغب من العمد لحضور هذه التمثيلية، كما دعي لإلقاء كلمات في المناسبة كل من الأمين عبدالله قبرصي، الأستاذ نجيب حنكش(2) الشاعر رياض معلوف، والشاعر فريد لحود صاحب جريدة "العندليب" الزجلية.
امتلأت القاعة (وهي مطعم كبير) بالحضور حتى غصّت على رحبها .
كان الأمين يوسف الدبس عريف الحفلة وقد افتتحها بالكلمة التالية: " أيها الحفل الكريم، يسرّني أن استقبلكم اليوم في هذه القاعة لحضور تمثيلية " شهامة العرب " ونفتتح حفلتنا بالنشيد السوري"، ثم ارتفع الستار الخلفي وظهر الممثلون وإبتدأوا بنشيد " أنت سوريا بلادي أنت عنوان الشهامة "، " وقف الجميع مشدوهين، كيف يكون ذلك؟ عيد استقلال لبنان وتفتتح الحفلة بالنشيد السوري؟ كيف يجرؤ هؤلاء الشباب على عمل كهذا ان لم يكن هناك أسباب جوهرية خفية وراء عملهم".
وصل الزعيم متأخراً بعض الوقت " فاستقبلناه بالتصفيق، وتعاقب الخطباء على الكلام، وقد شعر الجميع أن هناك شيئاً في الأفق غير طبيعي لم يتعود الناس عليه ".
يفيد الأمين يوسف الدبس أن سعاده رغب بعد انتهاء التمثيلية أن يقوم بجولة في السهل رافقه فيها الأمين عبدالله قبرصي والرفقاء ميشال كعدي، ديب كربجها ونجيب الفيكاني.
*
العشاء في دير الغزال
بعد انتهاء الحفلة توجه المدعوون إلى منزل الأمين يوسف الدبس في " دير الغزال " لتناول طعام العشاء كما كان مقرراً. كانت حفلة العشاء في الهواء الطلق في كرم صغير، وقد جلس الجميع على الطنافس في أجواء جميلة توحي الشعر والأدب " وكان رفيقنا فوزي دموس يشنّف آذاننا بين الفينة والأخرى بصوته الشجي الرقيق ". ويضيف الأمين يوسف في كتابه " في موكب النهضة ": " تشعب الحديث في السياسة والأدب. " من مقطوعة شعرية لرياض معلوف، الى مقطوعة زجلية لفريد لحود، حتى خطر على بال الأستاذ قبرصي أن تكون الحفلة شبه حزبية فقال: " ما رأيكم يا اخوان لو أقمنا زعيماً لهذه الجلسة " ؟ فوافق الجميع ثم أضاف: " أقترح أن يكون الأستاذ أنطون سعاده زعيماً لهذه الجلسة " فرفعنا كؤوسنا نشرب نخب الزعيم ثم نخب الرئيس الذي هو نعمة ثابت ثم نخب المدير الذي هو كاتب هذه السطور " (اي الامين يوسف الدبس). امتدت الجلسة حتى منتصف الليل .
" نام الزعيم عندنا وعاد في اليوم التالي إلى بيروت مشيعاً بعيوننا والأفئدة ".
عن تلك الحفلة يقول الأمين عبدالله قبرصي في كتابه "عبدالله قبرصي يتذكر":
" بيني وبين الرفيق يوسف الدبس، رابطة صداقة نشأت قبل نشوء الحزب، وعلى الأقل قبل انتمائنا إليه، بل أن هذه الصداقة كان لها أثر كبير على إقناع يوسف بالعقيدة السورية القومية.
" في أيلول 1935، كان يوسف والرفقاء في منطقة رياق – دير الغزال قد اعتزموا إقامة حفلة خطابية. كنت أنا أحد خطباء الحفلة. وقد أقيمت في قاعة فسيحة !… حملني يوسف على المجيء من بتعبورة – الكورة إلى رياق، فانسلخت عن خطيبتي في ذلك الأحد من شهر أيلول انسلاخاً قسرياً.. عدا نفقات الانتقال بسيارة خاصة وقد كانت فوق طاقتي المالية بكثير.
في تلك الحفلة تناوب على الكلام عدد من الخطباء بينهم يوسف الدبس ونجيب حنكش وكان يحضرها الشاعر رياض معلوف وشاعر زجلي يدعى فريد لحود (من بعبدا صاحب مجلة الزجل اللبناني) .
" كنت أخطب بحماس. اندفع مع كلماتي كأنما أنصب على الحاضرين عصبا ثائراً أو غضباً زاجراً. راح الناس يصفقون وأنا أرجوهم التوقف لئلا ينقطع سيل أفكاري… فلما تمادوا أكثر صحت بهم: لم أنته بعد… (يوسف الدبس يذكر هذا المشهد ويضحك طويلاً)...
" لم يكن بمقدورنا أن نشير إلى الحزب بقليل أو كثير. كانت كلماتنا مبطنة بالحزب. ظاهرها كان عاماً وتجريدياً. لذلك كنت كثيراً ما أركز على إيقاظ الروح التحررية في الناس، وأعدهم لتقبل عقيدتنا بالكلام عن سورية الطبيعية، الأمة التامة والوطن الأمثل. في البدء – في مرحلة التأسيس – لم يكن لنا بد من توليد عصبية قومية سورية… ما كنا في صدد علاقاتنا بالعروبة وبالعالم. كنا في طور بعث الأمة السورية. ولا بد من التشديد على شخصيتها مستقلة عن أية شخصية أخرى".
ويذكر الأمين عبدالله أن سعاده وصل متأخراً وكان يرافقه نعمة ثابت ومأمون أياس وبعض المركزيين. بعد انتهاء الحفلة انتحى به سعاده وأخبره كيف أنه في ذلك النهار عقد جلسة المحكمة التي انتهت بإصدار قرار طرد شارل سعد ورفاقه(3) .
وعن العشاء في "دير الغزال" يقول الأمين قبرصي: " رتل من السيارات يتجه إلى كروم دير الغزال. الأضواء تشعشع في الكروم من قناديل لوكس معلقة على العواميد. الطاولات ممتدة على طول الكرم. وفوق ذلك قمر البقاع يرش من عليائه الأغطية الفضية على عناقيد القوميين وعناقيد العنب.
سعاده، على المائدة، كان يبشر بالعقيدة ويتحدث عن الأوضاع العامة، كأنما يحفز الحاضرين إلى البحث عن وسيلة للخلاص. دبّ الحماس والخمرة في رأسي، فوقفت رافعاً كأسي وقلت:
" ليست هذه الجلسة لتكتمل بدون زعيم، فلنزعم الأستاذ سعاده، " ولنشرب سر الزعيم… " فوقف المدعوون جميعاً وشربوا سر الزعيم…
ثم بعد لحظات، قلت: ولنرأس الأستاذ نعمة ثابت، ولنشرب سر الرئيس، وهكذا شربنا سر الجميع بمن فيهم المدير يوسف الدبس.
بعد ثلاثة اشهر انكشف الحزب .
فما إن التقيت بعد السجن بالشاعر رياض معلوف حتى بادرني:
ما إن طلعت الصحف في 17 تشرين الثاني وفيها الأسماء والأخبار، حتى فهمت مغزى الكؤوس التي شربناها في كروم دير الغزال !… يا عبدالله كنت تخدعنا دون أن نحس بالماء تجري من وراء ظهورنا " .
*
أول حفلة في زحلة
يروي الأمين يوسف الدبس في كتابه " في موكب النهضة "، التالي:
" كان الحزب لا يزال سرياً ورفقاؤنا في زحلة أقلية ضئيلة عندما فكروا بإقامة حفلة خطابية في إحدى دور السينما تكون الدعوة إليها عامة لمن يرغب في الحضور.
" حضر ما يقارب المئتي شخص، تخلل الحفلة مقاطع غناء وموسيقى وألعاب بهلوانية، وكان القصد من كل هذا تعريف الناس على الشباب المثقف والاحتكاك بهم والتداول في أن هناك من يرغب في رفع شأن هذا الشباب الذي يتوق إلى كل جديد ومبتكر، فيشعر كل واحد أن عليه مسؤولية هي محبة وطنه والدفاع عنه ونبذ روح التعصب واللامبالاة .
بعد الانتهاء من الغناء والموسيقى والألعاب ألقى الأمين الدبس قصيدة حماسية، هي التالية: (القصيدة مرفقة) .
انتشار الحزب
راح الحزب ينتشر في منطقة زحلة، وبرز من المنتمين رفقاء كان لهم حضورهم في الحياة العامة، لعل أميزهم الشاعر سعيد عقل الذي انتمى على يد الرفيق فؤاد مفرج من بشمزين – الكورة، كما يفيد الأمين جبران جريج في الجزء الأول من مجلده "من الجعبة"(4) .
ومن المعروف أن الشاعر سعيد عقل ألف نشيداً للحزب مطلعه:
صخب البحر أم الجيش السخي
أم بلاد تملأ الدنيا دوي
سورية
يقظة ملء المدى
بسمة ملء الربيع
سورية فوق الجميع
إلا أنه لم يعتمد لصعوبة تلحينه .
من الرفقاء الأوائل نذكر: توفيق التيني، سليم المعلوف (نائب زحلة)، فوزي بردويل (محافظ البقاع)(5)، المحامي أنطوان رامي، المحامي طانيوس البقاعي، جوزف بحمدوني(6)، المحامي نظمي عزقول(7)، وديع نصرالله، جورج هاشم، الأديب والشاعر خليل القادري، نقولا ريا، رشيد ليون .
ولم يقتصر الانتماء إلى الحزب على مدينة زحلة وبلدات رياق، دير الغزال وجوارهما، إنما امتد إلى تربل، المعلقة، سعدنايل، قب الياس، شتورة وبر الياس(8) .
ومن المنفذين العامين الذين توالوا على المسؤولية في الثلاثينات، بعد الأمين يوسف الدبس الذي يعتبر بحق مؤسس فروع الحزب السوري القومي الاجتماعي في منطقة البقاع الأوسط، نذكر: جوزف بحمدوني، رشيد ليون ونظمي عزقول.
إذا كنا حالياً نرى في الانتماء إلى الحزب أمراً لا تحيق به أخطار الملاحقات والمحاكمات والسجون، إلا أن الوضع لم يكن كذلك في الثلاثينات، ليس فقط لأن لبنان كان تحت وطأة الانتداب الفرنسي حيث جيش المستعمر يحتل أرضه، واستخباراته تحصي الأنفاس، وقانون قمع الجرائم(9) سيف مسلّط فوق رقاب المواطنين إنما لأن منطقة زحلة كانت تحتضن، إلى مطار رياق العسكري، خط سكة الحديد من دمشق إلى منطقة الشمال السوري. فكان طبيعياً أن يضاعف الجيش الفرنسي من عيونه في هذه المنطقة وأن يتشدد في مراقبة كل شاردة وواردة، وبالتالي أن لا ينظر بارتياح إلى نمو الحزب وانتشاره بعد انكشاف أمره في 16/11/1935 واعتقال زعيمه ومعاونيه والعديد من أعضائه، فعمد على طرد جميع الرفقاء العاملين في المطار أو في محطة سكة الحديد، ثم توسعت عملية الطرد لتشمل كل من يمت بصلة قرابة إلى الأمين يوسف الدبس، أو هو من بلدة "دير الغزال" ، حتى إذا ما روجع المعنيون أجابوا: " اذهبوا إلى المسيو دبس فهو يدبر لكم عملاً في الحزب" .
بعد خروج سعاده من أسره الأول في أواسط أيار 1936 قام وفد من منفذية زحلة بزيارته للتهنئة. يقول الأمين عبدالله قبرصي في الجزء الأول من كتابه "عبدالله قبرصي يتذكر" التالي:
" لم يسعدني الحظ أن أحضر كل الاستقبالات لأن مشاغلي كانت قد تكاثرت ومسؤولياتي كذلك، إلا أن الزميل الاستاذ فوزي بردويل مرّ بي مع وفد زحلة في رتل طويل من السيارات، فقصدنا معاً بيت المعلم، وقد استمعت إلى الخطابين الحماسيين اللذين ألقاهما كل من الأستاذ بردويل والأستاذ جوزف بحمدوني. أذكر عبارة ظلت راسخة في ذاكرتي ألقاها الأستاذ بردويل: " إننا سنحقق بالدم المبادئ التي بها آمنا ".
ويضيف الأمين قبرصي: " آسف أن أسجل أن الزميلين العزيزين ما استمرا طويلاً على طريقنا، كل منهما ذهب في سبيله ".
وبعد خروجه أيضاً بأيام " تمّ اعتقال 15 رفيقاً من زحلة بينهم أربعة محامين كانوا مجتمعين حول مائدة في منزل الرفيق ميخائيل ريا في حي مارتقلا بتهمة انتمائهم إلى الحزب واجتماعهم في المنزل المذكور للتداول في تسيير شؤون الحزب(10) .
مؤامرة اغتيال الأمين الدبس
ولأن كل هذا التنكيل لم يؤثر على صلابة الرفقاء، وعلى ثبات إيمانهم، فقد تدبرت السلطات الفرنسية مؤامرة لاغتيال الأمين يوسف الدبس .
يروي الأمين يوسف تلك المؤامرة في كتابه " في مواكب النهضة " فيقول: في إحدى الليالي وكانت الساعة الثانية عشرة ليلاً سمعت قرعاً على الباب فقمت لأفتحه وشد ما كانت دهشتي عندما شاهدت فتاة فرنسية، والدها كولونيل في الجيش الفرنسي في رياق، وكنت قد تعرفت عليها في بيت أحد الأصدقاء في رياق، هذه الفتاة لا زلت أذكر إخلاصها ووفاءها حتى اليوم، قالت: "لا تتعجب من مجيئي إليك في هذه الساعة المتأخرة من الليل فاسمع ما جرى: " كان الاجتماع في بيتنا الليلة وقد كلف أحد الجنود باغتيالك عند ذهابك إلى رياق، دهساً بسيارة رينو رقمها كذا... فانتبه لنفسك وكن حذراً وإنني أفضل أن لا تنزل إلى رياق هذا الأسبوع وسأخبرك بكل التفاصيل فيما بعد، ثم ركبت حصانها وعادت في الحال.
" اتخذت الحيطة للأمر وكلّفت أحد أصدقائي الذين أعرف أنه على اتصال دائم بأحد الضباط فجاءني بالمعلومات التالية: "إن صاحب الرينو الحمراء كان يذرع رياق ذهاباً وإياباً مرات عديدة في النهار وهو يحمل رسمي بيده علّه يهتدي إلي للقيام بما كلّفوه. في الأسبوع نفسه بينما كان الجندي المسكين يقوم بمناورته كالمعتاد، ويظهر أنه كان قد شرب كثيراً من الخمر، اصطدمت سيارته بعامود الكهرباء وتحطمت فنقل إلى المستشفى وهو في غيبوبة ".
وفد زحلة إلى حفلة تأبين إبراهيم هنانو في دمشق
بعد أن وافت المنية في حلب رئيس الكتلة الوطنية في الكيان الشامي، إبراهيم هنانو، تقرر إقامة حفلة تأبينية كبرى في دمشق بتاريخ 11 كانون الثاني 1936.
من الشمال اللبناني تشكل وفد من الرفقاء مصطفى المقدم(11)، جبران جريج(12)، سعدي الذوق، فيما تشكل من منفذية زحلة وفد آخر ضم الأمين يوسف الدبس وعدداً من الرفقاء منهم سليم المعلوف (نائب زحلة).
يروي الأمين الدبس في كتابه أنه اتصل بالزعيم في سجنه يسأله الموافقة لأن يخطب باسم الحزب، بعد أن طلب منه ذلك المسؤول عن الاحتفال ونائب دمشق، عضو الكتلة الوطنية السيد لطفي الحفار، فنال الموافقة. ويضيف أنه ألقى قصيدته في الجامع الأموي الكبير بعد أداء فريضة الصلاة عن روح الفقيد، وإلقاء كل من الأستاذ فخري البارودي (أحد أقطاب الكتلة الوطنية) ونائب حماه الدكتور توفيق شيشكلي لكلمتهما، فلاقت التصفيق الحاد والاستحسان الكبير، مشيراً إلى أنه كان أول مسيحي يخطب في جامع بني أمية، حسب تقديم الأستاذ فخري بارودي له.
يوم تربل(13)
كان الأمين يوسف الدبس يتولى مسؤولية منفذ عام البقاع الأوسط عندما أقام الحزب مهرجانا حاشداً في سهل البقاع، في بلدة تربل، اعتبره سعاده من أيام الحزب وقد أتى على ذكره في ندائه إلى الأمة السورية في أول تموز 1939، " أذكركم بيوم طرطوس ويوم صافيتا ويوم تلكلخ وكواكب فرسانه ويوم تربل ومناوراته ".
عن يوم تربل يقول الأمين جبران جريج في الجزء الثالث من كتابه "من الجعبة": " لا بد من ذكر ذلك الاجتماع الضخم الذي أقامته منفذية زحلة في سهول البقاع الرحبة حيث حمل القوميون الاجتماعيون أعلامهم الى الاجتماع سراً ثم راحوا ينشرونها فجأة في المكان المقرر للاجتماع، فتعلم به قوى الأمن وتحاول مداهمته ولكن آنى لها ذلك فقد ناور المسؤولون واختفوا كما ظهروا منكفئين لجهة "تربل" وهذا مما حدا بالزعيم بتسمية ذلك الاجتماع من أيام الحزب التاريخية.
