احد كبارنا، نذكره دائماً بحب وتقدير، مدركين ما كان عليه في مسيرته النضالية، وفي تجسيده لمعاني القسم.
نشأ في بيت ورع. لم يأخذ منه الطائفية البغيضة انما الدين السمح الذي عنوانه المحبة والتسامح والتعالي على كل صغائر، اقترن من امرأة من غير دينه، هو ابن الشيخ، حفيد الشيخ، شاركته نضاله وكانت رفيقته في الزواج والحياة والنضال الشاق المرير، فما شكت ولا تبرمت، ولا عرفت غيره، وغير حزبها، حياة تجسدت في كل مراحلها بالوفاء الكبير والصدق.
هو احدى مناراتنا الامين مصطفى عز الدين، ابن الشيخ محمد عز الدين. وهي الرفيقة شاهينة ابنة الدكتور اديب رحلي اطال الله عمرها، هما رسالة لكل مجتمعنا، كيف ان هذه النهضة فعلت النفوس، وجمعت " الاضداد "وجعلت الايمان القومي الاجتماعي قاعدة حياة سلامة، لا وسيلة تفرقة بين ابنائها.
الامين مصطفى. مهما حكينا عنه، فنحن مقصرون، لعلنا في هذه العجالة نقول بعضاً من كثير، يستحقه.
سيرته الذاتية:
رحل الامين مصطفى عز الدين عن عمر ناهز الـ 78 عاماً، على اثر وعكة صحية احدثت كسوراً في عظامه، اقام بنتيجتها اكثر من شهر في مستشفيات العاصمة بيروت، حيث سنوات عمره المديدة بالوفاة ليل السبت – الاحد في الاول من تموز. وشيع جثمانه يوم الثلاثاء في 03/07/2001 الى مدافن روضة الشهيدين.
الأمين عز الدين من مواليد صور سنة 1923 وهو متزوج من الرفيقة شاهينة رحال.
• انتمى الى الحزب السوري القومي الاجتماعي في سنة 1943.
• تحمل مسؤوليات حزبية محلية ومركزية.
• مديراً لمديرية الاشبال في منفذية صور في اوائل الاربعينات.
• منفذ عام الشوف بالتكليف بطلب من الزعيم العام 1949.
• مفوضاً عاماً لمنطقة البقاع، في اوائل الخمسينات حيث اعاد تنظيم 5 منفذيات في البقاع.
• منح رتبة الامانة عام 1954، وتحمل مسؤوليات مركزية منها:
• وكيل عميد الداخلية، اضافة الى منفذ عام بيروت اكثر من مرة.
• عميداً دون مصلحة عام 1961.
• رئيس اللجنة السياسية في بيروت ابان الاجتياح الصهيوني عام 1983-1984.
• عضواً في المجلس الاعلى مراراً.
• رئيساً للمجلس الاعلى اكثر من مرة.
• عضواً في لجنة رئاسية تولت قيادة الحزب.
• عضواً في لجان الطوارئ التي شكلت في اكثر من مناسبة حزبية.
اعتقل مع عشرات الرفقاء اثنا وجوده في مطبعة الجيل الجديد في الجميزة عند حصول الاعتداء وبقي في السجن مدة اربعة اشهر سنة 1949.
شارك في الثورة الانقلابية الثانية، وحكم عليه بالاعدام قبل ان يخفض الى 15 عاماً في التمييز. وخرج من الاسر بعد سبع سنوات ونيف وتابع عمله الحزبي في مسؤوليات قيادية من العام 1969 وحتى وفاته.
ولا بأس من الاشارة الى ان الامين الراحل تولى مسؤولية عميد للداخلية اكثر من مرة وكذلك عميداً للتموين، وعميداً دون مصلحة.
بعد اربعة اشهر من استشهاد الزعيم، كلف الامين عز الدين باعادة تنظيم العمل الحزبي في الكيان اللبناني، وذلك فور خروجه من المعتقل.
وعندما تمّ انشاء مفوضية لبنان العامة في اوائل العام 1950 تولى مسؤولية ناموس المفوض العام.
