التقيت به اكثر من مرة في ستينات واوائل سبعينات القرن الماضي. كان يتردد الى محل الرفيق ادمون حايك، كما العشرات من الرفقاء يومياً، ومثلهم كنت اتردد عندما اتوجه الى اسواق الطويلة، اياس، الجميل، سيور وغيرها حيث كان لنا عشرات الرفقاء.
وعرفت عنه من الامينة ادما حماده، حدثتني انه كان افضل مدير لمديرية السيدات في دمشق، واطرت على اخلاقه وايمانه والتزامه. وقرأت انه كان اسر في المزة مع الالاف من القوميين الاجتماعيين، وانه عندما خرج، والامين اديب عازار، انتخبا لعضوية المجلس الاعلى عام 1956.
في سنوات الحرب المجنونة سألت عنه، قيل لي انه في الاشرفية، حتى اذا بات ممكناً زيارتها، قصدته والامينة ادما، والرفيق الدكتور ميشال خيرالله،
يا ليتني لم اقصده، فقد صدمني واقعه المأسوي عائلة ووضعاً مالياً.
نقلت ذلك الى البعض، وكتبت الى بعض آخر.
إلا اني لم ازره مرة جديدة. ليس لان اليوم 24 ساعة فقط، ولانه لا يمكنك ان تكون الفاً، انما ايضاً لان زيارته يجب ان تقترن بعون مالي، لا اقدر عليه في وقت انصرافي الى الاهتمام بعدد من الرفقاء، ليسوا اقل منه عوزاً ووضعاً مأسوياً.
منذ اشهر عدت واتصلت بالبعض، كنت في داخلي اتمزق. من تكلمت معهم يدركون ذلك.
فالحزب لا يستطيع ان يتنكب مسؤولية هذا العدد الكبير من اسر شهدائه، وفي الوقت ذلك العدد المماثل من رفقاء تقدم بهم العمر، ويحتاجون الى رعايتين، معنوية ومادية .
انوه بالرفيقة نهلا التي كانت تهتم من ضمن الممكن، الا ان هذا الاهتمام لا يمكنه ان يغطي كامل الحاجة، ان لم تتضافر مساهمات اخرى.
منذ ايام مات الرفيق يوسف دعيبس وقد حمل معه الاطنان من عذاباته، وبما كان يشعر به كل ثانية .
سامحني يا امين يوسف. اعترف اني قصرّت. يا ليتني الفاً كي اتوزع الى آلاف.
انما ... سامحني.
(*) عسى من يقرأ تلك الصرخة، ينضم الى ما تقوم به "مؤسسة رعاية اسر الشهداء وذوي الحاجات الخاصة"، تخفيفاً من عذاب كثير.
|