وعنه يقول الأمين يوسف الدبس في كتابه "في مواكب النهضة":
"وقف القوميون صفوفاً منتظمة بقيادة ناظر التدريب الرفيق ديب كربجها الذي كان يتمتع بجسم رياضي لافت وصوت جهوري ويرتدي اللباس الرسمي. وابتدأ بالإيعاز: " تهيأ، إلى الأمام سر، فمشت الصفوف بديعة النظام، وارتفعت أكفّ المواطنين بالتصفيق الحاد فيما رفيقنا ديب يصيح بصوت عال:
" واحد اثنان"، الى ان وصل الصف الأول إلى حافة الساقية، أو قل النهر الصغير، دون أن يسمع أعضاؤه كلمة إلى الشمال در، فنزل الصف الأول في الماء وتبعه الآخرون دون أن يلتفت أحد منهم شمالاً أو يميناً، ودون أي تذمر، وتبلّلت ثيابهم بالماء وهم لا يزالون سائرين كأنهم يسيرون على العشب الأخضر، ثم صاح ناظر التدريب: مكانك راوح، فوقفوا والماء تتراوح معهم إلى الأمام وإلى الوراء، ثم سمعنا كلمة إلى اليمين در، فخرج الجميع من الماء بشكل اعتيادي ومشوا كما كانوا، حتى خرج الجميع من الساقية كأن شيئاً لم يحدث دون أي اعتراض أو تأفف .
عند ذلك اقتربتُ من الرفيق ديب وسألته: "لماذا فعلت هذا" ؟ وقف رافعاً يده زاوية قائمة وقال: " كنت يا حضرة المنفذ أمتحن قدرة القوميين على الصبر وفهمهم للنظام، ألم نقسم على السير إلى الموت، فكيف لا نسير إلى ساقية في الماء" ؟ .
زيارات أخرى لسعاده
من الزيارات التي قام بها سعادة إلى منطقة زحلة نذكر تلك التي تحدث عنها الأمناء جبران جريج، يوسف الدبس ومصطفى عبد الساتر في مذكراتهم.
1. الأمين جبران جريج يروي في الجزء الثالث من مجلده "من الجعبة" (ص328-329) أن سعاده لبى، ومعه الرفيق فريد مبارك دعوة صديق له من البرازيل يدعى سليم نادر الذي كان والسيدة قرينته في زيارة إلى مسقط رأسه، زحلة. انضم إلى سعاده منفذ عام زحلة الرفيق نظمي عزقول، وفي الحفلة الراقصة التي أقيمت في أوتيل قادري شارك سعاده في الرقص، مفتتحاً إياه مع زوجة صاحب الدعوة.
2. عن كتاب الأمين يوسف الدبس "في موكب النهضة" (ص111-112) .
" وصل الزعيم فجأة إلى زحلة في سيارة تاكسي دون أن يرافقه أحد أو يعلم أحد بمجيئه، وما كاد يترجل من السيارة حتى شاهده أحد الرفقاء من مديرية بر الياس فاقترب منه رافعاً يده بالتحية وقدم نفسه "الرفيق قاسم الكردي" تعجب الزعيم وسأله: "كيف عرفتني ؟ وهل رأيتني قبل اليوم" ؟ قال: "كلا ولكن وجه الزعيم مرسوم في عقلي وقلبي". ولما سئل إلى أي مديرية ينتمي قال: بر الياس، فسأله الزعيم: "هل تعرف أين يكون المنفذ العام في مثل هذا الوقت" ؟ فأجابه الرفيق قاسم: "كان المنفذ يحضر الاجتماع الدوري عندنا وهو يتردد كثيراً على بر الياس هذه المدة ". قال سعاده: "إذهب فتش عليه وعد معه إلي ولكن قبل ذلك ادع لي عربة تجرها الخيول لأذهب إلى وادي العرائش، فإن لوقع حوافر الخيل على الأرض رنّة موسيقية أحب سماعها ".
" وصل الرفيق قاسم إلى رياق فدهشت لرؤيته متسائلاً: " هل هناك ما يقلق في بر الياس " ؟ قال: "جئتك بخبر مفرح فالزعيم في وادي العرائش" .
جئت مسرعاً مع مدير مديرية رياق الرفيق نبيه دموس ومدير مديرية زحلة الرفيق أنطون خوري(14) إلى الوادي فرأينا الزعيم جالساً عند طاولة فوق مجرى البردوني وهو مسترسل في أفكاره، يستمع إلى خرير مياه النهر .
" طال بنا الحديث حول أمور كثيرة: وضع المنفذية والمديريات، وضع زحلة ورياق، الإقطاعيون ومحاربتهم لنموّ الحزب. وعن مديرية بر الياس أخبرته أنني ترددت على المديرية لمدة أسبوع كامل يومياً وأدخلنا اثنين وستين شخصاً جديداً فاقسموا اليمين وأصبحوا أعضاء في الحزب. أنصت المعلم لما أقوله وكان انطباعه الأولي أنه لا يمضي أكثر من ستين يوماً حتى يكون هذا العدد عاد إلى قاعدته، وبالفعل لم يمض ثلاثة أشهر إلا والعدد الأكبر كان قد سقط وتخاذل ولذلك على ما أعتقد سببان: الأول أن العائلية لعبت دورها والعشائرية رفعت أذنيها، كل واحد يريد أن يكون المدير أو يفرض إرادته على لجنة المديرية، والسبب الثاني إننا لم ندرس هؤلاء الأشخاص درساً كافياً وافياً " .
3. عن كتاب الأمين مصطفى عبد الساتر "أيام وقضية"، ص90-91 .
" التقيت سعاده مرة أخرى على ضفاف البردوني. كان يتناول طعاماً بسيطاً خالياً من المشروبات الروحية، برفقة الرفيق أنطون خوري من زحلة ومرافق للزعيم لعله كان الرفيق توفيق نور الدين. أعلمني الزعيم أنه في زحلة للمراجعة بقضية خاصة لزوجته. عند مغادرة المقهى فوجئت أنه لم يكن هنالك أية سيارة في انتظاره. بناءً على طلبه انتقلنا سيراً على الأقدام إلى ساحة زحلة حيث استقل سعاده مع مرافقه المقعدين الأماميين إلى جانب السائق في سيارة أجرة عمومية، وبقي منتظراً، ونحن إلى جانبه رغم إلحاحه علينا بالانصراف، إلى أن اكتمل عدد الركاب. فأكبرت جداً هذا التواضع في الزعيم. أليس هو القائل في خطاب دير الغزال، قبل ذلك بأشهر قلائل " نحن لا نركب السيارات الفخمة إلى المقصف لشرب الويسكي وسماع الأغاني الجميلة. نحن لا نذهب إلى اجتماعات خفيّة ونقفل الأبواب مع عمال مأجورين للمساومة على مصالح الأمة. نحن نسير على أقدامنا ونعمل في أرضنا ونقف تحت الشمس شرفاء أعزاء، نأبى كل ما يعترض إرادتنا الحقّة في الحياة ".
زيارة سعاده إلى البقاع الأوسط عام 1948
بعد عودته من مغتربه القسري في 2 آذار 1947 قام سعاده بعدة جولات وزيارات إلى الفروع الحزبية، وكانت زيارته إلى البقاع الأوسط وخطابه في دير الغزال، من بين الأبرز فيها.
عن "النشرة الرسمية" – عدد أيار 1948 - ننقل أهم ما جاء عن هذه الزيارة:
" في صباح يوم الجمعة الواقع فيه الثالث والعشرون من نيسان عام 1948 توجه حضرة الزعيم يرافقه عميد الداخلية الأمين الياس جرجي والأمين عبدالله قبرصي وبعض كبار المسؤولين لزيارة مديرية دير الغزال التابعة لمنفذية البقاع الأوسط والتي يقيم فيها المنفذ العام. وكان المنفذ العام الرفيق يوسف الدبس قد توجه لملاقاة حضرة الزعيم وسار الموكب حتى وصل "المريجات" التي تقاطرت إليها وفود القوميين الاجتماعيين وقد ارتفع نصب قوس النصر وعليه ثلاث لوحات باسم المديريات الثلاث "مكسه" "بوارج" "المريجات".
وكان قد وصل القوميون الاجتماعيون من قب الياس وزحلة والمعلقة، فما أن أطل موكب الزعيم(15) حتى دوى الشارع بالتصفيق الحاد والهتاف وأدى القوميون الاجتماعيون التحية الرسمية، فاستعرضهم حضرة الزعيم ودخل بيت السيد أمين المصري حيث جاء أعيان البلدة للتعرف عليه وألقى الطفل فوزي أبو سعدى سعيد أبياتاً زجلية حتى إذا تمّ تقديم الحلويات نهض الزعيم واستعرض القوميين الاجتماعيين الذين كانوا لا يزالون في صفوفهم ثم سار الموكب بالترتيب التالي: الدراجات البخارية، سيارة المنفذ العام، سيارة الزعيم، سيارة الأمناء، سيارة الحرس، سيارة هيئة منفذية البقاع الجنوبي التي كانت وصلت في تلك الأثناء، ثم سيارات القوميين من بوارج والمريجات ومكسة وزحلة والمعلقة وقب الياس .
تابع الموكب سيره يخترق "شتوره" بين الزغاريد والهتافات حتى وصل "بر الياس" وكان القوميون الاجتماعيون على مدخل البلدة وعلى جانبي الطريق بشكل مرتب وقد رفعت لوحة فوق قوس النصر كتب عليها: "القوميون الاجتماعيون ووجهاء بر الياس وأهلها يرحبون بالزعيم المفدى". فوصلت السيارات تخترق الصفوف المتراصة التي استقبلت الموكب بالتصفيق والهتاف الشديدين والتحية الرسمية، وكان قد نُصب سرداق فخم انتشر فوقه شعار الزوبعة ورسوم قائد النهضة وفرشت الأرض بالسجاد. وتقدم الأعيان للترحيب بحضرة الزعيم والتعرف إليه وما إن أخذ الزعيم مكانه حتى وقف مدير مديرية بر الياس الرفيق يوسف حشيمة فألقى كلمة ترحيب باسم المديرية وأهالي بر الياس كان لها الوقع الطيب. ثم أعلن المنفذ العام أن حضرة الزعيم سيلقي كلمة، فعلا الهتاف والزغاريد ووقف سعاده يلقي كلمته، فحيا فيها القوميين الاجتماعيين وشكرهم وشكر أهالي بر الياس وخصّ بالذكر آل عراجي الذين كانوا أول المستقبلين متمنياً لهم كل توفيق ونجاح ثم أديرت القهوة المرّة والحلويات وودع الزعيم الجموع، وتابع الموكب سيره وقد انضمت إليه سيارات القوميين الاجتماعيين في بر الياس وهيئة منفذية راشيا التي وصلت ساعتئذ. وفي أول رياق كانت ست فتيات يحملن الزهور ومعهن طفلتان صغيرتان، الأولى كريمة الرفيق ميشال سلامة مدير مديرية رياق والثانية كريمة السيد نسيب الغندور، وقدمتا لحضرة الزعيم باقتين من الزهور فيما الصبايا ينثرن الرياحين. وقد ترجل سعاده وأخذ الباقتين وسأل عن الرفيق ميشال سلامة وطلب له العافية التامة والعودة إلى حياة الجهاد.
تابع الموكب سيره إلى بيت الرفيق نبيه دموس الذي كان قد أعدّ مأدبة شاي وكان القوميون الاجتماعيون بصفوفهم النظامية يستقبلون زعيمهم ويرحبون بباعث نهضتهم، والسطوح والشرفات ملأى بالناس، وعندما أخذ سعاده مكانه راح المواطنون يتوافدون للسلام عليه. بعد ذلك ألقى الرفيق ميشال كعدي مذيع مديرية رياق كلمة ترحيب كان لها الوقع الطيب فعبر عن اعتزاز المنطقة القومية الاجتماعية ونظرتها إلى الكون والحياة والفن. وعندما انتهى ألقى سعاده الكلمة التالية:
" أيها القوميون الاجتماعيون
أشعر بسعادة عظيمة لوجودي في هذا البلد الطيب، سعادة خاصة لي، لأن رياق لم تخيب قط الأمل الذي وضع فيها لإنشاء عهد جديد لهذه الأمة، إذ في هذه المنطقة ابتدأ الحزب السوري القومي الاجتماعي في البقاع ومنها امتد إلى جميع أنحائه (يشير حضرة الزعيم بذلك إلى أن الرفيق يوسف الدبس هو أول من آمن بالحزب ونشره في أنحاء المنطقة) .
" أذكر يوم رياق وقد دخلت إلى حانوت صغير رأيت فيه من الرجولة والعز الشيء الكثير واجتمعت فيه إلى عدد قليل من شباب رياق أكثرهم عمال وافتخر أنهم كانوا عمالاً حتى اليوم فنحن جميعاً عمال لهذا الوطن.
" وبعد خمس عشرة سنة جهاد ومثابرة صارت رياق جيشاً صغيراً من جيوش النهضة القومية الاجتماعية، إنها كتيبة من ألوية الزوبعة الحمراء وجيش الانتصار للنهضة القومية الاجتماعية.
" إن عهد الذل قد انقضى وقد وضعنا له حداً وابتدأنا عهد عز ومجد فتحناه بقوة إيماننا وسواعدنا وسنبقى رجاله المتمكنين نصونه إلى النهاية.
" أهنئكم أيها الرفقاء واعتزّ بكم، فلتحي رياق وليحي القوميون الاجتماعيون ".
وبعد استراحة قليلة تناول الجميع خلالها الحلويات والفواكه ودع الزعيم هذا الجمع الغفير واستأنف الموكب سيره باتجاه "دير الغزال" مخترقاً شوارع رياق، والهتافات تشق عنان السماء والجمهور يصفق للزائر الكبير حتى أطل الموكب على دير الغزال.
عند وصوله إلى قرية "رعيت" كان القوميون الاجتماعيون من مديرية قوسايا واقفين بالنظام القومي يهتفون ويهلّلون وساروا صفاً بديعاً أمام رتل السيارات حتى وصل الموكب إلى مكان الاجتماع. وهناك كانت الجموع الغفيرة محتشدة تنتظر وصول موكب سعاده فيما الفرسان على خيولها تلاقي الموكب وتهتف "لعينيك يا زعيم". ترجل الزعيم فدوّت الهتافات بحياته فيما القوميون الاجتماعيون يؤدون التحية الرسمية والمنفذ العام بجانبه يقوم بتعريف أعيان القرى المجاورة على سعاده.
أما الحفلة الكبرى فقد أقيمت في دار المنفذ العام. فوق قوس النصر الذي نصب، رفعت صورة الزعيم ونشرت على الجدران وبخط واضح كلمات عديدة لسعاده وأبيات شعرية للمنفذ العام فيما حملت لوحة باسم قوميي دير الغزال الكلمة التالية: "أهلاً بالزعيم المنقذ". وسط حشد يفوق الألفي رفيق ومواطن اعتلى المنفذ العام الرفيق يوسف الدبس المنبر ليعلن ابتداء الحفلة، فوقف الجميع وأدى القوميون الاجتماعيون التحية الرسمية، ثم ألقى المنفذ العام كلمة جاء فيها:
" حضرة الزعيم
من هذه البقعة الطيبة من قريتنا الصغيرة بمساحتها، الكبيرة بمبدئها وأمانيها، الفقيرة بمالها والغنية برجالها وإخلاصها، من هذه البيوتات المتواضعة وأنا أحد أبنائها والتي كانت أول قرية بقاعية استمدت نور الحزب السوري القومي الاجتماعي ووزعته في البقاع العزيز يسرّها أن تكون أول قرية تزغرد وتهلل لملاقاتكم والاحتفاء بكم.
" من دير الغزال، بلدي الحلو الصغير، الذي يحييك أخضرها ويابسها وسماؤها وأرضها، وباسم منفذية البقاع الأوسط أقف لأقول ويردد معي الحضور مرحباً بقائد الأمة وباعث النهضة القومية الاجتماعية:
يا فؤادي هلل هياماً ووجدا
يا زعيم الحمى وكل الأماني
في فؤادي من الأماني جيوش
عزمها همة الصبا وقواها
فالشباب القومي إن هب يوماً
* * *
عاد للموطن الزعيم المفدى
صد عنا عوامل الظلم صدا
كل جند منها يصادم جندا
خـــــاض فيهـــــا القــــومـــــــــــي مـثـنــى وفــــــــــــــــردا
راح يـبــنــي فــــــــوق الســــــــــــماكـيــن مـجــــــــــــــدا
إن عمراً قطعته في جهاد
أنت آمالنا وفيك منانا
لك في هذه القلوب مقام
يا زعيمي حرّر بجيشك شعباً
قد غزاه من اليهود فسادٌ
نحن والله في طليعة عهد
ذللوا صفحة الزمان وخانوا
لا تقل غطت السماء غيوم
خلق الناس في الحياة كراماً
* * *
ســـــــوف يبقــى علـى الـزمـــــــــــــــــان ويــهــــــــــــــــــدا
أزهــــــرت دوحـــــة وطابــت عــــهـــــــــــــــــــــــدا
قـــــد صفا نهلة ورقرق وردا
خـيــــــــــــــــــــم الــــذل فـوقــــه واســــــتـبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدا
ووراء الفــسـاد إثم تعدى
جـــعلوه معكّراً مسوداً
أمل الشعب واستحلوه مبدا
إن بين الغيـــوم برقا ورعدا
ليــــس نرضى في الناس حرّاً وعبداً ل
" يا زعيمي:
نحن نعلم أن الذين يؤمنون بحقهم في الحياة ويشعرون بكرامة ومجد لا يقف في طريقهم فقر ولا غنى ولا شدة ولا رخاء لأن الإيمان يغمر قلوبنا ويملأ أفئدتنا نوراً وضياء. فلا نتكل إلا على أنفسنا ولا نتوانى لحظة عن متابعة النضال ومواصلة التضحيات في سبيل حرية أمتنا وفقاً للمبادئ التي وضعتها ونسعى لتحقيقها والوصول إليها.
أما أنتم أيها البقاعيون
إن الحزب القومي الاجتماعي الذي يعمل لأجل الحياة والكون والفن يعمل ليبني لكم وطناً جميلاً يفيض بالخير فنحن لا نرضى أن يكون لنا وطن لا خير فيه ولا فائدة بل نحن وطناً يشعر أفراده بشخصيتهم الإنسانية ويزاولون حقوقهم الاجتماعية لينمو في قلوبهم حب الوطن والتعلق به والإخلاص له.