بعد فرار الصهاينة من بيروت تحت ضربات ابطال المقاومة في عمليات نوعية تولاها رفقاء له، وكان من ابرزها عملية الويمبي، قرر الامين عز الدين، وكان يرأس المجلس الاعلى، العودة الى بيروت، وبعد اصرار منه اقنع المجلس الاعلى بضرورة عودته، فعاد حاملاً مسؤوليات تنفيذية استثنائية، اهمها ادارة العمل السياسي، وكان بين القلائل من قادة الأحزاب المتواجدين في بيروت بداية عهد امين الجميل وقد كان له الدور البارز في جميع القوى الوطنية واستنهاض كل بيروت عندما كانت القوات الاسرائيلية والقوات اللبنانية موجودة في بيروت.
وقد تعرض الى ثلاث محاولات اغتيال، نجا منها.
* * *
ما أورده الأمين غسان عز الدين في الجزء الثاني من "حوار مع الذاكرة" يحكي بصدق وموضوعية عن الدور المفصلي الذي قام به الأمين مصطفى عز الدين بعد استشهاد سعادة في تنظيم العمل الحزبي في أصعب وادق الظروف التي واجهت الحزب في حينه.
ننقل ذلك، ليس فقط إضاءة على ما كان عليه الامين الراحل مصطفى عز الدين. إنما أيضاً تعريفاً للرفقاء على حقبة هامة من تاريخ حزبهم.
* * *
عندما عاد الزعيم إلى الوطن في الثاني من شهر آذار 1947، كان الرفيق مصطفى عز الدين يشغل مسؤولية منفّذ عام صور، وكان في الوقت نفسه موظفاً في سلك التدريس في وزارة المعارف اللبنانية، يدرّس اللغة العربية في المدارس الارمنية التابعة للوزارة في مدينة صور.
إن المرة الأولى التي قابل فيها الزعيم، كانت يوم عودة الأخير إلى الوطن. حيث تم استدعاء مسؤولي المناطق للتعرف على الزعيم، بعد الإنتهاء من إلقاء خطابه في الحشود التي حضرت لإستقباله من كافة كيانات الأمة.
على أثر الإستقبال التاريخي الذي جرى لسعادة، وخطابه في الحشود، أصدرت الجهات المختصة في الحكومة اللبنانية مذكرة توقيف بحقّه.... رفضها واعتصم في الجبل... ولقد تم توثيق تلك المرحلة، وصدرت مجموعة من الكتب تحتوي أحداثها.
خلال فترة مذكرة التوقيف، كان لمصطفى شرف مقابلة الزعيم مرات عديدة في الأماكن المتنقلة التي كان يتواجد فيها. وفي الزيارة الاولى كلفه الزعيم، هو والرفيق نواف حردان، منفذ عام مرجعيون، بتمثيل الحزب في كل ما يتعلق بانتخابات الجنوب.
وبعد إلغاء مذكرة التوقيف، وعودة الزعيم للظهور العلني في مركز الحزب في بيروت تم استدعاء مصطفى من قبل عمدة الداخلية لمقابلة الزعيم. وفي نهاية المقابلة طلب منه الزعيم الإنتقال للإقامة في بيروت، ووضع نفسه تحت تصرفه لتكليفه بمهمات خاصة. وخلال مدة لا تتجاوز العشرة أيام كان مصطفى قد قدّم استقالته من مهنة التعليم، وانتقل للإقامة في بيروت واضعاً نفسه تحت تصرف الزعيم، الذي كلفه بمهمات عديدة. كان آخرها، كما روى لي مصطفى فيما بعد، مسؤولية الإشراف على تنظيم سري، تحت اسم "تنظيم السلك"، وهو يضم العسكريين القوميين الإجتماعيين.
أما ليلة حادثة الجميزة، فقد كان مصطفى في مطبعة "الجيل الجديد"... وبقي فيها إلى ما بعد مغادرة الزعيم للمطبعة، وإلى أن تم الهجوم عليها من قبل ميليشيات وعصابات الكتائب، بمساعدة بعض القوى الأمنية!!. وقد نجا بأعجوبة من إطلاق النار الكثيف على من في المطبعة، وأصيب بجانبه الرفيق جوزيف الطويل بعدة رصاصات، كما أصيب عدد آخر ممن كانوا هناك. تم الإتصال بالإسعاف، ومخفر شرطة البرج، القريب من المطبعة لنقل الجرحى، وتأمين خروج من في المطبعة... ولكن ما حصل، هو حضور قوى الامن، حيث تم اعتقال الجميع، بمن فيهم الجرحى وسوقهم إلى مخفر البرج. وقد تم فيما بعد نقل الجرحى إلى المستشفيات، وفي صباح اليوم الثاني تم نقل الناجين إلى سجن الرمل. اكتفي بهذه الإشارة إلى حادث الجميزة الذي سترد تفاصيله في بعض صفحات هذا الكتاب. وكما ذكرت، لقد صدرت مجموعة من الكتب تروي ما حدث في الجميزة، وما تلاه من أحداث لغاية استشهاد سعادة.
