عندما عرف القوميون الاجتماعيون في ضهور الشوير من هو زعيمهم
قبل ايلول 1935 لم يكن الرفقاء الذين بدأوا ينتمون الى الحزب في بلدة سعادة يعرفون من هو زعيمهم.
ولأن الحزب كان بدأ ينتشر ويشهد انتماءات كثيرة في المناطق، ومنها المتن الشمالي، فقد وجد سعادة انه بات لازماً ان يطلع الرفقاء في بلدة ضهور الشوير على اسم زعيمهم.
عن هذا الامر يتحدث الامين عبد الله قبرصي في الجزء الاول من "عبد الله قبرصي يتذكر"، فيقول (1):
كان ذلك ظهر السادس عشر من ايلول 1935. دعاني الزعيم وعرفني على ابن عمته وديع الياس (2) ثم قال لي ان عدداً من الرفقاء انتمى الى الحزب في بلدته ضهور الشوير وانهم حتى الان لا يعرفون من هو زعيمهم. تذهب مع الرفيق وديع وتقوم بهذه المهمة. ولم يزد حرفاً واحداً. حزمت امري وبحثت عن سائق كان لا يفارقني في رحلاتي الطويلة هو الرفيق سليم سعد الله يمين من انطلياس، ما ان وجدته حتى عرجت على مكتب الشركة السورية التجارية (3)، واصطحبت الرفيق وديع، وانطلقنا الى ضهور الشوير، كنت ازورها لاول مرة.
اذا قصدت الجبل يوماً، فالى عاليه وبحمدون كنت اقصد، لم يكن يستهويني رغم انه جنة لبنان الغناء!..
في الطريق اخذت بالصنوبر... وتملكني شعور مرتعش ونحن نتسلق الروابي عبر بكفيا الى بلدة سعادة. اين اخضرار كورتي من اخضرار المتن؟ بل أين جمال الزيتون من جمال الصنوبر؟ اين تواضع الزيتون امام خيلاء الصنوبر الناطح الضباب والسحاب؟
بعد منتصف ايلول، لم تكن ضهور الشوير في عزها... البرد والضباب يركضان في شوارعها وحول بيوتها القرميدية الساحرة.. مررنا في الشارع الرئيسي وبلغنا الساحة، الى ان وصلنا الى دارة قرميدية – مقابل ملعب التنس! دارة جورج ابو ناضر(4).
كان الشباب وعددهم بين الخمسة والعشرين والثلاثين في الصالون المقفل.. لم يكن احد هناك غريباً عن الحزب، فالسرية حرم مصون.
قدمني الرفيق وديع، وبعد حديث قصير، أخذت الكرسي التي كنت اجلس عليها، وبدأت هكذا:
يحج المسلمون الى الكعبة، والمسيحيون الى القدس، اما السوريون القوميون فالى ضهور الشوير يحجون.
هنا ولد البطل
هنا ولد المعلم
هنا ولد القائد
هنا ولد الزعيم
هنا ولد انطون سعادة..
تلفظت بهذه الكلمات، وكأني امسك بكل رفيق وأهزه ليفيق من رقاد طويل. ولكن ما ان لفظت اسم انطون سعادة حتى دوى التصفيق، ونفرت دموع الفرح من عيون كثيرة.. وساد الصمت والخشوع.
توقفت برهة ليلتقط الرفقاء انفاسهم بعد المفاجأة. فالرجل الذي كانوا يرونه كل يوم، تارة ملتحياً وطوراً بلا
لحية، يتأبط الكتاب ويتوغل بين الصنوبر، او ينحدر الى العرزال، وحيداً او مستوحداً، الرجل العائد حديثاً من المغترب، الرجل المتواضع والقوي، هو اذن مؤسس الحزب السوري القومي وزعيمه، لا الاسماء الطنانة التي كانت تسكن القصور وتملأ شهرتها الصحف؟..
لم اطل الكلام بعد هذه الهزة. تركت للرفقاء ان يسألوا وان اجيب. ثم قفلت راجعاً.
لقد عرف السوريون القوميون في الشوير من هو الزعيم؟ كانوا مواطنيه فصاروا تلاميذه وجنوده.