نحن نريد أن نحطم عن كاهل الفلاحين النير الذي وضعه في أعناقهم أصحاب السلطات المالية لأننا نطلب نظاماً اقتصادياً يكفل النصيب العادل للعمل إذ لا يترك الحق لصاحب العمل في تحديد أجور العمال حسب رغبته بل يضع إنتاج العامل أساساً لذلك التحديد ويوجد التعادل الحق بين الأجرة والإنتاج لكي ينصف العامل ويرتفع الحيف اللاحق به.
نحن نريد أن نحرر فلسطين الشاطئ الجنوبي العزيز من طمع الطامعين وفساد اليهود العابثين ففي نفوسنا من عبثهم ثورة وشاءت الإرادات الأجنبية أن يتسلحوا وأن نبقى نحن بلا سلاح.
هلل المجد اغتباطاً وهياماً
وشدا كل بأنغام الهنا
يا زعيمي هي ذي أرواحنا
عقد المجد على أكتافنا
***
واكتسى " الدير" جلالاً فتسامى
مظهراً ما جاش في الصدر وقاما
لا نبالي أن سفكناها غراماً
لا نهاب الموت، أو نحيا كراما
يا رفاق الخير إن جاء الندا
فابعثوها ثورة قومية
وانشـــــــروا رايتكم زوبعة
نحن في الدنيا حديث للملا
***
يوقظ الكسلان فينا والنياما
تملأ الشط الجنوبي حماما
والجبــــــــان النذل واروه الرغاما
نملأ البطحاء رفقاً واحتشاما
جاء دور السيف أجدى شاهد
دبت النخوة هزت شعبنا
يا زعيمي مرَّ دوماً ترنا
جونا الجو فلسطين لنا
***
يقطع الأعناق يلقيها ركاما
شيخنا والكهل فينا والغلاما
نستحث السير لا نبغي انفصاما
نحن لا نرضى انخذالاً واغتناماً
ثم راح المنفذ العام يقدم الخطباء فكان الخطيب الأول الأمين عبدالله قبرصي فألقى كلمة موضوعها لماذا نحب الزعيم. واشار إلى كلمة المنفذ العام عن دير الغزال، البلد الصغير، فقال أن النوابغ لا يخرجون عادة إلاّ من القرى الصغيرة، ألا يكفي أن دير الغزال أنبتت يوسف الدبس وأن ضهور الشوير البلد الصغير أنبتت سعاده قائد النهضة الجديدة، ألم تخرج بيت لحم السيد المسيح، وكان للكلمة الأثر الطيب.
وعقبه الرفيق يوسف حاتم بقصيدة زجلية كانت تقاطع أبياتها بالتصفيق ثم كانت كلمة منفذ عام بعلبك الرفيق مصطفى عبد الساتر الذي ألقى كلمة جميلة كان لها الوقع الحسن في الجمهور. ثم كانت مقطوعة السيد سليم فرحات باسم "المعلقة" فيها أبيات شعرية عالية أعجب الجميع بها نظماً وإلقاءً. ثم كانت قصيدة الرفيق توفيق التيني باسم زحلة.
وما كاد المنفذ العام يعلن أن الكلمة الآن لحضرة الزعيم حتى دوى المكان بالهتاف واشرأبت الأعناق والكل متلهف أن يسمع خطاب قائد الأمة في هذا الموقف العصيب الذي تقطعه البلاد اليوم. ووقف أبناء الحياة يؤدون التحية وكانوا قد تحمّسوا كثيراً فأمر المنفذ العام بعدم إطلاق النار بتاتاً وكان حضرة الزعيم قد اعتلى المنبر وألقى خطابه التاريخي. (مثبت في ختام الكتيب) .
*
مأدبة الغداء
انتهت الحفلة الخطابية بين الإكبار والإعجاب وسار المدعوون إلى المأدبة التي أعدت على شرف الزعيم ومشى القوميون الاجتماعيون في حالة من الفخر والحماس وكان قوميو رعيت ودير الغزال يتقدمون الجميع وقوميو قوسايا ينشدون ويزغردون بأصوات تشق عنان السماء، إذ بلغ الحماس أقصى شدته.
وعلى المائدة التي ترأسها الزعيم وقفت الطفلة نجوى الدبس تلقي أبياتاً زجلية رقيقة أعجب بها حضرة الزعيم فقربها منه حيث أدت له التحية الرسمية فقبّلها وشكرها.
وبعد المأدبة العامرة زار سعاده الشيخ عبد أبو سمرة الدبس والد الرفيق أبو سمرة الدبس مدير مديرية دير الغزال وشكر للشيخ الجليل كرم وفادته متمنياً له الشفاء العاجل وصافح القوميين الاجتماعيين الموجودين هناك والقوميات الاجتماعيات.
قوسايا
وغادر موكب الزعيم دير الغزال إلى قوسايا التي كانت منذ زمن طويل تنتظر بشوق زيارة سعاده، الذي حلّ ضيفاً في بيت المدير الذي كان عمل والرفقاء على إقامة أقواس النصر تتوسطها الزوابع ولوحات باسم المديرية.
زحفت البلدة بأجمعها مع القوميين الاجتماعيين تستقبل زعيم الحزب والرفقاء يملأون الفضاء بأغانيهم البلدية، وحين جلس الزعيم ورفقاؤه ألقى الرفيق خليل كعدي مدير مديرية قوسايا خطاباً ترحيبياً جامعاً وقام بعده الرفيق جورج تبشراني وألقى بصوته البديع قصيدة زجلية لاقت الاستحسان الكبير.
ثم ألقى سعاده كلمة حيا فيها قوميي قوسايا وأهاليها جميعاً وحثهم على الأخذ بتعاليم النهضة القومية الاجتماعية التي تقودهم وتقود بلادهم إلى النصر.
بعد انتهاء سعادة من كلمته، غادر المكان وسط هتاف القوميين الاجتماعيين الذين واكبوه بأناشيدهم، ثم رافق موكبه عدد من القوميين الاجتماعيين يتقدمهم المنفذ العام حتى إذا وصلوا إلى المريجات، وقف المنفذ الرفيق يوسف الدبس والرفقاء وأدوا التحية للزعيم، الذي بعد أن صافحهم فرداً فرداً، تابع موكبه سيره نحو بيروت.
*
الدعوى الباطلة
نجاح المهرجان الحاشد أثار استباء خصوم الحزب، ومنهم ضابط الأمن المسؤول في منطقة زحلة، بربر الخازن، الذي أسرع إلى رفع تقرير إلى النيابة العامة يتهم فيه الأمين يوسف الدبس بإقامة حشد غفير في بيته دون إذن، وبإلقاء خطاب يطالب فيه بهدم الحواجز بين لبنان والشام وإقامة دولة واحدة.
في كتابه "في موكب النهضة" يشرح الأمين يوسف الدبس ما جرى له، فيقول أن القاضي أنور الخطيب(16) الذي كان يرأس محكمة البقاع البدائية، بعد أن قرأ تقرير الضابط، سأل الأمين الدبس هل لديه ما يقوله جواباً على ما ورد في التقرير.
أجابه الأمين الدبس: نعم، لقد دعوت الزعيم سعاده إلى دير الغزال وأقمت له حفلة تكريم في الفسحة الكبرى أمام بيتنا وهذه لا تتطلب إذناً ولا رخصة لأن الحزب مرخص له من الدولة اللبنانية وله الحق بإقامة الحفلات، أما مطالبتي بضم لبنان إلى الشام فهذا لم يحدث وليس لي أي علم به، وإذا شاء حضرة الرئيس أن يطلع على النشرة الرسمية للحزب التي صدرت بعد الحفلة وفيها الوصف الكامل لمجيء سعاده وعودته فهذه هي ".
بعد كلام المحاميين الأمينين عبدالله قبرصي ومصطفى عبد الساتر، والنائب العام جوزف خوري، قرر رئيس المحكمة تأجيل المحاكمة شهراً ليتسنى لها درس الملف والنشرة الحزبية جيداً.
في هذه الفترة تطوّع عدد من محاميي زحلة للدفاع عن الأمين الدبس، منهم نجيب عزقول، طانيوس البقاعي، نجيب الفرزلي، شكر الله نصر الله، عوض إبراهيم، بالإضافة إلى المحاميين الأمينين قبرصي وعبد الساتر.
كذلك كانت حدثت تشكيلات بين رجال القضاء أقصت جوزف خوري عن النيابة العامة في زحلة ليحل مكانه الاستاذ ميشال خوري، وهو رجل معروف بنزاهته وإخلاصه كما يقول الأمين الدبس في كتابه، ويضيف: "حين دخولنا للمحكمة ومعي هذا العدد الكبير من المحامين، تهيّب الناس الموقف وخيّم السكون على الحاضرين وإذ أعلن رئيس المحكمة ابتداء المحاكمة تقدم الأمين قبرصي للمرافعة، وقبل أن يبدأ كلامه طلب منه الرئيس التوقف والتفت إلى النائب العام الجديد وقال: هذا الشاب الماثل أمامنا دعا زعيمه لحفلة في قريته دير الغزال بمناسبة عيد مار جرجس وتخلل الحفلة خطب وشعر وانتهت بمأدبة غداء، ولم يحدث ما يعكر صفو الأمن ولا أرى أن هناك ما يستحق هذه الضجة وهذه المحاكمة فما رأي حضرة المدعي العام ؟ فوقف هذا الأخير وهو يبتسم وقال: أرى من الواجب أن نشجع الشباب على حب وطنهم. فنحن بأشد الحاجة لمثل هؤلاء، لذلك أطلب براءة المدعى عليه " .
انتهت المحاكمة بنجاح، كما المهرجان الذي يبقى درة في تاريخ الحزب في منطقة زحلة.
*
قوسايا في الحزب
صحيح أن الحزب نشأ في منطقة البقاع الأوسط في دير الغزال التي منها الأمين يوسف الدبس (أول رفيق، وأول مدير، وأول منفذ عام في المنطقة) وفي رياق كما سبق وأوردنا، إلا أن الحزب شهد في بلدة قوسايا حضوراً مميزاً، ليس فقط في سنوات التأسيس وما تلاها، إنما أيضاً في العام 1958 عندما سقط منها أربعة شهداء في معارك شملان، وبقيت في ذاكرة الحزب تحتل الموقع الجميل المتناسب مع دورها وتضحيات الرفقاء من أبنائها .
يفيد الرفيق خليل كعدي(17) أن شقيقه الرفيق كرم هو أول من انتمى إلى الحزب من أبناء بلدة قوسايا. كان يعمل مساعداً لعمه طبيب الأسنان فريد كعدي في رياق، مما جعله يتعرّف على الرفقاء فيها، فينتمي، ويباشر عمله الحزبي في بلدته، فتأثر بكلامه عدد من الشبان إلا أنهم لم يؤدوا القسم، واستمروا مناصرين للحزب حتى صيف العام 1946 عندما كان الأمين يوسف الدبس يعقد اجتماعاً إذاعياً في أحد منازل قوسايا، فقرّ العزم على تأسيس مديرية فيها.
يذكر الرفيق خليل من أعضائها الرفقاء جورج وفايز تبشراني، شكيب حداد، جوزف أمين كعدي، بشارة كعدي، الياس جرجس كعدي، ناصيف ديب كعدي، حسان معارك كعدي، أما هيئة المديرية فتشكلت من الرفقاء خليل كعدي مديراً، فايز تبشراني ناموساً، جورج تبشراني مدرباً(18) .
بعد انتقال الرفيق خليل كعدي خارج قوسايا، تولى الرفيق فايز تبشراني مسؤولية مدير مديريتها، بعده تسلم الرفيق شاهين حداد.
خلال أحداث العام 1958 ولأن قوسايا تقع على مقربة من الحدود الشامية، وتحيط بها بلدات كانت متعاطفة مع "المقاومة الشعبية"، فقد قام الرفقاء مع أهالي البلدة بدورهم في الحراسة، والحؤول دون مرور المتسللين عبرها.
مع ذلك، وعندما طلب الحزب مقاتلين للاشتراك في معارك شملان، لم يتوان عدد من رفقاء قوسايا دون تلبية النداء، فسقط منهم الشهداء الأبطال: فايز تبشراني، شكيب حداد، الياس كعدي، وميشال لبكي(19) .
ولا بد، ونحن في الحديث عن حوادث العام 1958 إلا أن نذكر بتقدير كبير الرفيق ميشال سعاده، صاحب أوتيل "سلكت" الذي كان إلى سنوات عديدة مقراً ومعبراً لآلاف القوميين الاجتماعيين، وقد قدم الرفيق سعاده أرضاً له في شتورة لإقامة المخيم القومي الاجتماعي التدريبي طيلة أشهر صيف العام 1958، وهذا المخيم كان نقطة ارتكاز في البقاع لكل تحركات الحزب العسكرية.
• تعرّفت اثناء وجودي في البرازيل على الرفقاء جوزف كعدي، عقيلته تاج، وشقيقه بشارة. لا اذكر انهم تغيّبوا عن حضور اي اجتماع حزبي او مناسبة. وكان الرفيق بشارة يحضر من مكان بعيد في سان باولو مع الرفقاء المتواجدين في جوار سكنه: اكرم بشور (صافيتا)، رافع نصار (بزبينا – عكار) واحمد طه (كامد اللوز).
*
مهرجان قوسايا
يوم الأحد 9 تشرين أول عام 1960 شهدت قوسايا، والبقاع، أحد أهم مهرجاناتها، والمناسبة نقل رفات شهداء البلدة الذين سقطوا عام 1958 في شملان إلى ضريح جديد أقيم في أول البلدة.
جريدة الحزب، البناء، التي كانت تصدر يومية في تلك الفترة، أبرزت الخبر في صفحتها الأولى، قالت:
كان عرس في البقاع. كانت أعلام الزوبعة الحمراء تخفق وكانت حناجر القوميين الاجتماعيين وأبصارهم وشرايينهم تندفع في عرمرم زاحف. لم يكن لها حد ولم تسعهم أرض. من كل مناطق لبنان جاءت وفودهم لتنحني أمام أكبر رجولة من التاريخ. وجاءت لتعاهد وتؤكد بأن مفاتيح الدم لم تزل في يد الأمة وستظل معها، تفتديها وترد عنها الكيد والجريمة.
الساعة الثانية بعد الظهر. قوسايا، البلدة الهاجعة في السفوح، تعجّ بالخلق والسيل لما يقف. وأطل موكب رئيس الحزب الأمين الدكتور عبدالله سعاده. وفود المناطق في صف طويل منتظم. سلام للرئيس. وخيّم الصمت وتقدم الرئيس يعرض الصفوف، خيّل لي أن يد الرئيس لن تستطيع البقاء مرتفعة إلى النهاية، فالصف طويل طويل.
بعد أن استعرض رئيس الحزب صفوف القوميين الاجتماعيين توجه يرافقه عمد الداخلية، المالية، الإذاعة والدفاع إلى بيت الشهيد الياس كعدي حيث استقبله أهالي الشهداء ثم توجه الموكب المركزي مع القوميين وأهالي الشهداء إلى الضريح الجديد الذي أقيم فوق تلة خارج البلدة.
بعد مراسم نقل رفات الشهداء، والصلاة على أرواحهم، افتتح المندوب المركزي للبقاع الأمين مصطفى عز الدين الاحتفال، بكلمة مناسبة، ثم كانت الكلمات لكل من الرفيق منير تبشراني باسم أهل الشهداء، وناظر إذاعة منفذية زحلة الرفيق فؤاد فضول.
الكلمة الأخيرة كانت لرئيس الحزب آنذاك الأمين الدكتور عبد الله سعاده الذي ارتجل خطاباً شاملاً. بعد ذلك وقف رئيس الحزب مع أهل الشهداء لتقبل التعازي.
بعد انتهاء مهرجان قوسايا انتقل رئيس الحزب في موكب حزبي إلى قرية "بوارج" حيث وضع إكليلاً من الزهر على ضريح الرفيق الشهيد راغب جابر.
*
بدايات العمل الحزبي في المريجات(20)
من المرجّح أن الحزب دخل إلى بلدة المريجات بين عامي 1939-1940 على يد الرفيق وديع زيتوني(21) الذي كان انتمى في تلك الفترة، وهو من بلدة عين دارة، حيث كان يعمل وكيلاً على الإنشاءات التابعة لسكة الحديد في ضهر البيدر، وكان يسكن بلدة المريجات في منزل قريبه علي خطار زيتوني، قبل أن ينتقل إلى منزل رجل يدعى أسعد كسّاب. لا يُعرف بالتحديد كيف تمّ اللقاء بين الرفيق وديع زيتوني والأمين يوسف الدبس، مؤسس العمل الحزبي في منطقة البقاع الأوسط، إلاّ إنّه من المؤكد وجود مديرية في بلدة المريجات عام 1946 كان مديرها الرفيق وديع زيتوني. الواقع أن الحزب في هذه المرحلة قد انتشر انتشاراً واسعاً في متحد المريجات، حيث اتسعت لتضّم أعضاء من بلدتي مكسة وبوارج إضافة إلى المريجات، فكانت قوة الحزب في بلدة المريجات مؤثرة على دخوله إلى البلدتين المذكورتين، لأن مدير مديرية المريجات كان مسؤولاً بحكم عمله، عن مكسة وبوارج، فبلغ عدد الأعضاء في المديرية حوالي 150 رفيقاً، ممّا أدى لتقسيمها إلى ثلاث مديريات (المريجات، مكسة، بوارج). وقد انضمّ إلى الحزب آنذاك عدد كبير من أبناء عائلات مصري، سعيد، وزيتوني. ويذكر أنّ عدد الرفقاء في مديرية المريجات في تلك الفترة تجاوز الأربعين، منهم على سبيل المثال: مسعود المصري، فؤاد حسون المصري، توفيق المصري، سليم حمود سعيد، توفيق عبدالله سعيد، نجيب زيتوني، توفيق زيتوني، فريد زيتوني، فهد زيتوني. وفي مرحلة لاحقة انتمى إلى الحزب كلّ من وديع محمد المصري، يوسف رشيد المصري، منيف المصري، رؤوف المصري، منير المصري، رفيق زيتوني، شوكت سعيد، فارس فرحات سعيد، يوسف سويد، جوزف مشعلاني، أنطوان هدوان وسجيع سعيد وغيرهم. وقد اتخذ منزل السيد شاهين المصري والد الرفيق رؤوف مركزاً للمديرية.