هذا، وعند استشهاد الزعيم في الثامن من شهر تموز 1949، كان مصطفى لا يزال معتقلاً في سجن الرمل بدون أي تهمة... كما كان عدد المعتقلين من القوميين الإجتماعيين قد تجاوز المئات..
وعندما وصل خبر اعدام سعادة إلى الأسرى في سجن الرمل، أُصيب مصطفى بصدمة نفسية قاسية... وانزوى في زاوية الغرفة التي كان فيها مجموعة من الرفقاء، صامتاً دون أن يكلم أحداًُ. يستعرض ما حصل ويفكر.. وفي نهاية الأيام الثلاثة كان قد اتخذ قراراً بينه وبين نفسه، دون أن يطلع أحداً عليه. وهو أن يبادر فور إطلاق سراحه، في حال عدم وجود قيادة رديفة تتابع العمل الحزبي الرسمي، إلى أخذ الأمر على عاتقه، ودعوة عدد من الرفقاء الذين حددهم بينه وبين نفسه، واطلاعهم على قراره الذي تضمن أيضاً، ضرورة التحضير والعمل لتأديب بعض الذين كان لهم دور في المؤامرة على الزعيم والحزب.
بين الاسبوع الاول والثاني من شهر آب 1947، لم أعد أذكر التاريخ بالضبط، طلب العريف الدركي المسؤول عن الغرف من مصطفى ارتداء ملابسه، لأنه مطلوب لمقابلة في غرفة آمر السجن. وعندما وصل إلى غرفة الآمر فوجىء بوجود ضابط من الشرطة العسكرية في الجيش، مع ثلاثة جنود بانتظاره، حيث طلب منه الضابط مرافقته. وحين سأله مصطفى إلى أين؟ كان جواب الضابط... لا أسئلة، عندما تصل تعرف... تم وضع مصطفى بين الجنديين في سيارة الضابط، وتولى القيادة الجندي الثالث. وانطلقت دفعة واحدة، ثلاث سيارات "جيب" عسكرية. واحدة في الامام، والثانية.. السيارة التي كان فيها مصطفى، والثالثة في الخلف. وأخذ مصطفى يفكر إلى أين؟ وعندما سارت السيارات باتجاه الفياضية اعتقد أنه قد تم اكتشاف أمر التنظيم، وأنه نقل إلى الفياضية للتحقيق معه حول التنظيم من قبل الشرطة العسكرية، واخذ يفكر في الأسئلة التي يمكن أن توجه إليه، وتحضير الأجوبة عليها، ومحاولة إخفاء ما يمكن اخفاؤه من أعضاء التنظيم، على ضوء ما تم كشفه، والأسئلة التي توجه إليه.. وأثناء تفكيره انتبه إلى أن السيارات قد تجاوزت ثكنة الفياضية باتجاه الجبل. وما هي إلا حوالي العشرين دقيقة حتى كانت السيارات تدخل حديقة المنزل الصيفي لرئيس الحكومة آنذاك، رياض الصلح.
توقفت السيارات في الموقف الخاص لها في الحديقة، وطلب الضابط من مصطفى مرافقته، وكان لا يزال مقيّد اليدين. فتوجه مع الضابط إلى داخل الحديقة أمام مدخل المنزل، ليفاجئ برياض الصلح، وبجانبه من اليمين واليسار، السادة والأساتذة، محمد صفي الدين، علي بزي، زهير عسيران، بشارة مارون، وشيخ من آل الزين، لم أعد أذكر اسمه، وهو نسيب لوالدتي. وقف الضابط وبجانبه مصطفى وتوجّه إلى الحضور الذي كان يعرفه بالقول.... السلام عليكم.. وأجابه الجميع.. وعليكم السلام. فطلب الرئيس الصلح من الضابط فك قيد يدي مصطفى. عندها توجه الجميع باستثناء الصلح لسلام عليه وتقبيله. هذا مع الإشارة إلى أن الأستاذ علي بزي هو ابن خالة والدتي، وكان يتردد بصورة دائمة إلى منزلنا في صور وبعدها في بيروت. ومن ثم تمّ احضار كرسي أُجلس مصطفى عليها في مواجهة الحضور، وبدأ رياض الصلح يوجه أسئلة إلى مصطفى حيث كان يجيبه عليها.
