شهد الكيان الأردني، وقبله الجنوب السوري، فلسطين، حضوراً للحزب منذ ثلاثينات القرن الماضي، وتشكلت فيه فروع حزبية عديدة، قامت بدورها النضالي في الثورات والمعارك، ومنها سقط رفقاء شهداء، وبرزت قيادات كان لها حضورها في تاريخ الحزب، ابرزهم الامين كميل جدع الذي كان تولى مسؤولية منفذ عام حيفا في ثلاثينات القرن الماضي، وفي تاريخنا الزيارة التي قام بها سعادة إلى عمان عام 1938 فإلى طبريا وصولاً إلى حيفا ثم إلى قبرص ماكثاً فيها فترة شهرين قبل أن يغادرها إلى إيطاليا، المانيا فإلى البرازيل والأرجنتين حيث اضطرته ظروف الحرب العالمية الثانية وصدور الحكم عليه من السلطات الفرنسية المنتدبة في لبنان، للإستقرار القسري فيها إلى أن تمكن من مغادرتها فالوصول إلى الوطن في 2 آذار 1947 .
في الأردن برزت قيادات في العمل القومي الإجتماعي أبرزها المحامي الأمين مصطفى أرشيد (من جنين– الضفة الغربية) الذي انتخب عضواً في مجلس النواب الأردني، وكان له حضوره السياسي البارز، فإنتخابه عضواً في المجلس الأعلى فرئيساً للحزب.
ونشط في الأردن متولياً المسؤوليات الحزبية الأمين مصطفى سليمان(1)، الأمين المحامي صالح سوداح (من ترشيحا، فلسطين، وقد تواجد في عمان، ناشطاً ومسؤولاً حزبياً) ومثله الأمين حيدر الحاج إسماعيل، والرفقاء الإعلامي جورج حداد، الأديب خليل محمود السعد، الدكتور إميل لطفي، بطرس الحمارنة، وأمناء ورفقاء من لبنان والشام تواجدوا في الاردن إثر الثورة الإنقلابية، أمثال الأمناء علي غندور، يوسف المعلم، عيسى سلامة، د. سامي خوري، رامز يازجي، جورج صليبي، إدمون كنعان.
منذ فترة عممنا ما أمكننا جمعه من معلومات عن السيرة الشخصية والحزبية لأحد رموز الحزب في الأردن الرفيق الدكتور محمد أمين تلحوق.
اليوم نعمم ما توفر عن الأمين الراحل زهدي الصباح الذي كان له نشاطه المميز في الأردن، وكان وجهاً حزبياً وإعلامياً معروفاً، خسره حزبه وعائلته باكراً عندما سقطت في أفريقيا الطائرة التي كانت تقله.
*
من رسالة كان وجهها إلينا شقيقه الإعلامي الرفيق عدنان الصباح، هذه المعلومات:
-ولد زهدي اسعد داوود الصباح في قرية " قفين " بقضاء طولكرم، ونشأ في عائلة ميسورة الحال .
-درس في مدرسة القرية، حيث أنهى المرحلة الإبتدائية، ثم أكمل دراسته الثانوية في مدرسة "سمبل" في حيفا.
-بعد أن أنهى دراسته الثانوية، إلتحق بالعمل في ميناء حيفا لعدة سنوات، كمترجم مع الجيش البريطاني.
-مارس نضاله في تلك الفترة بمواجهة اليهود الصهاينة، مما سبب باعتقاله لمدة سنتين وأفرج عنه عام 1949.
-عاد إلى بلدته "قفين" ثم تعاقد مع شركة ارامكو في السعودية كمترجم.
-إقترن من لطيفة الصباح وأنجب منها رياض، وهاني (توفاه الله) ثم إقترن من الرفيقة إيفون عبدو وله منها زينة وهانية.
-تعرّف على الرفيق الراحل أديب جلاجل، وبواسطته تعرّف على مبادئ الحزب السوري القومي الإجتماعي وانضوى في صفوفه. تمّ ذلك في أوائل الخمسينات من القرن الماضي.
-دخل في مشروع تجاري تمثل بإقامة مزرعة قرب دمشق، شاركه فيها عدد من الرفقاء، إنما لم يكتب للمشروع النجاح.
-عاد إلى عمان حيث تسلّم إدارة شركة فيليبس، ومنها إنتقل للعمل كمراسل صحافي في وكالة اليونايتد برس للأنباء.
-عرف الأسر في الأردن عام 1957(2). تولى مسؤولية مندوب مركزي للحزب في الجنوب السوري (فلسطين، الأردن) وكان في مرحلة هامة من العمل الحزبي في ستينات القرن الماضي عضواً في الإدارة العامة المؤقتة التي تولت إدارة العمل الحزبي بعد حصول الثورة الإنقلابية في لبنان، وتمكّن عدد من أعضاء المجلس الأعلى والعمد من الوصول إلى الأردن، فشكلوا الإدارة العامة المؤقتة، التي يصح أن يُكتب عنها وأن تؤرخ.