الجدير بالذكر أن عدداً من الأمناء والرفقاء إضافة إلى الأمين يوسف الدبس الذي كان يزورها باستمرار، كانوا يترددون على المديرية أو يقيمون فيها بشكل جزئي دون أن يتبعوا لها. نذكر على سبيل المثال الأمين مصطفى عز الدين الذي كثيراً ما كان يحضر إلى المديرية وهو يحمل أحياناً سلة عنب وفي قعرها يخبئ البريد الحزبي الذي يسلمّه للرفيق وديع زيتوني. كذلك الرفيق هاني شمس الدين شقيق المغني نصري شمس الدين، ويحكى عنه أنه التقى مسؤول الكتائب اللبنانية في المريجات ويدعى يوسف العشّي بشعلاني، وبعد حوار دام قرابة الساعة قام هذا الأخير بالاستئذان قائلاً: " لو جلست معك ساعة ثانية لدخلت الحزب القومي". يحكى أيضاً عن تردد الرفيق أديب حداد (أبو ملحم) إلى المديرية وبالتحديد إلى منزل علي زيتوني.
*
بـوارج
من قرى وبلدات البقاع الأوسط التي شهدت انتشاراً جيداً للحزب فيها، نذكر بتقدير بلدة بوارج الذي منها شهيد العام 1958 الرفيق راغب جابر، والتي أعطت للحزب عشرات الرفقاء، وما زالت، ومنها الأمين يحيى جابر الذي كان تولى في الحزب مسؤوليات قيادية، منها رئاسة المجلس الأعلى، نائب رئيس الحزب، عميداً للإذاعة والإعلام.
في كتابه "في موكب النهضة" يروي الأمين يوسف الدبس عن حادثة جرت في بوارج تعطي دليلاً على الحضور الجيد للحزب في تلك البلدة:
" هذه البلدة الصغيرة المرتفعة "بوارج" أحببتها كثيراً وأحببت أهلها لإخلاصهم وكرمهم وعلو أخلاقهم وكان لي الشرف بتأسيس مديريتها وزيارتها من وقت لآخر، كم أكلت من خبزها وشربت من مائها وتحدثت إلى شبابها .
عام 1946 تضايق رئيس بلدية بوارج من انتشار الحزب في بلدته، فشكا أمره إلى نائب البقاع رفعت قزعون ودعاه لتناول العشاء عنده.
" وافق النائب على ذلك وأرسل مجموعة من رجاله إلى بوارج تهيئ للاحتفال بقدومه مع فرقة موسيقية من "جمعية مكارم الأخلاق" التي كان النائب البقاعي يعدها للمناسبات، وفي الوقت المحدد وصل "رفعت بك" إلى بوارج على رأس رتل من السيارات وهو يعتقد أن أهالي بوارج سيكونون جميعاً في استقباله، ولكنه قوبل باستقبال فاتر جداً، فترك بوارج دون أن يتناول الطعام وهو في حالة عصبية شديدة، في وقت كان القوميون الاجتماعيون مجتمعين عند المدير المرحوم قاسم جبر للتداول في الوضع في البلدة.
" كنت في ذلك الوقت أسكن في قب الياس بعد أن اتفقت مع إحدى المدارس الخاصة لتدريس اللغة العربية.
" في صباح اليوم التالي ولم أكن أعلم شيئاً مما حدث، دخل عليّ مدير مديرية بوارج وقصّ الأمر بحذافيره وطلب مني أن أزور بوارج فوعدته بذلك دون أن أحدد له موعداً ولكنني في عصر اليوم التالي تركت قب الياس مع المدير الرفيق عطا مرعي وسرنا مشياً على الاقدام الى مكسه ومشى معنا المدير ابو سعدى، ورفيق آخر إلى المريجات فانضم إلينا المدير الرفيق وديع زيتوني ورفيق آخر ومشينا جميعاً إلى بوارج وبعثنا برسول إلى المدير نبلغه بقدومنا .
" لا أقدر أن أنسى استقبال أهالي بوارج لنا، هذا الاستقبال العفوي الصحيح إذ أنني لم أتمالك من ذرف دموع الفرح حين رأيت النساء في مقدمة المستقبلين وهن يزغردن ويلوّحن بالمناديل قائلات:
" يا أم كحيلة المنديل ميلي صوبنـا ميـلـــــــــي
بكرا بيجينا الزعيــــــم منعمل فرحة وتهليلي
ما أروع هذه الكلمات من نساء بوارج وهن لا يعرفن الزعيم ولا يعلمن شيئاً عنه سوى أنه مؤسس الحزب القومي الاجتماعي.
" وفي بوارج وعلى شرفة البلدية وقفت خطيباً وألقيت كلمة حماسية في القوميين ثم وجهت حديثي إلى أهالي بوارج بكلمة صغيرة قلت فيها: " إن هذه النهضة أتت لتعمل من أجلكم، لتخلصكم من الإقطاعيين والرأسماليين، من المتلاعبين بشعوركم وأموركم، أتت لخدمة العامل والعمال، لخدمة المزارع والفلاح لأننا جميعاً نعمل لخدمة هذا الوطن. صدقوني أن بوارج قريتكم الصغيرة ستنزل في تاريخ هذه الأمة، غيرنا يأتي بالسيارات والموسيقى ونحن نأتي مشياً على أقدامنا ولا نطلب جزاء ولا شكورا. نحن نأتي مرفوعي الرؤوس لأننا نعمل للخدمة العامة ولأننا نؤثر المصلحة العامة على المصلحة الخاصة " .
دوى المكان بالتصفيق والزغاريد وانتهت الزيارة التي كان لها التأثير الفعال، فتهافت الكثير على الدخول في صفوف النهضة.
*
الحزب في الكرك - المعلقة
لأن الكرك والمعلقة متقاربتان، فقد تداخل العمل الحزبي فيهما بحيث بات صعباً فصل تاريخ الحزب في الكرك عنه في المعلقة .
المرجح أن الحزب دخل إلى المنطقتين أواخر الثلاثينات، ومن أوائل الرفقاء فيهما جورج حبيب أبو حنا، يوسف أمين الخطيب، لطف الله قازان (طبيب أسنان)، سليم محمد زين، أنيس سابا.
وتتالت الانتماءات، فانتظم عشرات الرفقاء في أواخر الأربعينات، وانقسمت مديرية المعلقة إلى مديريتين تولى إحداهما الرفيق لطف الله قازان، والثانية الرفيق سليم الزين.
عام 1954 انتمى في المعلقة الأمين شكيب بعدراني ففوجئ بمعرفة أن شقيقه خليل قد سبقه إلى الانتماء. يقول أن عدد أعضاء المديرية كان يفوق الثلاثين رفيقاً، من بينهم الرفيقة أوديت شويري زوجة الرفيق سليم الزين، والدتها سلمى الشويري، يوسف أبو ناضر، خضر الزعرت (تولى مسؤولية مدرب)، مصباح بدرخان، محمد الصلوخ، حسن كريم كنعان، بشارة الخراط، أنيس الزين، محمد سليم الزين، يوسف حاتم الأشقر (عرف بـ "أمير العتابا")، قاسم عويشق، خطار صعب، حسن زريق، محمد خضر (الملقب بـ "البرغوت"، ميشال قرطاس، حنا صافي، ادمون صعب (الصحافي المعروف)، ميشال علاف، سليمان فريجي وزوجته، علي حمود أبو أحمد (تولى مسؤولية مدرب مراراً وكان بيته بيتاً للحزب)، سامي سلهب، نظير دغلاوي، ميشال جوارو، عزيز شاهين، سليمان شوكي، جورج شوكي، محمد شميس، علي أبو دية، محمد أبو دية، عبدالله صبرا، جوزف أبو حنا، علي طالب. إلى الأسماء أعلاه يضيف الرفيق أنيس سابا الذي كان انتمى عام 1943 مع الرفيق خليل إبراهيم شهوان في مديرية المعلقة، الأسماء التالية: طانيوس الصربوخ الذي تولى مسؤولية مدرب أكثر من مرة، تامر تامر (تولى مسؤولية مذيع)، إميل معلوف، عبدالله مرتضى، إيلي سلامة، جوزف بحدوش، طانيوس بحدوش، محمد قاسم مهدي.
*
وبعد، هل هذا كل شيء ؟ بالطبع لا، فنحن لا نكتب تاريخاً، إنما نعرض لبدايات، نروي بعضاً من كثير، فتاريخ الحزب في أي منطقة في لبنان لا يكفيه كتاب ولا مجلد، فكيف بعرض عام هدفه أن يقول للمواطن شيئاً مفيداً عن الحزب في منطقة البقاع الأوسط، وللرفيق، أن يدعوه ليسجل معلوماته فيكون هذا العرض محرّضاً له لينخرط في واجب صياغة التاريخ الكامل لمنفذية زحلة، الغنيّة بأحداثها، وبنضالات الرفقاء فيها.
فهنك فروع تأسست ونبضت بحياة الحزب وكان لها جولات في النضال، منها قب الياس، الفرزل، بر الياس، رياق، علي النهري، تعلبايا، جديتا، شتورة، ومنها سقط رفقاء شهداء في الحزب، وتولى امناء ورفقاء مسؤوليات مركزية ومحلية في درب الصراع القومي الاجتماعي. نأمل ان نتمكن، كما منفذية زحلة من ايفائهم حقهم على حزبهم، فيستمرون في ذاكرته، ويخلدون في مسيرته، شهداء او مناضلين.
ختاماً نوجه التحية إلى رفقائنا الشهداء الذين ضحوا بحياتهم في سبيل نصرة حزبهم، إلى أمنائنا الجزيلي الاحترام، الراحلين منهم والباقين معنا، إلى رفيقاتنا ورفقائنا الذين بنوا مداميك للنهضة وساهموا في تأسيس الحزب في منطقة زحلة، وفي نمو العمل فيها، وإذ نعتذر عن ذكر الأسماء فخوفاً من أن يسقط أي اسم سهواً، فيما نحن نحفظ للجميع الكثير من التقدير، ومن الوفاء لعطاءاتهم ولما سطروه في تاريخ الحزب.
هوامـش
(1) لصاحبيه الرفيق نعيم فتوح وشقيقه .
(2) فنان وأديب ومقدم برامج، عرف بظرفه .
(3) طرد معه: شقيقه فكتور والعضوان بطرس سماحة وأنطون حبيش .
(4) الصفحة 355. وفيها يفيد الأمين جريج أن الرفيق فؤاد مفرج عندما اضطر الرفيق صلاح لبكي للتخلف عن الحضور لإلقاء قصيدة في حفلة ختام السنة الدراسية في مدرسة خاصة في بترومين كان يدرّس فيها الأمين جبران جريج، "أتانا بالشاعر الناشيء الرفيق سعيد عقل الذي كان قد انتمى منذ حين على يده. فأبدل اسم صلاح لبكي باسم سعيد عقل".
(5) كان فوزي بردويل محامياً ناشئاً في زحلة عندما التقى بعدد من مواطنيه وأسسوا "رابطة الشباب الحر" لمحاربة الانتداب من جهة وللعمل على وحدة البلاد السورية من جهة أخرى. دعي إلى مؤتمر الساحل الثاني (آذار 1936) فالتقى بوفد الحزب المؤلف من صلاح لبكي ومأمون أياس، بعد المؤتمر حصل اجتماع بينه وبين ممثلي الحزب في منزل نائب الزعيم صلاح لبكي حيث انتمى إلى الحزب بعد نقاش وبحث وتردد (جبران جريج – الجزء الثاني من كتابه "من الجعبة" (ص. 197) .
(6) تعين منفذاً عاماً لزحلة، إلا أنه لم يثبت طويلاً إذ سرعان ما انهار .
(7) تولى في الحزب مسؤولية منفذ عام، وكان ناشطاً حزبياً وبقي مؤمناً بالعقيدة حتى آخر سنوات حياته، شقيقه الدكتور كريم عزقول، والرفيق المحامي إميل عزقول المقيم في سان باولو البرازيل .
(8) الأمين جبران جريج "من الجعبة" الجزء الثاني (ص. 198) .
(9) القانون الصادر تحت رقم LR 115 كان يحظر أي نشاط حزبي أو سياسي، وكان يعني أن كل فئة تتجاوز الخمسة أشخاص تجتمع في مكان معين بغير إذن رسمي وتشاء الحكومة أن تظن أنه يوجد مقاصد وراء الاجتماع فلم يكن ما يمنع من دخول رجال الأمن واستياق المجتمعين إلى دوائر التحقيق .
(10) الأمين جبران جريج، الجزء الثاني من "من الجعبة" (ص. 245) .
(11) منح الرفيق مصطفى المقدم رتبة الأمانة وتولى مسؤولية منفذ عام طرابلس، أما الأمين جريج فقد منح رتبة الأمانة، تولى في الحزب مسؤوليات عديدة، محلية، ومركزية، منها منفذ عام في الكورة وبيروت، رئيس مكتب عبر الحدود، عميد للمالية، عضو ورئيس للمجلس الأعلى، ورئيساً للحزب .
(12) من بلدة رياق: كان رفيقاً نشيطاً ومخلصاً اعتقل مع الأمين يوسف الدبس ورفقاء من البقاع في معتقل المية ومية (أوائل الحرب العالمية الثانية) تعين رئيساً لدائرة الهاتف في رياق. توفي عام 1999 .
(13) لا يورد الأمينان جريج والدبس تاريخاً محدداً لمهرجان تربل، إلا أن الأمين جريج يتحدث عن المهرجان في مجلده الثالث الذي يغطي السنة الحزبية (1936-1937) وبعد أن يكون أورد عن يوم بكفيا الذي جرى في 21 شباط 1937. مما يعين أن مهرجان تربل تمّ في العام 1937 .
(14) غادر إلى الولايات المتحدة بعد استشهاد سعاده .
(15) يفيد الرفيق سليم خوري (تولى مسؤولية وكيل عميد الدفاع في الأربعينات) إن موكب الزعيم كان يتألف من 4 سيارات . يذكر أن الرفيق عبد الحفيظ علامة (أحد الشهداء الست الذين أعدموا في الثورة القومية الاجتماعية الأولى) كان يقود السيارة الأولى، فيما كان سعاده في السيارة الثانية مع المسؤولين، السيارة الثالثة كان يستقلها الرفيق سليم، والحرس. لا يذكر من كان في السيارة الرابعة .
(16) النائب والوزير لاحقاً، والد النائب السابق زاهر الخطيب .
(17) أديب وكاتب مسرحي وله أكثر من رواية وست مسرحيات منها مسرحية "الكرباج" التي قدمت في الكثير من المناطق اللبنانية وقام بالأدوار، الممثلون ميشال ثابت، إيلي صنيفر، سليمان الباشا، وداد جبور، وغيرهم. من رفقائنا المناضلين في منطقة زحلة.
(18) لم يعد الرفيق خليل كعدي يذكر اسمي المحصل والمذيع .
(19) سقط أيضاً الرفيق الشهيد راغب جابر، من بلدة بوارج .
(20) جمعها ودوّنها الرفيق لؤي زيتوني .
(21) الرفيق وديع نجيب زيتوني من مواليد عين دارة 1911 اقترن من السيدة فريدة علي زيتوني ورزق منها خمس بنات: أسمهان، أنوار، اعتدال، ابتسام ووفاء .
تولى مسؤولية مدير مديرية في كل من المريجات وعين دارة .
توفي الرفيق وديع إثر داء العضال عام 1968 .
***
الرفقاء الأوائل في البقاع الاوسط
مؤسس العمل الحزبي في البقاع الاوسط، الرفيق يوسف الدبس، من مواليد دير الغزال، صحافي وشاعر وخطيب، منح رتبة الامانة وتولى في الحزب مسؤوليات محلية ومركزية. استمر على ايمانه والتزامه القوميين حتى آخر زفرة من حياته.
والد الامين الجزيل الاحترام ربيع، الرفيق رائد والمواطنة رندة.
اما الرفقاء السبعة الاوائل، فهم:
جاك مطران : كان شاباً ذكياً يعمل في البارك في مطار رياق ، وهو من عائلة معروفة . ترك رياق إلى بيروت وتوفي فيها منذ خمسين عاماً .
ديب كبرجها : من مواليد حماه ، سكن في رياق وتزوج منها ، أسس مكتبة للقرطاسية والكتب والصحف . كان مخلصاً ونشيطاً ، ويفتح بيته للقوميين ، اعتقل معنا في المية ومية سنة ونصف .
ميشال كعدي : رفيق مناضل ومؤمن رافق النهضة حتى وفاته ، وهو شقيق الرفيق جوزف كعدي رئيس بلدية رياق ، توفي الرفيق ميشال في آذار 1973 ، عمل في مهنة الخياطة ثم انتقل إلى الزراعة ، ابنه المحامي الأستاذ كعدي كعدي .
فهد الدبس : كان يقطن رياق ويعمل على سكة حديد حمص – حماه ، ثم انتقل إلى بيروت وتوفي فيها في التسعينات .
نبيه دموس : كان يملك مطحنة للحبوب ، وكان نشيطاً ومخلصاً وفعالاً ، توفي عن ثلاثة أولاد: عبدالله ، المحامي. طوني، طبيب أسنان، وابنة اقترنت من اتيان صقر.
عزيز خيرالله: من مواليد رياق ، لم يكن نشيطاً بما فيه الكفاية ، توفي منذ مدة طويلة ، كان يعمل حلاقاً قبل أن يصبح أحد أصحاب سينما ريفولي .