الصلح.... أنت مصطفى عز الدين؟
مصطفى....نعم
الصلح... والدك الشيخ محمد وجدّك الشيخ عز الدين ووالدتك الست مريم
مصطفى... نعم
الصلح... خالك الصديق العزيز السيد محمد الحسن
مصطفى ...نعم
الصلح... أخوالك أسياد من آل رضى الكرام
مصطفى ...نعم
الصلح... تقول نعم دون ان تشعر بالعار والخجل
مصطفى... لماذا أشعر بالعار والخجل بل افتخر بذلك.
الصلح.. تعتز وتفتخر وقد اسأت إليهم جميعاً وسرت وراء مسيحي ضد لبنان والعروبة وتقول تحيا سوريا.
مصطفى... عائلتي التي ذكرتها لم تعلمني أن هناك فرقاً بين المسلم والمسيحي.
ومنهم تعلمت أولا كلمة تحيا سوريا حيث كما تعرف جيداً، وقد شاركت في بعض اللقاءات التي كانت تتم للمطالبة بالوحدة السورية، وبعضها كان في منزل جدي. أما الزعيم سعادة، ومنذ نشوء الحزب حتى استشهاده علمنا بأننا ترس وسيف العالم العربي..
الصلح: اسكت..اسكت- ملتفتاً إلى الحضور، أسمعتم يدافع عن المجرم ويسميه بالشهيد، متوجهاً إلى الضابط.. خذه من امامي.
الضابط.. إلى أين يا سيدي؟ وقبل أن يجيب وقف الحضور محيطين بالرئيس متحدثين معه بأصوات خافتة ثم عادوا إلى اماكنهم.
الصلح...صامتاً لمدة دقيقتين والغضب ظاهر على وجهه، مجيباً الضابط فيما بعد... خذه إلى منزله...
مكث مصطفى في المنزل بعد إطلاق سراحه ثلاثة أيام يستقبل فيها الانسباء وأصدقاء العائلة وعدداً قليلاً من الرفقاء للتهنئة بإطلاق سراحه. وفي اليوم الرابع غادر المنزل وطلب من العائلة عدم السؤال عنه أو الإضطراب حيث يتغيّب لأيام عن المنزل، لأنه قد يكون بضيافة أصدقاء في الجبل.
بادر مصطفى في اليوم الرابع بعد إطلاق سراحه إلى الإتصال بالرفقاء الذين كان قد حددهم في ذهنه للإتصال بهم في البداية للبحث معهم في مبادرته. وقد لقي تجاوباً كلياً من مجموع الرفقاء الذين اتصل بهم، وتم الإتفاق بينهم. ةنظراً لغياب المؤسسات الشرعية الدستورية، وعدم وجود قيادة رديفة، تم اعتبار مبادرة مصطفى وتعاونهم معه في تنفيذها انها تشكل شرعية الامر الواقع.
خلال فترة تتراوح بين الثلاثة والاربعة أشهر تمكنت المجموعة التي تعاونت معاً، من اختيار ركائز للتنظيم الحزبي، وتسلم المسؤولية في كافة المناطق اللبنانية، إضافة إلى العمل الطلابي.
وعندما أطلق سراح مصطفى، كان عدد من المسؤولين السابقين ما زالوا في المعتقل، وبينهم عدد من الامناء، إضافة إلى الرفقاء الذين صدرت بحقهم أحكام قاسية لمشاركتهم في الثورة القومية الإجتماعية الاولى. وحين انتهاء محاكمة المسؤولين السابقين وإطلاق سراحهم.. كان قد وصل إلى دمشق عدد من الامناء الذين تمكنوا من الإفلات. فتمّت دعوة الامناء في الوطن وعبر الحدود، للإلتقاء في دمشق لممارسة واجبهم الدستوري وانتخاب مجلس أعلى. وقد تمكن العدد الاكبر منهم من الوصول إلى دمشق حيث اجتمعوا وتم انتخاب المجلس الأعلى الذي انتخب بدوره جورج عبد المسيح رئيساً للحزب.