-عرض عليه صديقه ورفيقه الأمين منصور عازار العمل في أفريقيا، فتولى إدارة شؤون الموظفين في المصنع في لاغوس، ثم إدارته لاحقاً.
-بعد عدة سنوات على عمله، قرر زيارة لبنان. بعد انتهاء الزيارة وأثناء عودته مع الأمين منصور عازار إلى اللاغوس عن طريق مدينة كانو توقف الأمين عازار في كانو، حيث يملك مصنعاً ثانياً، فيما تابع الأمين زهدي طريقه إلى اللاغوس، فشاء له القدر أن تصطدم طائرته بغابة حرجية فيما كانت تقترب من الهبوط في مطار اللاغوس، فاشتعلت فيها النيران، ولم ينج أحد من طاقم الطائرة أو من ركابها .
*
من جهتها روت لنا عقيلته، الرفيقة إيفون عبدو، أنها تعرفت إلى الأمين زهدي الصباح في منزل الأمين علي غندور(3) أثناء زيارة قامت بها إلى الأردن برفقة الرفيق فريد أبو الخير(4) وفي منزله، أقام الأب إيليا برباري(5) مراسم الزواج، وقد حرص الأمين غندور أن يستقدمه خصيصاً من لبنان(6) .
أمضت معه 4 سنوات، أنجبت زينة وكانت إبنة ثلاث سنوات عندما قتل والدها في حادثة الطائرة، وهانية التي لم تكن تجاوزت السنة ونصف السنة.
أوضحت لنا أن الأمين زهدي كان يرغب في إطلاق إسم هاني على الجنين، في حال ولد صبياً، فعندما ولدت أنثى، أطلق عليها اسم هانية.
***
الأمين عبدالله قبرصي وقد عرف الأمين زهدي جيداً في فترة مكوثه في الأردن بعد الثورة الإنقلابية، وقبل مغادرته إلى فنزويلا حيث بقي فيها إلى أن صدر العفو في 19 شباط 1969 فأمكنه العودة إلى وطنه، يفيد في لقاء لنا معه بتاريخ 27/11/2003 أن الأمين زهدي الصباح "يفهم الحزب جيداً، مثل أحسن واحد منا. نشيط ومثالي، ويضيف: "كان من الامناء الصافين الذهن، من ذوي المناقب والاخلاق، كان قدوة في ايمانه وتضحياته وفكره المنير".
***
هوامش
1.مصطفى سليمان، مؤسس وقائد فرقة "الزوبعة" التي قامت بدور بطولي في حرب العام 1948 في منطقة اللد – الرملة.
2.يفيد الرفيق عيسى بندقي (من حمص، تولى مسؤولية ناظر إذاعة في منفذية الأردن. هاجر إلى سان باولو وفيها وافته المنية)، إن الأمين زهدي ورفيق من "مأدبا" كانا في السجن في عمان وأفرج عنهما عام 1958 أما التهمة فكانت أن الرفيق من مأدبا حصل على وثائق من وزارة الدفاع وسلمها إلى الأمين زهدي بصفته منفذاً عاماً للحزب في الأردن .
يوضح حضرة منفذ عام الاردن، بعد اطلاعه على النبذة، ان الرفيق المعني هو الرفيق الراحل بطرس الحمارنة.
3.كانت الرفيقة إيفون عبدو تقطن مع عائلتها (شقيقتها الرفيقة نايفة وشقيقها الرفيق سمير) في الحدث، كذلك كانت تقطن عائلة الأمين علي غندور في جوار منزل الأمين عبدالله محسن (منطقة الريجي – الحدث) .
4.فريد ابو الخير، من وادي شحرور، اقترن من السيدة ساميا الحلبي من ضهور الشوير، كان أمهر مهندسي الصوت في خمسينات وستينات القرن الماضي، رافق الأخوين رحباني في كل أعمالهما.
5.الاب ايليا برباري، الأب الذي عرّف سعادة ليلة الثامن من تموز. كان بدوره يقطن بلدة الحدث.
6.للتوضيح فقط: الأمين زهدي من الطائفة المحمدية السنية فيما الرفيقة إيفون من الطائفة المسيحية الأرثوذكسية، في هذا دليل على كيف تجاوز الحزب كل الحواجز الطائفية والمذهبية وجسد في مفاهيمه وفي نهج أعضائه، وحدة المجتمع.
نأمل من كل رفيق يملك ما يضيفه من معلومات عن سيرة ومسيرة الامين زهدي الصباح، ان يزوّدنا بها.
|