نجيب فيكاني: كان يقطن في رياق ، وكان رفيقاً نشيطاً ومخلصاً واعتقل في المية ومية ، توفي في العام 1986 ، عمل رئيساً لدائرة الهاتف .
المعلومات أعلاه سجلها الأمين يوسف الدبس بتاريخ 17/7/2000
*
شهدت منطقة زحلة حضوراً حزبياً ناشطاً في معظم سنوات الحرب اللبنانية، خاصة عندما انتقل مركز الحزب الى بلدة شتورا، وانتقل رفقاء كثيرون، من بينهم:
الامين حافظ الصايغ، الرفيق محمد عبد الحسين للاقامة في المريجات، الامين ناظم ايوب، والرفيقان فارس زويهد وفيصل الحلبي الى جديتا، الرفقاء: نجيب الخطيب، علي الخطيب، محمد حسين اسعد (ابو سامي) الى شتورا.
من المعروف ان مركز الحزب الذي كان شغل قصراً في شتورا تعرّض للقصف الاسرائيلي، فدمّر بكامله، بعد فترة انتقل المركز الى بناية يملكها رئيس الحكومة الاسبق حسين العويني...
----------
مقهى فتوح في ساحة الشهداء
يتحدث الامين يوسف الدبس عن لقائه الاول بالامين عبدالله قبرصي في مقهى فتوح، فكان بداية تعرّفه على الحزب، فانتمائه.
ماذا عن المقهى المذكور ؟
عرف مقهى فتوح "بمنتدى فتوح" لأنه كان ملتقى الكثير من الادباء والشعراء والعاملين في حقل السياسة، وكان يقع غربي ساحة الشهداء.
يفيد الامين عبد الله قبرصي (الصفحة 87 من الجزء الاول من "عبد الله قبرصي يتذكر") انه وراء انتماء الرفيق نعيم فتوح(1) الى الحزب " فعمل مدة نشيطاً مقداماً ثم غادر الى ولاية ميسيسبي في الولايات المتحدة، حيث شقيقه الاكبر". ويضيف: " في هذا المقهى تلاقيت مع يوسف الدبس، الشاعر والاديب، اياماً قليلة بعد انتمائي فاسريت له بوجود الحزب وشرحت غايته ونظامه ثم انطلقنا الى "خان انطون بك" في نفس المكان الذي ادخلتُ فيه الدكتور زكي النقاش. وهناك، بحضور الزعيم والرئيس نعمة تابت، اقسم اليمين بعد ان شرحنا له بالتفاصيل عقيدتنا السورية القومية وشددنا على الشخصية المستقلة لسورية الطبيعية التاريخية".
بدوره يتحدث الامين يوسف الدبس في كتابه "في مواكب النهضة" (ص: 19) عن مقهى فتوح حيث شاهد سعاده لأول مرة، وكان ذلك في شتاء العام 1934 فيقول " كان هذا المقهى يوم ذاك ملتقى ادباء البلد وقد ضمّنا مجلس حافل جمع المرحومين ميشال زكور صاحب جريدة "المعرض" وجبران تويني صاحب جريدة "النهار" وفخري البارودي رئيس الشباب الوطني في دمشق، والشاعر امين نخلة. في هذه الاثناء دخل علينا الصديق عبد الله قبرصي وكان قد مضى عليّ ثلاثة أشهر لم أره خلالها وانضم الينا يشاركنا الحديث والشراب. وبعد نصف ساعة تقريباً دخل شاب اسمر اللون منبوش الشعر يلبس الجزمة ويتأبط دفتراً صغيراً وجلس في الزاوية وحده بعد ان القى التحية على الحاضرين واخذ دفتره وقلمه وراح يدوّن ما يجول في خاطره، وكنت ألاحظ انه يفعل ذلك كلما تحدثنا عن السياسة فخفت أن يكون أحد مأموري الامن العام وان يكون السجن نصيبنا بعد هذه الجلسة، فسألت امين نخلة وكان بالقرب مني: "هل تعرف هذا الشاب؟" فقال: "هو استاذ في الجامعة الاميركية". وإذا بالاستاذ قبرصي وكان قد سمع سؤالي يضغط على يدي خفية ويقول: "ستعلم ذلك اليوم فاتركها لي"....
انتهت الجلسة وإذا بالاستاذ قبرصي ينتحي زاوية قائلاً: " أتذكر اجتماعنا الاخير في رأس بيروت؟ " فقلت: "نعم". قال: " اتذكر انك قلت لي ان بلادنا تحتاج الى حزب منظم يقوم على رأسه رجل قوي جريء يضرب بيد من حديد يقود الامة الى الصواب؟ ". قلت: " أذكر ذلك جيداً ". قال: " إن الحزب الذي قلت عنه قد وجد ولعلّك قد تنبأت عنه، فهل لك أن تعمل في صفوفه؟ ". وراح يشرح لي مبادئ واشياء أعجبتني جداً فاستسلمت إليه وقادني الى خان انطون بك حيث قرع باب احدى الغرف قرعاً استرعى انتباهي ودخل فدخلت معه وشد ما كانت دهشتي عندما رأيت الشاب المنبوش الشعر الاسمر الجذاب جالساً وراء طاولته فتوجه إليه عبد الله قائلاً: "هذا يا سيدي هو صديقي الذي أُخبرتم عنه". فاستقبلنا بكل حرارة وأخذ يفند لي القضايا القومية بشمولية وعمق بالغين وذلك بأسلوبه البديع وكنت مأخوذاً بسحر بيانه وجاذبيته ولم أكن لأصدق أن رجلاً مسيحياً من لبنان يفكر هذا التفكير الجريء.
" وأنا لا أزال اذكر حتى اليوم كلماته التاريخية ومما قاله: "نحن أصحاب عقيدة قومية اجتماعية نعمل لهذا المجتمع لنوحّده من جميع الوجوه الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، وسواء فهمونا أم أساؤوا فهمنا فإننا نعمل للحياة ولن نتخلى عنها، فليست القومية إلا ثقة قوم بأنفسهم. وأما ارادتها فنحن الذين نقرر لها كل شيء".
ثم وقف الشاب ووقفنا معه وأنا أرتجف رهبةً وإيماناً ورفعنا يدنا بالتحية القومية ورحت اردّد ما يقوله المعلم: " أقسم بشرفي وحقيقتي ومعتقدي أن ...............".
من جهته، يفيد الامين جبران جريج ان الرفيق نعيم فتوح كان وراء انتماء الامين الياس سمعان(2).
يقول في الصفحة 306 من مجلده "من الجعبة – الجزء الاول" ما يلي: " كذلك تثمر اتصالات الرفيق نعيم فتوح بالياس سمعان والتي دامت اكثر من ثمانية اشهر بين تلميح ومداورة حول موضوع الحزب، عن استدراجه الى المكتب الحزبي السري في شارع فوش المموه بتنك زيت الزيتون الموجودة برسم البيع ومقابلة، الرفيق جورج حداد".
" بعد أخذ ورد اقتنع الياس بالمبادئ السورية القومية الاجتماعية وقرر الانتماء الذي جرى في احدى غرف هذا المكتب بوجود الرفيق موسى سليمان الذي كان يرئس فريقاً فنياً للتمثيل كان الياس احد اعضائه. فرفع يده اليمنى زاوية مستقيمة. واقسم اليمين ".
" كان الرفيق الياس سمعان قد لاحظ ان شخصاً رابعاً كان موجوداً في الغرفة لكنه لم يعره انتباهاً كافياً، ولكن بعد ان اقسم اليمين رأى هذا الشخص ينسحب بهدوء ويخرج من الغرفة واذ بالرفيق نعيم فتوح يقول له: "هذا هو الزعيم، هذا هو انطون سعاده" وبغتة تذكر انه كان يشاهده يسير على رصيف الطريق في رأس بيروت الى جهة المباني"، ملاصقاً لها وانه كان يقول بينه وبين نفسه عندما يشاهده " تبدو على هذا الانسان سيماء فيلسوف" والان بعد انتمائه يكتشف ان زعيم الحزب هو فيلسوفه الكبير".
*
هوامش
(1) يفيد الامين قبرصي انه من بلدة المنصف، والا من قرية الرفيق جميل شكر الله (اي جدايل) ويضيف
ان الرفيق نعيم استقر في الولايات المتحدة، وفيها فارق الحياة. هو ابن عائلة من 6 شباب.
(2) الياس سمعان: من المنصف. عممنا عنه نبذة بتاريخ 21/02/2014.
الرفيق جبرائيل قنيزح
ابن طرطوس الذي استقر في زحلة مفتتحاً صيدلية في المدينة
ومقيماً حضوراً مشعاً عنوانه مناقب النهضة
بعض الناس تعيش معهم دهراً فلا تشعر بهم، وبعضهم الآخر يرحل عنك دهراً، إنما هو يبقى في أعماقك، وستمر معك. الرفيق جبرائيل قنيزح هو من هذا البعض.
الذين عرفوه منذ الخمسينات، يعرفون، كما اعرف، كم تمتّع بالمناقب القومية الاجتماعية وكم ارتفعت أخلاقه ومزاياه، وكم كان إيمانه بالحزب وطيداً وراسخاً ومنزهاً عن كل رغبة أو منفعة.
منذ بدء انتمائي إلى الحزب تعرفت عليه منفذاً عاماً للطلبة الجامعيين، حضرته يخطب في مناسبات حزبية، فتخرج الكلمات من أعماق القلب والعقل، واستمعتُ إليه يتحدث(1)، كما شاهدته يعمل ويحقق ويترجم ما في قلبه إلى أفعال وتعاط راق، كنت أقول: هذا هو قومي اجتماعي يتحدث ويسير ويشعّ بالقدوة. بقيت التقيه، ودائماً افرح.
فكلما قصدت زحلة، قصدت الصيدلية التي أسس، فآنس إلى حديثه وأرتاح إلى ما تميّز به من صفاء وطيبة ورقي، إلى أن انفجرت الحرب، فنقل الصيدلية الى حارة حريك وأسس مصنعاً لادوية ومستحضرات تنظيف. لم اعد التقي به الا لماماً بسبب ظروف الحرب، انما كنا دائماً نتواصل.
الى ان انفجرت صحته فلازم بيته في ديك المحدي. زرته مرة مع الامين ابرهيم زين وتمنيت ان افعل مراراً، فلم اتمكن. وعندما رحل شعرت، مع الحزن الكبير، ان قطعة من اعماقي قد رحلت، فهو من القلائل الذين غرسوا في نفسي مودة عميقة، وتقديراً راسخاً سيستمران في ذاكرتي الى ان ارحل.
*
سيرة ذاتية
- ولد الرفيق جبرائيل قنيزح في مدينة طرطوس بتاريخ 13 أيلول 1932 .
- اقترن من السيدة ليلى عبد الرحيم شرشفجي ورزق منها : الرفيق ميشال، جمان وفيدريا .
- تخرج صيدلانياً.
- انتمى إلى الحزب في أوائل الخمسينات، وتولى مسؤوليات حزبية منها منفذ عام الطلبة. في أواسط السبعينات منح رتبة الأمانة وانتخب عضواً في المجلس الأعلى(2).
- هو من عائلة قومية اجتماعية. فالى خاله الامين الياس جرجي قنيزح، فان شقيقه الرفيق انطون، نشط وتولى مسؤوليات في الوطن وعبر الحدود، شقيقه نضال، رفيق ايضاً، كذلك شقيقاته: سيلفيت، عقيلة الرفيق انطون بيطار (تولى سابقاً مسؤولية مدير مديرية مارتنيك في اميركا الوسطى). سلام عقيلة الرفيق جان اصلان (السويد)، نوال عقيلة الرفيق الياس معطي، فيوليت، ورائدة.
- وافته المنية صباح الخميس 21 تشرين الثاني وأقيمت الصلاة عن روحه الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الجمعة 22، ثم نقل جثمانه في موكب مهيب إلى مدينة طرطوس حيث ووري الثرى وسط حشد من الذين آلمهم رحيله، من أقرباء وأصدقاء ورفقاء.
تقبل آل الفقيد وذووه التعازي في طرطوس يومي السبت والأحد 23، 24 تشرين الثاني، وفي منزله في منطقة دير طاميش (ديك المحدي) يومي الثلثاء والأربعاء 26، 27 تشرين الثاني، حيث قام بواجب التعزية عضو المجلس الأعلى الأمين غسان الأشقر، الأمينان رشيد الأشقر ولبيب ناصيف، منفذ عام المتن الشمالي الرفيق كميل صليبا ومدير مديرية ديك المحدي الرفيق نزيه بريقع.
هوامش
(1) حضرت ذات مرة في الفترة التي اعقبت الانشقاق الحزبي عام 1957، حواراً عقائدياً، دستورياً جمعه والرفقاء الاعلامي والكاتب خالد قطمة، المحامي سهيل مسابكي والشاعر جورج جحا.
(2) منح الرفيق جبرائيل قنيزح رتبة الامانة من قبل التنظيم المستقل، اواسط السبعينات، وانتخب عضواً في المجلس الاعلى.
بعد حل التنظيم فالتحاق الرفقاء بالحزب المركزي برئاسة الامين الدكتور عبد الله سعاده، سقطت رتبة الامانة عن جميع حامليها، ثم عادت الى البعض منهم بناء للقوانين الدستورية المعمول بها في تلك الفترة.
من ايام الحزب في زحلة
يوم تربل..
في ندائه الى الامة السورية، اول تموز 1939 توجه سعادة الى القوميين الاجتماعيين بقوله:
" اذكركم بيوم طرطوس ويوم صافيتا ويوم تلكلخ وكواكب فرسانه، ويوم تربل ومناوراته ".
الى تلك الايام، هناك ايام اخرى في تاريخنا الحزبي، كيوم عماطور، ويوم بكفيا، ويوم بعقلين ويوم الفلاح الخ...
*
يوم تربل:
يقول الامين جبران جريج عن "يوم تربل"(1): " لا بد من ذكر ذلك الاجتماع الضخم الذي أقامته منفذية زحلة في سهول البقاع الرحبة حيث حمل القوميون الاجتماعيون أعلامهم الى الاجتماع سراً ثم راحوا ينشرونها فجأة في المكان المقرر للاجتماع، فتعلم به قوى الامن وتحاول مداهمته، ولكن آنى لها ذلك فقد ناور المسؤولون واختفوا كما ظهروا منكفئين لجهة "تربل" وهذا مما حدا بالزعيم الى تسمية ذلك الاجتماع من ايام الحزب التاريخية.
الا ان افضل من يتحدث عن "يوم تربل"، هو مؤسس العمل الحزبي في البقاع الاوسط الاديب والشاعر الامين يوسف الدبس، وكان يتولى مسؤولية منفذ عام البقاع الاوسط في ذلك الحين. يروي في الصفحتين 80 و 81، من كتابه ""في موكب النهضة " عن المهرجان الحاشد الذي اقامته المنفذية في سهل بلدة تربل، التالي:
" وقف القوميون صفوفاً منتظمة بقيادة ناظر التدريب الرفيق ديب كربجها الذي كان يتمتع بجسم رياضي لافت وصوت جهوري ويرتدي اللباس الرسمي. وابتدأ بالايعاز: " تهيأ، الى الامام سر". فمشت الصفوف بديعة النظام، وارتفعت أكف المواطنين بالتصفيق الحاد فيما رفيقنا ديب يصيح بصوت عال:
" واحد اثنان"، الى ان وصل الصف الاول الى حافة الساقية، أو قبل النهر الصغير، دون ان يسمع أعضاؤه كلمة الى الشمال در، فنزل الصف الاول في الماء وتبعه الاخرون دون ان يلتفت أحد منهم شمالاً أو يميناً، ودون أي تذمر، وتبللت ثيابهم بالماء وهم لا يزالون سائرين، كأنهم يسيرون على العشب الاخضر، ثم صاح ناظر التدريب: مكانك راوح، فوقفوا والماء تتراوح معهم الى الامام والى الوراء. ثم سمعنا كلمة الى اليمين در، فخرج الجميع من الماء بشكل اعتيادي ومشوا كما كانوا، حتى خرج الجميع من الساقية كأن شيئاً لم يحدث، دون أي اعتراض أو تأفف.
عند ذلك اقتربتُ من الرفيق ديب وسألته: " لماذا فعلت هذا"؟ وقف رافعاً يده زاوية قائمة وقال: " كنت يا حضرة المنفذ أمتحن قدرة القوميين على الصبر وفهمهم للنظام، ألم نقسم على السير الى الموت، فكيف لا نسير الى ساقية من الماء ؟".
*
اذ نحكي عن بلدة "تربل" لا بد ان نشير الى ان منها الرفيق الدكتور جورج عاصي الذي كان تولى مسؤولية منفذ عام زحلة، وشقيقه الرفيق ايلي المقيم في مونريـال.
الرفيق د. جورج طبيب جراح معروف في منطقة زحلة.
*
هوامش:
(1) لا يورد الامينان جريج والدبس تاريخاً محدداً لمهرجان تربل، إلا ان الامين جريج يتحدث عن المهرجان في مجلده الثالث الذي يغطي السنة الحزبية (1936-1937) وبعد ان يكون أورد عن يوم بكفيا الذي جرى في21 شباط 1937. مما يعني ان مهرجان تربل تمّ في العام 1937..