بعد ان تسلم الرئيس المسؤولية وتشكيله مجلساً للعمد.... تم استدعاء الرفيق مصطفى ومجموعة من الرفقاء لمقابلة رئيس الحزب في دمشق. وقد كانت مغادرتهم وعودتهم لبيروت بصورة سرية من خلال المخارج غير الرسمية.
استمر الرفقاء في دمشق ثلاثة أيام، تمت خلالها لقاءات عديدة مع رئيس الحزب وبعض العمد. في أعقاب ذلك، طلب الرئيس من الرفقاء العودة إلى لبنان بنفس الطريقة التي حضروا بها، وإبقاء أمر هذا اللقاء سرياً. وطلب من مصطفى البقاء في دمشق، وبعد يومين وصل إلى دمشق الامين حسن الطويل، حيث تمت لقاءات مع الرئيس حضرها الامين حسن ومصطفى وبعض العمد... قرر الرئيس بعدها إنشاء مفوضية في لبنان سميّت "مفوضية لبنان العامة". وتم تعيين الامين حسن الطويل مفوضاً عاماً والرفيق مصطفى ناموساً للمفوضية بصورة سرية أيضاً في البداية، على اساس أن يستمر العمل والتنظيم كما بدأ من خلال المبادرة.
وقد شهد الحزب في تلك الفترة إقبالاً كبيراً للإنتساب إليه، وبصورة خاصة، في أوساط الطلبة الجامعيين والثانويين بالرغم من استمرار الملاحقات والإعتقالات.
خلال تلك الفترة تمت عملية تأديب المدعي العام العسكري القاضي يوسف شربل، والمحاولة الأولى لإغتيال رئيس الحكومة آنذاك، رياض الصلح...وأتوقف هنا لأصحح ما ورد في مذكرات الأمين أديب قدورة إذ جاء فيها أن الرفيقين توفيق حمدان وذوقان أبو كامل قد قاما بالمحاولة الاولى. والحقيقة هي أن من قام بالمحاولة هنا، كل من الرفيقين توفيق حمدان وجوزيف حداد... هذا وقد تم الإعداد لمحاولة ثانية، حال قرار رئيس الحكومة في اللحظات الأخيرة، عدم حضوره إلى مكان الإحتفال دون تنفيذها... أما المحاولة الثالثة التي تمت في عمّان، وأدت إلى مقتل الصلح، فقد تمت روايتها في مجموعة من الكتب.
بعد سقوط عهد بشارة الخوري، وبدء ظهور العمل الحزبي بصورة علنية في بعض المجالات، وتوقف الملاحقات والإعتقالات نسبياً، اتخذ رئيس الحزب قراراً بحل مفوضية لبنان العامة وإلحاق العمل الحزبي مباشرة بالمركز. وقد تم استئجار مكتب في بناية العازارية حيث كان يدوام فيه في البداية بالتناوب بعض المسؤولين المركزيين، أذكر منهم.. سعيد شهاب الدين، وكيل عميد المالية، وجبران جريج، وغسان عز الدين، وفيما بعد جبران حايك الذي تسلّم كما أذكر في البداية مسؤولية ناظر إذاعة بيروت، ثم عميداً للإذاعة إضافة إلى خليل محيو، وبعض المسؤولين المركزيين الآخريين، وهيئة منفذية بيروت، والامين ابراهيم يموت الذي انتخب رئيساً لمجلس منفذية بيروت، وهو أول مجلس انتخب بموجب المادة 4 من الدستور.
هذا، وما زلت أذكر أسماء بعض الرفقاء الذين كان لهم النشاط المميز، وتحملوا المسؤوليات قبل وبعد إنشاء المفوضية العامة. وأذكر أيضاً أسماء بعض أصحاب المنازل والمكاتب والمحلات التي كانت تتم فيها اللقاءات السرية، ويتم من خلالها إرسال واستلام البريد والمنشورات والكتب الحزبية إلى المناطق...
ومما أذكره أيضاً أن لقاءات عديدة كانت تتم في مكاتب جريدة النهار. وإن مصطفى كان على تواصل دائم مع الرفيق آنذاك، غسان تويني.