هوامش:
(1)الصفحات 65-67 من الكتاب المذكور
(2)منح رتبة الامانة. كان له حضوره المتقدم في ضهور الشوير والمنطقة. كنت كتبت عنه نبذة مطولة. لمن يرغب الاطلاع الدخول الى ارشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية: www.ssnp.info
(3)الاسم التمويهي لمركز الحزب في تلك الفترة من العمل السري.
(4)من اوائل الرفقاء في ضهور الشوير. كان يملك ملعب التنس حيث كان سعادة يزاول لعبته المفضلة.
***
" مديرية الفرات " في مستشفى ضهر الباشق
يروي الامين محمد جبلاوي انه في الاربعينات من القرن الماضي نشأت مديرية الفرات في مستشفى "ضهر الباشق" المجاور لبلدة رومية. فيه كان الامين محمد يعمل في سلك التمريض. " لم يكن هناك اي حضور للحزب، على العكس كان الجو كتائبيا ".
يفيد انه كان يتوجه يومياً الى رومية حيث كان استأجر غرفة عند عائلة. كان يقطن في جواره شخص من آل حنكش. صدف ان راجعه بموضوع. ما ان طرق باب منزله وُفتح له، حتى وقع نظره على صورة للزعيم في صدر المنزل. فتعارفا قوميان اجتماعيان.
في اليوم التالي توجها سوياً كي يتعرف الامين جبلاوي على رفقاء في مديرية رومية.
تعرّف على مدير المديرية الرفيق جورج حنكش، وعلى المذيع الرفيق عبده زينون، الذي يعتبر من المذيعين العقائديين النشيطين.
التحق الامين محمد بمديرية رومية وباشر بحضور اجتماعاتها الدورية. وفي الوقت نفسه بدأ ينشط اذاعيا مع مواطنين في المستشفى، يعاونه في ذلك الرفيق عبده زينون. وكان يستفيد من الغرفة التي كانت مخصصة له في المستشفى، فتأسست مفوضية من 6-7 رفقاء. ولم تمر سنة واحدة حتى تحّولت المفوضية الى مديرية، تولى الامين محمد مسؤولية المدير فيها.
نشطت المديرية اذاعياً، ونمت، واقامت سهرات اجتماعية واذاعية. يذكر من اعضاء مديرية الفرات:
ناموسها الرفيق كامل الداهوك، ويذكر رفيقاً من آل حمادة وآخر من آل جبور.
ومن الرفيقات، الرفيقة جانيت حداد.
•لمن يملك معلومات عن مديرية الفرات، عن الرفقاء أنفاً، وعن أي رفيق نشط فيها، تزويدنا بما يفيد التاريخ الحزبي لها.
اما عن الرفيقين عبده زينون وجورج حنكش، كما عن بدايات الحزب ونموه في بلدة رومية، فهذا جدير ببحث مستقل وفاءً للرفقاء المناضلين، ولرومية التي كانت عرفت الحزب منذ سنوات التأسيس الاولى، وكانت من ضمن "المثلث الثقافي" بيت مري، برمانا ورومية.
اعداد الامين لبيب ناصيف
***
من رسالة كانت وردت من الامين الجزيل الاحترام موفق شرف بتاريخ 18/03/2000:
" ان تاريخ حزبنا النهضوي الفكري العقائدي هو من اغنى واثمن تاريخ حزبي نضالي صراعي، ان لم يكن على ساحات امتنا فيمكن القول على امتداد عالمنا العربي.
" ان جمع وتوثيق تاريخ الحزب: مواقف، ومواقع،ونضال الآلاف المؤلفة من القوميين الاجتماعيين قادة ورفقاء، لهو ضرورة ومسؤولية قيّمة في عصرنا، عصر المعلوماتية، وان هذا التاريخ هو جزء من تاريخ شعبنا وأمتنا، عطاءً وتضحيات وابداعاً وبطولات عز نظيرها، تراثاً ومعيناً تنهل منه الاجيال الطالعة، قصة الاجيال التي حملت الراية وادت الامانة "
هذا القول، الصحيح جداً، يجب ان يقرأه مجدداً كل قومي اجتماعي،
ليعمل به، مساهماً مع اللجنة في واجب جمع وتوثيق تاريخ حزبنا،
انه نداء لجميع الرفقاء في اي مكان تواجدوا.
|