الأمين شفيق الياس راشد (كندا)
المناضل الصامت، والصلب
في الأيام الصعبة التي أعقبت الثورة الانقلابية، وفيما أجهزة القمع تغتال السوريين القوميين الاجتماعيين وتسومهم العذاب الشنيع في المعتقلات، أو تلاحق الذين في الخارج لتزج بهم في السجون، أو تجلد البعض منهم في ساحات القرى، في تلك الفترة المظلمة من تاريخ لبنان – ولم يكن قد مضى على الثورة الانقلابية إلا فترة قصيرة - انبرى عدد من الرفقاء يتحملون المسؤوليات بإيمان وصلابة وبطولة مؤمنة، غير آبهين بالأخطار ولا بالمعتقلات وما قد ينتظرهم فيها من جلد وتعذيب، راحوا ينظمون صفوف الحزب، يؤمنون المساعدات المالية لعائلات الرفقاء الأسرى، وينشطون في كل مكان، وقد اتخذوا أسماء حركية، فكان منهم "ناصيف" (جوزف رزق الله) و"طانيوس" (لبيب ناصيف) و"بطرس" (غطاس غريب) و"أحمد" (توفيق الحايك)، وكان بينهم أيضاً "كميل"، الذي بقيت وعلى مدى ثلاث سنوات أعرفه بهذا الاسم، جاهلاً اسمه الحقيقي. "كميل" هذا، هو نفسه الأمين شفيق راشد.
الرفقاء الذين كانوا يترددون إلى الشقة السرية التي تم استئجارها في العام 1962(1) (قرب سينما الكوليزيه– الحمراء) وهم قلة، والرفقاء المسؤولون في البقاع، خبروا في الرفيق "كميل"، كل ما تميز به من شجاعة ورصانة وإيمان والتزام. لقد عرفوه ناشطاً متحركاً مقداماً، لا يتراجع رغم الأخطار، ولا يتوقف عن متابعة مسؤوليته، حتى بعد أن اعتقل الرفيق سعد التيني(2) وسجن بسبب نشاطه الحزبي في البقاع ومساهمته في ايصال المساعدات لعائلات الرفقاء الشهداء والاسرى.
الامين شفيق مع زوجته الرفيقة سيدة واولاده نضال وهلا، وعمر
صدر بحق الامين شفيق ثلاثة احكام قضائية في ثلاث دعاوى مختلفة تراوحت مدتها من 6 اشهر الى 3 سنوات سجن، مع صرفه من الخدمة في التعليم الرسمي تأديبا له - كما ورد في خلاصة الحكم - فقرر مغادرة لبنان خلسة إلى الاردن في أواخر ايلول 1965، عبر الاراضي الشامية. إلى أن تمكن من السفر إلى كندا في العام 1967 مستقراً في مدينة أوتاوا، حيث تابع فيها نشاطه الحزبي، متولياً مسؤوليات عديدة، وفي عام 1978 منح رتبة الأمانة.
كان رصيناً، هادئاً، قوي الإيمان، يتحلّى بمزايا الصدق والاستقامة، وبالوعي العميق للعقيدة السورية القومية الاجتماعية.
*
في ايار عام 1995 وافت المنية الأمين شفيق راشد وهو في أوج عطائه، فأقيم له مأتم حزبي حاشد في أوتاوا، كما أقيم له يوم الأحد 21 أيار قداس وجناز عن نفسه في بلدته قب الياس بحضور وفد مركزي تمثل برئيس الحزب الامين انعام رعد وعضوية رئيس المجلس الاعلى الامين خليل دياب، نائب رئيس الحزب الامين محمود عبد الخالق وعضويّ المجلس الاعلى الامينين مصطفى عز الدين وناظم ايوب، وشارك فيه السوريون القوميون الاجتماعيون والمواطنون من مختلف مناطق البقاع، وقد صادف ذلك في الشهر نفسه الذي شهد وفاة الأمين محمد الحاراتي، فإذا بالمواطنين يستمعون في القرية الواحدة إلى آذان المؤذن في مأتم الأمين محمد الحاراتي، وإلى صلاة الكاهن في كنيسة قب الياس عن روح الأمين شفيق راشد.
تلك احد مظاهر عظمة هذه النهضة التي انتصرت على أمراض المجتمع القديم، لتصهر المواطنين من مختلف الطوائف والمذاهب في بوتقة واحدة.
*
بطاقة هوية
- ولد الأمين شفيق راشد في قب الياس عام 1936.
- انتمى إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1956.
- تولى مسؤوليات محلية في مديرية قب الياس وفي منفذية زحلة، حيث كان ناظراً للإذاعة فيها، وعضواً في مفوضية لبنان بعد الثورة الانقلابية حتى مغادرته إلى الأردن، فكندا حيث تولى فيها أيضاً مسؤوليات محلية منها مدير مديرية أوتاوا، ومسؤول عن مكتب المطبوعات هناك.
- اقترن من الرفيقة سيدة التيني عام 1969، ورزق منها ثلاثة أولاد:
الرفيقتان: نضال وهلا، والرفيق عمر.
- شقيقه الرفيق سالم راشد، تولى مسؤوليات محلية في قب الياس، وفي منفذية زحلة.
- شقيقته الرفيقة جورجيت، اقترنت من الرفيق أنطون بدر، الذي نشط بدوره فتولى مسؤوليات محلية في كل من مديرية قب الياس ومنفذية زحلة.
- ابن شقيقته الرفيق الياس الشنتيري يحتل موقعا جيدا في مجلس بلدية اوتاوا.
- منح رتبة الامانة عام 1978.
*
في رسالة منه، يفيد الامين شفيق راشد انه من مواليد قب الياس عام 1936. " تلقيت علومي الابتدائية والتكميلية في البلدة. أول أربع سنوات في دير الراهبات والبقية في المدرسة الانجيلية، وتلقيت علومي الثانوية في المدرسة الانجيلية في زحلة، والتحقت بالتعليم الرسمي في تشرين اول 1954.
في تشرين اول 1952 وكنت التحقت بالمدرسة الانجيلية في زحلة لتلقي العلوم الثانوية، وخلال الايام الاولى، تعرفت الى الرفيق فوزي هاشم(3) من "جديدة مرجعيون" الذي بدأ يحدثني عن الحزب وتعاليمه الجديدة: " الدواء الوحيد للعلاج من كافة الامراض الاجتماعية التي تنخر جسم مجتمعنا ". وكنت في حينه احد مرضى مجتمعنا، متعصباً طائفياً ولا ولاء وطني عندي، لا بل كنت مدافعاً عن حق اليهود في فلسطين. هكذا تعلمت في البيت وفي المدرسة.
" بعد عدة جلسات مع الرفيق هاشم، عرض علي ان اقرأ كتاب أشعار وقصائد، ومع أني لم أكن مولعا بقراءة هذا النوع من الكتب، اخذت الكتاب لأطلع على مضمونه وكان كتاب "الزوبعة" للامين الراحل عجاج المهتار. اعجبني الكتاب، والاصح محتوياته، وخلال بضعة ايام استنسخته وحفظت قسما كبيرا من قصائده. اعدت كتاب "الزوبعة" للرفيق هاشم وسألته أن يعيرني كتاباً آخر فلبى الطلب، فأخذت اقرأ واطلع على الافكار التي كان دائما يتحدث بها الرفيق هاشم كلما سنحت الفرصة بذلك.
لم يطل الامر على استعارة الكتب وقراءتها حتى بدأت احضر الحلقات الاذاعية التي كان يديرها اكثر الاحيان الرفيق رزق الله جبر، احد المدرّسين في الانجيلية. بعد عدة حلقات ملأى بالشروح والمناقشات تمت قناعتي وايماني بصحة العقيدة ووجوب التجند في صفوف الحزب للعمل الجدي على نشر العقيدة في صفوف المواطنين. وهكذا وقبل انتهاء العام الدراسي وبالضبط في مساء 13 حزيران من العام 1953 وفي الغرفة التي كان يقيم فيها الرفيق رزق الله جبر رفعت يميني واقسمت يمين الولاء للقضية القومية.
في أول آذار عام 1953 وكنت لم انتم رسميا الى الحزب، اشتركت مع الرفقاء في قب الياس باشعال النار على بعض مرتفعات البلدة وكانت هذه تحصل للمرة الاولى في بلدتنا.
اشتركت في عدة دورات تدريب في مخيمات الحزب في بيت مري، وشتورة وضهور الشوير. اما على الصعيد الاداري فقد تحملت مسؤوليات ادارية كثيرة في هيئات المديريات والمنفذيات، كما كنت عضوا في اللجنة المركزية في لبنان عامي 1963 و1964 وفي تلك الفترة دخلت السجن بضع مرات ولمدة تتراوح بين يومين واسبوعين بتهمة القيام بنشاط حزبي ومساعدة عائلات الشهداء والاسرى.
عام 1965 صفّت الحكومة اللبنانية حسابها معي فصرفتني من الخدمة في التعليم الرسمي تأديباً لي، كما ورد في خلاصة الحكم.
" كما صدر في نفس العام حكم بحقي من محكمة زحلة بالسجن لمدة 3 سنوات بتهمة التنظيم الحزبي ومساعدة العائلات، وحكمين أخرين من المحكمة العسكرية في بيروت بتهمة حيازة ونقل اسلحة "حزبية طبعا": واحد لمدة 6 أشهر والاخر لمدة سنة أحكام غيابية، اذ كنت في حينه قد وصلت الى قناعة بعدم دخول السجن ومغادرة الاراضي اللبنانية، وبالفعل غادرتها في أواخر ايلول الى الاردن مجتازاً الاراضي الشامية خلسة، اذ كان محظورا علي دخولها منذ عام 1958. اقمت في عمان حوالي السنتين كنت خلالها على اتصال دائم اولاً بالادارة الحزبية في الاردن في حينه وبعدها برئاسة الحزب في الشام.
في اواخر حزيران عام 1967 غادرت الاردن الى كندا، وفي نفسي تحقيق هدف من اثنين: اما اتمام علومي الجامعية، او الغوص في حقول الاعمال، ولما كانت أوضاعي المالية سيئة فقد قررت تحقيق الهدف الثاني، ولا زلت في حقل الاعمال لتأمين معيشتي ومعيشة العائلة القومية التي أنشأتها، واسهم في العمل الحزبي ما أمكن في بلاد الاغتراب.
*
هوامش
(1) يضيف الامين شبلي بدر (رسالته بتاريخ 25/04/2014)، وقد احلنا إليه النبذة التي اعددناها عن الامين شفيق راشد للاطلاع، قبل تعميمها، المعلومات التالية:
" إضافة الى المعلومات الأولية التي نشرتموها، نضيف ما يلي: لقد تم استئجار شقة أخرى في محلة فرن الشباك بالقرب من كنيسة مار نهرا وقد سكنت فيها شخصياً لتغطية الأمر وكانت المجموعة التي سميتموها تأتي وتجتمع سراً في تلك الشقة، وكنت أخلي لهم المكان واراقب رجال المكتب الثاني من داخل سيارة كانت عائدة لهم مركونة بجانب الكنيسة للإبلاغ عن أي تحرك معاكس. وأكثر من مرة كنت أنام في السيارة طوال الليل حتى ينتهي الاجتماع وينفض المجتمعون فأعود الى الشقة وكأن شيئاً لم يكن.. وقد عرفت فيما بعد من ضمن المجموعة جميل مكارم وجوزف رزق الله واسماً حركياً "محمد" ورفيقاً آخر من الشويفات لم أعد أتذكر اسمه. وبعدها تتابعت الاجتماعات في منزل استأجرته شخصياً في منطقة الحدت وأضيف الى المجموعة الرفقاء نبوغ نصر ونبيل نصر وجورج من بعبدا أجهل بقية اسمه (هو الرفيق جورج اسطفان)، وكانت الاجتماعات تتم برئاسة الرفيق جوزف رزق لله الذي لم يكن يترك لنا ليلة واحدة نستريح فيها وفي أكثر الأيام كان يوقظنا في منتصف الليل لأمر حزبي يطلبه منا ومهمة لا يقبل تأجيل تنفيذها حتى الصباح..."
(2) سعد التيني: اذكر انه سجن لمدة سنة. غادر الى مدينة بورتلاند في ولاية اوريغون في الولايات المتحدة.
(3) فوزي هاشم: من مرجعيون، غادر الى اوتاوا وفيها تولى مسؤوليات حزبية .
من سنديانات الحزب في البقاع الأوسط
الأمين محمد الحاراتي
في شهر واحد، دقت أجراس الكنيسة المارونية في "قب الياس"، نعياً ودعوةً الى قداس عن نفس الأمين شفيق راشد الذي وافاه الأجل في أوتاوا، وفيها ووري الثرى، وارتفعت الصلاة من مآذن "المسجد السني" أثناء تشييع الأمين محمد الحاراتي.
هذا بعض من فعل النهضة السورية القومية الاجتماعية في الكثير من بلدات وقرى الوطن، فقد تخطت حدود الطوائف والمذاهب والعشائر والعائلات وشهدت كلها انتماء الآلاف بفعل الوعي الجديد الذي اطلقته النهضة في كل ارجاء الوطن.
كنا كتبنا عن الأمين شفيق راشد، ونأمل ان نتوسع في الكتابة عنه، مناضلاً قومياً إجتماعياً، صادقاً ومناقبياً، عرف الحزب بمفاهيمه النهضوية، وقد عرفته جيداً في أوائل ستينات القرن الماضي عندما كان "كميل" في عضويته في اللجنة المركزية، وفي توليه لمسؤولية العمل الحزبي في البقاع.
وقب الياس التي عرفت الحزب منذ اوائل سنوات التأسيس، تستحق ان يكتب تاريخها، وفاءً لماضيها العريق في النضال القومي الإجتماعي، ولرفقاء لا يصح أن يغيبوا عن ذاكرة الحزب.
*
الحشود في وداع الامين الراحل
بتاريخ 11 آذار 1995 شيّع الحزب السوري القومي الإجتماعي وأهالي قب الياس والبقاع الأمين الذي عرفته مناضلاً ومسؤولاً، محمد الحاراتي، في مأتم مهيب وحاشد شارك فيه النواب السادة: إيلي سكاف، علي ميتا ومسعود روفايل، نائب رئيس مجلس النواب الأسبق ميشال معلولي، مسؤول التنظيم الشعبي الناصري فياض حيدر، أمين عام الحزب الشيوعي فاروق دحروج، ومسؤولون في المقاومة وشخصيات سياسية وحزبية واجتماعية واقتصادية وعدد كبير من المشايخ ورجال الدين ومحازبون ومواطنون.
وعن الحزب(1) رئيسه الأمين إنعام رعد، رئيس المجلس الأعلى الأمين خليل دياب، ونائب رئيس الحزب الأمين محمود عبد الخالق، وأعضاء المجلس الأعلى ومجلس العمد وعدد كبير من الأمناء والمنفذين العامين ووفود من جميع مناطق وقرى لبنان وبلداته، كما شارك عضو مجلس الشعب السوري عضو المجلس الأعلى الأمين الدكتور باصيل دحدوح.
قبل أن يُنقل جثمان الأمين الراحل الى مثواه الأخير ألقيت الكلمات التأبينية التالية:
تكلم ناظر الإذاعة والإعلام في منفذية زحلة والبقاع الأوسط الرفيق جورج مينا (الامين حالياً) متحدثاً عن مزايا الفقيد الراحل الأمين محمد الحاراتي بكلمة عددّ فيها عطاءاته وقال أن الأمين محمد حيّ بيننا، لطالما كان قدوة لنا حين كان منفذاً عاماً لمنفذيتنا، حمل هموم القوميين وهموم النهضة، وسار بعزم في سبيل القضية القومية. وقال:
"عهداً ووعداً لك يا أميننا الراحل اننا سنمضي في الممارسة كما كنت تمارس وستبقى ذكراك دائماً في وجدان هذه النهضة".
ثم القى رئيس الحزب الأمين إنعام رعد كلمة أبّن فيها الفقيد، قال:"انها خسارة كبيرة وحزن كبير لولا إيماننا بأن النهضة مستمرة وأن ذكره يستمر في هذه النهضة". وقال:"لا أريد ان أعرفكم بمن عرفتموه جميعاً ذلك السيف كحد السيف في المواقف المبدئية، في ولائه للحزب، في حبه لشعبه وتلك اليد الممدودة المفتوحة بالكرم والعطاء لأنها تعرف ان العطاء هو الذي يبقى، أما الأخذ فلا يمكن ان يخلد صاحبه، ولا اريد ان أعرفكم بالأمين محمد الحاراتي، بالمرجعية الشعبية بالمناقبية القومية الإجتماعية، بالصمود في أوقات المحن والصعاب. نذكره جميعاً في الستينات وفي السبعينات والثمانينات في الحرب، عندما كان قائداً في هذه المنطقة، ونذكر هذا البيت الذي كانت تعقد فيه اجتماعات القيادة في احلك الظروف واصعبها من 1983 الى 1995، وفي كل المراحل، هذا بيت حوّله الأمين محمد الحاراتي الى حصن من حصون النهضة والشعب والأمة".
*
من المأتم
وفي أربعين الأمين محمد الحاراتي شهدت قب الياس حشداً غير مسبوق، تكلم فيه وزير الدفاع محسن دلول، النائب الياس سكاف، ممثل الأحزاب والقوى الوطنية الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني فاروق دحروج، ورئيس الحزب الأمين إنعام رعد بكلمة سياسية شاملة:
" يصعب علينا كثيراً ان هذا البيت الذي كان دوماً للفرح، كان بيتاً لأفراح الحزب ونشاط الحزب أن نأتي إليه ونفتقد صاحبه الذي كانت تعقد الأفراح بوجوده. لنأتي في لحظة كلها حزن، وكلها ألم بفجيعة غياب الأمين محمد الحاراتي عضو المجلس الأعلى، المناضل، المنفذ العام، القائد الشعبي في هذه المنطقة. إنها خسارة كبيرة وحزن كبير لولا إيماننا بأن النهضة مستمرة وان ذكره سيستمر في هذه النهضة".
نذكره ونعتزّ بذكراه ولكني أريد ان أشدّد على نقطة أخيرة من سمات الأمين محمد الذي عرفتموه، تلك هي سمة المزارع الذي أحب الأرض كثيراً . أحب قضيته القومية وبعد قضيته القومية الأرض. ولا نرى نحن فاصلاً بين حب الأرض والقضية القومية، لأن القضية القومية قامت على الولاء للأرض ، والإلتصاق بالأرض والإنتاج من الأرض. اليوم المعركة الحقيقية هي معركة إقتلاعنا من أرضنا وبورك بالمزارعين الذين يتشبثون بأرضهم. بورك بالذين يحبون أرضهم في وقت يريدون أن يقتلعوننا وأن نكره أرضنا وان نعزف عنها.