إن ما رويته بصورة موجزة عن المبادرة، لإعادة التنظيم الحزبي بعد استشهاد سعادة، ومن ثم عودة تشكيل المؤسسات الشرعية الدستورية، وإنشاء مفوضية لبنان العامة، تضمن بعض الاحداث والنشاطات لتي رافقتها وشاركت في بعضها. وبعض ما رواه لي شقيقي مصطفى في لقاءات واحاديث كنا نعود فيها إلى الماضي.
وأشير أخيراً أن خطة العمل التي اعتمدت في بداية إعادة التنظيم، كانت قد شددت على اهمية وأولوية العمل في صفوف الطلبة الجامعيين والثانويين، ونشر الفكر القومي الإجتماعي بينهم.
وأذكر جيداً أن الطلبة القوميين الإجتماعيين في الجامعات والثانويات أصبحوا بعد أشهر قليلة من أقوى التنظيمات الحزبية الطلابية، وان الإقبال على الإنتساب إلى الاعمال والنشاطات الحزبية السرية. وكان ظهور الطلبة في صفوف بديعة النظام، في الثامن من تموز 1952، في أول ظهور علني مفاجئ مفاجأة أدهشت القوى الامنية والسياسية التي كانت تراقب الظهور.
وجاءت مشاركة الطلبة المميزة في مهرجان دير القمر الذي تبعه سقوط عهد بشارة الخوري، ليؤكد أن منطلقات الثورة القومية الإجتماعية، واستشهاد الزعيم ومجموعة من الرفقاء، مؤثراً وفاعلاً في نشر فكر النهضة القومية الإجتماعية في أوساط الشباب.. وأن مراهنة سعادة على الطلبة كان في محلها..
وكان للطلبة في الحزب السوري القومي الإجتماعي دورٌ فعالٌ في نشر الفكر القومي الإجتماعي خارج جامعاتهم ومعاهدهم وثانوياتهم. إذ أنهم كانوا ينطلقون للعمل في مناطقهم في العطل الطويلة، وفصل الصيفمن خلال الندوات الإذاعية والمخيمات والرحلات... والنشاطات الكشفية والرياضية، والذين كان لي شرف العمل الحزبي معهم في تلك الفترة.
أسماء عدد من الرفقاء من الذين تجاوبوا مع مبادرة الامين مصطفى عز الدين في تنظيم العمل الحزبي، كما وردت في كتاب "حوار مع الذاكرة".
الياس أبو حيدر- كميل سعد- حنه الضاهر- نايفة عبدو- زكي ناصيف- فهد متري- خليل دياب- توفيق حمدان- حسن الاحدب- فؤاد مسلم- جرجس أبو جودة- ادمون حايك- نقولا ناهض- زكريا لبابيدي- هايل دهام- شكيب بدور- محمد سلطاني- ظافر جريديني- ناصيف سماحة- حبيب الحلو- محيي الدين كريديه- علي عوض- جرجس برباري- وليم صعب- هيام نصر الله- رجا نصر الله- جوزيف رعد- جوزيف نصر- نديم جواد عدره- شوقي خير الله- فؤاد شاوي- لويس حداد- شاهينة رحال- يوسف تاج- الياس سمعان- نقولا قباني- سامي دهام- أحمد حمود- يوسف الخطيب- هاني بلطه جي- ولسن مجدلاني- أمين داغر- نقولا سماحة- خليل أبي عجرم- حسني الشيخ- يوسف حاتم- نزيه الأسعد- عبد الرحيم عاصي- رياض أبو فاضل- رفيق سليم- علي نزهة- ديب كرديه- علي توفيق عبد الساتر- سلمان قطيش- أحمد ماجد- حميد نعمه- محمد توفيق عبد الساتر- ادمون كنعان- عبد الرحمن بشناتي- فهد حريق- حبيب حبيب- نقولا بردويل- ميشلين داغر- حسين الساحلي- علي شرف الدين- ادكار عبود- علي ناصر الدين القماطي- نظمي عزقول- ميشال التركي- خليل توفيق حلاوي- أنيس أبو رافع- سامي خوري- عفيف حسان- ادمون مكرزل- حسن عبد الساتر- محمد الشماع- ميشال سعاده- فؤاد ذبيان- نجيب طعان صعب- حنا رمادي- شكيب أبو مصلح- علي هاشم- رؤوفه الأشقر- نجيب حريق- كامل المقدم- سلمى كرم- سوريا المهتار.
* * *
|