الأمين محمد كان يحب أرضه حباً كبيراً، ما وجدناه مرة أصيب بوعكة صحية حادة إلا بعد أيام كان في الأرض. وكأن الأرض تشفي العليل، كأن فيها الحياة وإكسير الحياة . وبالأمس قبل أن يفارقنا جميعاً حدثني ابنه الرفيق خليل أن الامين محمد كان يُحدث أنجاله وكأنه عارف انه راحل، ولكن بصيص الأمل بقيّ حتى اللحظة الأخيرة، فأخذ يتحدث معهم عن هذا الأسبوع كيف سيزور الأراضي التي يزرع او التي يشارك في زراعتها في القاع، وفي حمص وفي سهل عميق. كان يحلم بالأرض. غاب وهو يحلم بالأرض، ووصيته ان نبقى متمسكين بالأرض. فيا أيها المزارع الكبير، يا أيها القومي الإجتماعي القدوة المناضل، يا أيها الأمين الجزيل الإحترام، يا أيها العضو في قيادتنا العليا لا نقول لك وداعاً فنحن دوماً في اللقاء طالما النهضة مستمرة. أعلامها خفاقة طالما الشعب يلتف حول هذه القضية التي نذرت نفسك في سبيلها، وعزاؤنا لكم يا عائلته، يا آله، يا أيها الذين نعتبركم أخوتنا، رفاقنا، أحباءنا، عزاؤكم أن والدكم لم يترك لكم فقط أرضاً مزروعة، بل ترك لكم قلوباً خفّاقة بالمحبة في هذا البيت. والبقاء للأمة.
بعد ذلك ألقى الرفيق خليل الحاراتي كلمة العائلة، وقصيدة لكل من الرفيق الشاعر حسن مداح، ولناظر الإذاعة الرفيق جورج مينا.
هوامش
(1) كان الحزب في حالة انشقاق في تلك الفترة
امير العتابا
الرفيق يوسف حاتم الاشقر
في الأسبوع الأسود من العام 1957 الذي شهد فيه الحزب غياب الأمين مصطفى أرشيد (النائب في الأردن، عضو المجلس الأعلى، رئيس الحزب) والأمين فؤاد أبو عجرم (عضو ورئيس المجلس الأعلى)، خطف الموت أيضاً كلاً من الرفيق شاهين شاهين (من المحيدثة – بكفيا وأحد مؤسسي العمل الحزبي في شاطئ الذهب - غانا اليوم) والرفيق الشاعر يوسف حاتم الذي كان يسمى بأمير العتابا .
جريدة "الزوابع" الأسبوعية التي كانت تصدر في تلك الفترة نعت الرفيق الشاعر يوسف حاتم بالكلمة التالية:
" فجع الشباب القومي الاجتماعي بوفاة الرفيق المرحوم يوسف حاتم .
" لقد حرم من عطف الأبوين وهو لم يزل طفلاً، ومن البديهي ألا يدخل مدرسة إذ لم يكن من يؤمّن له ذلك، فحرم بالتالي من نعمة العلم، ولكن المصيبة تتمخض أحياناً عن الخير، فإذا بيوسف حاتم يطأ عتبة السجن لأنه طعن طفلاً مثله بسكين، وبين جدرانه الأربعة بدأ يتعلم القراءة والكتابة واستمر ذلك عندما استعاد حريته .
" وما إن بلغ الثالثة عشرة من عمره حتى ظهر ميله للشعر الشعبي وأحس برغبة في معالجة القوافي ولّدتها شاعرية كامنة، فأقبل عليها يعالجها في الشروقي والعتابا والميجانا حتى دانت له.
" ويدور الزمن فإذا بيوسف حاتم عضو في الحزب السوري القومي الاجتماعي، وينطلق صوته الجهوري منشداً معبراً عما يعتمل في نفسه من ولاء للقضية القومية الاجتماعية، وتشهد المنابر، في الوطن وعبر الحدود، إطلالات خالدات ليوسف، الشاعر السوري القومي الاجتماعي المؤمن بقضية أمته، المناضل من أجلها، الصوت الداوي لمجد سورية.
" لقد وقف حياته كلها على النهضة السورية القومية الاجتماعية وعمل متفانياً من أجل انتصارها، فاضطلع بأعباء مسؤولية منفذ عام لمنفذية البقاع الأوسط، وكان مثال المسؤول الذي يقدر قدسية ما يحمل، وهكذا ظل يعمل ويعمل بكل قواه حتى سقط جسمه الذي ناء بحمل هذه النفس الكبيرة " .
*
يفيد الأمين جبران جريج في الجزء الثاني من كتابه "من الجعبة": "من المكاسب التي اعتبرت مكسباً محرزاً للحركة السورية القومية الاجتماعية إدخال الشاعر العامي يوسف حاتم من زحلة الذي كان موظفاً في سكة الحديد في طرابلس على يد مديرية الميناء " .
وعنه يفيد الأمين يوسف الدبس في كتابه "موكب النهضة": " الشاعر الزجلي يوسف حاتم صاحب الصوت الجهوري الرنان الذي يدخل إلى القلب بعفوية وصدق وهو أطيب من غنى "عتابا" و "شروقي"، ويضيف:
" كان يوسف حاتم قد عرف بشعوره الداخلي أن أجله أصبح قريباً ففكر ببناء مدفن يبنيه على ذوقه وكما يشتهي وكان يذهب أكثر الأيام إلى المدفن يلاحظ العمل ويعطي توجيهاته للبنائين والعمال .
" وصادف في ذلك اليوم أن دورية للأمن العام ذهبت إلى بيت الرفيق حاتم لاعتقاله، وكانت زوجة الرفيق حاتم في البيت فسألها رئيس الدورية: " أين يوسف حاتم ؟ فقالت على الفور: هو في المدفن. فلم يفهم الرجل ماذا تقصد وأعاد السؤال: أقول لك أين زوجك ؟ فقالت: هو في المقبرة وتريدون صراحة أكثر من هذا؟ هي كانت تقول الصدق، ولكنهم فهموا منها أن زوجها قد مات فتركوها وانصرفوا " .
وجواباً على سؤال، يقول الأمين يوسف الدبس عن الرفيق الشاعر يوسف حاتم: " كان قومياً نشيطاً ومخلصاً ويتفانى في خدمة القضية القومية، لقد توفي وهو يردد اسم سعاده والحزب القومي، كان شاعراً مبدعاً، نظم الكثير من القصائد القومية عن الحزب والزعيم، لم يرزقه الله أولاداً ".
*
الرفقاء الذين رافقوا مهرجانات الحزب في الأربعينات والخمسينات يروون أنه قلما خلا مهرجان من مشاركة الرفقاء الشعراء الأفذاذ أمثال الأمين عجاج المهتار، والرفيقين يوسف حاتم ووليم صعب، ومن الصوت الرخيم الرائع الذي كان يملكه الرفيق يوسف تاج .
الأمين يوسف الدبس في كتابه "في موكب النهضة" يشير إلى مشاركة الرفيق يوسف حاتم في مهرجان "الإصلاح" في ضهور الشوير صيف العام 1946 ويقول: " في ذلك الحفل الكبير ألقى يوسف حاتم "شروقية" أذكر منها هذا العجز وهو يتكلم عن الزعيم: "عالشط عين وعلى اكمات طوروس عين " .
الأمين شوقي خيرالله في مذكراته يفيد عند إشارته إلى الزيارات التي كان يقوم بها مسؤولون مركزيون وشعراء قوميون إلى المخيم الذي نظمته منفذية الطلبة في عين حشيمة – بيت شباب صيف العام 1944، أنه "عندما رعد صوت يوسف حاتم في المخيم زحفت بيت شباب على الأقلعي. كان الفن كله يجتمع ما بين زغردة يوسف تاج وهمدرة يوسف حاتم. يا سبحان الخالق! " ويتحدث في مكان آخر عن مهرجان صور صيف العام 1946، فترة الواقع اللبناني والاتجاه نحو اللبننة الذي كان وراءه نعمة ثابت ومأمون أياس وغيرهما: في مهرجان صور ألقى يوسف حاتم قصيدة أذكر أنه قال فيها:
مين قبلك يا صوري فجفج عباب اليّم
" وراح يوسف حاتم يتلعب على لفظة صوري وسوري حتى طرب المهرجان، وسكر، وراح يصفق لكلمة سوري كأنه يفش خلقه من خنوع القيادة الحزبية وتراجعها عن تقاليد الشجاعة والتحدي والثبات على صحة العقيدة " .
بدوره يروي الأمين نواف حردان عن مشاركة الرفيق الشاعر يوسف حاتم في المهرجان الذي أقامه الحزب في بلدة مرجعيون. عن هذا المهرجان الكبير الرائع يقول الأمين نواف في كتابه "على دروب النهضة":
" وصباح اليوم المعين للاحتفال، وصل مرجعيون الوفد المركزي، مؤلفاً من عميد الإذاعة الدكتور كريم عزقول وعميد الدفاع الرفيق عبدالله محسن، ووكيل عميد الإذاعة الرفيق غسان تويني، والرفيق عساف كرم مدرب عام الحزب الضابط السابق في الجيش اللبناني، والرفيق يوسف حاتم الشاعر القومي الكبير المعروف بأمير العتابا، وكانت قد وصلت باكراً إلى ساحة البلدة صفوف القوميين من المنطقة كلها، فتوجهت إليها مع الرفيق عساف كرم، الذي قدمته للرفقاء فتسلم قيادتهم وراح ينظمهم صفوفاً بديعة، بعد أن قررنا أن تسير صفوفهم من ساحة مرجعيون إلى مكان الاحتفال، مخترقة البلدة " .
" وهكذا في الوقت المعين، أعطى الرفيق عساف كرم الإيعاز للرفقاء، فراحت صفوفهم تتقدم بنظام بديع على إيعازات عساف، الذي كان يسير إلى جانبها بقامته الطرزانية العملاقة، ونبرات صوته الهادر، تبعث الحماسة وتنشر مناخاً من العزة والقوة والعزم والإيمان والتحدي، إلى أن وصلت الصفوف إلى مكان الاحتفال، فانتشرت فيها تنتظر بدء الحفلة الخطابية " .
" وفي الساعة المعينة، بدأت الحفلة، فراح الرفيق غسان تويني يلقي كلمته ليقدم بعدها الخطباء .
" وقبل أن ينهي كلمته، رأى من الشرفة التي كان يقف عليها أمام مكبر الصوت، منفذية الشوف تصل، وتقف صفوفها على بعد أربعمائة متر تقريباً من المكان يتقدمها المنفذ العام الرفيق حسن الطويل حماده.
" رأى الرفيق غسان ذلك ولم يره الجمهور المحتشد في الساحة .
" رأى قوميي الشوف يصلون فعرفهم، وقدر أنهم سيتحركون بعد قليل، ويتقدمون إلى ساحة الاحتفال. فارتفع صوته هادراً :
- أيها المواطنون.. أيها الرفقاء.. يا أهالي مرجعيون.. يا أهلنا.. أيها المواطنات.. أيها الطلاب.. هوذا وفد الشوف.. يصل ليشاركنا الاحتفال.
" واستولت الدهشة على الجمهور المحتشد، وبلغت الحماسة أشدها، وبدت التساؤلات على الوجوه :
- كيف وصل وفد الشوف.. وأين هو لا نراه ؟ ..
وإذا بصوت غسان يدوي ثانية وينتزع الجموع من دهشتها ويقول:
- هوذا وفد الشوف يتحرك..
وأطل وفد الشوف على الجموع فعلاً، منتظماً بصفوفه البديعة، وراح يتقدم وينتشر في ساحة الاحتفال بين المحتشدين، ثم بدأت الحفلة الخطابية، افتتحها الرفيق تويني بكلمة بليغة قوطعت مراراً بالتصفيق الحاد، ثم قدمني فألقيت كلمة وصفها غسان تويني بالشعرية، ثم قدم الرفيق عبدالله محسن، فعميد الإذاعة الدكتور كريم عزقول الذي ألقى كلمة مستفيضة، وأخيراً قدم الشاعر القومي الرفيق يوسف حاتم، فأنشد بصوته الداوي الرنان قصيدة خاطب بها رجال الدين الذين يثيرون النعرات الطائفية، قاطعها القوميون بالتصفيق والهتافات وفيما يلي بعض أبياتها :
سارت جيوش الزوابع افتحوا الطرقات
لا تأخرون المواكب زاحفي ربوات
هيهات توقف جحـافل جيشـنا هيهـات
سرنـا وسـار النصر حامـل أمانينـا
انفخ يا بوق الظفر وعّي اللي كانوا نيام
انفخ واطرد من عقول البشر أوهام
بالوطـن لا ترفعـوا للطائفيـة أعـلام
شيلـو زوابـع تبيـد التفرقــة فينـا
اخلو الطريق افسحوا يا معرقلين السير
يا خاملين ابعدوا منكم لا يرجى خير
انتو قسمتوا الوطن بين جامع وبين ديـر
نحنـا جمعنا المذاهـب فـي تصافينـا
وفي مكان آخر من كتابه يتحدث الأمين نواف عن حفلة كبيرة أقيمت في بلدة دبين (مرجعيون) في بستان يملكه الرفيقان ابرهيم وجورج زريق، واقتصرت الدعوة لحضورها على مديريات مرجعيون، دبين، بلاط وابل السقي. مع الوفد المركزي حضر الرفيقان يوسف حاتم ويوسف تاج. " بعد كلمة ارتجالية لوكيل عميد الإذاعة الرفيق وديع الأشقر صعد المنبر الرفيقان حاتم وتاج وراحا يتناوبان على الإنشاد، وقد بدأ الرفيق يوسف حاتم إنشاده بقصيدة أذكر منها الأبيات التالية :
نحنا قحمنا الويل والأهوال
نحنا كسرنا القيد والأغلال
وعدنـا رفعنـا الزوبعـة الحمـرا
تخفق بأعلى جرودنا وجبال
---------
بكره الزعيم يعود يجمعنا
ويوقف أمام الجيش يسمعنا
ونهتف لتحي سورية بلادي
ونرفع زوايا عز أذرعنا
---------
يا زعيمي عود لحزبك
الما حاد شعره من على دربك
الما زعزعوا طغيان أو زندان
وظل حافظ عهدك وحبك
ويضيف الأمين نواف حردان :
" لم يكن الرفيق يوسف تاج شاعراً .. كان مطرباً ينشد بصوته الرخيم الذي لم يكن له مثيل.. ولا يزال الكثيرون يحتفظون بإنشاداته مسجلة على اسطوانات، ستبقى خالدة .. ما بقي الفن وبقي الطرب .
أما الرفيق يوسف حاتم.. فكان يرتجل بسهولة ولا يتعب من الغناء ولو بقي ينشد على المنبر ساعات طويلة .
رحم الله هذين الرفيقين اللذين يجب أن يبقيا حيين في ذاكرتنا، وفي تاريخ نهضتنا .. إلى الأبد " .
*
الأمين مصطفى عز الدين، وقد تولى في الخمسينات مسؤوليات مندوب مركزي في البقاع ومنفذ عام في زحلة، والهرمل، يفيد عن الرفيق حاتم:
" عرفت الرفيق يوسف حاتم عبر المنابر في المهرجانات الحزبية حيث كان يلقي قصائد زجلية قوية ومحبة إلى قلوب الناس، وفي عام 1955 تعرفت عليه شخصياً عندما كلفت بمهمة منفذ عام الهرمل (بالإضافة إلى مهمة منفذ عام زحلة) وكان يملك سيارة جيب يقلني بها كل أسبوع إلى الهرمل لأتفقد القوميين فيها .
ومن ذكرياتي معه أنه في المشوار الأول إلى الهرمل لتسلم مسؤوليتي دعي جميع القوميين إلى هذا الاجتماع وقد حضر الجميع، وعينت موعداً آخر للاجتماع الثاني، وطلبت من المسؤولين أن يهيئوا في الموعد نفسه اجتماعاً للأهالي مع الرفيق يوسف حاتم لما كان يملك من أسلوب رائع في سرد الأحاديث والأمثال .
في الاجتماع الثاني لم يحضر إلا العدد القليل من الرفقاء، وعندما سألت عن الأمر أفدت أن معظم الرفقاء ذهبوا إلى اجتماع الرفيق حاتم مع الأهالي .
" لقد عمل معي في منفذية زحلة ناظراً للمالية، وكان شديد الاهتمام بمسؤوليته حيث كان يقصد الرفيق إلى منزله، وإلى مكان عمله لتحصيل الاشتراك الشهري " .
يروي الرفيق أنيس سابا (منفذية زحلة)، وقد عرف الرفيق يوسف حاتم جيداً، بأن اسمه الكامل هو: يوسف اسعد حاتم الأشقر، من بيت شباب، ومواليد العام 1911 .
" انتقل إلى البقاع مع والدته بسبب ظروف الحرب العالمية الأولى، وهو وحيد، وقطن المعلقة – زحلة .
" تعرّف في البدء على المحامي يوسف الغندور، صاحب جريدة "الشمس"، وكان يرأس محفل الكرمة – الاسكتلندي، الماسوني، الذي كان يقيم الحفلات الطربية ويدعو إليها شعراء العتابا ومنهم الرفيق يوسف حاتم الذي كان تعلم العتابا على يد الشاعر طانيوس غزالي، وبرع بهذا النوع من الشعر حتى لقب من قبل شعراء تلك المرحلة بأمير العتابا " .
ويضيف أن الرفيق يوسف ترك المحفل الماسوني عندما تعرف إلى الحزب والتزم به. وإنه بعد عودته من رحلته الفنية إلى المغتربات استقر في منطقة المعلقة، واشترى عقارات، واقام مشاريع زراعية ثم باعها، وبنى منزلاً في منطقة عند مدخل مدينة زحلة وسكن فيه، وفي هذا الوقت اقترن من زوجته "سيده" ولم ينجب أولاداً .
ويذكر أن الرفيق يوسف حاتم كان من بين الذين تولوا مسؤولية مدير مديرية المعلقة. فيما يورد الرفيق سليم الزين (من المعلقة) إن الرفيق يوسف حاتم الأشقر تولى أيضاً مسؤولية منفذ عام زحلة. وهذا ما يؤكده الأمين شكيب معدراني مضيفاً أن ذلك تمّ في الفترة 1956-1957 .
بدوره، يؤكد الرفيق ملحم المزاوي (أبو عرب) من المعلقة، منفذية زحلة، " أن الرفيق يوسف حاتم كان مميزاً بنشاطه الحزبي، كما في قصائده القومية في المناسبات الحزبية المختلفة، ويوضح أن حديد نوافذ منزله كانت تتوسطها زوابع حمراء".
من الرفقاء الاوائل في البقاع الاوسط
نجيب الفيكاني
الرفيق نجيب فيكاني هو احد الرفقاء السبعة الذين اقسموا اليمين في البقاع الاوسط، بعد ان كان انتمى الامين يوسف الدبس في شتاء 1934، الرفقاء الآخرون جاك مطران، ديب كربجها، ميشال كعدي، فهد الدبس، نبيه دموس، عزيز خيرالله.
كان الرفيق فيكاني يعمل في احدى دوائر مطار رياق العسكري الفرنسي(1) عندما وقعت في يده خريطة للمطار ارتأى ان يسلّمها لسعادة علّها تفيده في شيء. احال الزعيم الخريطة الى الرفيق المهندس جورج حداد لاعطاء رأيه في اهميتها. بعد درسها تبيّن انها خريطة عادية لا اهمية عسكرية لها، فأعادها الى مكتب الزعيم الذي ابقاها بين اوراقه.
وكان ان صودرت الخريطة مع اوراق اخرى عند انكشاف امر الحزب واعتقال الزعيم ومعاونيه، والعديد من الاعضاء، وكان طبيعياً ان يثار موضوع الخريطة في التحقيقات، يرافق ذلك الكثير من اللغط.
يفيد الامين جبران جريج في الجزء الثاني من مجلده "من الجعبة" (ص94) "انه في 28/11/1935 تمّ اعتقال الامين يوسف الدبس وجرى التحقيق معه ايضاً بشأن خريطة رياق فتبين ان لا علاقة له بها".
يوضح الرفيق فيكاني في مقابلة معه نشرت في ملحق "البناء" من العدد 353 تاريخ 22/05/1982 من مجلة "صباح الخير" انه عندما قرع باب المحقق "تبّال" (او "تمبال" حسب الامين عبدالله قبرصي) مستأذناً بالدخول رفض مقابلتي مرة واثنتين وذلك لانه لم يكن يخطر بباله ان نجيب الفيكاني يأتي الى مكتبه.. وعندما عرفت جيداً انه متوتر الاعصاب جداً قررت الرجوع الى فلسطين. ولكن قبل الرجوع كتبت رسالة الى السيد "تبّال" وأخبرته فيها انني انا نجيب الفيكاني الذي حاول مقابلتك بالتاريخ المعين والساعة المحددة ولكنك رفضت مقابلتي فأنني آسف لما حصل. وبالسرعة القصوى انطلقت متوجهاً نحو فلسطين. اما هو فراح يجند رجال الامن والتحري لملاحقتي في لبنان وفي فلسطين بواسطة الانتداب الانكليزي لان الانتداب انتداب واحد والمصلحة واحدة. ولكن هؤلاء الرجال لم يستطيعوا القبض علي فسافرت الى مصر وقمنا بجلسة عمومية هناك للقوميين الاجتماعيين. وسنحت لي الفرصة هناك لاتصل بالسيد عبد الرحمن شهبندر رفيق سلطان باشا الاطرش، وعلمت بعد ذلك ان "تبّال" اصدر كتاب براءة بحقي فقررت الرجوع من مصر الى بيروت فنصحني بعدم الذهاب إلا بعد مضي 15 يوماً على تاريخ إصدار البراءة وبعد 3 اشهر عدت الى فلسطين لرؤية الرفقاء وخاصة حسين القلعاوي الذي حذرني من البقاء في فلسطين لاكتشاف امري هناك ايضاً.
ذهبت الى الناقورة، وعندما وصلت الى هناك وأعطيت جواز المرور للمسؤول هددني ذلك المسؤول وطلب مني النزول من السيارة فنزلت وفتش المحفظة التي اقلها معي وقال بانه لديه امر بامساكي والقبض علي فأبرزت له كتاب البراءة فلم يعترف به. وبعد قليل اتصل بالسيد "تبّال" وعرف انني بريء وسمح لي بالمرور.
وعندما وصلت الى بيروت اتصلت بـ"تبّال" الذي حذرني من ملاحقة الفرنسيين لي. ثم حضرت الى رياق الى بيتي فوجدت مذكرة التوقيف تنتظرني فادخلت سجن الرمل ليلة واحدة بعدما اصدرت مذكرة براءتي ضد مذكرة توقيفي".
في الجزء الثاني (ص108) يورد الامين جبران جريج التالي:
" وفي هذه الاثناء كانت مجلة "الكرمل الجديد" التي كانت تصدر في القدس والتي كان لها موقف ايجابي منذ انكشاف امر الحزب، كانت في هذه الاثناء تنشر الخبر الطريف التالي تحت عنوان "الحزب السوري القومي" بتاريخ 4 كانون الاول 1935: اثيرت ضجة هائلة حول الخريطة المزعومة لمطار رياق العسكري، وانتشر خبرها في جميع المحافل والاوساط وكثر اللغط حولها وحول وجودها فمن ناف ومن مؤكد. قصص تروى وحكايات تسرد وخيال يتسع افقه الى ما شاء الله. وانشغل بال القوميين الاجتماعيين فراحوا يتتبعون اخبارها باهتمام خاص.
واذ بخبر يسري بين الناس كالدم في العروق. مفاده ان واضع الخريطة تلقى امراً من الزعيم بواسطة الصحف بالحضور الى دائرة التحقيق ليتحمل مسؤوليته كاملة. ما كانوا ليصدقوا النبأ لغرابته اولاً ولطرافته ثانياً. وراحوا يتساءلون عن كنه هذه الخريطة ومدى مسؤولية واضعها وهل يجرؤ هذا القومي الاجتماعي في الاقدام على خطوة خطيرة من هذا النوع، مستقبلها مجهول، غامض!!! ومن جهة اخرى، هل لدى الزعيم الثقة في ان هذا القومي الاجتماعي سينفذ ما طلب إليه القيام به فعمد الى هذا الاعلان وبهذه الطريقة بالذات؟ انه لامتحان عسير وتجربة فذة في آن واحد.
وتناهت الاخبار ان القومي الاجتماعي، صاحب الخريطة، حضر من حيفا الى دائرة التحقيق ووضع نفسه تحت تصرف المستنطق. نجح مبدأ الثقة. تغلبت روح المسؤولية على الانهزام والخوف فعلاً، كان الامتحان عسيراً والتجربة فذة "
انما نحن مع التوضيح الذي اورده الرفيق نجيب الفيكاني في المقابلة التي نشرها ملحق "البناء".
*
وفي المقابلة المنوّه عنها آنفاً يدلي الرفيق فيكاني بمرويات تُضيء على مرحلة العمل الحزبي في ثلاثينات القرن الماضي، ننقل ادناه ابرز ما جاء فيها:
عندما دخلنا على الرفيق نجيب الفيكاني الذي كان عارفاً بموعد المقابلة أخرج مباشرة ملفاته وراح يعرض ما تتضمنه هذه الملفات ويقول في بداية مذكراته مستشهداً بكلام الزعيم في رسالة له لغسان تويني في 9 تموز سنة 1946: "ومع ذلك فان مرويات هؤلاء الرفقاء ومذكراتهم اذا كانت لاحد منهم مذكرات تكون مستنداً هاماً من مستندات تاريخ حركتنا القومية الاجتماعية".
وكان سؤالي له: "متى انتميت للحزب وكيف؟
فأجاب: "رأيت النور لاول مرة في حياتي سنة 1933 يوم افضى لي الرفيق (وهو اليوم الأمين) يوسف منصور الدبس من دير الغزال – البقاع بسرية حزب سياسي في البلاد يدعى الحزب السوري القومي – كان يدعى هكذا يومذاك – ويا لفرحي وعمقه عندما تفهمته من كافة نواحيه لاننا كنا آنذاك نتخبط في الحياة خبط عشواء إذ لم يكن من روابط في بلادي لتلم شمل الشباب" .
وتابع يقول: "وفي مطعم حداد تجاه الجامعة الاميركية في بيروت تم اختتاني بيد الزعيم سعادة الخالد وباعث التاريخ العريق لامة كادت ان تضمحل".
وقال: "منذ ذلك الوقت كانت كل عقبة تصادفنا كنا نجد لها الف مخرج ومخرج وحل منطقي لا غبار عليه لاننا مؤمنون بعقيدة تساوي الوجود" .
* ما هي النشاطات التي كنتم تقومون بها ؟
- كنا نعمل بسرية تامة إذ ان رجال الاقطاع السياسي والديني ورجال سلطات الانتداب كانوا يلاحقوننا لان الزعيم اتى بفكر مهاجم للاقطاع وللمتحكمين برقاب الشعب، اتى ليزرع الوعي والايمان في عقول وقلوب الناس وليدفع بهذا الشعب الى وقفات العز ضد التحكم والتخاذل.
كنا نجتمع في مكتب قرب مدخل سوق النورية – اوتيل استراليا – وكانت توضع كرتونة مرقمة كالساعة وعقرب متوجه نحو الرقم الذي يأتي فيه الزعيم وذلك ضمن المحافظة على العمل السري وكان الناس عندما يرون هذه الكرتونة يظنون ان في هذا الوقت يجيء صاحب مكتب التبوغراف، وكنا قد ضربنا موعداً في هذا المكتب وفي الساعة الثامنة، فحضرنا، فإذا بالزعيم يأتي في الساعة الثامنة تماماً ويدخل بوجهه الوضاح.
وعندما احضرت زوجته القهوة اخذتها قائلاً "شكراً" عندئذ قال الرفيق: "نحن كحزب اول من ادخل هذه الكلمة "شكراً على قاموس اللغة العربية اذ لم يكن الناس يستعملون الا الكلمات الدخيلة وكان هذا بفعل الانتداب في النفوس والالسنة.
* اين كانت مجالات نشاطاتك؟
- بعدما انتميت بحوالي عدة اشهر ذهبت الى سورية الجنوبية بتاريخ 08/11/1933 "وعرض علينا هذا التاريخ في جواز مرور ما يزال محتفظاً به".
وكان نشاطنا في فلسطين واسعاً إذ تكثفت لقاءاتنا مع المواطنين هناك ولكن بسرية تامة.
* صف لنا رؤيتك الزعيم لاول مرة ؟
- "شعرت بشيء من القشعريرة تجتاحني وشعرت ان الزعيم كان ضالتي المنشودة وموضوع الاحترام الزائد المتجلي في شخصه" .
* ويوم استشهد الزعيم ما كان موقفك ؟
- "كنت في رياق عندما فوجئنا باستشهاده وقلت يومها: ما هم لو زالت الدنيا لانها لا توازيه ابدا "
وعندئذ تحركت عاطفة زوجة الرفيق نجيب واظهرت محبتها للحزب وراحت تتأسف لا عليه بل على الامة التي انجبت الزعيم.
وكانت للرفيق نجيب صور ذكرى مع جميل مردم – عبد الرحمن شهبندر – سلطان باشا الاطرش – محمد عزالدين الحلبي – الامير علي الاطرش.
ثم اخرج من محفظته الصغيرة شيئاً ملفوفاً بورقة صغيرة وراح يشمها ويقبلها. فتشوقت لرؤيتها فعرضها علي وكانت ½ قرش سوري كان قد اعطاه اياه الزعيم كذكرى سنة 1933.
*
للامين يوسف الدبس تفسير آخر اذ يروي في كتابه "في موكب النهضة" انه بعد ان انتمى على يد سعادة رجع الى البقاع وبدأ اتصالاته مع مجموعة من اصدقائه في بلدة رياق "لانها مركز الثقل بالنسبة للفرنسيين وقاعدة كبيرة للجيش والطيران"، ولما رأى اندفاعهم وحماسهم توجه الى بيروت لينقل للزعيم آخر اخبار هؤلاء الاصدقاء "اذ كنت اتنقل بين البقاع وبيروت لاطلع الزعيم على كل ما يجري حتى انتهينا الى موعد للالتقاء "بالرفقاء" الجدد، وفي الموعد المحدد اصطحبت الزعيم الى رياق، الى الغرفة الصغيرة التي كنا قررنا ان نستعملها قصراً للسكن ومكتباً للاجتماعات الحزبية".
ويضيف: "دخل الزعيم الغرفة وهو يلبس البنطلون الرصاصي وينتعل الجزمة السوداء كأنه الفارس الذي يستعد للمعركة وأخذ يشرح للحاضرين مبادىء الحزب وأهدافه والأسباب التي دعته لإنشائه بتلك الطلاقة والصراحة التي لا تتلعثم والكل ينظر إليه مشدوهاً مأخوذاً بسحر بيانه وتحليله للامور من جميع جوانبها لمدة ثلاث ساعات متواصلة.
انتهى الاجتماع باداء القسم ورفع الأيادي زوايا قائمة وكتابة البطاقات الحزبية التي كان على كل عضو جديد ان يملأها: الاسم الكامل، مكان وتاريخ الولادة، المهنة، اقسم بشرفي وحقيقتي ومعتقدي الخ.. ثم بصم الابهام الايمن من اليمين الى اليسار.
وفي هذا الصدد يقول سعادة في خطابه في 23 ايلول 1948 في منزل الرفيق نبيه دموس في بلدة رياق:
" أشعر بسعادة عظيمة لوجودي في هذا البلد الطيب، سعادة خاصة لي، لأن رياق لم تخيب قط الأمل الذي وضع فيها لإنشاء عهد جديد لهذه الأمة، إذ في هذه المنطقة ابتدأ الحزب السوري القومي الاجتماعي في البقاع ومنها امتد إلى جميع أنحائه .
" أذكر يوم رياق وقد دخلت إلى حانوت صغير رأيت فيه من الرجولة والعز الشيء الكثير واجتمعت فيه إلى عدد قليل من شباب رياق أكثرهم عمال وافتخر أنهم كانوا عمالاً حتى اليوم فنحن جميعاً عمال لهذا الوطن.
" وبعد خمس عشرة سنة جهاد ومثابرة صارت رياق جيشاً صغيراً من جيوش النهضة القومية الاجتماعية، إنها كتيبة من ألوية الزوبعة الحمراء وجيش الانتصار للنهضة القومية الاجتماعية.
" إن عهد الذل قد انقضى وقد وضعنا له حداً وابتدأنا عهد عز ومجد فتحناه بقوة إيماننا وسواعدنا وسنبقى رجاله المتمكنين نصونه إلى النهاية.
" أهنئكم أيها الرفقاء واعتزّ بكم، فلتحي رياق وليحي القوميون الاجتماعيون ".
وعن الرفيق نجيب فيكاني يورد الامين ابرهيم يموت انه "كان رفيقاً نشيطاً ومخلصاً، اعتقل مع الامين يوسف الدبس ورفقاء من البقاع في معتقل "المية ومية"
*
كان الرفيق نجيب توجه بالقطار الى حيفا للعمل في جريدة "الكرمل"، وفي حيفا نشط حزبياً وصحافياً، فساهم بتأسيس منتدى ثقافي سرعان ما شهد انتماء 300 عضواً، فرئيساً له.
عمل الرفيق نجيب في الصحافة في جريدة "الوادي" في زحلة قبل انتقاله الى فلسطين.
وعندما كلفه سعاده ان يتوجه الى فلسطين للعمل في سبيل نشر العقيدة السورية القومية الاجتماعية صارحه انه لا يملك مالاً للقيام بهذه المهمة، تناول سعادة حقيبته وافرغ ما فيها. فلم يكن في حوزته سوى قرش واحد سلمه للرفيق نجيب.
امضى الرفيق نجيب ثلاث سنوات في فلسطين.
*
- ولد الرفيق نجيب الياس وهبة الفيكاني في رياق من العام 1910.
- والدته هدباء كعدي من قوسايا
- اساس العائلة من آل عبد المسيح، انتقلت من بلدة الفاكهة الى رياق، مؤسسة لحارة الفيكاني.
- الجد وهبة، كان من رجالات اواخر القرن التاسع عشر، علاقته الجيدة بالمتزعم ملحم قاسم جعل هذا يمنحه قطعة
الارض في جوار رياق مؤسساً حارة الفيكاني.
- توفي الرفيق نجيب الفيكاني عام 1986.
*
هوامش
(1) تولى لاحقاً رئاسة دائرة الهاتف في رياق
لمن يرغب الاطلاع على كامل النبذات المعممة، والخاصة بتاريخ الحزب (سير شهداء. سير امناء ورفقاء مناضلين. بدايات الحزب في بلدات وقرى، مواضيع كثيرة متنوعة)
الدخول الى قسم "من تاريخنا"،
على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية ssnp.info
**********************
هذا الكتيب كان اعدّ للطباعة على ان يصدر كتيبات أخرى، الا ان الظروف لم تساعد في حينه وما زال هذا الموضوع الهام بالنسبة لتاريخ الحزب قيد التحضير من قبل اكثر من دار نشر وبسعي جيد من الأمين عبود أبو جودة _ (دار الفرات)، والرفيق غسان الخالدي _ (دار ومكتبة التراث الادبي)، وباهتمام جيد من جانب رفقاء سآتي على ذكرهم لاحقا .
الى جميعهم احفظ الكثير من المودة واتوجه اليهم بالشكر.
|